ارتفاع وانخفاض شبه يومي.. ما أسباب عدم استقرار أسعار المحروقات في لبنان؟

camera iconسيارات محتشدة أمام محطة محروقات في لبنان (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

يشهد سوق المحروقات في لبنان حالة من عدم الاستقرار تتعامل معها الحكومة اللبنانية بإصدار نشرة أسعار أسبوعية صادرة عن وزارة الطاقة والمياه تختلف بموجبها الأسعار، إلى جانب عدم ثبات الأسعار ضمن الأسبوع أيضًا.

وارتفعت أسعار البنزين والمازوت في لبنان اليوم، الثلاثاء 10 من أيار، وفق ما نقلته الوكالة اللبنانية “الوطنية للإعلام“، للمرة الثانية خلال أيار الحالي.

كما ارتفع سعر صفيحة البنزين (20 ليترًا) من نوع “أوكتان 98” (خالٍ من الرصاص) من 495 ألفًا إلى 518 ألف ليرة لبنانية، وسعر صفيحة البنزين من نوع “أوكتان 95” من 484 ألفًا إلى 507 آلاف ليرة لبنانية.

وارتفع سعر المازوت من 589 ألفًا إلى 599 ألف ليرة لبنانية، بينما بقي سعر مبيع الغاز ثابتًا على 359 ألف ليرة لبنانية.

ويأتي ارتفاع الأسعار اليوم بعد أن ارتفعت في 6 من أيار الحالي أيضًا، بالتزامن مع انخفاض قيمة الليرة اللبنانية بشكل متواصل أمام الدولار الأمريكي.

وبلغ سعر صرف الدولار وفق بيانات التداول في السوق السوداء 27 ألف ليرة لبنانية للشراء، في حين سجّل 26 ألفًا و900 ليرة للمبيع.

الباحث اللبناني في الاقتصاد السياسي الدكتور طالب سعد، أوضح في حديث إلى عنب بلدي أن تقلّب أسعار النفط والمحروقات في لبنان مرتبط بتقلبات أسعار النفط على المستوى العالمي، باعتبار النفط سلعة عالمية غير محلية، كما ألقى “الغزو” الروسي لأوكرانيا بظلاله على أسعار النفط، وأسهم في رفعها بشكل لافت وقياسي، مقارنة بأسعارها على مدار السنوات الأخيرة.

ولفت الباحث إلى ارتفاع معدلات التضخم في العالم، الذي تُرجم على الأرض بارتفاع أسعار النفط وتخفيض بعض الدول قدراتها الإنتاجية، إلى جانب رفض بعض الدول استخدام النفط الروسي، ما ينعكس بالضرورة على البلدان التي تشهد أزمات، مثل لبنان.

وحول أسباب تراجع الوضع الاقتصادي في لبنان اليوم، يبيّن الباحث أن لبنان بلد “مدولر” (يتعامل بالدولار الأمريكي)، كما جرى إيقاف الدعم عن معظم السلع بسبب عدم قدرة البنك المركزي اللبناني على تغطية نفقات سلع مختلفة، ومنها المحروقات، ما دفع لحصر الدعم المتبقي في الطحين والقمح باعتباره سلعة أساسية.

وعن سبل حل أزمة المحروقات في لبنان، وارتفاع أسعارها المرتبط أيضًا بنقص السلعة وارتفاع أسعارها العالمي، يرى الدكتور طالب سعد أن الحل لا يرتبط بالدعم، بسبب عدم قدرة المركزي على تحمّل أعباء الضغط على الليرة مع ضعف حجم احتياطي العملات الأجنبية لدى البنك.

كما أن هناك هشاشة في الوضع الاقتصادي مع تراجع الصادرات وعدم دخول أموال أجنبية إلى لبنان، ما يعني خللًا في ميزان المدفوعات، مع غياب الإصلاحات الاقتصادية وخطط التعافي، ووجود توتر سياسي.

وعن مدى تأثير عودة العلاقات الخليجية اللبنانية مؤخرًا، شدد الباحث على أن الأزمة اللبنانية لا تُعالج بإصلاح العلاقات السياسية مع العرب فقط، رغم أهمية تلك العلاقات والانخراط بمسار دبلوماسي طبيعي مع العرب، لكن لبنان بحاجة إلى اقتصاد جديد وعقد اجتماعي جديد، فالطرق القديمة ومساعدات صندوق النقد الدولي لا تكفي.

وحصل لبنان، في 9 من أيار الحالي، على قرض بقيمة 150 مليون دولار من صندوق النقد الدولي، لتأمين وارداته من القمح، والحفاظ على استقرار أسعار الخبز لتسعة أشهر.

وبالإشارة إلى مشاريع الطاقة المزمع عقدها بين لبنان ودول عربية مجاورة كمصر والأردن، مرورًا بسوريا، أشار الباحث إلى أن خط الغاز المصري مرهون بالعلاقات الدولية والتوترات الإقليمية، معتبرًا في الوقت نفسه أن حل مشكلة الكهرباء في لبنان يمكن أن يحصل عبر خصخصة القطاع، وإخضاعه للمنافسة، بما يضمن إلغاء المولدات والبدائل المستحدثة وإلغاء تكلفة الكهرباء من موازنة الدولة على القطاع ككل.

وفي 4 من نيسان الماضي، نفى حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، صحة إفلاس الدولة والمصرف المركزي، بعد تضارب الأنباء بشأن ذلك، مؤكدًا أن البنك مستمر في أداء دوره الموكل إليه بموجب القانون رغم خسائر القطاع المالي.

ومنذ عام 2019، يشهد لبنان أزمة مالية عُرفت باسم “أزمة المصارف”، والتي انعكست بعدم قدرة المودعين على التحكم بمقدار ما يرغبون سحبه من أرصدتهم البنكية، ترافق ذلك أيضًا بتأخر ولادة الحكومة اللبنانية لأكثر من عام، لتستمر حكومة حسان دياب في تصريف الأعمال حتى تشكيل نجيب ميقاتي الحكومة الحالية في 10 من أيلول 2021.

ورغم أن المجتمع الدولي رهن منذ انفجار مرفأ بيروت، في 4 من آب 2020، المساعدات إلى لبنان وجذب الاستثمار بتشكيل الحكومة اللبنانية، وفق ما جاء أيضًا في مبادرة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، حينها، فإن الواقع الاقتصادي والمالي والوضع المعيشي في لبنان لا يعكس دعمًا اقتصاديًا دوليًا للبنان.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة