غلاء بالأسعار وضعف في الدخل..

نازحات في إدلب: نتحايل على الحياة ونأكل المتوفر

camera iconسيدة سورية نازحة تحمل صندوق مساعدات

tag icon ع ع ع

إدلب – هدى الكليب

لم تعد حليمة الجاموس، البالغة من العمر 28 عامًا، قادرة على إغناء مائدة عائلتها بشتى أنواع المأكولات السورية، كما اعتادت من قبل، بل اختصرت الكثير من تلك الأنواع لتقتصر الوجبات اليومية، خصوصًا وجبة الغداء الرئيسة، على نوع بسيط ومحدد، بعد ارتفاع الأسعار غير المسبوق الذي طرأ على مختلف الأطعمة خلال نيسان الماضي.

قالت حليمة لعنب بلدي، إن “ما يحدث من ارتفاع أسعار أمر لا يصدق، لم يعد المرء قادرًا حتى على تأمين أدنى مقومات الحياة، وبتنا في حيرة من أمرنا، كيف لنا أن نوازن بين الدخل الضعيف والغلاء الحاصل”.

تعيش حليمة مع أطفالها الأربعة وزوجها المصاب بمرض عصبي في مخيمات “أطمة” الحدودية، بعد نزوحهم من ريف إدلب الجنوبي، وعملها في الأراضي الزراعية لم يعد يؤمّن لها أكثر من ثمن الخبز وبعض الاحتياجات البسيطة.

تابعت حليمة، “في السابق كنا نحتار في اختيار أنواع الأطعمة لنضع على موائدنا ما لذ وطاب من المأكولات الغنية باللحوم وأطباق المقبلات من فتوش وتبولة وتسقية وغيرها، أما اليوم فإن ما كنا نعتبره مقبلات سابقًا بات الوجبة الرئيسة التي تتوسط موائدنا”.

وتعتمد معظم العائلات في المنطقة، بشكل أساسي، على العدس، والحمّص، والفول، والبطاطا، كوجبات أساسية بعد غلاء اللحوم والخضار، خصوصًا أن تلك المواد تحصل عليها العائلات من المنظمات الإغاثية كمعونات مجانية في بعض الأحيان.

وارتفعت الأسعار مؤخرًا لتصل إلى أضعاف سعرها قبل نيسان الماضي، الذي تزامن مع قدوم شهر رمضان.

وبحسب ما رصدته عنب بلدي، وصل سعر كيلوغرام البندورة الواحد إلى 25 ليرة تركية، والبطاطا إلى ثماني ليرات ونصف ليرة تركية، والباذنجان إلى 25 ليرة تركية.

أما بالنسبة لأسعار المحروقات، فبحسب شركة “وتد للبترول” المحتكرة للمحروقات في إدلب، فقد وصل سعر ليتر البنزين إلى 17 ليرة تركية، وسعر ليتر المازوت إلى حوالي 14 ليرة تركية، أما أسطوانة الغاز فقد وصل سعرها إلى نحو 183 ليرة تركية، بينما يبلغ سعر تصريف الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي 15.4 ليرة تركية، بحسب موقع “Döviz” المتخصص بأسعار الصرف والعملات الأجنبية في تركيا.

التحايل على قساوة الحياة

تطهو السيدة نهيدة كنجو على “الدفية” (موقد من الحطب أمام خيمتها) أطعمة متنوعة مما توفر لديها من مكوّنات، ومن تلك الأطعمة، “لبنية الحنطة، الهريسة، السيالة، محاشي المقدد وحراق بإصبعه”.

وتوزع من كل طبخة “سكبات” لجيرانها الذين يعمدون لسكب ما توفر لديهم، وهو ما يساعد على تنوع مائدة أسرتها بشتى أنواع الأطعمة، حتى وإن كانت بسيطة، ما يبعث السعادة في قلوب أبنائها الخمسة.

“عم نتحايل على هالحياة بالمتوفر عندنا، لولا هيك كان الوضع بيبكي الحجر”، بحسب تعبير السيدة الخمسينية، التي صارت تكلفها مستلزمات يوم كامل من الطبخ حوالي 100 ليرة تركية، في حين أن أجرة العمال في إدلب وشمال غربي سوريا لا تتعدى الـ50 ليرة تركية.

احتكار بلا رادع

لم يكن ارتفاع الأسعار الجنوني أكثر ما يؤرّق النازحات في إدلب، وفي المنطقة عمومًا، وإنما عمليات الاحتكار من قبل التجار، وتباين الأسعار واختلافها بين محل وآخر ضمن المنطقة الواحدة، بفارق يصل أحيانًا إلى 15 ليرة تركية فما فوق.

تسبب حالة الاحتكار هذه سخطًا شعبيًا ضد سلطات الأمر الواقع، التي لم تحرك ساكنًا من أجل ضبط الأسعار ومراقبتها ومنع الاحتكار والاستغلال.

وبلغ عدد السوريين المحتاجين إلى مساعدة إنسانية نحو 14 مليونًا و600 شخص، بعد أن بلغ 13 مليونًا و400 ألف خلال 2021، وفق تقرير الأمم المتحدة الصادر في 23 من شباط الماضي.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قدّم، في 12 من كانون الثاني الماضي، تقريرًا يؤكد أن 90% من السوريين تحت خط الفقر، بينما يعاني 60% منهم “انعدام الأمن الغذائي”.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة