مع اقتراب موعد امتحانات الشهادتين..

أسعار الدروس الخصوصية تتضاعف بحمص

camera iconمعلمة تعطي درسًا لطالبات في إحدى مدارس مدينة حمص وسط سوريا- 16 من آذار 2022 (سانا)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حمص

يخرج محمد (43 عامًا)، وهو مدرّس لمادة الرياضيات، من منزله منذ الساعة السادسة صباحًا، ولا يعود حتى منتصف الليل، متنقلًا بين الأحياء السكنية في مدينة حمص، وسط سوريا، ليجيب عن أسئلة الطلاب ممن تواصلوا معه، ويحل لهم المسائل المهمة التي أشكلت عليهم في أثناء دراستهم، ويجري بعض المراجعات السريعة لطلابه للتأكد من جاهزيتهم للامتحانات التي صارت على الأبواب، وهو يحقق فائدة مزدوجة بتعويض ما ينقص الطلاب، وتحسين دخله في هذا الموسم.

حددت وزارة التربية والتعليم السورية موعد امتحانات الشهادة الإعدادية في 29 من أيار الحالي، وتبدأ امتحانات الشهادة الثانوية بفرعيها الأدبي والعلمي في 30 من الشهر نفسه.

ويعتمد الطلاب السوريون على الدروس الخصوصية، والدورات في المعاهد والمدارس الخاصة خلال دراستهم للمناهج التعليمية الخاصة بالشهادتين، بعد تدهور التعليم في المدارس الحكومية.

هذا الأمر زاد من حجم الطلب على الدروس الخصوصية، ورفع أجورها إلى حد لم يعد بمتناول جميع الطلاب في مدينة حمص، ما دفع بعضهم للتجمع في مجموعات، ودفع أجرة الدرس بعد تقسيمه على الحضور.

ارتفاع أسعار الدروس الخصوصية

مع اقتراب موعد الامتحانات ترتفع أسعار ساعات الدروس الخاصة أكثر من الضعفين، ويُرجح ارتفاعها أكثر كلما اقترب الموعد أكثر.

ترتفع أجرة الدروس الخصوصية مع ارتفاع تكاليف المواصلات، وتكاليف المعيشة، وبالنسبة للمدرّسين، تعتبر الدروس الخصوصية مصدر رزقهم الأهم بسبب تدني أجورهم في المدارس الحكومية، التي لا تتعدى الـ80 ألف ليرة سورية شهريًا.

مدرّس الرياضيات محمد، قال لعنب بلدي، إن أسعار ساعات التدريس ارتفعت مع ارتفاع تكاليف التنقل وزيادة الطلب قبيل الامتحانات، لا أستطيع أن أعتمد على وسائط النقل العام، فهي بطيئة وتأخذ الكثير من الوقت.

“أعتمد إما على سيارتي الخاصة، وإما على التاكسي العمومي، أسعار البنزين ارتفعت، ثمن ليتر البنزين حوالي ستة آلاف ليرة، وأقل أجرة لطلب تاكسي تكلّف أكثر من خمسة آلاف ليرة، هذه المصاريف بثمن أجور ساعة التدريس الواحدة”، بحسب ما قاله المدرس الخصوصي.

تعتبر هذه الفترة موسمًا بالنسبة لمدرّسين يعتمدون غالبًا على الدروس الخصوصية لتحسين معيشتهم، وسط ارتفاع تكلفة معظم المواد الأساسية.

ووصل سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية إلى 3970 ليرة، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار الصرف والعملات الأجنبية.

مبادرات من قبل الطلاب

سمية (47 عامًا)، وهي من سكان مدينة حمص، قالت إن ابنها (الطالب في الثانوية) على موعد مع امتحانات مصيرية، بحسب تعبيرها لعنب بلدي.

“أسعار الدروس الخصوصية ارتفعت بشكل كبير في الفترة الأخيرة، ففي بداية العام كان أجر أستاذ الرياضيات عشرة آلاف في الساعة الواحدة، أما الآن فهو 35 ألف ليرة عند بعض المدرّسين، هذا غير الفيزياء والكيمياء وباقي المواد”، وفق ما قالته سمية، التي تعمل موظفة حكومية براتب شهري قدره 80 ألف ليرة سورية.

ارتفاع التكاليف وصل إلى الحد الذي صار فيه أغلب الأهالي عاجزين عن دفعها للمدرّسين، ما انعكس على المستوى العلمي للطلاب.

دفعت هذه الحالة المعيشية المتردية للأهالي الطلاب ليتجمعوا ضمن مجموعات صغيرة في بيت واحد منهم، وحضور الدرس مجتمعين وتقاسم أجرته.

التعليم الحكومي ضعيف

يلجأ أغلب طلاب الصفوف الانتقالية، وخصوصًا الشهادتين، إلى الدورات الخاصة أو إلى المعاهد والمدارس الخاصة المرخصة من قبل وزارة التربية والتعليم لتلقي المنهاج، بعد تدني المستوى التعليمي في المدارس الحكومية.

عمار (46 عامَا)، وهو أستاذ لغة إنجليزية في إحدى مدارس محافظة حمص، قال لعنب بلدي، إن “المدارس الحكومية تفتقد للجدية في التعليم، فأغلب الطلاب يعتمدون على المعاهد الخاصة أو الدروس الخصوصية، ما يزيد تسيّبهم في الصفوف”.

في هذه الحالة، بالكاد يحصل المدرس على راتب يكفيه أجور المواصلات، ما يفقده الدافع لتقديم رسالته التعليمية بأمانة، ناهيك بالالتزام الكامل بالدوام الصفي وعدم القدرة على التسيّب كما يحصل في باقي مؤسسات الدولة، وفق ما قاله المدرّس الذي طلب عدم الكشف عن اسمه الكامل لأسباب أمنية.

وتفتقد المدارس الحكومية للمقومات الأساسية بعد التدمير الذي طالها جراء العمليات العسكرية التي شنّها النظام السوري، خلال سيطرة فصائل المعارضة على أحياء في المحافظة، وأجبر هذا الواقع مديرية التربية على حصر الدوام في أبنية مدرسية مرممة، وقسمت الدوام لفترتين، صباحية ومسائية.

وقدّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عدد الأطفال المحرومين من التعليم في سوريا خلال عشر سنوات من الحرب، بأكثر من مليوني طفل.

ويعاني نظام التعليم في سوريا من إرهاق كبير، ونقص في التمويل، وهو نظام مجزّأ وغير قادر على توفير خدمات آمنة وعادلة ومستدامة لملايين الطلاب.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة