عين تركيا على منبج.. معركة مرتقبة قد تُكلّف “قسد” بوابتها التجارية الأهم

camera iconأحد مداخل مدينة منبج شمال شرقي محافظة حلب (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

يحاول عبد العليم (48 عامًا)، من سكان مدينة منبج، وهو صاحب معمل لإنتاج الدهانات ومواد العزل، التواصل مع أقرباء له في مدينة الرقة لتأمين مستودع واستئجاره لنقل بضائعه إليه، تحسبًا لتصعيد عسكري قد تشهده المنطقة.

ويتزامن ذلك مع ارتفاع وتيرة التصريحات التركية عن عملية عسكرية مرتقبة في المنطقة، لكن تحديد أردوغان المناطق المحتملة لتنفيذ العملية في منطقتي منبج وتل رفعت، زاد من حالة عدم الاستقرار في المنطقة.

وقال عبد العليم لعنب بلدي، عبر اتصال هاتفي، إنه يخشى بدء عملية عسكرية تركية في المدينة، وينوي نقل بضائعه إلى مكان آمن بعيدًا عن الحرب التي قد تكون مدينة منبج ساحتها.

تجار وأصحاب معامل ومنشآت صناعية، تواصلت معهم عنب بلدي، قالوا إن أي عملية عسكرية تركية في المدينة تثير مخاوفهم، إلى جانب ذلك، فإن العملية ستؤدي بطبيعة الحال إلى خسارة “الإدارة الذاتية” التي تسيطر على المدينة حاليًا، أحد أبرز مراكزها الاقتصادية والبوابة التجارية لشمالي وشرقي سوريا.

وأشار عبد العليم إلى أن مدينة منبج تحولت، بعد بدء الثورة السورية والمعارك التي شهدتها مدينة حلب وأريافها بين فصائل المعارضة وقوات النظام، إلى نقطة استقطاب للصناعيين، لا سيما بعد سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) عليها، والاستقرار النسبي الذي عاشته المدينة، مقارنة بالمناطق السورية الأخرى، خلال السنوات الأخيرة.

وأضاف عبد العليم أن معظم تجار المدينة وصناعيّيها، سواء من سكانها الأصليين أو الذين نزحوا إليها، يخشون اليوم من تحوّل المدينة إلى ساحة صراع من جديد، الأمر الذي سيؤدي إلى تدمير وتخريب مئات المنشآت الصناعية والمعامل الموجودة في المدينة.

وتقع مدينة منبج في ريف محافظة حلب الشرقي، وتغلب على تركيبتها السكانية الصبغة العشائرية، وتتابعت عليها جهات السيطرة، حال معظم مدن الشمال السوري، بعد خروجها عن سيطرة النظام السوري أواخر العام 2012، ودخول فصائل المعارضة إليها، ومن ثم تنظيم “الدولة الإسلامية”، لتعود إليها “قسد” مجددًا.

وخضعت مدينة منبج لسيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” في العام 2014، وبقيت تحت سيطرة التنظيم حتى دخلتها “قسد” منتصف عام 2016 بدعم من التحالف الدولي، إذ انسحب التنظيم باتجاه المناطق الأخرى التي كان يسيطر عليها في أرياف الرقة وحلب ودير الزور.

وتحولت المدينة تدريجيًا إلى نقطة استقطاب للصناعيين والتجار في المنطقة، بسبب الموقع الجغرافي للمدينة، وتوسطها مناطق النفوذ الثلاث في الشمال السوري، وقربها من الحدود التركية وطرق استيراد البضائع.

وترتبط منبج بمناطق سيطرة المعارضة السورية في الشمال السوري بمعبرين، هما معبر “أم جلود” شمال غربي المدينة ومعبر “عون الدادات” في ريفها الشمالي، وترتبط بمناطق النظام السوري بمعبر “التايهة” بالجهة الجنوبية الغربية من ريف منبج.

خسارة منبج “انتكاسة” لـ”قسد”

وقال مسؤول في “الإدارة الذاتية” لعنب بلدي، إن “الإدارة” لا تستبعد أن تكون منبج هي المدينة المقبلة التي تنوي تركيا مهاجمتها، خصوصًا بعد تصريحات للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ذكر فيها أن مدينتي منبج وتل رفعت هما الهدف المقبل للعملية العسكرية التركية.

وأقر المسؤول الذي تحفظ على اسمه لأسباب أمنية، بأهمية مدينة منبج لـ “قسد” من الناحية الاقتصادية والتجارية، وأن خسارة المدينة تعتبر “انتكاسة” بحد ذاتها، وستعقّد الوضع الاقتصادي السيئ أساسًا في مناطق شمالي وشرقي سوريا.

وتعتبر مدينة منبج، اليوم، بمنزلة العاصمة الاقتصادية لـ”قسد”، تدخل عبرها معظم المواد والبضائع إلى شمالي وشرقي سوريا، إضافة إلى وجود مئات المصانع التي تؤمّن حاجة السوق المحلية للعديد من المواد.

ونقلت وكالة “نورث برس“، في 7 من أيلول 2021، عن الرئيسة المشتركة لـ”لجنة الاقتصاد” في منبج، عبير العكلة، أن المدينة تعتبر نقطة استقطاب للصناعيين وأصحاب المنشآت الصناعية، بسبب موقعها الجغرافي، وأنها البوابة التجارية لشمالي وشرقي سوريا.

وبحسب العكلة، تضم المدينة منشآت صناعية لا توجد ببقية المناطق.

وتوجد في مدينة منبج وريفها نحو 488 منشأة صناعية، منها 160 منشأة تصنيع أغذية، و130 معملًا لصناعة “بلوك” البناء، و150 منشأة لصناعة الخراطيم وقوالب الثلج والدهانات، إضافة إلى مصنعين للأدوية، و11 غربالًا لتنقية البقوليات، ومعمل أكسجين، ومعمل لصهر الحديد.

منبج بالنسبة لتركيا

عن احتمالية تركيز العملية العسكرية على مدينة منبج شرقي حلب، قالت صحيفة “يني شفق” التركية، إن التقديرات التركية تشير إلى وجود أكثر من ثلاثة آلاف مقاتل من “PKK” فيها، مشيرة إلى زيادة أعدادهم من وقت لآخر.

كما يوجد في مدينة منبج أحد “مراكز تدريب الطائرات من دون طيار التابعة لحزب العمال”، بحسب الصحيفة.

وسبق أن قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في 1 من حزيران الحالي، إن بلاده بصدد الانتقال إلى مرحلة جديدة في قرارها المتعلق بإنشاء “منطقة آمنة” على عمق 30 كيلومترًا شمالي سوريا، و”تطهير منطقتي تل رفعت ومنبج من الإرهابيين”.

وبحسب ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية عن كلمة الرئيس التركي أمام أعضاء كتلة حزبه “العدالة والتنمية” في البرلمان التركي، فإن الذين يحاولون “إضفاء الشرعية على تنظيم (PKK) الإرهابي وأذرعه تحت مسميات مختلفة، لا يخدعون سوى أنفسهم”.

“الجهات التي تقدم السلاح للإرهابيين مجانًا وتمتنع عن بيعه لتركيا تستحق لقب دولة إرهاب لا دولة قانون”، بحسب ما قاله أردوغان، الذي أضاف أن “حلف شمال الأطلسي” (الناتو) مؤسسة أمنية وليس مهمته دعم التنظيمات “الإرهابية”.

وتأتي تصريحات الرئيس التركي بالتزامن مع تعزيزات لقوات النظام السوري، المدعومة من روسيا، مواقعها العسكرية المشتركة مع “قسد” المدعومة أمريكيًا على جبهات القتال مع فصائل “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا شمالي الرقة.

وتستهدف القوات العسكرية التركية مواقع لـ”قسد” التي تعتبرها امتدادًا لحزب “العمال الكردستاني” (PKK)، وبدورها ترد “قسد” باستهداف مناطق نفوذ “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا شمالي حلب.

في حين تحاول “قسد” زيادة تحالفاتها مع قوات النظام السوري عند كل حديث عن معركة تركية تستهدف مناطق نفوذها، لتعزيز موقفها العسكري على الصعيد الميداني.

 

شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في الرقة حسام العمر.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة