قراءات أمريكية لتبعات إعفاء الشمال السوري من قانون “قيصر”

camera iconورقة تحمل اسم "قيصر" في الكونجرس الأمريكي– 2014 (حساب معاذ مصطفى على تويتر)

tag icon ع ع ع

يدور الحديث عن نية الإدارة الأمريكية إعفاء مناطق من شمال سوريا الشرقي والغربي من عقوبات قانون “قيصر” الذي أُقر عام 2019، للحد من آلة القتل التي استخدمها النظام السوري طوال السنوات الماضية ضد الشعب السوري.

وتحدثت مصادر مطلعة لعدة وكالات إعلامية، عن أن الإدارة ستقوم بإنهاء الصيغة النهائية للقرار، وسيُقر من قبل المسؤول عن الملف السوري، إيثان جولدريتش، خلال الأيام المقبلة.

وحول ماهية القرار وارتباطه بالمناطق الخارجة عن سيطرة النظام، تحدثت عنب بلدي إلى دبلوماسيين أمريكيين ارتبطوا خلال السنوات الماضية بالملف السوري.

كاتب قانون “قيصر” ماثيو زويغ، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن العلاقة مع حكومة النظام السوري أو المناطق الواقعة تحت سيطرته بشكل مباشر أو غير مباشر تشكّل أساس العقوبات في قانون “قيصر”، الذي لا يعفي تلقائيًا المعاملات المهمة من الجهات الفاعلة في المناطق التي لا تسيطر عليها حكومة النظام من العقوبات.

وتابع أنه يمكن للإدارة الأمريكية أن تستثني مناطق معيّنة من العقوبات باستخدام سلطتها، كما ينطبق ذلك على الأشخاص الأجانب.

كما أن الإدارة لديها أيضًا إعفاءات أوسع بكثير في مجال الأنشطة الإنسانية، وكل هذا يتوقف على ما تريد الإدارة القيام به، وما إذا سيكون هناك تراجع كبير من الكونجرس، بحسب زويغ.

وحول استفادة النظام من الإعفاءات التي ستشمل مناطق في شمالي سوريا، قال زويغ، إن “النظام لطالما وجد طرقًا للاستفادة من أي تخفيف للعقوبات أو إعفاءات مقدمة من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو المملكة المتحدة أو غيرها”.

إعفاء للشمال الشرقي فقط؟

من جهته، قال المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا، جويل ريبورن، في حديث إلى عنب بلدي، “لا توجد معلومات كاملة حتى الآن حول خطط الإدارة الأمريكية فيما يخص الإعفاءات، لذلك من الصعب الحكم على ما يفكرون في القيام به”.

وإذا كانت الإدارة تخطط لإصدار إعفاء من العقوبات لشمالي سوريا ككل، أو ربما “لشمال شرقي سوريا فقط”، فسيتعيّن عليها التغلب على بعض الصعوبات الكبيرة.

يملك كل من “نظام الأسد” والروس وجودًا في شمال سوريا الشرقي، وستكون هناك حاجة إلى خطة أمريكية قوية لضمان عدم تمكّن النظام وحلفائه من الاستفادة من التنازل، الذي قد يؤدي إلى توليد الإيرادات والعملات الأجنبية، بحسب المبعوث السابق.

ينتظر الناس في واشنطن سماع المزيد من التفاصيل، وفهم كيف ستمنع الإدارة الأمريكية مثل هذه الثغرة التي يمكن أن يستغلها الأسد.

وفيما يتعلق بالوضع الحالي لعقوبات “قيصر”، وجميع العقوبات الأخرى المتعلقة بسوريا، يرى ريبورن أن الحكومة الأمريكية لم تحافظ على الضغط  عبر العقوبات بشكل كافٍ خلال الأشهر الـ14 الماضية.

تراجعت وتيرة العقوبات التي كانت وزارة الخزانة الأمريكية ووزارة الخارجية تفرضها في عامي 2019 و2020، وسجلت انخفاضًا حادًا في عام 2021، ما أعطى النظام السوري والمراقبين الآخرين انطباعًا بأن الولايات المتحدة لم تعد جادة في فرض العقوبات.

ويعتقد ريبورن أن هذا الانخفاض كان محاولة للتوصل إلى اتفاقات مع الروس بشأن تسليم المساعدات الإنسانية وبعض القضايا الأخرى من هذا النوع، ولكن مع الوضع في أوروبا، لم يعد هناك أي احتمال للعمل مع الروس بشأن هذه الأمور، وهذا يعني أنه لا ينبغي أن يكون هناك ما يعوق الإدارة الأمريكية عن التنفيذ الكامل للعقوبات الآن.

“تحريض على الانفصال”

في 13 من آذار الحالي، تحدثت مصادر وصفتها صحيفة “الوطن” المقربة من النظام بالمطلعة، عن أن استثناءات عقوبات قانون “قيصر” المتوقعة للشمال السوري تحرّض على الانفصالية.

وقالت المصادر للصحيفة، إن “عزم الإدارة الأمريكية على توقيع استثناء لتلك المناطق، ما هو إلا محاولة للهروب إلى الأمام من استحقاقات إيجاد حل مستدام للأزمة السورية يضمن وحدة أراضيها وإحلال الأمن والاستقرار فيها، والهدف منه إذكاء النزعات الانفصالية وشرعنة تهريب النفط السوري المسروق”، بحسب تعبيرها.

وأشارت مصادر “الوطن” إلى ما وصفته بمعوقات عملياتية ولوجستية ستمنع استفادة “الإدارة الذاتية” من مبادرة واشنطن على الأرض، لانسداد حدود مناطق هيمنتها مع دول الجوار باستثناء معبر “سيمالكا” مع إقليم كردستان العراق.

كما لفتت إلى عدم “وجود عملة خاصة بها أو اعتماد عملات أجنبية مثل الدولار واليورو، إضافة إلى غضب النظام التركي من تشجيع الخطوة التي تحرّض على الانفصال وانعكاساتها على الداخل التركي”، بحسب ما نقلته الصحيفة.

وأعربت المصادر عن قناعتها بأن “قرار الخزانة الأمريكية المتوقع أن يصدر خلال أيام بعد إقرار صيغته النهائية، سيضر بالعملية السياسية السورية، ولن يكون ذا جدوى كبيرة من الناحية الاقتصادية والمعيشية، لأنه لن يشمل النفط والغاز اللذين سيظلان خاضعين للعقوبات، ويشكّلان عماد موازنة الميليشيات”، بحسب قولها.

وفي 12 من آذار الحالي، قالت صحيفة “الشرق الأوسط”، إن الإدارة الأمريكية تضع اللمسات الأخيرة على قرار يعفي مناطق في شمال شرقي وغربي سوريا من عقوبات قانون “قيصر”.

وأكدت الصحيفة أن الإدارة الأمريكية بصدد إصدار قرار يعفي مستثمرين وشركات خاصة من عقوبات “قيصر”.

وسيشمل القرار المناطق الواقعة تحت سيطرة “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا، إلى جانب المناطق الواقعة تحت سيطرة “الجيش الوطني” بريف حلب، دون أن يشمل منطقة عمليات “غصن الزيتون” في عفرين، وإدلب الواقعة تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام” لتصنيفها على قوائم الإرهاب في مجلس الأمن.

وتهدف الإعفاءات إلى تقديم الدعم لـ“قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، شريكة واشنطن في الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، وتحسين الوضع الاقتصادي والحد من الفقر، المصدر الرئيس للتطرف، لإرسال إشارة ضغط إلى موسكو ودمشق بعد الحرب الأوكرانية”، بحسب الصحيفة.

وأزعجت خطوة واشنطن أنقرة على اعتبارها داعمة لـ”قسد”، التي تعتبرها أنقرة تنظيمًا إرهابيًا، إضافة إلى عدم شمولية الاستثناءات منطقتي عفرين وإدلب.

وستعلن وزارة الخزانة الأمريكية قرار الإعفاء بمجرد توصل الإدارة الأمريكية إلى صيغة نهائية للقرار.

ما قانون “قيصر

“قيصر” هو قانون ينص على تجميد مساعدات إعادة الإعمار، وفرض عقوبات على النظام السوري وشركات متعاونة معه ما لم يحاكَم مرتكبو الانتهاكات، ويستهدف أيضًا كيانات روسية وإيرانية تدعم أو تتعاون مع النظام السوري.

وتعود تسميته إلى الضابط السوري المنشق عن النظام، والذي سرّب 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل عام 2014، قُتلوا تحت التعذيب، أكد مكتب التحقيق الفيدرالي (FBI) صحتها وأثارت الرأي العام العالمي حينها وعُرضت في مجلس الشيوخ الأمريكي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة