من يسرقها وأين تُباع؟

سرقات بالجملة للدراجات النارية في القامشلي

camera iconدراجة نارية في شوارع القامشلي (عنب بلدي/مجد السالم)

tag icon ع ع ع

لم يستغرق الأمر سوى “دقيقتين” أمضاها حسين العلي (42 عامًا) في أحد محلات البقالة في مدينة القامشلي، ليخرج بعدها ويجد أن الدراجة النارية التي استعارها من أحد صدقائها سُرقت “بلمح البصر”.

الرجل قال لعنب بلدي إن الدراجة المسروقة تعود لأحد أصدقائه، ولم يمض على شرائه لها سوى أسبوعين بمبلغ 800 دولار أمريكي، وهو الآن في حالة “لا يحسد عليها”، لأنه مضطر لتعويض صديقه بنحو ثلاثة مليون ليرة سورية (الدولار يعادل أربعة آلاف ليرة سورية تقريبًا)، على الرغم من أنه من ذوي الدخل المحدود ويعيش في منزل للإيجار.

وشهدت مدينة القامشلي وعموم مدن الحسكة زيادة كبيرة في حالات سرقة الدراجات النارية خلال الأشهر الماضية، إذ تُسجل قوى المرور في المدينة من خمس إلى عشر حالات سرقة لدرجات نارية أسبوعيًا في القامشلي، بحسب ما قاله موظف في شرطة المرور التابعة لـ”الإدارة الذاتية” (تحفظ  على ذكر اسمه لأسباب أمنية).

وأضاف الموظف لعنب بلدي أن معدّل سرقات الدراجات الآن “كبير جدًا” مقارنةً مع السنوات الماضية.

شكاوى دون فائدة

جابر الخليل (35 عامًا) من حي الكورنيش في مدينة القامشلي تعرض للسرقة أيضًا خلال الأسبوع الحالي.

وقال لعنب بلدي إنه كان في زيارة عائلية إلى والديه في المدينة، ووسيلة نقلة الوحيدة والرخيصة التي يعتمد عليها في قضاء حاجات المنزل هي دراجته النارية.

وبعد أن أمضى مع والديه نحو ساعة نزل من الطابق الثاني، حيث يسكن والداه، ليجد قفل دراجته النارية فقط (سلسلة معدنية تُعرف بالجنزير) مكسورًا ومرميًا على الرصيف.

لا يجد الشاب خليل أي فائدة من الشكوى التي قدمها إلى “قوى الأمن الداخلي” التابعة “للإدارة الذاتية”، فالشيء الوحيد الذي “أجبره” على ذلك هو الخوف من أن تستخدم دراجته النارية كمفخخة فيما وصفه بـ”العمليات الإرهابية”.

لذلك يعتبر أن تقديم بلاغ بسرقة دراجته يخلي مسؤوليته عنها بعد تاريخ السرقة.

وبحسب ما علمته عنب بلدي من عدة أشخاص تعرضوا للسرقة فإن عددًا قليلًا جدًا منهم أعيدت “دراجته النارية”.

من يسرق الدراجات وأين تباع؟

ميكانيكي الدارجات النارية محمد علي (30 عامًا) من القامشلي قال لعنب بلدي بحكم عمله في هذه المهنة منذ عدة سنوات أنه لا يمر أسبوع دون أن تعرض عليه دراجات مسروقة بأسعار رخيصة جدًا، وهو يرفضها، ومع ذلك يخشى التبليغ عنها مخافة التعرض للتهديد من قبل اللصوص.

وأضاف لعنب بلدي أن قوى الأمن الداخلي وأهالي المنطقة استطاعوا تحديد هوية السارقين، إلّا أن القوى لا تتحرك للقبض عليهم، رغم تُوزع مئات كاميرات المراقبة في أنحاء المدينة والعشرات من الحواجز.

وعن كيفية تصريف الدراجات المسروقة شرح محمد لعنب بلدي أن مناطق النظام تشكل السوق الرئيسة لتصريف هذه الدراجات المسروقة، باعتبارها خارج سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، أو أنها تأخذ إلى مدن أخرى بعيدة عن القامشلي تحت سيطرة “الإدارة الذاتية”.

إضافة إلى تغيير مواصفاتها الشكلية كاللون وإزالة أرقام المحرك والهيكل بواسطة محترفين و”دق” أرقام جديدة عليها، أو المبالغة في وضع إكسسوارات وزينة عليها حتى يصعب على صاحبها التعرف عليها.

وبعد ذلك تباع الدراجة المسروقة إلى أحد عناصر “قوى الأمن الداخلي” بسعر رخيص جدًا، وقد لا يعرف بأنها مسروقة فهو “لا يسأل” من أين أتى بها عند التسجيل، ولا يوقَّف عند الحواجز بغرض التفتيش والتدقيق في أوراق ملكية الدراجة النارية، حسب الميكانيكي محمد.

وينتشر استخدام الدراجة النارية بشكل كبير في مناطق ومدن محافظة الحسكة التي تعاني من أوضاع معيشية صعبة مع استمرار تدهور قيمة الليرة السورية، ويعتمد عليها الأهالي في التنقل داخل المدن كونها أرخص من وسائط النقل الخاصة الأخرى وفي نقل أطفالهم إلى المدراس.

وفي مدينة الحسكة تشكل الدراجة النارية مصدر رزق لآلاف الأسر إذ يقوم أصحابها بنقل السكان عليها مقابل أجور تتراوح بين 500 و800 ليرة سورية، وهي أجور رخيصة مقارنة مع وسائل النقل الخاصة الأخرى التي تتقاضى نحو 4000 ليرة سورية مثل التكاسي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة