ترحيل أم “إعادة توزيع”.. سوريون في مخيم “مرعش” بانتظار “التقييم”

camera iconمخيم في ولاية كهرمان مرعش- وكالة الأنباء التركية (الأناضول)

tag icon ع ع ع

“نقلونا إلى المخيم دون إعلامنا مسبقًا، لا نعرف ما هو مصيرنا (…) بانتظار القرارات التي ستتخذها وزارة الداخلية التركية بحقنا”، هذا ما قاله لاجئون سوريون نُقلوا إلى مخيم بولاية كهرمان مرعش في الأيام الأخيرة الماضية.

بدأت الحكومة التركية منذ مطلع الأسبوع الماضي بنقل اللاجئين السوريين المخالفين الذين يقيمون على أراضيها إلى مخيمات بولايات مختلفة في البلاد.

وجاءت هذه الخطوة تطبيقًا لقرار سبق وأعلنت عنه الحكومة التركية، في 24 من شباط الماضي، عبر نائب وزير الداخلية التركية والمتحدث باسم الوزارة، إسماعيل تشاتاكالي، حول توجههم لعدم منح إقامة سياحية أو بطاقة “الحماية المؤقتة” للسوريين الوافدين حديثًا إلى تركيا.
وفي تفاصيل القرار، أفاد تشاتاكالي أنه “لن يتم منح بطاقة (الحماية المؤقتة) بشكل مباشر للسوريين غير المسجلين من الوافدين حديثًا من الآن فصاعدًا، وسنأخذهم إلى المخيمات ونحقق معهم فيها”، بحسب ما نقلته صحيفة “يني شفق” التركية.

الحكومة التركية متمثلة بوزارة الداخلية ومديرية إدارة الهجرة، المسؤولتين بشكل مباشر عن ملف اللاجئين في البلاد، أشارت إلى أن هذه القرارات والإجراءات تأتي ضمن الخطة المتبعة من قبلها للحد من الهجرة “غير الشرعية” إلى تركيا.
تواصلت عنب بلدي مع مركز التواصل للأجانب (YİMER)، التابع لمديرية إدارة الهجرة في تركيا، المخصص للإجابة عن الاستفسارات المتعلقة بالأجانب المقيمين في تركيا، للسؤال عن الإجراءات المتبعة مع اللاجئين السوريين الذين نُقلوا إلى المخيم.

المركز قال إن القرارات عائدة لمديرية إدارة الهجرة، وليس لديهم أي معلومات حول المدة التي سيبقى فيها السوريون في المخيم، أو الإجراءات المتبعة معهم في هذه الفترة.

حملة التفتيش تقتصر على ولاية اسطنبول

“أحمد” (23 عامًا)، لاجئ سوري يعمل في محل للحلاقة بولاية اسطنبول، حاصل على بطاقة “الحماية المؤقتة” من ولاية هاتاي، قبضت عليه قوات الأمن التركي في أثناء عمله ونقلته إلى مخيم “مرعش”.

“في أثناء وجودي بمحل الحلاقة الذي أعمل به في منطقة أسنيورت، جاءت قوات الأمن بباص إلى مكان عملي، وطلبوا كملكي (بطاقة الحماية المؤقتة)” مشيرًا إلى تعاملهم معه بكل احترام.

“بسبب وجودي في ولاية مخالفة للولاية التي استخرجت منها بطاقتي، فأنا أُعدّ مخالفًا، ولهذا السبب طُلب مني الصعود إلى الباص، ومن ثم أخذوا هاتفي المحمول”، روى “أحمد”، وهو اسم مستعار لأسباب أمنية، لعنب بلدي تفاصيل اقتياده من عمله.

“محمد” (19 عامًا)، سوري يعمل في متجر مواد غذائية باسطنبول، لا يملك بطاقة “حماية مؤقتة”، أوقفه حاجز للشرطة التركية وابن عمه الذي يعمل معه في أثناء ذهابهما إلى منطقة سلطان بيلي لتزويد المتجر بالبضائع.

وقال “محمد”، وهو اسم مستعار، “صادرت قوات الشرطة هواتفنا المحمولة، ونقلتنا إلى المخفر، وتم توقيفنا هناك حوالي ثماني ساعات”.

أما حسن (23 عامًا)، فقال لعنب بلدي في مكالمة هاتفية، إن قوات الأمن أبقت عليه في المخفر لمدة يوم كامل بعد أن أخذته من منزله، الذي هو عبارة عن سكن شبابي.

مصدر خاص في مديرية الهجرة بولاية بورصة شمال غربي تركيا، تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، قال لعنب بلدي، إن تعميمًا جاء إلى كل مديريات الهجرة في الولايات بصدد عدم منح بطاقة “الحماية المؤقتة”، مشيرًا إلى أن الهجرة في اسطنبول تنظم حملات أمنية في أنحاء الولاية على عكس بقية الولايات الأخرى.

وأضاف أن هذا القرار إداري تابع لكل دائرة هجرة على حدة، وهي التي تتخذ قرارًا بتنظيم حملات التفتيش على الأجانب والمخالفين أو عدمه.

مركز “توزلا” ثم المخيم

“عند وصولنا إلى مركز الأجانب في توزلا أُعيدت إلينا هواتفنا، لتؤخذ مرة أخرى بعد أن جرى فرزنا على الغرف، وأمضينا الليلة تلك في المركز، لننقل في اليوم التالي إلى مخيم (مرعش) بباصات”، يحكي “أحمد” قصة نقله ومجموعة من الأفراد الموجودين معه في المركز إلى المخيم.

“محمد” وهو الحالة الثانية التي تحدثت إليها عنب بلدي قال، “أُحلنا إلى مركز توقيف الأجانب في توزلا، دون أي توضيح من عناصر الشرطة حول مصيرنا”، في إشارة إلى عدم توضيح موظفي المركز سبب توقيفهم أو ما سيحصل معهم بعد التوقيف، وأضاف، “كان الفناء الذي وُضعنا فيه صغيرًا مكتظًا بأعداد الناس الموقوفين من جنسيات مختلفة، واستمرت فترة بقائنا في المركز نحو الـ12 ساعة، لننقل بعدها إلى المخيم”.

حسن أوضح لعنب بلدي، أنه وبعد نقله إلى مركز “توزلا” وبقائه فيه يومًا كاملًا، جرى ترحيله مع مجموعة من الموقوفين إلى مخيم “مرعش”، في حين أن القسم الآخر نُقلوا إلى مخيمات أخرى، لافتًا إلى أنه بعد وصولهم إلى المخيم، أُخذت بصماتهم من قبل القائمين على المخيم، للتأكد من وضعهم القانوني في البلاد، حول حصولهم على بطاقات “حماية مؤقتة” أو عدم وجود قيود سابقة لهم.

المصدر في الهجرة أوضح لعنب بلدي، أن المخالفين يجري نقلهم إلى مخيمات في ولايتي كهرمان مرعش و عثمانية، لدراسة ملفاتهم.

وكان وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، قال في تصريحات له، “سنأخذ الوافدين إلى أحد مخيماتنا الموجودة حاليًا في أضنة وعثمانية وكهرمان مرعش وكلّس وهاتاي”.

إرسال حامل “البطاقة” إلى ولايته

“أحمد” أفاد أنه بعد أن أمضى يومًا في المخيم، منحت إدارة المخيم كل من لديه بطاقة “حماية مؤقتة” إذن سفر مدته خمسة أيام ليعودوا إلى ولاياتهم.

المخالفون والوافدون حديثًا

بحسب تصريحات صويلو، فإن الوافدين إلى تركيا حديثًا سينقلون إلى المخيمات، ليتم تقييم ملفاتهم.

أما من تحدثت إليهم عنب بلدي، فهم أشخاص لم يدخلوا البلاد حديثًا، حيث قال حسن إنه مقيم في تركيا منذ ثمانية أشهر، أما “محمد” فقد مضى على إقامته في اسطنبول مدة سنة ونصف، ولكنهما لا يحملان أي وثائق، وليس لديهما قيد في إدارة الهجرة.

ووفق ما قالته مديرة الاتصال في “اللجنة السورية- التركية المشتركة”، إيناس نجار، في تقرير سابق أعدته عنب بلدي، فإن “قرار الهجرة يشمل القادمين من خارج تركيا حديثًا، بالإضافة إلى اللاجئين المخالفين الذين يقيمون في تركيا دون الحصول على بطاقات من قبل”.

عودة طوعية أو وثيقة مخيم

قال حسن، إن “مدير المخيم خَيّر السوريين الموجودين هناك إما بالبصم على العودة الطوعية إلى سوريا، وإما بالبقاء في تركيا”، وهؤلاء الأخيرون أُخذت بصماتهم ومعلوماتهم الشخصية، مشيرًا إلى اختياره البقاء والبصم، بينما اختار البعض العودة إلى سوريا.

وتابع، “تم منحنا وثيقة تحمل اسم نموذج تسجيل بصمة الإصبع والرقم الجنائي، وتحتوي على الاسم والكنية والصورة، بالإضافة إلى معلومات شخصية أخرى”.

وبحسب ما أفاد به حسن لعنب بلدي، فإن إدارة المخيم أخذت بصمات هؤلاء وأوضحت لهم أن هذه الفترة مؤقتة ريثما يتم منحهم بطاقة “الحماية المؤقتة”.

بينما قال “أحمد”، إنه ينتظر دوره في البصم على الوثيقة، التي لم يحصل عليها بعد.

مدة التقييم لم يعلَن عنها

بحسب ما نقله حسن و”محمد” لعنب بلدي، عن مدير مخيم “مرعش”، فإن مدة إقامتهم في المخيم، ومدة تقييم ملفاتهم غير واضحة، الأمر الذي أكدته مديرة الاتصال في “اللجنة السورية- التركية المشتركة”، إيناس نجار، وأوضحت أن من تنتهي مرحلة تقييم ملفهم بشكل إيجابي، سيتم توزيعهم على الولايات لمنح بطاقة “الحماية المؤقتة”، بينما من يُرفض طلبه سيجري ترحيله إلى مناطق الشمال السوري.

وأشارت إلى أن الهجرة تدرس ملفات هؤلاء على أساس أمني واجتماعي، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي.

وتداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في الأيام الماضية، أخبارًا عن توجه عدد من اللاجئين السوريين في ولاية أضنة جنوبي البلاد، إلى مديرية إدارة الهجرة للحصول على بطاقة “الحماية المؤقتة”، كما تناقل الناشطون أنباء نقل الهجرة اللاجئين الذين تقدموا بالطلبات إلى مخيم في ولاية كهرمان مرعش، بعد أخذ بصماتهم.

مديرية إدارة الهجرة في ولاية أضنة رفضت الإدلاء بأي تصريح لعنب بلدي عبر مكالمة هاتفية، حول المعلومات المتداولة عن الموضوع.

وأضافت أن الإجراءات التي تتبعها الهجرة تختلف من ولاية إلى أخرى.

وحتى الآن، لم تدلِ مديرية إدارة الهجرة أو وزارة الداخلية بأي تصريح حول تفاصيل نقل المخالفين والقادمين حديثًا إلى تركيا، أو عن مدة بقائهم في المخيم لدراسة ملفاتهم.

المصدر في هجرة بورصة قال لعنب بلدي، إن فترة التقييم من الممكن أن تتراوح بين الثلاثة والستة أشهر، مضيفًا أن إدارة الهجرة في أنقرة ستوضح جميع التفاصيل في بداية الشهر المقبل.

وفي 8 من حزيران الحالي، أعلنت السلطات التركية ترحيل 34 ألفًا و112 مهاجرًا، ممن دخلوا تركيا بشكل غير قانوني، منذ بداية العام الحالي.
وتستمر عمليات التفتيش المتعلقة بضبط المهاجرين “غير النظاميين” من قبل وحدات حفظ الأمن، إذ يجري إرسالهم إلى بلدانهم عبر رحلات الطيران، أو عبر الحدود.

ويقيم في تركيا ثلاثة ملايين و763 ألفًا و864 لاجئًا سوريًا، بموجب “الحماية المؤقتة”، بحسب أحدث إحصائيات المديرية العامة لرئاسة الهجرة التركية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة