“أطفال الشمس”.. انحياز مجيدي المتواصل للأطفال

camera iconلقطة من الفيلم الإيراني (أطفال الشمس)

tag icon ع ع ع

يسير الفيلم الإيراني “أطفال الشمس” على الخط الذي يتبناه المخرج مجيد مجيدي، والقائم على قضايا الأطفال، والمشكلات التي يواجهونها، والجرائم المجتمعية التي تمارسها الدولة أو المجتمع أو العائلة، أو كلهم، بحق الطفل.

والقضية أن “علي” الطفل الإيراني الفقير، ككل الأطفال في سينما مجيدي، يقع ضحية لجشع رجل عصابة يسعى لتسخير الطفل لخدمة أطماعه، فيقنعه بوجود كنز تحت “مدرسة الشمس”، وهي مدرسة ممولة من تبرعات أهل الخير، في انحسار واضح لدور الدولة الإصلاحي، وتغاضيها عن تعليم الأطفال وتسربهم من المدارس.

بلمسة سحرية تمنطقها السينما فقط، يتحول “علي” ورفيقاه إلى تلميذين في المدرسة المذكورة، وطبعًا سرعان ما سيتوصلون إلى المكان المنشود ويبدؤون بالحفر بحثًا عن الكنز.

وفي مفارقة ساحرة، وحين تكون الشمس عمودية فوق المدرسة، يكون أبناؤها في قبو المدرسة يحفرون بحثًا عن كنز سيمنحهم اكتشافه بعض النقود ليعولوا عائلاتهم.

ولكل طفل من هؤلاء طبعًا مبرراته الدرامية والإنسانية لما يقوم به، فـ”علي” مثلًا وحيد لأمه المرمية في مستشفى للأمراض العقلية، و”أبو الفضل”، طفل أفغاني لاجئ في إيران، من أسرة فقيرة، تعمل أخته الصغيرة أيضًا في بيع سلع بسيطة ضمن وسائل النقل.

الحفر يتواصل، وتتخلله فواصل من الخوف والإثارة ورغبة المشاهد نفسه بنجاة الطفلين أخلاقيًا من إدارة المدرسة، والوصول إلى كنزهم المنشود دون خسائر.

وفي ظل كل ذلك، تعبر برشاقة بعض الرسائل التي يسعى مجيدي لإيصالها، عبر “علي”، الذي يجسد شخصيته الطفل الإيراني روح الله زماني، ورفيقيه، إذ يعاني مثلًا “أبو الفضل” من حالة عدم استقرار واستضعاف من قبل السلطات باعتباره أفغانيًا في إيران.

مجيدي الذي قدّم قبل “أطفال الشمس” بـ21 عامًا “أطفال السماء”، يجمع قضايا الأطفال ويعيد طرحها مجددًا طالما أن حلولًا سماوية لم تحدث في ظل غياب حلول السلطات، وطالما أن السينما ليست دولة أو مؤسسة تنفيذية تغيّر الواقع بنفسها، فيجمع الأطفال ومتاعبهم وما يعانون منه، ويغيّب السلطات ليبيّن غيابها الفعلي.

لا يخلو العمل من قفزات غير منطقية على الأحداث، لكن للسينما ما يبرر أحداثها، على خلاف الواقع، فالحفر المتواصل أسفل المدرسة لا تسمعه الإدارة، وقضاء أوقات طويلة في الحفر لا يثير حفيظة المعلمين لغياب تلاميذهم، كل ذلك جائز سينمائيًا.

وبالتحايل على التكرار بأقنعة إعادة التدوير والتغيير في الحبكة، تخرج أفلام مجيدي لتنتصر لأطفال ظلمتهم الحياة، أو ظلمتهم حياتهم تحديدًا في إيران التي تخوض صراعًا دبلوماسيًا شاقًا لتتمسك بسلاحها النووي، رغم أن واقعها الاجتماعي والاقتصادي هشّ بعيون وسينما مخرجيها الواقعيين.

“أطفال الشمس”، فيلم صدر عام 2020، ومدته ساعة و39 دقيقة، وحاصل على تقييم 7.2 من أصل 10 عبر موقع “IMDb”، لنقد وتقييم الأعمال الدرامية والسينمائية، وهو مقتبس عن رواية “الشمس” لعلي رضا عبدي زاده.

كتب سيناريو الفيلم كل من نعمة جوادي ومجيد مجيدي، الذي تولى أيضًا دفة الإخراج، وشارك في البطولة كل من علي ناصريان، وجواد عزتي، وتناز طبطبائي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة