ملعونون إذا فعلوا.. وملعونون إذا لم يفعلوا ذلك

ما معنى أن تعلن “الصحة العالمية” “جدري القرود” حالة طوارئ عالمية

camera iconصورة لشعار منظمة الصحة العالمية عند مدخل مبنى المنظمة في جنيف، سويسرا- 20 من كانون الأول 2021 (رويترز)

tag icon ع ع ع

عقدت منظمة الصحة العالمية اجتماع لجنة الطوارئ، الخميس 23 من حزيران، للنظر فيما إذا كان التفشي المتصاعد لـ”جدري القرود” يستدعي إعلان حالة طوارئ عالمية.

وقالت المنظمة، إن أي قرارات تتخذها لجنة الطوارئ، سيتم الإعلان عنها اليوم، الجمعة 24 من حزيران، وفقًا لوكالة “أسوشيتد برس“.

أعرب بعض الخبراء عن قلقهم من أن قرار المنظمة بالتصرف فقط بعد انتشار المرض في الغرب يمكن أن يرسخ التفاوتات البشعة التي نشأت بين الدول الغنية والفقيرة خلال جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).

يشير إعلان “جدري القرود” على أنه حالة طوارئ عالمية، إلى أن منظمة الصحة التابعة للأمم المتحدة تعتبر تفشي المرض “حدثًا غير عادي”، وأن المرض معرض لخطر الانتشار عبر المزيد من الحدود، ما قد يتطلب استجابة عالمية.

كما أنه سيمنح “جدري القرود” نفس التمييز، مثل جائحة “كورونا” والجهود المستمرة للقضاء على شلل الأطفال.

وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، وصف وباء “جدري القرود”، الذي تم تحديده في أكثر من 40 دولة، معظمها في أوروبا، بأنه “غير عادي ومثير للقلق”.

إعادة تجربة “كورونا”

حتى إذا أعلنت منظمة الصحة العالمية أن “جدري القرود” يمثّل حالة طوارئ عالمية، فمن غير الواضح ما هو التأثير المحتمل لذلك.

في كانون الثاني 2020، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن “كورونا” حالة طوارئ دولية، بعد أسابيع من قيام العديد من السلطات الأخرى بذلك، وهي اللحظة التي بدؤوا فيها باتخاذ إجراءات حقيقية لمحاولة احتواء فيروس “كورونا”، والتي ثبت أن الأوان قد فات لإحداث فرق.

بالإضافة إلى ذلك، فإن منظمة الصحة العالمية في وضع غير مستقر بعد جائحة “كورونا”، وفقًا لأستاذة الصحة العالمية المساعدة في كلية لندن للاقتصاد كلير وينهام، وفق ما نقلته وكالة الأنباء “رويترز“.

وأضافت وينهام أنه إذا أعلنت المنظمة حالة طوارئ ولم تتحرك الدول، فقد يقوّض ذلك دور الوكالة في السيطرة على المرض العالمي، قائلة، “إنهم ملعونون إذا فعلوا، وملعونون إذا لم يفعلوا ذلك”.

حتى أيار الماضي، لم يتسبب “جدري القرود” في حدوث نفشٍّ كبير خارج إفريقيا، ولم يعثر العلماء على أي تغييرات جينية كبيرة في الفيروس، وقال أحد كبار مستشاري منظمة الصحة العالمية، إن زيادة الحالات في أوروبا من المحتمل أن تكون مرتبطة بالنشاط الجنسي بين الرجال المثليين وثنائيي الجنس.

ومع ذلك، يحذر العلماء أي شخص على اتصال وثيق بشخص مصاب، أو أن ملابسهم أو ملاءاتهم معرضة لخطر العدوى بغض النظر عن ميولهم الجنسية.

حتى الآن، أكدت “المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها” أكثر من ثلاثة آلاف و300 حالة إصابة بالمرض، في 42 دولة لم يُشاهد فيها الفيروس عادة، وكانت أكثر من 80% من الحالات في أوروبا، بينما شهدت إفريقيا أكثر من 1400 حالة هذا العام، بما في ذلك 62 حالة وفاة.

انتقادات سمراء

انتقد عالم الفيروسات النيجيري أويويل توموري، الذي يشارك في العديد من المجموعات الاستشارية لمنظمة الصحة العالمية، تحرك المنظمة في هذا الوقت، قائلًا، “من المثير للفضول بعض الشيء أن المنظمة اتصلت بخبرائها فقط عندما ظهر المرض في البلدان البيضاء”.

وأضاف، “لو أن المنظمة قلقة حقًا بشأن انتشار (جدري القرود)، لكان بإمكانها تشكيل لجنة الطوارئ قبل سنوات عندما ظهر مرة أخرى في نيجيريا عام 2017، ولم يعرف أحد سبب ظهور مئات الحالات فجأة”.

وفقًا لمسؤول في مجلس العلاقات الخارجية لمنظمة الصحة، ديفيد فيدلر، فإن اهتمام المنظمة الجديد بـ”جدري القرود” وسط انتشاره خارج إفريقيا، يمكن أن يؤدي عن غير قصد إلى تفاقم الانقسام بين الدول الغنية والفقيرة، الذي شوهد خلال جائحة “كورونا”.

قال فيدلر، “قد تكون هناك أسباب مشروعة لقيام منظمة الصحة بإطلاق ناقوس الخطر فقط عندما ينتشر (جدري القرود) إلى الدول الغنية، ولكن إلى الدول الفقيرة، يبدو هذا وكأنه معيار مزدوج”.

وأوضح أن المجتمع العالمي لا يزال يكافح لضمان تلقيح فقراء العالم ضد فيروس “كورونا”، وأنه من غير الواضح ما إذا كان الأفارقة يريدون لقاحات ضد “جدري القرود”، بالنظر إلى الأولويات المتنافسة مثل الملاريا وفيروس نقص المناعة البشرية.

قال عالم الأوبئة ونائب المستشار في جامعة “كوازولو ناتال” بجنوب إفريقيا، سالم عبد الكريم، إن منظمة الصحة وغيرها يجب أن تبذل المزيد من الجهود لوقف “جدري القرود” في إفريقيا وأماكن أخرى، لكنه لم يكن مقتنعًا بأن إعلان الطوارئ العالمي سيساعد.

وأشار عبد الكريم إلى أن “هناك فكرة خاطئة مفادها أن إفريقيا هي هذه القارة الفقيرة التي لا حول لها ولا قوة، في حين أننا في الواقع نعرف كيف نتعامل مع الأوبئة”، وأوضح أن وقف تفشي المرض يعتمد في النهاية على أشياء مثل: المراقبة وعزل المرضى وتثقيف الجمهور.

وأضاف، “ربما يحتاجون إلى لقاحات في أوروبا لوقف (جدري القرود)، لكن هنا، تمكنّا من السيطرة عليه بإجراءات بسيطة للغاية”، حسب قوله.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة