أبعاد تخالف المواصفات العالمية..

جيوب السوريين لا تتسع لـ”الكيملك” في تركيا

camera icon"بطاقة الحماية المؤقتة" للسوريين في تركيا (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- زينب مصري

تحاول هبة إخفاء “الكيملك” أو بطاقة “الحماية المؤقتة” الخاصة بها في تركيا عند تقدمها إلى الامتحانات الجامعية، بسبب حجمها الكبير المخالف للمواصفات المُتعارف عليها لبطاقات الهوية الشخصية، والذي يثير فضول المراقبين ليسألوا عن ماهيتها.

بعد نحو عامين على بدء لجوء السوريين إلى تركيا هربًا من العنف المتصاعد من النظام مع انطلاق الثورة في سوريا، بدأت السلطات التركية بمنح بطاقة “الحماية المؤقتة” أو ما يُعرف بين السوريين في تركيا بـ”الكيملك” وهو المعنى التركي لبطاقة الهوية الشخصية.

كان ذلك عقب إقرار وتصديق البرلمان التركي على قانون الأجانب والحماية الدولية، في 4 من نيسان 2013، الذي أقر العديد من الضمانات القانونية لطالبي الحماية من السوريين في تركيا.

“هوية بحجم الدفتر”

هبة، طالبة سورية مقيمة في اسطنبول منذ عام 2018، (تحفظت عنب بلدي على ذكر اسمها الكامل مخافة ترحيلها)، قالت لعنب بلدي، إن المراقبين في الامتحانات الذين يتبدلون كل فترة، يعرفون أنها سورية الجنسية عندما يرون بطاقتها الشخصية ذات الحجم غير المألوف والمختلف عن أحجام البطاقات الشخصية المعتادة.

في أحد الامتحانات، لفت “الكيملك” انتباه المراقبة لتسألها عن ماهيتها وتعرف أن هبة سورية الجنسية، ما دفعها لتوجيه عبارات “عنصرية” للطالبة، مفادها أن السوريين شغلوا وظائف الأتراك ومقاعدهم الدراسية، بحسب الشابة.

“حجمها من حجم الدفتر”، أضافت هبة متهكمة على قياسات “الكيملك” الكبيرة نسبيًا، “عندما أدخل إلى الامتحانات يسألونني عنها وينصدمون من حجمها عند معرفتهم أنها بطاقة هوية شخصية”.

تحولات عديدة

شهدت “الكيملك” تحولات عديدة في حجمها ومواصفاتها والمعلومات المدوّنة عليها، إذ كانت قصاصة ورقية غير ملونة، بحجم بطاقات الهوية وبالأبعاد المتعارف عليها دوليًا، مغلّفة ببلاستيك حراري، تحمل اسم “Yabancı Tanıtma Belgesi” (وثيقة تعريف الأجانب).

كانت النسخة الأولى من “الكيملك” تُظهر رمزًا شريطيًا (باركود)، ورقم حاملها الذي يبدأ بالرقم “98”، وهو رقم لا تتعرف عليه الأنظمة في تركيا، ما استدعى السلطات إلى تحويله لاحقًا إلى الرقم “99”، وهو الرقم المخصص لحملة تصريحات الإقامة الأجانب في تركيا.

وبعد تحديثات طرأت على النسخة الأولى، تغيّر اسمها ليصبح “Geçici Koruma Kimlik Belgesi” (وثيقة هوية الحماية المؤقتة)، وتغيّر الرقم الشخصي الذي يُعدّ بمنزلة رقم التعريف الوطني ليبدأ بـ”99″، وتغيرت أبعادها لتصبح أكبر مما كانت عليه، مع الإبقاء على كونها ورقة بالأبيض والأسود مطبوعة ومغلفة بالبلاستيك.

اعتبارًا من نهاية 2016، نفذت المديرية العامة لإدارة الهجرة مشروع تحديث بيانات السوريين المقيمين في تركيا تحت “الحماية المؤقتة”، وحدّثت المعلومات التي تم الحصول عليها في أثناء التسجيل الأولي الذي أجرته الشرطة أو مسؤولو إدارة الهجرة في الولايات التركية.

انتهى هذا المشروع، الذي دعمته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في أوائل عام 2019 بمشاركة وتنسيق مسؤولي إدارات الهجرة في جميع أنحاء تركيا، بحسب الموقع الإلكتروني للمفوضية.

ودعت المفوضية الأشخاص الذين ما زالوا يحملون بطاقة “الحماية المؤقتة” بالأبيض والأسود (الكيملك) إلى تجديدها من أجل الاستمرار في الحصول على الخدمات والمساعدة المتاحة في تركيا.

وتغيّر شكل “الكيملك” في نسختها الأخيرة لتصبح بطاقة بلون مائل للأصفر، يبلغ طولها 13.5 وعرضها 9.5 سنتيمتر مع الغلاف البلاستيكي، وتحمل ختمًا مائيًا وتوقيعًا بالحبر للمسؤول المشرف على منحها وختمًا حراريًا على شكل دائرة يتوسطها هلال ونجمة محاطة بأرقام، لمنع تزويرها.

بدائل.. شهادة القيادة

يستنكر العديد من السوريين الحجم “الكبير” لبطاقة “الحماية المؤقتة”، ما يجعل وضعها في محفظة أو في جيب البنطال أو القميص أمرًا “شبه مستحيل”، بحسب استطلاع رأي أجرته عنب بلدي مع مجموعة من السوريين الحاملين للبطاقة في تركيا.

“سجادة صلاة، بحجم الدفتر، لا تتسع في أي محفظة، تحتاج إلى حقيبة خاصة، قابلة للاهتراء بسرعة، بحجم المرحى التي كانت تُمنح في الابتدائية، عبارة عن كتاب وليست هوية”، بهذه العبارات وصف المشاركون في الاستطلاع معاناتهم مع حجم “الكيملك”.

أشخاص ممن شاركوا في الاستطلاع، قالوا إنهم لا يحملون البطاقة لكبر حجمها ويحملون صورة عنها في الهاتف المحمول لإظهارها عند الضرورة.

بينما أوضح آخرون أنهم لجؤوا إلى استخراج شهادة القيادة ليتمكنوا من الاستغناء عنها وحمل الشهادة بسهولة وأريحية، إذ تسمح السلطات التركية باستخدام شهادة القيادة الجديدة (ذات الشريحة الإلكترونية) عوضًا عن البطاقة الشخصية في بعض المعاملات الرسمية.

ودفع الحجم الكبير لـ”الكيملك” سوريين إلى نسخها والاحتفاظ بصورة مصغرة عنها، بحسب ما أوضحه عبد الستار، وهو مصور فوتوغرافي يعمل في مدينة أنطاكيا، (تحفظت عنب بلدي على ذكر اسمه الكامل)، يرتاد محله العديد من السوريين لتصوير بطاقاتهم وعمل نسخة عنها.

ويرى عبد الستار، في اتصال هاتفي مع عنب بلدي، أنه يجب تسليط الضوء على مسألة حجم “الكيملك” لما يسببه من صعوبات في التعاملات اليومية للسوريين في تركيا، على أمل تغييرها وتصغير حجمها للأبعاد المعتادة والتي تتسع في جيوب الملابس أو المحافظ.

وقال إن النسخة الأخيرة من “الكيملك” تُطبع من ورق خاص يشبه الورق المستخدم في طباعة جوازات السفر أو الأوراق النقدية، بعد أن كانت تُطبع على ورق أبيض، وأصبحت تحمل علامات مميزة.

ومع العلامات الجديدة، صار نسخ البطاقة يُعد تزويرًا، وترفض السلطات التركية البطاقات المنسوخة وتشترط حمل الأصلية، بحسب ما أضافه المصور، إذ كان نسخها وتزويرها أمرًا سهلًا للغاية عندما كانت تطبع بحبر أسود على ورق أبيض.

ولفت عبد الستار إلى أن هذه البطاقات عُرضة للتلف بسبب طيها لحجمها الكبير واضطرار السوريين إلى حملها بشكل دائم، وطريقة تغليفها بجلد حراري يهترئ بعد فترة من استخدامها المتكرر بسبب الاحتكاك.

تغيير لم يشمل بطاقات السوريين

في 14 من آذار 2016، أطلقت وزارة الداخلية التركية مشروع بطاقة هوية الجمهورية التركية (TCKK)، ليبدأ تنفيذه في عشر ولايات تركية، على أن يُنشر في بقية الولايات اعتبارًا من 2 من كانون الثاني 2017، بحسب تقرير للوزارة على موقعها الإلكتروني.

هدف المشروع إلى تغيير البطاقة الشخصية للمواطنين الأتراك التي تُسمى (Nüfus Cüzdanı) والتي تشبه إلى حد ما بطاقات “الحماية المؤقتة” في شكلها وحجمها، إلى النوع الجديد من البطاقات الشخصية ذات المواصفات العالمية والتي تحتوي على شريحة إلكترونية.

تم تصميم بطاقة الهوية الجديدة وفقًا للمعايير الدولية وبحجم بطاقة الائتمان لسهولة الحمل، وهي مصنوعة من مادة عالية القوة مناسبة للاستخدام على المدى الطويل، بحسب التقرير.

إلا أن هذا المشروع استهدف فقط تغيير البطاقات الشخصية للمواطنين الأتراك، ولم يشمل بطاقات “الحماية المؤقتة” أو تصريحات الإقامة للأجانب.

البطاقة الوطنية “البيومترية” بالمواصفات القياسية

تحمل هذه البطاقة رقم التعريف الوطني إلى جانب رقم البطاقة بصلاحية تبلغ عشر سنوات، وتكون مزوّدة بشريحة إلكترونية.

وتكون قياسات البطاقة الشخصية بنفس قياسات البطاقات البنكية أو بطاقات الإقامة أو البطاقات الرسمية الأخرى، بعرض 8.6 سنتيمتر وطول 5.4 سنتيمتر، وسماكة 0.67 مليمتر.

يقيم في تركيا ثلاثة ملايين و762 ألفًا و686 سوريًا بموجب بطاقة “الحماية المؤقتة”، بحسب الإحصائيات الأخيرة للرئاسة العامة لإدارة الهجرة التركية.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة