“سوريا الأخرى.. صناعة الفن المعارض”.. عن تسخير الفن لخدمة السلطة

tag icon ع ع ع

يحاول كتاب “سوريا الأخرى.. صناعة الفن المعارض” للباحثة الأمريكية ميريام كوك، توثيق ملامح الحراك الثقافي والفني في سوريا خلال فترة تسعينيات القرن الماضي، وهي نفس الفترة التي زارت فيها الباحثة مناطق سورية عدة بين خريف عامي 1995 و1996.

يبرز من اسم الكتاب الذي صدر بنسخته الإنجليزية عام 2007 “سوريا الأخرى” الهدف الرئيس منه، وهو تسليط الضوء على النشاط الفكري والفني الذي نما خارج رقابة السلطة الحاكمة، وداخل بيئة مليئة بالحرية.

يتناول الكتاب (263 صفحة) الصادر باللغة العربية عام 2018، عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”، سياسات الرئيس السوري السابق حافظ الأسد التي كانت تتيح أحيانًا التعبير عن المشاعر المناهضة للحكومة من خلال رعاية أعمال بعض الفنانين والكتّاب، بقصد تحويل نقد الحكومة إلى سياسة رسمية تهدف إلى تنفيس الاحتقان.

ونتيجة لتلك السياسة، اضطر بعض الفنانين السوريين المعارضين إلى التأرجح بين الرغبة في انتقاد النظام الدكتاتوري في سوريا بشكل حقيقي، والمخاطرة بسلامتهم والخوف من استخدام النظام أعمالهم الفنية في الدعاية الحكومية التي كان يبرع الأسد في توظيفها بصيغة “النقد الموجه”.

يتضمّن الكتاب، الذي ترجمه الطبيب والباحث السوري حازم نهار، مقابلات أجرتها المؤلفة خلال فترة إقامتها في سوريا مع فنانين وأدباء سوريين معارضين، لتوضيح ملامح المشهد الثقافي في سوريا الذي كان من رواده محمد الماغوط، ونادية الغزي، وألفة الإدلبي، ومحمد ملص، وكوليت خوري، وممدوح عدوان، وسعد الله ونوس، وغادة السمان، وغسان الجباعي، وغيرهم.

ويتوزع مضمون الكتاب على ثمانية فصول، جميعها تهدف لمناقشة العنصر الرئيس المفقود في سوريا لممارسة دور إيجابي في حياة البشر من خلال الفن، وهذا العنصر هو الحرية، أي استقلالية النشاط الفني والثقافي عن السلطة الحاكمة والأحزاب السياسية والأيديولوجيات السائدة والمؤسسات الدينية والمصالح الطبقية.

ويكمن الهدف الأساسي للاستبداد بإنتاج العبيد، وإعادة إنتاجهم، الأمر الذي يمكّنه من المحافظة على مرتكزاته في المجتمع واستمرار تحكّمه بالسياسة والاقتصاد، والفن من الوسائل التي يطوّعها لتحقيق هذا الهدف.

وتذكر المؤلفة في كتابها أنه في عام 1963، منح القانون العرفي، المعدّل في عام 1970، السيطرة المطلقة للحكومة على الإنتاج الثقافي وتوزيع المعلومات، حيث نصت الفقرة الرابعة من قانون حالة الطوارئ على أن دائرة الرقابة تشمل “الرسائل والاتصالات بجميع أنواعها، والرقابة الصحفية، والنشرات الدورية، والرسوم، والمطبوعات، والبث ووسائل الاتصال جميعها، والترويج والدعاية قبل النشر، إضافة إلى الاستيلاء عليها ومصادرتها وإيقافها”.

ميريام كوك أكاديمية أمريكية متخصصة في دراسات الشرق الأوسط والعالم العربي، تركّز في كتاباتها على الأدب العربي الحديث، وإعادة تقييم الأدوار النسائية في المجال العام.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة