مع تراجع العملة جراء "الغزو" الروسي لأوكرانيا

“الحوارنة” يقلبون مدخراتهم من الليرة إلى الدولار والذهب 

camera iconرزمة من العملة السورية (عنب بلدي/حليم محمد)

tag icon ع ع ع

درعا – حليم محمد

يتابع أحمد (38 عامًا) نشرات سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، وما إن بدأت الليرة بالانخفاض، حتى سارع وحوّل مبلغًا كان يدخره بقيمة ستة ملايين ليرة سورية إلى 1567 دولارًا.

وبعد تراجع قيمة الليرة، التي بلغت 3900 أمام الدولار في 9 من آذار الحالي، يسعى سكان سهل حوران في محافظة درعا لتحويل عملتهم إلى الدولار، تخوفًا من فقدان قيمتها، بينما لجأ بعضهم الآخر لشراء الذهب.

وترافقت ظروف انخفاض قيمة الليرة السورية مع “الغزو” الروسي لأوكرانيا، وجملة ما يعيشه الاقتصاد السوري من صعوبات، في حين تصدر حكومة النظام قرارات تزيد في هذه الصعوبات، بينها رفع الدعم عن أكثر من 500 ألف عائلة، مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية شبه المتكرر الذي يعانيه الناس.

الادخار حماية للمال

أحمد، تتحفظ عنب بلدي عن ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، قال لعنب بلدي، إنها المرة الأولى التي يحوّل فيها عملة سورية إلى الدولار، رغم انهيارات سابقة خلال الأعوام الماضية، ولكن هذا الانخفاض مخيف لأنه متعلق بالحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا.

كما وجدت جيهان (28 عامًا)، تحفظت عنب بلدي عن ذكر اسمها الكامل لأسباب أمنية، تحويل المبلغ المالي الذي بحوزتها إلى الذهب، وسيلة أفضل أمام خطورة تقلبات سعر الصرف.

وقالت لعنب بلدي، “اشتريت أساور ذهب بمبلغ ثلاثة ملايين ليرة كانت بحوزتي، وأرى أن الذهب أكثر استقرارًا من التحويل للعملات، كما أنه لا يخضع لأعمال المضاربة”.

في حين يرى “أبو محمد” (55 عامًا)، اسم مستعار لأسباب أمنية، أن الحل الأمثل هو تنمية هذا المال عبر شراء العقارات، وبرأيه كل الخيارات جيدة سوى الاحتفاظ بالليرة السورية المرشحة للانهيار.

وأفاد صرّاف التقته عنب بلدي (طلب عدم الكشف عن اسمه)، أن هناك إقبالًا كثيفًا من قبل السكان على شراء الدولار، في حين يشهد سعر الصرف تقلبات بين الانخفاض والارتفاع، ولكن الطلب على الدولار هو السائد حاليًا.

وسجلت أسعار المواد الغذائية ارتفاعًا ترافق مع بدء انهيار الليرة السورية الأسبوع الماضي، إذ ارتفع كيلو السكر من 2500 ليرة سورية (56 سنتًا) إلى 2700 ليرة سورية (70 سنتًا).

وقفز سعر كيلو الأرز الطويل من 6000 ليرة سورية (1.56 دولار) إلى 7500 ليرة سورية (1.95 دولار)، وكيلو الشاي من 25 ألف ليرة سورية (6.52 دولار) إلى 29 ألفًا (7.57 دولار)، وليتر زيت القلي من 7500 ليرة سورية (1.59) إلى 13 ألف ليرة (3.3 دولار).

تأثير الحرب الروسية على الاقتصاد السوري

ما إن بدأت الحرب الروسية على أوكرانيا حتى تأزم من جديد الاقتصاد السوري، وظهر ذلك بانخفاض قيمة الليرة وارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ، خصوصًا أن روسيا هي بوابة النظام لكسر العقوبات المفروضة عليه، وهي منشغلة حاليًا بحرب لا تُتوقع نهايتها.

وقال وزير المالية في “الحكومة المؤقتة”، عبد الحكيم المصري، لعنب بلدي، إن الليرة السورية بدأت بالانخفاض التدريجي وشبهها بـ”دبيب النمل”، كي لا يشعر السكان بخطورة الانخفاض.

ويرى المصري أن من الطبيعي أن يحوّل بعض السكان أموالهم إلى الذهب، وقد ارتفع غرام الذهب مع بدء المعارك في أوكرانيا أربعة دولارات إضافية.

وعن سبب تخوّف السكان من انهيار العملة قال المصري، إن ضعف الاقتصاد السوري سببه انعدام الناتج المحلي المقتصر حاليًا على الخدمات ورواتب الموظفين، في حين خسر النظام مردود القطاعات الأساسية، كالنفط الذي كان يسهم في 24% من الناتج المحلي، وبعد أن كان النظام في قائمة المصدّرين، صار من المستوردين، بالإضافة أن الصناعة والزراعة هي قطاعات صارت خاسرة وكذلك السياحة.

وأضاف المصري أن عجز ميزانية النظام للعام الحالي بلغ أربعة تريليونات ونصف تريليون ليرة سورية، ووصل في عام 2021 إلى تريليونين ونصف تريليون ليرة سورية.

كما توقّع ارتفاعًا جنونيًا للأسعار، وهذا مرتبط بارتفاع أسعار النفط والغاز وأجور النقل عالميًا، وكان النظام يلتف على العقوبات الاقتصادية بتحويل العملات عن طريق روسيا، وهي الآن معاقَبة من دول العالم.

وربط المصري بين الحرب الروسية على أوكرانيا وضعف الاقتصاد السوري، إذ كانت روسيا تدعم النظام السوري عن طريق الحوالات المالية والقمح وبعض المنتجات الغذائية، وكل هذا سيتوقف حاليًا في ظل الحرب الدائرة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة