“يوميات امرأة لا مبالية”.. لا صوت يعلو على صوت الأنثى

tag icon ع ع ع

يقدّم الشاعر السوري الراحل نزار قباني، في ديوانه “يوميات امرأة لا مبالية”، خطابًا أنثويًا صريحًا شديد اللهجة تجاه المجتمع وعالم المرأة الضيق الذي يتجلى بالعائلة، وعالم ما بعد جدران المنزل الذي يجرها إلى دوامة من الأفكار المقولبة، والأحكام الجائرة، والرؤية الضيقة، والظنون المنحازة.

وإذا كان نزار قباني لسانًا شعريًا للمرأة في مختلف دواوينه وأعماله، ففي “يوميات امرأة لا مبالية” ينصّب الشاعر نفسه متحدثًا رسميًا باسم متاعب المرأة وهمومها وهواجسها ومشاعرها.

وبعد الافتتاحية التي يوصي بها قباني المرأة بالثورة، يقدم الشاعر خطابًا طويلًا للمرأة، يعرب خلاله عن تعاطفه ودعمه ووقوفه في صفها دائمًا.

وما إن ينتهي الخطاب، حتى يخوض الشاعر غمار ديوانه ككل على لسان المرأة، فلا صوت يعلو على صوتها على الأقل في هذا الديوان.

تغيب ذاتية الشاعر عن “يوميات امرأة لا مبالية”، فيفسح المجال للمرأة لتنطق بلسانه، ولتقول بقصائده ما حرمها مجتمعها من قوله، فيسرد قصائده، وبمعنى أدق قصيدته الطويلة التي تعددت موضوعاتها وألوانها الشعرية، بضمير المؤنث، فيعدم الذكورية حتى في اللغة، رغم وجود اتجاهات أدبية ونقدية تشير إلى جرعة ذكورية عالية في قصيدة قباني بشكل عام.

يقول نزار قباني في اليوميات التي تمتد على مدار نحو 36 صفحة: “أنا أنثى، أنا أنثى، نهار أتيت للدنيا وجدت قرار إعدامي، ولم أرَ باب محكمتي، ولم أرَ وجه حكامي”.

يصوّر الديوان رغبات المرأة، وبمعنى أدق رغبات الجسد والعاطفة، وينتقد السلطة الأبوية المتسلطة، ويهاجم ازدواجية التعامل والتفريق بين الذكر والأنثى.

“يعود أخي من الماخور سكرانا، يعود كأنه السلطان، من سماه سلطانا، ويبقى في عيون الأهل أجملنا وأغلانا”.

الديوان المصبوغ بلغة الثورة والتمرد خلا من أي قصيدة مغناة، فطبيعة القصائد لم تُكتب للغناء، ربما للحفاظ على جديتها، حتى لا تفقد الكلمة أثرها بالتكرار، وكي لا تميع العاطفة في الموسيقا.

صدر الديوان عام 1968، بعد عامين من “الرسم بالكلمات”، وهو ثامن دواوين نزار قباني، شاعر المرأة وعدو السلطة، والدبلوماسي المولود في حي مئذنة الشحم العريق بالعاصمة السورية دمشق، وحفيد “أبو خليل القباني”، أحد رواد المسرح السوري.

36 ديوانًا من الشعر، و12 كتابًا في النثر، بما فيها كتاب يروي السيرة الذاتية لقباني حمل اسم “من أوراقي المجهولة”، إلى جانب مسرحية بعنوان “جمهورية جنونستان”، ومئات الأغنيات المطبوعة على شفاه كبار مطربي الأغنية العربية، مثل عبد الحليم حافظ وفيروز وكاظم الساهر وماجدة الرومي وأم كلثوم، كل ذلك كان إنتاج نزار قباني الذي تنوعت مواضيعه بين السياسة والحب والغضب والثورة والمرأة في البدء والخاتمة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة