تشبه “غوانتانامو”.. تعذيب ومعتقلات سرية تديرها “قسد”

camera iconتعبيرية

tag icon ع ع ع

كشفت منصة “حكاية ما انحكت”، عن بعض جوانب وظروف الاعتقال في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية”، بشمال شرقي سوريا، عبر تحقيق نشرته تحت اسم “سجون ومعتقلات سريّة في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا“.

ونقلت المنصة في تحقيقها الذي جرى بالتعاون مع شبكة “نيريج“، عن بعض أصحاب الحالات التي خاضت تجربة الاعتقال في سجون “الإدارة”، أن واقع السجون وظروفها يحاكي سجون النظام السوري، و”جبهة النصرة” (هيئة تحرير الشام)، ويمكن تشبيهها بمعتقل “غوانتانامو”.

يتناول التحقيق الوسائل المستخدمة لتعذيب المعتقلين، كتعرية الشخص ومنعه من الوقوف أو الحديث أو النوم في معظم الليالي، وغياب دورات المياه، إلى جانب النوم والجلوس وتناول الطعام وقضاء الحاجة في نفس المكان.

وبحسب التحقيق، أنشأت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، منذ تأسيسها عام 2015، عشرات السجون والمعتقلات في مناطق سيطرتها بالحسكة والرقة ودير الزور وأجزاء من محافظة حلب.

ومن تلك السجون سجون مركزية كانت تتبع للنظام السوري سابقًا، وسجون أخرى أقامها تنظيم “الدولة الإسلامية” زمن سيطرته في المنطقة.

كما أسست “قسد” بعد توسيع سيطرتها العديد من السجون الأخرى، بعضها ضمن مبانٍ حكومية سابقة، وأخرى داخل مدارس وأبنية سكنية، كما أُقيمت بعض تلك السجون في المغاور الصحراوية، وفق ما يوثّقه التحقيق.

وتقسم أماكن الاحتجاز إلى سجون معلَنة، شبيهة بسجون النظام المركزية، ومعتقلات سريّة أشبه بسجون “هيئة تحرير الشام” في إدلب، وسجون النظام ، إلى جانب وجود سجون تتبع لقوات “التحالف الدولي” بشكل مباشر.

معتقلون في سجون سريّة

ويحصي التحقيق وجود 49 معتقلًا وسجينًا موزعين على 38 معتقلًا سريًا، وثمانية سجون معلَنة “مركزية”، وثلاثة سجون تتبع لـ”التحالف الدولي”.

كما توزعت المعتقلات السريّة على مناطق سيطرة “قسد”، لتحظى محافظة الحسكة بالحصة الكبرى، وهي 15 معتقلًا في مساكن الضباط، والكلاسة، وجركن، وعلايا، والرميلان، وهيمو، والقحطانية، والقبية، والجبسة، والهجانة، وكم البلغار، وبوكا، وديرك (السجن الأسود)، وتل معروف، وناف كر.

بينما تتركز في الرقة تسعة معتقلات لـ”قسد”، أبرزها بعدد المعتقلين، معتقل المخابرات العسكرية، وهناك أيضًا معتقل الأمن العام، وسجن “أسايش”، وجهاز الجريمة، والمحمودلي، وسجن التحقيق، وتل السمن، وولات داوود، وجزيرة عايد.

وفي دير الزور هناك 12 معتقلًا، موزعة على مناطق محيميدة وحوايج وسجن الاستخبارات في الريف الشرقي، والباغوز والبصيرة والصبحة وهجين والجفرة والطيانة وأبو حمام، إضافة إلى معتقلَي الحصان والصور، في ريفها الشمالي.

وكانت “قسد” أنشأت معتقلَي مكافحة الإرهاب وجبال صرين، في ظل وجود معتقل حقل العمر في دير الزور، ومعتقلَي الشدادي والجبسة، التي تديرها قوات “التحالف الدولي”.

41 وسيلة تعذيب مشتركة

وتتفق سجون “قسد” مع معتقلات النظام السوري باستخدام 41 وسيلة تعذيب من أصل 72 وسيلة يستخدمها النظام في سجونه، وفق تقرير صادر عن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“، في تشرين الأول 2019، أحصى أساليب التعذيب حينها.

ويتركز 39 أسلوبًا منها على التعذيب الجسدي، وثمانية أساليب للتعذيب الجنسي، ومثلها للتعذيب النفسي، وستة للإهمال الصحي، مع تسعة أساليب تعذيب في المستشفيات العسكرية.

كما تشترك معتقلات “قسد” بـ36 وسيلة تعذيب مع سجن “العُقاب” التابع لـ”هيئة تحرير الشام”.

وكانت “الشبكة السورية” وثّقت مقتل 79 مدنيًا تحت التعذيب في معتقلات “قسد”، منذ بداية الثورة وحتى آذار 2022، بينهم طفل وسيدتان.

كما وثّقت في تقريرها الصادر في 15 من آذار الحالي، بمناسبة الذكرى الـ11 للثورة، اعتقال نحو أربعة آلاف و28 مدنيًا، منذ بداية الثورة وحتى آذار 2022.

وفي التقرير نفسه، جرى توثيق اعتقال نحو 709 أطفال في سجون “قسد”، خلال المدة نفسها، لفت التحقيق نقلًا عن حالات وثقها أن “قسد” تجمع بينهم وبين الكبار في زنازين مشتركة.

تكرار الحدث يفقده رهبته

الصحفي السوري الذي أنجر التحقيق أحمد عبيد، أكد في حديث إلى عنب بلدي أن فكرة التحقيق مطروحة منذ نحو عام، لكن تكوين الفكرة الكاملة عن المنطقة وتقسيمها استغرق عدة أشهر.

وأوضح عبيد أن الفكرة استجابة للانتهاكات المتكررة ضمن سجون “قسد”، وغياب المعلومات “التفصيلية” المتوفرة بالأخبار والتقارير حول السجون وأعدادها، ومناطق توزعها، وتصنيفها، وفق الجهات المسؤولة ووظيفة كل منها، لا سيما أن “قسد” تعمد لإنكار مقتل المدنيين في سجونها، والترويج لفكرة أن السجون لديها مخصصة لعناصر سابقين من تنظيم “الدولة الإسلامية” فقط.

وحول الفترة التي استغرقها العمل على التحقيق، أوضح الصحفي أن جمع الشهادات ومقاطعة المعلومات والتحقق من روايات الشهود وذوي الضحايا، استغرق نحو ستة أشهر.

صعوبات العمل تكمن في مخاوف الأهالي وصعوبة الوصول لشهود وضحايا اعتقال لديهم جرأة التصريح، والأصعب الحصول على مشاعر المعتقلين السابقين، فكان تفسير المشاعر في سبيل نقلها صعبًا، وهذا مؤشر لكثرة الانتهاكات بالمنطقة، كون تكرار أحداث معيّنة يؤدي إلى غياب رهبتها.الصحفي أحمد عبيد

كما شدد الصحفي على أن التحقيقات والإحصائيات ضرورية بتغيّر الظروف، باعتبارها أساس أي خطة محاسبة أو فرض رقابة ضمن مناطق الانتهاكات، لكن فيما يتعلق بسوريا فالوضع الراهن مختلف ولا تبدو معه المحاسبة قريبة، كما أن الجهات المسيطرة على الأرض تحكمها غايات وأهداف، وبالتالي فالمحاسبة والرقابة في الوقت الحالي لا تتصدر اهتماماتها، وفق عبيد، الذي لفت إلى قدرة هذه الجهات على تعطيل أو عرقلة قرارات أممية وإيقاف حملات قد تقودها منظمات حقوقية ودولية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة