هل تشرع المساعدات النقدية باب استغلال جديد للنظام السوري؟

camera iconملصق لصورة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، مكتوب عليها “معك” (تعلن التضامن معه) خارج أحد محلات العاصمة السورية دمشق- 16 من نيسان 2021 (رامي البستان)

tag icon ع ع ع

تظهر آلاف البيانات والتقارير وصول السوريين للحاجة القصوى للمساعدات الإنسانية التي يمكن أن تحدّ من التدهور المعيشي المستمر، وتخفف وطأة الجوع والفقر المدقع، بينما يواصل النظام السوري استغلال المساعدات الإنسانية بمختلف الوسائل والطرق اللاشرعية.

وفي وقت اعتبر فيه المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي، روس سميث، المساعدة النقدية شريان حياة لآلاف وفرصة لتوفير مرونة أكبر لتلبية احتياجاتهم على أفضل وجه وفقًا لأولوياتهم، أثار إعلان الاتحاد الأوروبي، الأحد 5 من حزيران، دعمه لبرنامج المساعدة النقدية للبرنامج مخاوف من احتمالية أن تكون المساعدات النقدية فرصة حقيقة لاستغلال أكبر من قبل النظام السوري.

النظام يستغل جميع الفرص

وثّقت العديد من التقارير والدراسات استغلال النظام السوري للمساعدات الإنسانية بمختلف الطرق والوسائل التي اعتمدها عند التعامل مع المساعدات العينية وسط مخاوف من أن يكون للنظام طرق مبتكرة للتعامل مع المساعدات النقدية.

الباحث الاقتصادي زكي محشي، قال، في حديث إلى عنب بلدي، إن المساحة باستغلال المساعدات النقدية يمكن أن تكون أكبر مقارنة بالعينية.

وأوضح الباحث أن إمكانية استغلال النظام للنوع المستحدث من المساعدات في مناطق سيطرته يمكن أن يكون مجديًا بشكل أكبر من خلال توجيه المبالغ النقدية المصروفة لما يصب بمصلحته.

كما يعمل النظام على استغلال المساعدات من خلال أسعار الصرف، حين يجبر المنظمات على تحويل المساعدات عن طريق البنك “المركزي” بسعر صرف أقل، وفق الباحث زكي محشي.

في المقابل يمتلك النظام طرقًا إضافية للاستفادة من المساعدات العينية، إذ يستغل المساعدات من خلال سعر الصرف وطريقة توزيعها إلى جانب إجبار المنظمات على التعامل مع الشركات والمؤسسات الداعمة له والمعاقبة دوليًا، إلى جانب التحكم بطريقة توزيع المساعدات بالاعتماد على موظفين من أجهزة النظام “القمعية”، مفروضين على المنظمات، بحسب الباحث زكي محشي.

واعتبر الباحث المشكلة الحقيقية في بنية النظام وليس نوعية المساعدات، موضحًا أن النظام لديه رغبة دائمة باستغلال المساعدات التي تضمن استدامة حكمه ولن تتأثر هذه الرغبة بنوعية المساعدات.

المساعدات النقدية.. شريان حياة

في ظل الحاجة الكبيرة للسوريين لا يبدو قطع المساعدات أو الحد من وصولها إلى مناطق سيطرته خيارًا قابلًا بالنسبة للمنظمات.

وخلال إعلان الاتحاد الأوروبي عن دعمه برنامج الدعم النقدي، قال المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات، يانيز ليناريتش، “بعد 11 عامًا من الأزمة، كان الاقتصاد المتدهور والحرب في أوكرانيا القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للعديد من العائلات السورية”، لافتًا إلى أن “المساعدات النقدية الطريقة الكريمة والأكثر فعالية لمساعدة ملايين السوريين الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية”.

من جهته أكد الباحث الاقتصادي زكي محشي، أن جميع المساعدات ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، لافتًا إلى أن فائدة النظام السوري من المساعدات مهما بلغ حجمها لا يمكن أن تغيّب عن المنظمات حجم الحاجة للمساعدات.

وأضاف الباحث أن خطوات الحد من استغلال النظام يجب أن تتخذ من قبل المنظمات من خلال فرض نظام رصد وتقييم حازم، موصيًا الاتحاد الأوروبي بالبدء بهذه الخطوة خلال تعاونه مع برنامج الأغذية العالمي.

وبلغت مساهمة الاتحاد الأوروبي نحو تسعة ملايين يورو من الاتحاد الأوروبي لدعم توسيع نطاق المساعدة النقدية لنحو 375 ألف سوري من الفئات الضعيفة التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

وفي 14 من شباط الماضي، كشف تقرير صادر عن مركز “الدراسات الاستراتيجية والدولية” في واشنطن (CSIS) أن النظام يتمتع بقبضة شديدة على وصول منظمات الإغاثة، بما في ذلك من خلال الموافقات على التأشيرات، لدرجة أنه صار من الطبيعي بالنسبة لأقارب كبار مسؤولي النظام الحصول على وظائف داخل هيئات الأمم المتحدة.

ووجد التقرير أن محمد حمشو، وهو رجل أعمال مقرب من “الفرقة الرابعة”، وماهر الأسد شقيق رئيس النظام، قد فازا بعقود مشتريات أممية لتجريد المعادن في المناطق التي استعادتها حكومة النظام، وإعادة تدويرها للبيع في شركة الحديد لتصنيع المعادن التي تعود ملكيتها له.

كما كشفت دراسة في كانون الأول 2021 أجراها باحثون من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، ومركز أبحاث مركز العمليات والسياسات، أن الأموال التي يحصل عليها النظام من عقود الأمم المتحدة واحدة من أكبر السبل لكسبه المال، الذي يعود لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، وحكومته.

وقالت الدراسة  إن البنك المركزي السوري، الخاضع للعقوبات الغربية، حقق مايقارب 60 مليون دولار أمريكي (44 مليون جنيه إسترليني) في عام 2020، من خلال جمع 0.51 دولار من كل دولار مقدم إلى المساعدات المرسلة إلى سوريا، موضحًا أن حكومة النظام السوري، تسحب ملايين الدولارات من المساعدات الخارجية من خلال إجبار وكالات الأمم المتحدة على استخدام سعر صرف أقل.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة