في تركيا.. الحلّاقون السوريون تحت مقصّ الشهادة الحرفية

camera iconبعض من معدات الحلاقة الرجالية في أحد الصالونات بمدينة اسطنبول- 28 من حزيران 2022 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

تُعتبر حرفة الحلاقة للرجال من أكثر المهن التي يُنظر إليها على أنها مهنة مربحة وسهلة الممارسة بالنسبة للسوريين في تركيا، وشهدت السنوات العشر الماضية إقبالًا لافتًا من اللاجئين السوريين على افتتاح صالونات للحلاقة في مناطق ومدن متفرقة.

وكانت لحرفة الحلاقة حصتها من فرض القوانين التي قيّدت عمل اللاجئين في تركيا، والتي اختلفت باختلاف المناطق وكثافة اللاجئين السوريين المقيمين في هذه المناطق، فنالت ولاية اسطنبول الحصة الكبرى من هذه القوانين التي عاقت عمل ممتهنيها، وفي الولايات والمدن الأخرى، التي تشهد وجودًا أقل للاجئين السوريين كولاية هاتاي، كانت القيود أقل، ولم تشهد أوضاع الحلّاقين تغيرًا قياسًا بما شهدوه في اسطنبول.

وسائل إعلام تركية تناولت خلال السنوات الماضية عمل السوريين في الحلاقة، ونشرت صحيفة “Sözcü” التركية تقريرًا حمل عنوان، “انتشار الحلّاقين السوريين في تركيا وضع أقرانهم من الأتراك في مأزق”.

لا عمل لحملة الشهادة السورية

حاله كحال العاملين في الحرف الأخرى، يحتاج الحلّاق إلى شهادة تثبت دراسته للمهنة لمدة زمنية مُعيّنة وإتقانه الكامل لها، ليُمنح تصريحًا للعمل بها وافتتاح محله الخاص، القانون الذي فُرض في سوريا سابقًا، ودفع بالحلّاقين إلى الحصول على هذه الشهادات وفق القانون السوري.

إلا أن هذه الشهادات غير معترف بها في تركيا، بحسب حلّاقين ممن قابلتهم عنب بلدي في ولايتي اسطنبول وهاتاي، وجرى توحيد القانون في هذا الشأن ليشمل جميع الولايات التركية، التي رفضت عمل السوريين بشهاداتهم السورية.

مشكلة الاعتراف دفعت الحلّاقين السوريين إلى التسجيل في دورات “التدريب المهني” التي تقدمها المعاهد الحرفية التركية، ولم يحالف الحظ الجميع، إذ لم تُمنح هذه الشهادات لكثيرين حتى بعد التخرج، نظرًا إلى اختلاف الولايات التي حاولوا التقدم فيها.

“أبو هيثم” حلّاق سوري يملك صالونًا للحلاقة في مدينة أنطاكيا بولاية هاتاي التركية، قال لعنب بلدي، إنه تمكّن من استخراج الشهادة الحرفية التركية بعد تدريب استمر لعدة أشهر في معهد حكومي، ما مكّنه لاحقًا من افتتاح محله الخاص دون عوائق قانونية أو تقييد، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

أما محمد الحلّاق، وهو شاب ثلاثيني يملك صالونًا للحلاقة في اسطنبول بشكل غير قانوني بسبب عدم امتلاكه الشهادة الحرفية، فقال إن أصدقاء له لم يحصلوا عليها حتى بعد انتهائهم من التدريب المهني.

القيود تؤثر على العاملين في هذا القطاع، رغم أن تركيا خففت من القيود التي كانت تفرضها على دورات التدريب المهني العام الماضي، بحسب ما نقلته جريدة “صباح” التركية، حيث ألغت وزارة التربية التركية مطلبًا رئيسًا عن اللاجئين السوريين الموجودين تحت “الحماية المؤقتة”، لمساعدتهم أكثر على “الاندماج في الحياة العملية والاقتصادية في تركيا”.

وبحسب الصحيفة، فإن تخفيف الحكومة التركية القيود على التقدم لهذه الدورات، هدفه زيادة نسبة الطلاب السوريين المسجلين إلى ما لا يقل عن 10%، بعد أن كانت النسبة 2% فقط.

قيود تدفع للالتفاف على القانون

يرتفع صوت طقطقة مقصّ الحلّاق محمد في أثناء حديثه إلى عنب بلدي داخل صالونه، حيث يسرد المصاعب التي تواجه هذه الفئة من الحرفيين عند محاولتهم بدء عملهم الخاص، وأهمها مشكلة الشهادة.

ويلجأ الحلّاقون، ومنهم محمد، إلى استئجار شهادة من أحد الحلّاقين الأتراك المتوقفين عن العمل، بمبالغ تصل إلى عشرة آلاف ليرة تركية، مقابل استخدامها لعام كامل، إلا أن هذه الطريقة لها مخاطرها، ومن الممكن لدوريات الشرطة التابعة لبلدية اسطنبول أن تدخل إلى صالون الحلاقة وتطلب رخص وأوراق المالك الثبوتية.

تسجيل محمد صالونه الخاص باسم مالك الشهادة التركي لا يقنع دوريات البلدية، و”من المحتمل أن يطلب منك الشرطي إغلاق المحل إلى حين حضور مالك الشهادة”، بحسب ما قاله محمد.

وتابع أن الشرطة زارت الصالون مرتين في وقت سابق، وفي كلتا المرتين أخبرهم أنه عامل في هذا الصالون الذي يملكه حلّاق تركي (صاحب الشهادة)، وهو ما يدفعهم لغض النظر عن انتظار صاحب الشهادة.

لكن لو قرر عناصر الدورية إغلاق المحل مؤقتًا إلى حين حضور صاحب الشهادة فيمكنهم ذلك بالطبع، بحسب محمد.

يشير التقرير الذي أصدرته صحيفة “Sözcü” التركية عام 2018، إلى أن عدد الحلّاقين السوريين المُسجلين لدى “غرفة الحلّاقين في اسطنبول” بلغ 60 حلّاقًا سوريًا فقط، بينما رجحت أن يكون العدد أكبر من ذلك بكثير.

وأشارت الصحيفة إلى أن أحد مجالات العمل التي يمارسها السوريون في تركيا، بشكل “غير قانوني”، هو مهنة الحلاقة، على خلاف عدد كبير من المهن والشركات التي أُسست بشكل قانوني خلال السنوات الماضية.

معوقات أخرى

من الأمور التي يرى محمد أنها مصدر للإزعاج في حال دخول أي دورية شرطة تابعة للبلدية إلى صالون الحلاقة الخاص به، بحثهم عن رخص أخرى لامتلاك مواد التجميل وبعض مصففات الشعر.

ويملك محمد عددًا من الرفوف على الجدار المعاكس لكرسي الحلاقة، وُضعت عليها عشرات الأنواع من مواد التجميل وتصفيف الشعر.

وسبق أن سُئل عن وجود مواد التجميل هذه، وعن رخصة امتلاكها، وقال بشأنها إنها للاستخدام الشخصي، وليست لغرض التجارة والبيع.

ويشتكي محمد إرسال الحلّاقين الآخرين أشخاصًا بصفة زبائن، لسؤاله عن تسعيرة الحلاقة لديه، التي يحددها بمبلغ 30 ليرة تركية أو 35 في بعض الأحيان، وهو ما يعتبر مُخالفًا للقانون، إذ حددت الحكومة التركية تعرفة الحلاقة بـ90 ليرة تركية، وهو ما يتقاضاه جيرانه من الأتراك.

تعرض محمد لشكاوى عديدة من قبل المنافسين، بتهمة تخفيض الأسعار والإضرار بالسوق، إلا أن ضررًا لم يحصل، بسبب عدم وجود دليل يستدعي اتخاذ إجراء بحقه.

رفوف تحمل مواد للتجميل وتصفيف الشعر في صالون حلاقة- 29 من حزيران 2022 (عنب بلدي)




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة