يحمّل الإنترنت والفضائيات مسؤولية "تخريب الجيل"

الأسد يريد إدراج “مجزرة حماة” في المناهج الدراسية

camera iconرئيس النظام السوري، بشار الأسد، في عيد المعلم- 17 من آذار 2022 (رئاسة الجمهورية العربية السورية)

tag icon ع ع ع

تحدث رئيس النظام السوري، بشار الأسد، عن ضرورة ربط التعليم بين المنهاج والدروس المستفادة من كل “المفاصل الوطنية” التي مرت بها سوريا، خلال كلمة له ألقاها في عيد المعلم.

وقال الأسد، الخميس 17 من آذار، خلال لقائه بمجموعة من المعلمين والمعلمات السوريات، “إن أهم مرحلة تعني هذا الجيل اليوم بشكل واقعي هي مرحلة الإخونجية (…) الإخوان المسلمون في الثمانينيات عندما قاموا بعمليات إرهابية، لأن تلك المرحلة هي التي أسست للحرب التي نتعرض لها اليوم”.

وتساءل عن “كيفية تكوّن وعي وطني لدى الطالب، دون مشاركته في التجارب الوطنية، ودون أن يعرف ما العلاقة بين هذه الحرب وتلك الحرب التي شُنّت في الثمانينيات، لا يعرف حتى عن بدايات هذه الحرب، فإذًا، هذه التجارب الوطنية المهمة يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من المنهاج ومن تأسيس الوعي الوطني في المستقبل”.

وأشار إلى عدم ذكر فترة الثمانينيات في سوريا على الرغم من تغطية كل الأحداث التاريخية بدءًا من الآكاديين والآشوريين وانتهاء بخروج المستعمر الفرنسي.

ما الذي جرى في الثمانينيات؟

تذرعت سلطات النظام آنذاك لاجتياح مدينة حماة عسكريًا، وتدمير نحو ثلث أحيائها بشكل كامل، وارتكاب مجزرة فيها، بأن حماة تشكّل المعقل الرئيس لجماعة “الإخوان المسلمون” في سوريا.

وارتُكبت مجازر في عدة أحياء من المدينة منذ 2 من شباط وحتى 26 منه.

وتتضارب الأرقام حول أعداد الضحايا، فـ”اللجنة السورية لحقوق الإنسان” أكدت أن عدد القتلى يتراوح بين 30 و40 ألف شخص.

لكن صحيفة “إندبندنت” البريطانية تحدثت عن نحو 20 ألف قتيل، بينما أكد الصحفي البريطاني روبرت فيسك أن العدد يفوق عشرة آلاف، عدا عن نحو 15 ألف مفقود، لا أحد يعلم مصيرهم.

مواصفات “الخريج المثالي”

حدد الأسد مواصفات الخريج الذي يحتاج إليه نظامه، بأن يكون منتميًا للوطن وألا يعتبره فندقًا بخدمات معيّنة وعندما تنحدر خدماته ينتقل إلى فندق آخر، بحسب رئاسة الجمهورية العربية السورية.

وقال في عيد المعلم، “نريد خريجًا يعتبر نفسه جزءًا من الكل، ولا يعتبر نفسه كلًا (…) يعتبر مصلحته جزءًا من مصلحة المجموع (…) يستفيد مع الآخرين، وليس على حساب الآخرين (…) غيريًا يعرف معنى العطاء لا أنانيًا بشكل مطلق لا يفكر سوى بنفسه ومن بعده الطوفان (…) مستعدًا لكي يضحي من أجل وطنه لا أن يضحي بالوطن وبمصلحة الشعب من أجل مصالحه الخاصة”.

واعتبر الأسد أن هنالك حاجة قوية لإنشاء جيل يواجه التحديات لا يهرب منها، وعندما تظهر أمامه مشكلة يواجهها، لا يهرب منها ويعيش حالة إنكار، بحاجة إلى جيل مبادر فاعل يبحث عن الحلول لا ينتظرها لكي تأتي من تلقاء نفسه.

وتساءل، كيف ننشئ هذا الجيل؟ ننشئه بالوعي الوطني وبالقدرة على التحليل (…) هذا هو الأساس (…) كل شيء يأتي لاحقًا هو يُبنى على هاتين النقطتين، تقنيًا نطورهم بتطوير المهارات، وليس بالإغراق بالمعلومات (…) ما ينقصنا هو المهارات (…) المعلومات غزيرة في مناهجنا كما تعرفون، ولكن المهارات ضعيفة”.

جراثيم فحثالة فـ”إمّعات”

وصف الأسد بعض الأنظمة العربية والإقليمية بـ”الإمّعات”، إلى جانب بعض حاملي الجنسية السورية الذين لا يحملون حب الوطن، على حد قوله.

واعتبر هذه الشريحة من السوريين الأخطر، “لأنها المدخل للغرباء والمفتاح لكل مؤامرة حصلت في سوريا، ودروس الحرب لا يمكن أن تكون دروسًا مفيدة أو مستفادة إن لم نتمكن من تحليل هذه الحالة”.

وتابع أن السوريين من هذه الشريحة القليلة، عاشوا في نفس الوطن، ودرسوا نفس المناهج، ولكنهم ذهبوا بالاتجاه المعاكس للتاريخ ولطبيعة المجتمع في سوريا.

ولفت الأسد إلى السوريين الذين أحبوا بلدهم ولكنهم “لم يمتلكوا الوعي الكافي في بداية الحرب لكي يعرفوا ما الذي حصل، فأرسلوا الرسائل الخاطئة عن غير قصد للخارج، فشجعوا الخارج، وشجعوا الإرهابيين عندما أظهروا أن ما يحصل في سوريا هو ليس خلافات سياسية”.

واعتبر أن اختلاف الآراء في السياسة أمر طبيعي، ولكن ما أظهروه هو “الانقسام الوطني”، الذي يعتبر “رسالة للأجنبي لكي يبحث عن الفرصة المناسبة والذهبية للتدخل في سوريا”.

وسبق أن وصف الأسد الثوار المناهضين لحكمه بأنهم “حثالة، من الناحية الإنسانية والأخلاقية والوطنية”،  بعدما أطلق منذ عام 2011 صفات عديدة على معارضيه، تنوعت بين العمالة لدول الغرب والخيانة، إضافة إلى أوصاف من قبيل الجراثيم والقوارض.

وتزامن خطاب الأسد مع الذكرى الـ11 لانطلاق الثورة السورية، التي قُتل خلالها ما لا يقل عن 228 ألفًا و647 مدنيًا، بينهم 29 ألفًا و741 طفلًا، و16 ألفًا و228 سيدة (أنثى بالغة) على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار 2011 حتى آذار 2022، بحسب ما وثّقته “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”.

وقُتل 200 ألف و367 على يد قوات النظام السوري، بينهم 22 ألفًا و941 طفلًا، و11 ألفًا و952 سيدة، فيما قتلت القوات الروسية ستة آلاف و928 مدنيًا، بينهم ألفان و42 طفلًا، و977 سيدة.

الفضائيات والإنترنت هي السبب!

وقال الأسد، “لماذا نسأل هذا السؤال الآن؟ ألم يسهم النظام التربوي عبر أجيال في بناء هذا الوعي؟ بكل تأكيد معظمنا نشأ بهذا النظام، لكن الفرق أن التعليم قبل التسعينيات وبناء الوعي الوطني، وحماية المجتمع من التأثيرات الخارجية، كان سهلًا، لم يكن هناك لا فضائيات ولا إنترنت ولا ما شابه، كانت المجتمعات أقرب إلى العزلة عن بعضها وهناك تواصل ولكن كان محدودًا”.

ووجد أن عملية تأسيس الوعي بالنسبة للكادر التدريسي أصبحت أصعب، وأكثر تعقيدًا، نافيًا في الوقت ذاته أن غياب الناحية التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي كان أمرًا جيدًا كونها من أهم عناصر تطوير المجتمعات وتوسيع آفاقها.

واعتبر أن الحصانة الوحيدة من تأثير الإنترنت وغيره هو الشخصية الوطنية الراسخة، مع الاندماج ببقية ثقافات العالم دون الذوبان فيها، ومن هنا ينبثق دور التربية في تشكيل الشخصية والهوية الوطنية، على حد تعبيره.

وفي تشرين الثاني 2021، أعلن وزير التربية في حكومة النظام السوري، دارم طباع، بدء الوزارة بالعمل على برنامج تحت مسمى “أسباب الحرب على سوريا”، سيدخل منهاج التعليم خلال عام 2022.

وأوضح طباع، في حديث إلى صحيفة “الوطن” المحلية، أن هدف هذه المناهج “عرض ما جرى في سوريا ليستفيد منه المجتمع بأكمله، وتحليل الأسباب والتداعيات والآثار والتعرف إلى كيفية تجنب مثل هذه الحرب في المستقبل”.

وأضاف وزير التربية، أن مناهج البرنامج الجديد، ستعمل بشكل أساسي على دراسة ومعرفة “الدوافع الأساسية التي أدت إلى ظهور وانتشار الإرهاب”، بالإضافة إلى “الآليات التي اتبعتها سوريا في هذا المشروع العدواني”.

وتعمل حكومة النظام السوري دومًا على إنشاء مناهج تحتوي مضامين ذات ارتباطات سياسية تخدم وجهة نظرها وتعززها، لتساعدها في تنشئة جيل مشبع بأفكارها ومؤمن بالتاريخ الذي تكتبه، والجغرافيا التي ترسمها، والنظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي المناسب لمصالحها.

وبعد الثورة السورية في 2011، عدّل النظام السوري معظم المناهج في المستويات التعليمية، بما يلائم فلسفته السياسية الاستبدادية، إذ وصمت مناهجه الجديدة المتظاهرين من أجل الحرية والكرامة بـ”الإرهابيين وعملاء المؤامرة الإمبريالية الكونية”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة