لا يمكن التطبيع أو رفع العقوبات أو إعادة الإعمار قبل أن ينخرط النظام السوري في الانتقال السياسي

رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا يوضح لعنب بلدي محددات “مؤتمر بروكسل”

القائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا دان ستوينيسكو (تعديل عنب بلدي)

camera iconالقائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا دان ستوينيسكو (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

ينعقد مؤتمر بروكسل هذا العام، وسط مجموعة من المتغيرات الدولية، التي تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر بالملف السوري، أبرزها الغزو الروسي لأوكرانيا، وآثاره السياسية والاقتصادية، على الاتحاد الأوروبي، وسوريا خاصة.

وبينما يتخوف السوريون من تعهدات أقل في مؤتمر بروكسل، بسبب تداعيات الغزو في أوكرانيا، نشّط الغزو مواقف تتضامن مع القضية السورية وترفض التطبيع مع النظام السوري، حليف موسكو الأول في الشرق الأوسط.

عنب بلدي أجرت مقابلة مع القائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا، دان ستوينيسكو، عبر البريد الإلكتروني، ووجهت له مجموعة من الأسئلة بشأن محددات سياسة الاتحاد الأوروبي في سوريا، والتطلعات والآمال المتوقعة من مخرجات مؤتمر “بروكسل”.

  • تعتبر دول الاتحاد الأوروبي أكبر المانحين في مؤتمر بروكسل، إذ تعهدت في “بروكسل 5″، إلى جانب المفوضية الأوروبية، بأكثر من ملياري يورو، من أصل 6 مليار يورو.
    ومع وصول عدد السوريين تحت خط الفقر إلى 90%، بحسب التقديرات الأممية، ما هي رؤيتكم في مؤتمر بروكسل هذا العام بشأن التعهدات المالية المتوقعة، خاصة مع الأزمات الاقتصادية التي تتعرض لها دول الاتحاد الأوروبي على خلفية غزو أوكرانيا، والتوقعات بانقطاع الإمدادات النفطية من روسيا، أو التحكم بها من قبل موسكو على الأقل، وفي ظل توجه دول الاتحاد لتقديم مساعدات عسكرية/ إنسانية لاستيعاب الأزمة في أوكرانيا.

ينظّم الاتحاد الأوروبي مؤتمر بروكسل السادس هذا العام على الرغم من التحديات العالمية المتزايدة، التي تجسدت بغزو روسيا غير المشروع لأوكرانيا؛ إضافة إلى التحديات التي تواجهها سوريا، بما فيها التدهور الاقتصادي وانخفاض قيمة الليرة السورية والخسائر في الأرواح ورأس المال.

وفيما يُنظّم الاتحاد الأوروبي هذا المؤتمر في محاولة منه لإفساح المجال أمام المجتمع المدني السوري للتعبير عن نفسه وإبقاء سوريا على الأجندة الدولية، إلا أنّه لا يمتلك قدرة السيطرة على التعهدات.

في الواقع، للجهات المانحة السلطة التقديرية بشأن التعهدات التي يقدمونها والمشاريع التي تصبّ فيها هذه التبرعات.

ومع ذلك، فإنّ تحديات هذا العام تُعتبر تذكيرًا مستمرًا، إن لم تكن درسًا مستفادًا، بأنه يجب إيجاد حل مستدام من خلال عملية سياسية، وأن التعهدات على الرغم من أهميتها الكبيرة، فهي ليست مستدامة.

خلال السنوات الأحد عشر الماضية، تبرّع الاتحاد الأوروبي بمبلغ 27.4 مليار يورو كمعونات، ولا يزال اليوم ملتزمًا بثبات تجاه الشعب السوري. ندعوكم لمتابعة التعهدات التي سيتم الإعلان عنها يوم الثلاثاء 10 من أيار.

  • تضغط روسيا والنظام السوري لوقف آلية المساعدات عبر الحدود، المنحصرة حاليًا في معبر باب الهوى الحدودي، واستبدالها بآلية المساعدات عبر الخطوط، لحصر المساعدات بيد حكومة النظام السوري في دمشق، ومن المنتظر التصويت على تمديد أو تجميد قرار مجلس الأمن “2585“، في تموز المقبل.
    يهدد إيقاف الآلية نشاط منظمات المجتمع المدني في شمال غربي سوريا، بعد التضييق عليها فعلًا في شمال شرقها، فهل يمتلك الاتحاد آليات بديلة لدعم المجتمع المدني وتلبية احتياجات السكان، دون تسليم الملف للنظام السوري، الذي ثبت أنه
    يسرق من نصف قيمة المساعدات من خلال التلاعب بأسعار الصرف، وفي حال وصول المساعدات فإنها توزع على أساس سياسي ومناطقي.

عادةً، يتم توجيه المساعدات من خلال الأمم المتحدة بموافقة الحكومة المركزية لأسباب تتعلق بالسيادة. أما في حالة سوريا، ومنذ عام 2014، يسمح قرار صادر عن الأمم المتحدة بتنفيذ عمليات عبر الحدود.

في البداية، كان هناك ثلاثة معابر حدودية، واحد في الشمال الشرقي واثنان آخران في الشمال الغربي. في شهر تموز من العام الماضي (2021)، كان المعبر الوحيد المتبقي هو معبر باب الهوى.

بعد المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة (التي تميزت باللجان حول المزيد من عمليات التسليم عبر الحدود ومشاريع التعافي المبكر)، شرعت روسيا في التصويت لصالح القرار، الذي تم تبنّيه بالإجماع.

هذا العام، يشعر الاتحاد الأوروبي بقلق بالغ إزاء احتمال عدم تجديد قرار الأمم المتحدة المتعلق بالعمليات عبر الحدود، والذي من المتوقع أن يصدر في شهر تموز 2022.

في الواقع، على الرغم من الاستعداد لهذا الاحتمال، لا يوجد بديل عملي لتقديم المساعدات عبر الحدود، نظرًا إلى الاحتياجات الإنسانية الهائلة. وهذا هو السبب في أن الاتحاد الأوروبي سيواصل الدعوة إلى تقديم الاستثناءات الإنسانية وفتح المعابر الحدودية أمام العمليات وعدم تسييسها. إنّ وضع الشروط أمام المعونات الإنسانية الموجهة لملايين الأشخاص لأسباب سياسية تتسم بالأنانية، ليس خيارًا قابلًا للتطبيق.

  • حرّك الغزو الروسي لأوكرانيا مواقف تضامنية من الاتحاد الأوروبي وعدد من دوله مع الملف السوري، بحكم الدعم الروسي المباشر لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، لكن هذه المواقف بقيت حبيسة المؤتمرات السياسية ولم تترجم بخطوات جدية على الأرض، للضغط على الأسد.
    فهل لدى الاتحاد مقاربة جديدة لتحقيق خطوات ملموسة على صعيد تفكيك العقدة السورية، خاصة مع وصول المسار السياسي الرئيسي المتمثل بأعمال اللجنة الدستورية إلى طريق مسدود، وسط “خيبة أمل” المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون.

إن موقف الاتحاد الأوروبي حيال سوريا باقٍ على حاله، فلا يمكن التطبيع أو رفع العقوبات أو إعادة الإعمار قبل أن ينخرط النظام السوري في عملية انتقال سياسي والتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2254. الحرب الأخيرة على أوكرانيا لها آثار مؤكدة على سوريا، سواء كانت إنسانية (الآثار المحتملة على العمليات عبر الحدود)، اقتصادية أو سياسية. مع الإشارة إلى أن الوضع في سوريا كان يتدهور بالفعل حتى قبل غزو أوكرانيا.

اليوم، يكافح السكان لكسب الدخل أو للحصول على السلع الرئيسية والخدمات، 9 من كل 10 سوريين يعيشون في الفقر و60% من السكان معرضون لخطر الجوع هذا العام. يشكّل ذلك مصدر قلق كبير للاتحاد الأوروبي، ولهذا سنواصل دعم الشعب السوري من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والدعوة إلى حل سياسي مستدام للنزاع، تحت رعاية المبعوث الخاص للأمم المتحدة، على الرغم من التحديات التي تواجهنا في هذا المسار.

إن الاتحاد الأوروبي يفكر بنشاط دائم في طرق لدعم الشعب السوري، ومن الأمثلة الواضحة على ذلك مؤتمر بروكسل السادس القادم، والذي سيوجد مساحة لسماع أصواتهم وسيخلق زخمًا للمناقشات الصادقة نحو حل مستدام، وهو ما يستحقه السوريون بشدة. نحتاج جميعًا إلى العمل معًا لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع السوري لضمان مستقبل مستدام لجميع السوريين.

  • تندفع دول، من بينها دول أوروبية على غرار صربيا، لبناء علاقات مع الأسد، ومنها من طبع العلاقات بشكل كلي كالإمارات العربية المتحدة، التي استقبلت رئيس النظام السوري، في 18 من آذار، فما موقف الاتحاد الأوروبي من هذه الخطوات؟ وهل توجد خطوات جدية أو أدوات ضاغطة لكبح هذا التطبيع؟

إن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يملكون الحق السيادي في اتخاذ قرارهم المتعلق بتمثيلهم الدبلوماسي في الخارج. إن وجود دبلوماسيين من الدول الأعضاء في دمشق ليس بالأمر الجديد ولا يعني أن الاتحاد الأوروبي يقوم بتطبيع العلاقات مع نظام الأسد. في الواقع، يعمل الدبلوماسيون المعينون على مستوى قائم بالأعمال في/إلى سوريا بقدرة منخفضة، غالبًا من أجل القيام بواجبات متعلقة بملف الشؤون الإنسانية والشؤون القنصلية.

يكرر الاتحاد الأوروبي دعوته لحل سياسي ويشدد على أنه لا يمكن التطبيع أو رفع العقوبات أو إعادة الإعمار قبل انخراط النظام السوري في عملية انتقال سياسي والتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2254.

  • اتخذت دول أوروبية خطوات فعلية لترحيل طالبي اللجوء السوريين، متذرعة برواية تنقضها الوقائع حول اعتبار “سوريا آمنة”، كما تجمدت إجراءات إعادة التوطين لكثير من السوريين بسبب جائحة “كورونا المستجد” سابقًا، والآن بسبب موجات اللجوء المتوقعة من أوكرانيا أيضًا، فهل يمتلك الاتحاد الأوروبي أدوات قانونية وسياسية يمكن استخدامها لمنع ترحيل طالبي اللجوء السوريين من الاتحاد، وتعجيل ملفات إعادة توطينهم إليه؟

إن نظام اللجوء الأوروبي المشترك يحدد المعايير المشتركة والتعاون لضمان معاملة طالبي اللجوء على قدم المساواة في نظام مفتوح وعادل، أينما تقدموا. يخضع هذا النظام لخمسة أدوات تشريعية والوكالة الأوروبية للجوء.

مع ذلك، فإن لكل دولة عضو الاختصاص بمعالجة طلبات اللجوء التي تتلقاها. وهذا يشمل قرار منح اللجوء و/أو إبطاله. يمكن لطالب (طالبي) اللجوء استئناف القرارات المتعلقة بوضعهم أمام السلطات الوطنية المختصة.

على الرغم من الأمثلة المحتملة للاجئين السوريين الذين يرون أن وضعهم قد ألغي من قبل بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فإن الاتحاد الأوروبي بشكل عام لا يزال مرحبًا باللاجئين السوريين، حيث استقبل أكثر من مليون سوري منذ بداية النزاع. إن الغالبية العظمى من اللاجئين السوريين مندمجة بشكل جيد في أوروبا وتساهم في التنوع والتعددية الثقافية في مجتمعاتنا.

نبذة عن “بروكسل 6”

بحسب موقع الاتحاد الأوروبي، فالمؤتمر هو المؤتمر الدولي السنوي العاشر حول سوريا، بعد المؤتمرات الثلاثة الأولى التي استضافتها الكويت أولًا من عام 2013 إلى 2015، ومؤتمر لندن في 2016، ومؤتمرات بروكسل الخمسة الأخيرة من 2017 إلى 2021.

تشارك في المؤتمر مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، وأوسع نطاق ممكن من المجتمع الدولي، والمنظمات الإقليمية والدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، والمؤسسات المالية الدولية (IFIs)، ومنظمة الصليب الأحمر والهلال الأحمر، والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية وممثلي منظمات المجتمع المدني.

وسيوفر يوم الحوار منصة للحوار بين الجهات الفاعلة في المجتمع المدني من داخل سوريا والمنطقة وكذلك الشتات والدول المضيفة للاجئين والشركاء التنفيذيين المشاركين في الاستجابة السورية والاتحاد الأوروبي.

يتألف الحدث من ثلاث حلقات نقاش تركز على الموضوعات الرئيسية ذات الصلة بسياق الأزمة السورية واستجابة المجتمع الدولي، وهي “إعطاء مساحة للأصوات السورية” و”الشباب” و”المساعدة الغذائية والأمن الغذائي”.

وسيعقد الاجتماع الوزاري يوم الثلاثاء، 10 من أيار، وسيترأسه نائب الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، وسيشارك أيضًا مفوض الجوار والتوسع، أوليفر فارهيل، ومفوض إدارة الأزمات يانيز لينارتشيتش.

سيجتمع مندوبو الدول المجاورة التي تستضيف لاجئين سوريين والدول الشريكة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، لمناقشة الجوانب السياسية والإنسانية والإنمائية الإقليمية الرئيسية للأزمة السورية، وسيتم تقديم الالتزامات والتعهدات السياسية بهذه المناسبة.

تضمنت الاستعدادات للمؤتمر مشاورات مع منظمات المجتمع المدني الناشطة في الأزمة السورية، مما أتاح جمع رؤى وتوصيات قيمة حول الوضع الراهن، ستُغذي هذه المعلومات المؤتمر، سواء خلال يوم الحوار أو الاجتماع الوزاري.

 




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة