“فيلق الشام”.. دور شائك يخلط الأوراق العسكرية شمالي سوريا

camera iconعنصران في "فيلق الشام" على جبهات ريف حماة الشمالي- 17 أيلول 2017 (فيلق الشام)

tag icon ع ع ع

فتحت الاشتباكات والاقتتال بين مكوّنات في “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، في مناطق ريف حلب مؤخرًا، الباب واسعًا أمام اتهامات متبادلة فيما بينها، بالتواطؤ وتسهيل دخول “هيئة تحرير الشام” صاحبة النفوذ العسكري في إدلب إلى مناطق حلب بحجة “وقف الاقتتال”.

دخول أرتال عسكرية لـ”تحرير الشام” إلى ريف حلب عقب اشتباكات بين فصيل “أحرار الشام- القاطع الشرقي” (الفرقة 32) و”الفيلق الثالث” (الجبهة الشامية)، دون أن تمنعها الفصائل المرابطة على نقاط ريف حلب، وضع الفصائل في دائرة الاتهام بالتواطؤ، ولاسيما فصيل “فيلق الشام” الذي تنتشر مواقعه شمالي حلب.

أرتال “الهيئة” تشق الصفوف

توجّهت أرتال عسكرية تتبع لـ”تحرير الشام” نحو مناطق ريف حلب، من معابر يسيطر عليها فصيل “فيلق الشام”، ودخلت من معبر “الغزاوية” باتجاه منطقة عفرين شمالي حلب إلى قرية الباسوطة، بعدد تجاوز 400 آلية، ومن معبر معبر “دير بلوط” بعدد تجاوز 350 آلية.

مع ارتفاع حدة الاشتباكات بين “الفرقة 32” و”الفيلق الثالث”، والتي استمرت يومًا ونصف يوم، بدأت في 18 من حزيران الحالي، وأسفرت عن تسجيل قتلى ومصابين لم يعلن عن توثيقهم من مصدر رسمي، ظهرت الاتهامات بين الفصائل.

ترافق دخول أرتال “تحرير الشام” بموجة من الاتهامات و”التخوين” التي طالت “فيلق الشام”، حول تواطؤ الفصيل مع “الهيئة” وفتح الطريق أمامها للدخول إلى مناطق شمال حلب و”البغي” على فصائل “الجيش الوطني” الموجودة فيها.

وفي 19 من حزيران الحالي، أصدرت “الهيئة” بيانًا ذكرت فيه أنها دفعت بكل قوة لإيقاف ما يجري من اقتتال، وأن تدخّلها جاء “منعًا لجر الساحة إلى جولات اقتتال داخلي عبثية”، بالإضافة إلى “الضغط على الأطراف لضرورة التفاهم وتحكيم لغة العقل، بعيدًا عن لغة السلاح”.

عنصر في “فيلق الشام” على جبهات ريف حلب الجنوبي – 9 تشرين الثاني 2017 (فيلق الشام)

تراشق اتهامات

من جهته أصدر “فيلق الشام” بيانًا في 20 من حزيران الحالي، ذكر فيه أنه وقّع سابقًا اتفاقية “دفاع مشترك” مع فصائل “الجيش الوطني” لصد أي “عدوان” تتعرض له المنطقة من أي طرف، حفاظًا عليها وعلى أهلها وأمنها، و”تقوية لشوكة فصائل (الجيش الوطني) حتى لا يتم الاستفراد بالفصائل واحدًا واحدًا”، حسب البيان.

وقال الفصيل إنه أبلغ “الجيش الوطني” ومكوناته (الفيالق الثلاثة) بالحشود العسكرية وطلب منهم إرسال قوى وتعزيزات للمنطقة، وقوبلت طلباته باكتفاء الفصائل البقاء بمناطق سيطرتها وترك “فيلق الشام” وحيدًا في منطقة مساحتها 30 كيلومترًا تفصل بين منطقتي إدلب وعفرين.

وانتقد الفصيل اتخاذ “الفيلق الثالث” قرار شن هجوم على “الفرقة 32” دون إبلاغ “فيلق الشام” أو مشاورته فيه، مع نصيحة الأخير لـ”الفيلق الثالث” بتنفيذ أي قرار يصدر عن لجان الإصلاح عبر المؤسسات المختصة بعيدًا عن لغة القوة والقتال.

وتساءل الفصيل عن بقاء “الجيش الوطني” في وضع “المتفرج” وترك “فيلق الشام” وحيدًا في مواجهة ليس للثورة السورية فيها أي “فائدة أو مصلحة”، حسب وصفه، مشيرًا إلى اتفاق عقب وصول الأرتال العسكرية لـ”تحرير الشام”، للسماح بدخولها إلى مقرات “أحرار الشام” ضمن منطقة عفرين دون الانتشار في البلدات والقرى.

الأرتال تابعت طريقها باتجاه عفرين بترفيق من فصائل تتبع لـ”الجيش الوطني” في منطقتي الباسوطة وجنديرس، بحسب بيان “فيلق الشام”، الذي أكّد أن هذه الفصائل لم تقف على الحياد بل كانت مساعدى لـ”تحرير الشام”.

“فيلق الشام” يتنصل

بيان “فيلق الشام” ذكر أن “الفصيل” تفاجأ بالتفاف الأرتال بقيادة “هيئة تحرير الشام “ودخولها إلى منطقة عمليات “غصن الزيتون” (مدينة عفرين وريفها) عبر الخط العسكري.

وأضاف أن “الهيئة” حاصرت عددًا من نقاط الرباط مع حاجز عسكري لـ”فيلق الشام” في قرية باصوفان، ثم توجهت للدخول إلى منطقة باعي ومنها وصولًا إلى حاجز “الفيلق” في منطقة الغزاوية والاستيلاء عليه بالقوة العسكرية.

وجرت عملية الالتفاف بحسب “فيلق الشام” بعد إغلاقه الطرق أمام الأرتال العسكرية ومنعها من الوصول إلى بعضها والاقتتال وسفك الدماء، محاولًا حقن الدماء وإفساح المجال للحل العقلاني بين الفصائل المتناحرة، حسب تعبيره.

“فيلق الشام” ذكر أن نقاط تمركزه تمتد من الساحل غربًا وحتى منطقة جرابلس شرقًا، ويمتلك أكبر عدد من نقاط الرباط في شمال غربي سوريا، وتوجد معظم قواته ومقاتليه في مناطق المهام العسكرية في منطقة إدلب.

لا يمكن الخوض في أي اقتتال داخلي أو مهاترات جانبية دون تأمين وحماية المقاتلين، حسب بيان “فيلق الشام”، وتأمين نقاط الرباط من أي محاولة اختراق قد يستغلها “أعداء الثورة “في مثل هكذا ظروف وخلافات واقتتالات داخلية.

عناصر في “فيلق الشام” على جبهات ريف اللاذقية- 2 أيلول 2017 (فيلق الشام)

من هو “فيلق الشام”

من 19 فصيل وجماعة إسلامية معارضة في سوريا، شُكّل فصيل “فيلق الشام” في 10 من آذار 2014، وعملت هذه المجموعات على مساحات واسعة من الأراضي السورية ابتداءً من محافظة حلب شمالًا وصولًا إلى العاصمة دمشق.

ألوية الحمزة – لواء أبي عبيدة بن الجراح – لواء التمكين – لواء هنانو – لواء حطين

لواء عباد الرحمن – لواء الفرقان – تجمع صقور الإسلام – لواء المجاهدين – كتائب الأمجاد

لواء الفاتحين – لواء أشبال العقيدة – لواء مغاوير الإسلام – لواء أسود الإسلام – لواء سهام الحق

لواء نصرة الإسلام – لواء مغاوير الجبل – لواء الإيمان إدلب – لواء أنصار إدلب

وتركّزت قوات الفصيل بشكل كبير في إدلب وحماة وحمص، وكان هدفه بحسب بيان التشكيل “توحيد صفوف” فصائل المعارضة والدفاع عن “الدين والأهل” واستعادة كامل الأراضي السورية من النظام السوري.

في 24 من آذار 2015، شُكّل “جيش الفتح” الذي أخرج مدينة إدلب من قبضة النظام السوري خلال أربعة أيام في 28 من آذار العام نفسه، وكان فصيل “فيلق الشام” جزءًا من هذا التشكيل، وتسلّم ياسر عبد الرحيم القيادة الميدانية لـ”فيلق الشام”.

في 26 من نيسان 2015، انضم “فيلق الشام” إلى جانب ست مجموعات أخرى متمركزة في حلب وهي “أحرار الشام ، جيش الإسلام، تجمع فاستقم، جبهة الشام، كتائب ثوار الشام، كتائب فجر الخلافة”، لتشكيل غرفة عمليات “فتح حلب”، وعُيّن ياسر عبد الرحيم قائدًا عسكريًا لغرفة العمليات، والذي احتفظ بمنصبه حتى استعادت قوات النظام وحلفائها السيطرة على حلب بأكملها في كانون الأول 2016.

وفي تشرين الأول 2015 اعتبر معهد “دراسة الحروب” أن “فيلق الشام” واحد من “سماسرة السلطة” في سوريا، ويتلقى دعمه خارجيًا من تركيا أولًا ثم قطر، يليها “الأخوان المسلمون”.

وصنّفته الدراسة على أنه فصيل “سياسي إسلامي” يقاتل النظام السوري بالإضافة لقتاله ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة”.

عنصران في “فيلق الشام” على جبهات ريف حلب الجنوبي – 25 تشرين الثاني 2017 (فيلق الشام)

تاريخ شائك

بعد سلسلة اقتتال داخلي قادتها “هيئة تحرير الشام” (النصرة، وجبهة فتح الشام سابقًا) على العديد من الفصائل العسكرية، منها المواجهات العسكرية ضد حركة “نور الدين الزنكي” في ريف حلب الغربي، في تشرين الثاني 2017، ظهرت أصابع اتهام لـ”فيلق الشام” بالمساندة والتواطؤ مع “الهيئة”.

فصيل “الزنكي” كان يعتبر حينها من أبرز فصائل محافظة حلب وريفها، وأحد المكونات الأساسية لـ”الجبهة الشامية” سابقًا، كما كان له حضوره في تأسيس “جيش المجاهدين”، لكنه سرعان ما انفك عنه، واتهم فصيل “فيلق الشام” بمساندة “الهيئة” في هجومها على ريف حلب الغربي، وتسليمها مناطقه التي يسيطر عليها “الزنكي”.

وقال الشرعي في “الزنكي”، حسام أطرش، في 11 من تشرين الثاني 2017، إن “الفيلق” سلّم حواجزه في الريف الغربي لـ “تحرير الشام” وقدّم سياراته لتتنقل فيها وتنفذ عمليات الاختراق والانغماس داخل جبهات “الزنكي”.

وأضاف أن “الفيلق” منح “الهيئة” مهمات رسمية بختمه لاختراق مناطق “الزنكي” وتنفيذ العمليات الانغماسية، تبعها بساعات نفي “الفيلق” تسليم حواجزه لـ “الهيئة” والمشاركة معها وتسهيل مرور عناصرها إلى مناطق سيطرة “الزنكي”.

وقال “الفيلق” في بيان رسمي حينها إن قوات “فيلق الشام” في المنطقة “وضعت الحواجز على الطرقات ومناطق الاشتباك القريبة، ومنعت مرور الأرتال وأغلقت الممرات وحيدت البلدات والقرى الآمنة من المعارك”، وطالب الأطرش بإثباتات لما اتهم به “فيلق الشام”.

وبالعودة إلى المواقف السابقة اتخذ “الفيلق” موقفًا محايدًا من المواجهات العسكرية بين الفصائل في الشمال السوري، بينها الاقتتال الأبرز بين “حركة أحرار الشام الإسلامية” و”الهيئة”.

عنصر في “فيلق الشام” على جبهات ريف حلب الجنوبي – 25 تشرين الثاني 2017 (فيلق الشام)

فصيل مقرّب من تركيا

شارك “فيلق الشام” في العملية العسكرية التي أطلقتها تركيا في مدينة عفرين شمالي حلب عام 2018 والتي تُعرف بعملية “غصن الزيتون” بقيادة الرائد ياسر عبد الرحيم، الذي كان عضوًا رئيسيًا في غرفة العمليات، لكن فُصل من منصبه كقائد دون توضيح الأسباب، وحل مكانه القيادي خلدون مدور المعروف بـ”أبو جميل”، في 7 من شباط 2018، بعد حوالي 18 يومًا من إطلاق العملية.

ولم يعلّق عبد الرحيم على قرار عزله واكتفى بتصريح مقتضب فحواه طمأنة الآخرين على أنه بخير، من خلال حسابه الرسمي على “تويتر” دون اتهامات لأحد، وانضم بعدها ياسر عبد الرحيم إلى “فيلق المجد” التابع لـ”الجيش الوطني” في أيار 2018، إلى جانب عشرة فصائل أخرى شمال غربي سوريا.

ويعتبر “فيلق الشام” أحد أكثر الفصائل العسكرية قربًا من تركيا، وكان يرافق الأرتال التركية والدوريات في إدلب، والدوريات المشتركة الروسية- التركية على الطريق الدولي حلب- اللاذقية (M4)، التي جاءت كأحد أبرز بنود اتفاق “موسكو”، الموقّع في 5 من آذار 2020، بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين.

وتجمع غرفة عمليات “الفتح المبين” التي تدير العمليات العسكرية في إدلب، كلًا من “هيئة تحرير الشام” و”جيش العزة”، و”الجبهة الوطنية” التي ينضوي تحت رايتها “الفيلق”.

يحكم “فيلق الشام” ويقوده مجموعة رجال متمثلين بأعضاء الهيئة السياسية في “الائتلاف السوري”، متمثلين بهيثم رحمة، ومنذر سراس، ونذير الحكيم، وهم من وضعوا الخطوط العريضة منذ تشكيله، واستمروا في توجيهه عسكريًا وميدانيًا وفي المسارات السياسية، والتركيز على ضم الضباط المنشقين وتسليمهم مناصب قيادية حساسة.

ويعتبر منذر سراس، الملقب بـ”أبو عبادة”، القائد العام لـ”فيلق الشام”، من مواليد مدينة حمص 1963، ويشغل أيضًا حاليًا منصب عضو الهيئة السياسية في “الائتلاف الوطني”، وكان رئيس اللجنة السياسية لوفد “أستانا”.

ويشغل منصب القائد العسكري لـ”فيلق الشام” فضل الله الحجي، المعروف بـ”أبو يامن”، ويشغل حاليًا منصب قائد “الجبهة الوطنية للتحرير”، كما يشغل منصب الشرعي العام لـ”فيلق الشام”، عمر حذيفة، الذي يعتبر أحد مسؤولي الصف الأول عن اتفاقيات التهدئة ووقف الاقتتال بين “هيئة تحرير الشام” وبقية الفصائل.

ويضم الفصيل العديد من الأسماء على المستوى العسكري والميداني، وتشغل مناصبًا في المجلس العسكري لـ”الفيلق”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة