وزير دفاع جديد “مقرّب” للنظام.. هل يصح تعيين لواء؟

camera iconعلي محمود عباس، وزير للدفاع الجديد (الإدارة السياسية)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حسام المحمود

بمرسوم تشريعي حمل رقم “115” لعام 2022، سمّى رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في 28 من نيسان الماضي، علي محمود عباس، وزيرًا للدفاع في حكومته التي يقودها حسين عرنوس منذ حزيران 2020.

تعيين عباس أبعد عبد الله أيوب عن منصب وزير الدفاع بعد أربع سنوات تولى خلالها دفة الوزارة، كما أثار التعيين أيضًا بعض التساؤلات حول أحقيته وفق التراتبية العسكرية، طالما أن الوزير الجديد يحمل رتبة لواء، وليس عمادًا أو عمادًا أول.

أسفر تعيين الوزير الجديد عن حالة خلط تتعلق بهوية الوزير الجديد، في ظل وجود ضابط آخر في قوات النظام يحمل نفس الاسم، لكن مع اختلاف المحافظة التي ينحدر منها، فالوزير من أبناء قرية إفرة في وادي بردى بريف دمشق، وولد في 2 من تشرين الثاني عام 1964.

ووفق ما ذكره موقع “كلنا شركاء”، انتسب الوزير الجديد إلى الكلية الحربية عام 1983، ضمن اختصاص المدرعات، ليتخرج برتبة ملازم عام 1985، ويواصل التدرج في الرتب العسكرية، حتى يصل إلى رتبة لواء عام 2018، كما شغل منصب نائب رئيس هيئة الأركان العامة، وهو متزوج وأب لأربعة أبناء.

أما الضابط الآخر فهو من مواليد قرية تل صارم في مدينة جبلة التابعة لمحافظة اللاذقية، وتعرّض لإصابات بالغة عام 2016، خلال قيادته دفة المعارك التي شنها النظام قرب تل الصوان في ريف دمشق.

خامس الوزراء.. أدناهم رتبة

تعاقب على منصب وزير الدفاع في حكومة النظام منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، خمسة أشخاص، أطاح الأسد بثلاثة منهم عبر تعيين بديل، بينما تعرّض أحدهم للاغتيال.

هذه الأسماء تصدّرت على التوالي المشهد العسكري في سوريا، وأوكلت لها مسؤولية إدارة المعارك والعملية العسكرية في مختلف مدن وبلدات سوريا، ما أسفر عن دمار واسع في البنى التحتية، إضافة إلى نزوح ملايين السوريين داخليًا، ولجوء ملايين منهم أيضًا في دول مختلفة.

ويعتبر علي محمود عباس خامس وزراء الدفاع، وأدناهم في الرتبة العسكرية حين وصوله إلى كرسي الوزير، إذ عيّن بشار الأسد، في حزيران 2009، علي حبيب وزيرًا للدفاع خلفًا لحسن تركماني.

وشغل علي حبيب عدة مناصب عسكرية، منها رئاسة الأركان عام 2004، لكن وبعد قيام الثورة السورية، وبشكل مفاجئ، أصدر الأسد مرسومًا أعفى من خلاله حبيب من وزارة الدفاع في آب 2011.

وبعد إقالة علي حبيب، عيّن بشار الأسد العماد داوود عبد الله راجحة وزيرًا للدفاع، ليكون أول مسيحي يصل إلى رتبة وزير الدفاع منذ وصول حزب “البعث” إلى الحكم في سوريا، لكنه قُتل في تفجير استهدف مبنى الأمن القومي في العاصمة دمشق، في تموز 2012، إلى جانب نائبه آصف شوكت صهر الأسد، وحسن تركماني رئيس “خلية الأزمة”، ورئيس مكتب الأمن القومي، هشام بختيار.

وتولى فهد جاسم الفريج منصب رئيس هيئة الأركان بعد راجحة، ثم خلفه أيضًا في الوزارة بعد مقتله، ليستمر في قيادة الوزارة حتى عام 2018، حين عيّن بشار الأسد علي أيوب وزيرًا للدفاع.

وغادر أيوب الوزارة وفي أرشيفه زيارة وحيدة معلَنة لوزير دفاع سوري إلى الأردن خلال الثورة، جرت في أيلول 2021.

لماذا علي محمود عباس؟

يولي النظام السوري أهمية خاصة لوزارة الدفاع، باعتبارها واحدة من أبرز الحقائب الوزارية السيادية في حكومته المكوّنة من 29 وزيرًا.

كما تصاعد دور الوزارة منذ عام 2011، إثر انخراط قوى الجيش في قمع الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام السوري، ما ضاعف أهمية وحساسية انتقاء “الحصان الرابح” بالنسبة للنظام لتبوّء الوزارة.

كما أن فارق الرتبة العسكرية بين علي محمود عباس وأسلافه خلال الثورة، فتح باب التساؤل حول تدرّج الرتب للوصول إلى الوزارة باعتبار أن الوزير لم يبلغ ذروة الهرم العسكري من ناحية الرتب.

الباحث في معهد “الشرق الأوسط” تشارلز ليستر، وصف عبر “تويتر” محمود عباس بـ”القائد الفخري” لـ”الفرقة الرابعة”.

وأكد ليستر أن التعيين يشكّل توحيدًا كبيرًا لما اعتبرها “سيطرة عائلة الأسد على الجيش السوري عبر استخدام الوكيل المفضّل لماهر الأسد”.

وبقيادة ماهر الأسد، وهو شقيق رئيس النظام، وعلي محمود عباس، برزت “الفرقة الرابعة” كقوة رئيسة تقف خلف صناعة مخدرات بقيمة عشرة مليارات دولار أمريكي.

ما الرسالة؟

يغيّر النظام بشكل متكرر في صفوف قيادات مؤسساته العسكرية، ما يُترجم عبر تعيينات وإعفاءات ونقل لضباط بين أفرع ومؤسسات عسكرية.

هذا السلوك الذي بدا بوضوح خلال الثورة، لا يشبه حالة الانسجام في عهد الأسد الأب مع منصب وزير الدفاع، إذ تبوأه مصطفى طلاس لأكثر من 30 عامًا حينها.

الباحث في مركز “عمران” محسن المصطفى، ربط بقاء طلاس في السلطة حينها بانقلاب “البعث” وتولي طلاس الوزارة قبل إكمال عقده الرابع من العمر، بينما يتولى المناصب لدى النظام اليوم، أشخاص بعمر 60 وأكثر، نتيجة التراتبية العسكرية.

وفي حديث إلى عنب بلدي، أكد المصطفى أن التراتبية العسكرية مطلوبة وتُحترم وفق قانون الخدمة العسكرية، لكن الظروف في سوريا تتيح للنظام تجاوزها.

كما ينص قانون الخدمة العسكرية على عدم الالتزام بقواعد الترقية في زمن الحرب، والترقية إلى رتبة عماد تجري بالاختيار من بين الضباط برتبة لواء الذين أمضوا أربع سنوات على الأقل في الخدمة بهذه الرتبة، وتجري هذه الترقية بمرسوم، ومن المتوقع وفق الباحث ترفيع اللواء علي محمود عباس لرتبة عماد قريبًا.

واستبعد محسن المصطفى أي تغييرات أو تطورات على الأرض ومن الناحية الميدانية، جراء تعيين الوزير الجديد، مع احتمالية إجراء تعديلات وتغييرات إدارية وقانونية تتعلق بالمؤسسة العسكرية، وفق الباحث.

ويأتي تعيين علي محمود عباس وزيرًا للدفاع في وقت تغيب به المعارك التي واجهت أسلافه، مثل راجحة والفريج، فالعمليات العسكرية اليوم بعد فرض النظام سيطرته على مساحات سورية واسعة، لا تعدو كونها مناوشات واستهدافات متفرقة، وطلعات جوية متكررة تستهدف مناطق سيطرة المعارضة، ما يسفر عن قتلى وجرحى.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة