ساعة "الرّياضيات" بـ15 ألف ليرة

في موسم الامتحانات.. الدروس الخصوصية “تحلّق” بدرعا

camera iconطالبات في إحدى مدارس درعا البلد جنوبي سوريا- 31 من كانون الثاني 2022 (عنب بلدي\ حليم محمد)

tag icon ع ع ع

درعا – حليم محمد

مع اقتراب امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية في سوريا، تظهر حاجة الطلاب للدروس الخصوصية من معلمين مختصين لتقوية مهاراتهم في بعض المواد الدراسية، لتغيير الأساليب التعليمية عند شرح الدروس، دون ضجة الفصل الدراسي وكثافة الطلاب فيه.

وفي محافظة درعا، جنوبي سوريا، تصطدم هذه الحاجة بعدم قدرة الأهالي المادية على دفع الأجور التي تترافق مع استغلال المعلمين ظروف بعض الطلاب، عبر رفع أجور ساعات التدريس، حيث تعتمد أغلبية العائلات على الزراعة، التي تختلف نسبة الربح والخسارة فيها على حسب ما يحمله الموسم من إنتاج المزروعات.

تحديد مصير

“أحتاج إلى التقوية في بعض المواد مثل مادة اللغة الإنجليزية، ولكن قدرة أهلي المالية لا تسمح بالكثير من الدروس”، قالت الطالبة ريتاج (18 عامًا)، وهي من سكان ريف درعا الغربي، موضحة لعنب بلدي أن الأمر متعلق بمصيرها، إذ إن شهادة الثانوية كفيلة بتحديد مستقبل الطالب، وتحديد تخصصه في الجامعة.

وصلت أجرة الساعة التدريسية الواحدة في المنزل ما بين خمسة آلاف وعشرة آلاف ليرة سورية، وتختلف هذه التسعيرة في حال كان التدريس جماعيًا أو فرديًا، بالإضافة إلى اختلافها تبعًا لصعوبة المادة التدريسية أو سهولتها، بحسب ما رصدته عنب بلدي في بعض مناطق المحافظة.

ساعة التدريس المخصصة لطالب واحد أكثر تكلفة، وتختلف تكلفة المادة أيضًا باختلاف كفاءة مدرّسها، وسمعته بين الطلاب في هذا المجال، مثل مادة الرياضيات التي تصل أجرتها في الساعة إلى 15 ألف ليرة سورية، بحسب الطالبة.

ووصل سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية خلال الأسبوع الماضي إلى 3905 ليرات، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار الصرف والعملات الأجنبية.

كما يختلف عدد ساعات التدريس من طالب لآخر، وقدّرت الطالبة ريتاج حاجتها لحوالي 20 ساعة من الدروس الخصوصية حتى تاريخ البدء بالامتحانات.

“أم حسين”، والدة الطالبة ريتاج، قالت لعنب بلدي إنها تقدّم تدريس ابنتها كأولوية قبل جميع الالتزامات العائلية، ورغم فقر العائلة فإنها تُحضر المدرّسين حسب رغبة ابنتها في المواد التي تعاني تقصيرًا فيها، إذ قررت بيع بقرة لتأمين مصروف الدروس الخاصة.

لماذا الدروس الخصوصية مهمة

“بعض الفقرات لم نكن نفهمها، ورغم سؤال المدرّس، فإنه لا يتمكّن من إيصال الفكرة، لذلك استعنتُ بمدرّس خصوصي لشرح الدروس، والأفكار التي لم أفهمها”، قالت الطالبة ريتاج.

ويعاني الطلاب من ضعف في استيعاب المواد الدراسية لأسباب تتعلق بارتباط مواد الصف الثالث الثانوي بأساسيات متعلقة بمواد صفي العاشر والحادي عشر، التي لم تشهد تدريس كامل المنهاج خلال العامين الماضيين، بسبب جائحة “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، التي تسببت بإغلاق جزئي للمدارس.

كما أن العملية التربوية تراجعت في المدارس الحكومية بعد فقدانها الكوادر التعليمية، وأبرز أسباب ذلك النزوح أو اللجوء، أو حتى فصل المدرّسين بسبب موقفهم السياسي، الأمر الذي دفع مديرية التربية للاستعانة بخريجين جدد، لا يمتلكون الخبرة الكافية بالتدريس، بحسب استطلاع للرأي أجرته عنب بلدي بين الكوادر التعليمية في المدينة.

المدارس بحاجة للكوادر، وقرار عودة المعلمين المفصولين لم يُنفذ حتى اليوم، رغم استكمال جميع الأوراق المطلوبة من قبل المعلمين المفصولين.

وكانت عودة الموظفين المفصولين في المؤسسات الحكومية أحد الشروط التي تعهّد الجانب الروسي بتنفيذها في أثناء الاتفاق على “التسوية” في تموز 2018، مع “اللجنة المركزية” المشكّلة من قياديين سابقين ووجهاء ومثقفين للتفاوض مع النظام بإشراف روسي.

كذلك كان لتدمير البنية التحتية للمدارس دور في التأثير على العملية التربوية، الأمر الذي زاد من عدد الطلبة داخل القاعة الصفية الواحدة، وأثّر على سويّة الاستيعاب وقدرة المعلم على شرح الفكرة.

وبحسب منظمة الأم المتحدة للطفولة (يونيسف)، فإن واحدة من كل ثلاث مدارس في سوريا لا تعمل جزئيًا أو كليًا، ويقدّر أن أكثر من 2.45 مليون طفل خارج المدرسة، والنسبة أعلى بين الأطفال النازحين، إذ إن 54% من الأطفال المنقطعين عن التعليم موجودون في المخيمات.

ومن الأسباب التي تدفع المدرّسين لإعطاء دروس خاصة، تدني الأجور التي يتقاضاها المدرّس من وزارة التربية، إذ لا يتعدى راتبه 150 ألف ليرة.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة