“الشيخ مقصود”.. حاضنة للكرد ووجهة النظام للضغط على “قسد”

مسيرة في حي الشيخ مقصود بحلب تندد بذكرى انطلاق عملية "غصن الزيتون" التي انتهت بالسيطرة التركية على عفرين عام 2018 يرفع المشاركون أعلام "الإدارة الذاتية" التي تسيطر على الحي وصور عبد الله أوجلان مؤسس "حزب العمال الكردستاني" - 20 كانون الثاني 2021 (عنب بلدي)

camera iconمسيرة في حي الشيخ مقصود بحلب تندد بذكرى انطلاق عملية "غصن الزيتون"- 20 من كانون الثاني 2021 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

فرضت كل من قوات النظام السوري و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) خلال الأيام الماضية حصارًا متبادلًا على مناطق نفوذ محددة للطرفين في كل من محافظتي الحسكة وحلب.

عناصر “الفرقة الرابعة” المتمركزون بمحيط حي الشيخ مقصود، منعوا، منذ مطلع نيسان الحالي، دخول السيارات المحمّلة بمادة الطحين إلى أفران الحي، بالتزامن مع أزمة معيشية تعاني منها المنطقة.

وصارت حواجز “الفرقة الرابعة” منذ بداية الحصار تدقق بشكل كبير على السيارات والمركبات التي تحاول الدخول إلى مناطق نفوذ “الإدارة الذاتية” في المدينة، وخصوصًا السيارات المحمّلة بالطحين والمواد الغذائية والأدوية.

الأمر الذي قابله سكان المنطقة بالاحتجاجات، إذ احتج عدد من المدنيين وموظفي “الإدارة الذاتية” في المنطقة، في 9 من نيسان الحالي، بسبب الحصار المفروض على مناطقهم، ما أدى لانقطاع مادة الطحين وفقدان الخبز لدى السكان.

في المقابل، فرضت “قسد” حصارًا بالمثل على قوات النظام المتمركزة في المربع الأمني بمدينتي الحسكة والقامشلي، ردًا على الحصار الذي تفرضه قوات النظام على حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها مناطق النظام و”قسد” لحصار متبادل، كوسيلة للضغط من قبل كل طرف على الآخر، إذ سبق أن فرضت “الفرقة الرابعة“، في كانون الثاني 2021، حصارًا على حيي الشيخ مقصود والأشرفية، ردًا على حصار “قسد” للأحياء الخاضعة لسيطرة النظام في القامشلي.

تعاقب السيطرة على الشيخ مقصود

يقع حيّا الشيخ مقصود والأشرفية عند الأطراف الشمالية الشرقية لمدينة حلب، ويرصد حي الشيخ مقصود طريق “الكاستيلو” الذي يربط الأطراف الشرقية والشمالية لمدينة حلب.

سيطرت “وحدات حماية الشعب” (الكردية) على منطقتي الشيخ مقصود والأشرفية منذ السنوات الأولى لاندلاع الثورة السورية عام 2011، ونصبت الحواجز العسكرية عند مداخل الأحياء، واستمرت بالتشديد الأمني على حواجزها حتى دخول فصائل المعارضة المسلحة إلى تلك الأحياء في العام 2013.

استقرت فصائل المعارضة في حي الشيخ مقصود، وعلى أطراف حي الأشرفية وبني زيد، بين عامي 2013 و2015، عندما أُجبرت الفصائل على الانسحاب من حيي الشيخ مقصود والأشرفية، بعد معارك ضد “الوحدات”.

واستمرت هذه “الوحدات” بالسيطرة على المنطقة منذ عام 2016 وحتى الآن، مرورًا بمراحل انضمامها لـ”قسد”، التي صارت الآن صاحبة النفوذ فيها، إلى جانب مناطق واسعة من شمال شرقي سوريا.

حاولت فصائل المعارضة دخول الأحياء الخاضعة لسيطرة الكرد في مدينة حلب عام 2016، واستمرت المعارك بينها وبين “الوحدات” في المنطقة لعدة أشهر، أسفرت عن قتلى وجرحى، لكنها لم تتمكن من دخولها.

وفي نهاية 2016، انسحبت “الفرقة 16″ و”لواء شهداء بدر” التابعان لـ”الجيش السوري الحر” آنذاك، من حيي الأشرفية وبني زيد، ودخلت “الوحدات” إلى المنطقة.

ومع حملة النظام العسكرية على المناطق التي كانت تخضع لنفوذ المعارضة في أحياء حلب الشرقية، رصدت “الوحدات” طريق “الكاستيلو” مساندة قوات النظام وميليشياته بحصار المنطقة، الذي أفضى بدعم روسي إلى سيطرة النظام على مدينة حلب، وتهجير معظم سكان أحياء حلب الشرقية.

إلا أن سكان الأحياء الكردية فضّلوا مخالفة رأي سلطات الأمر الواقع في أحيائهم، ففتحوا منازلهم لنازحي حلب إثر عمليات النظام العسكرية، واستقبلوا عددًا كبيرًا منهم، كما وزعوا قسمًا من النازحين على المساجد في حي الشيخ مقصود، ومن ثم بدؤوا بتوزيعهم على المنازل الفارغة في الحي.

وخلال المعارك التي شهدتها حلب عام 2016، سيطرت “الوحدات” على عدد من الأحياء الشرقية لحلب، بعد مفاوضات مع فصائل المعارضة، للحيلولة دون دخول النظام إلى تلك الأحياء وتجنيبها المعارك، مثل أحياء بستان الباشا، والهلك، والشيخ خضر، والشيخ فارس، والحيدرية، وكرم الزيتون.

وبقيت هذه الأحياء تحت سيطرة “الوحدات” حتى عام 2018، إذ شنّ الجيش التركي مع فصائل “الجيش الوطني السوري” هجومًا على مدينة عفرين بريف حلب لطرد “قسد” منها، وسلّمت الأخيرة بالمقابل الأحياء التي جنّبتها القتال سابقًا لقوات النظام، مقابل دعم عسكري من النظام لصد الهجوم التركي.

وحتى تاريخ اليوم، لا تزال “الوحدات” و”قسد” تسيطران على حيي الشيخ مقصود والأشرفية، ومحيط السكن الشبابي، وبني زيد، وتشرفان على طريق “الكاستيلو”.

وتعرضت مناطق “الإدارة الذاتية” بحلب لقصف ومحاولات اقتحام من قبل النظام، وحاليًا تتعرض للحصار من قبل “الفرقة الرابعة” التي تحاول السيطرة على تلك المناطق.

دخول وخروج للمدنيين بحرية

تنتشر في حيي الشيخ مقصود والأشرفية التي يقطنهما نحو 200 ألف نسمة، مكاتب الحوالات والسيارات بشكل كبير.

كما يوجد في الحيين عدد كبير من ورشات الخياطة والتطريز، ومؤخرًا بدأ الاعتماد على هذه الورشات بتصدير بضاعتها إلى المحافظات.

ويمكن لسكان بقية الأحياء ضمن مدينة حلب الدخول والخروج من وإلى حيي الشيخ مقصود والأشرفية، إذ إن الحواجز التابعة لـ”الإدارة الذاتية” المتمركزة في محيط الحيين تسمح لجميع المدنيين بالدخول والخروج دون مضايقتهم.

كما تسمح تلك الحواجز لعناصر قوات النظام بالدخول إلى منازلهم ضمن الحيين.

ويقصد أسواق حيي الأشرفية والشيخ مقصود عدد كبير سكان الأحياء الأخرى ضمن مدينة حلب.


شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في حلب، صابر الحلبي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة