عبد الله حنا يتقصّى الأجواء الاجتماعية المؤثرة في نشوء الأحزاب السورية

tag icon ع ع ع

يتحدث كتاب “صفحات من تاريخ الأحزاب السياسية في سوريا” للكاتب عبد الله حنا، كما يشير عنوانه، عن جميع الأحزاب السياسية خلال مرحلة زمنية تمتد طوال القرن الـ20 من تاريخ سوريا، وتلامس في بعض المحاور مطلع القرن الـ21.

يقدم الكتاب (592 صفحة)، الصادر عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” عام 2018، نبذة مختصرة عن مختلف الأحزاب وتوجهاتها، ومقدار تأثيرها وفاعليتها على الأرض، مع عدم الدخول في تفاصيل تأسيسها أو فشلها وحلها، بالإضافة إلى تقصي الأجواء الاجتماعية المؤثرة، ويقصد الكاتب في تلك الأجواء الاجتماعية، البنية الاجتماعية وجانبها الطبقي خصوصًا.

التشديد على دراسة الوضع الاجتماعي المتزامن مع عمل الأحزاب السياسية سببه “إهمال معظم الباحثين العرب الجوانب الاقتصادية- الاجتماعية في مجريات الحوادث السياسية”، بحسب رأي الكاتب.

والعوامل الاجتماعية تتمثّل في البنية الإقطاعية والرأسمالية المتأثرة بالاستعمار، والاقتصاد النفطي الذي رسّخ، من وجهة نظر الكتاب، دعائم الدولة الأمنية في سوريا من جهة، وساعد على سرعة انتشار الإسلام السياسي وأحزابه من جهة أخرى.

كما أن القطاع العام السوري يملك أدوارًا سلبية في إدخال البلد بحالة من البيروقراطية التي أسهمت بتقليص دور الأحزاب.

وحتى منتصف القرن الـ19 في الشرق الأوسط ومنها سوريا، كانت الأيديولوجيا الدينية الصوفية هي الأفكار السائدة بين الناس، ومع بداية تكوّن البرجوازية كطبقة اقتصادية- اجتماعية بفضل الاتصال بأوروبا الرأسمالية، أخذت الأفكار البرجوازية تنتشر بصورة محدودة بين النخب، وبالتالي فإن النهضة العربية قامت متأثرة بالعامل الخارجي الأوروبي البرجوازي، خصوصًا في مرحلة ثورة “الاتحاد والترقي”، وإزاحة حكم السلطان عبد الحميد عام 1909، ما مهّد الأجواء لظهور الأحزاب بوجه أكثر حداثة.

وفي مرحلة الانتداب الفرنسي وما لحقه من الاستقلال، كانت تعيش سوريا حياتها السياسية بحرية سمحت للسياسيين بتشكيل التكتلات والأحزاب المعارضة للسلطة، وكان هناك سعي للحكم البرجوازي الإقطاعي، وفي نهاية خمسينيات القرن الماضي، شهد البلد صعود الفئات الوسطى، وتولّي الطبقة العاملة الناشئة دورًا في الحياة السياسية.

ثم جاءت مرحلة الوحدة (قصيرة الأجل) بين سوريا ومصر، التي مُنعت فيها الأحزاب، وأخذت أجهزة المخابرات والمباحث تشدّد قبضتها على دعاة الحرية، ممهدة الطريق للحكم الشمولي وفصل السياسة عن المجتمع، الذي برز مع انقلاب حزب “البعث” عام 1963، الذي استخدم الحكم العسكري للوصول إلى السلطة.

ولم يتناول الكتاب الأحزاب الكردية، كون “البحث في نشاط هذه الأحزاب وتتبع مسارها منذ تأسيس أول حزب كردي في سوريا عام 1957 ليسا بالأمر السهل (…) ومن حق الأحزاب الكردية أن يُخصص لها في هذا الكتاب باب كامل”.

ويعد الكاتب السوري عبد الله حنا من الكتّاب المتخصصين بتاريخ الفلاحين في سوريا وحركات العمال فيها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة