جفاف ينابيع في ريف درعا الغربي يهدد السكان بالعطش

camera iconمضخات مياه "عيون العبد" في بلدة العجمي ريف درعا الغربي- 9 من آب 2021 (عنب بلدي/ حليم محمد)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- حليم محمد

أثار جفاف عدة ينابيع في ريف درعا الغربي مخاوف السكان من أزمة في الحصول على مياه الشرب، وخاصة مع قدوم فصل الصيف.

في مطلع حزيران الماضي، جفت ينابيع “عيون العبد” في قرية “العجمي”، التي تغذي القرية بمياه الشرب، كما تغذي كلًا من بلدات زيزون، وعموريا، والجعارة.

وسبقه جفاف ينابيع “زيزون” و”المزيريب”، وينابيع “البجة” شمالي مدينة نوى، التي توصل مياه الشرب لنحو 20 ألف نسمة.

كما تراجع منسوب عيون “الساخنة” لمستويات تنذر بقرب جفافها، وهي تعتبر المصدر الوحيد لمياه الشرب، وتخدم بلدات الفوار وتل شهاب وسابقًا نهج وطبريات، أي ما يقارب 15 ألف نسمة من السكان.

وفي 22 من حزيران الماضي، وجهت صفحة “تل شهاب ديرة هلي” عبر “فيس بوك”، “نداء عاجلًا” طالبت فيه الوجهاء بالتدخل الفوري لمنع استنزاف مصادر النبع من استجرار غير مشروع، وردم الآبار المحيطة بالنبع.

الينابيع مصادر رئيسة لمياه الشرب

تعتبر مياه الينابيع المصدر الرئيس الآمن لمياه الشرب في محافظة درعا، فبدائلها من مياه الصهاريج أو الآبار مكلفة وغير آمنة، لأن المياه الصادرة عنها تخضع لتعقيم آلي بمادة الكلور.

عبد الرحمن (55 عامًا) من سكان بلدة تل شهاب، قال لعنب بلدي، إن جفاف عيون “الساخنة” سيدخل البلدة في حالة جفاف ونقص بمياه الشرب، تجبرها على الاعتماد على مياه الآبار غير الصالحة للشرب لأن بعضها “كلسي” وبعضها الآخر “كبريتي”.

من جهته، قال خالد (35 عامًا) من سكان بلدة زيزون، لعنب بلدي، إنه بعد جفاف ينابيع “زيزون”، نفذت مديرية المياه بضغط من “الفرقة الرابعة” التابعة لقوات النظام السوري، خط دفع من عيون “العبد” في بلدة العجمي إلى “زيزون” لإرواء معسكر “زيزون” الذي كان مركز تدريب “أغرار للفرقة الرابعة”.

وبحسب خالد، استطاع هذا المشروع إرواء البلدة، ولكن جفاف عيون “العبد” أدخل البلدة في أزمة عطش جديدة لا مفر منها سوى مياه الآبار.

كما حرم جفاف ينابيع “البجة”، شمال مدينة نوى، القسم الشمالي من مدينة نوى مياه الشرب، بحسب ما أوضحه عبد المجيد (45 عامًا) من سكان مدينة نوى، مضيفًا أن الخلل الأكبر يكمن في شبكة المياه المربوطة بهذه الينابيع، بالإضافة إلى أن المدينة تعاني أساسًا من نقص حاد بمياه الشرب منذ عام 2011، الأمر الذي أجبر السكان على الاعتماد على مياه الصهاريج للشرب.

حفر “عشوائي” للآبار

أدى حفر الآبار العشوائي إلى تدمير عروق المياه العذبة التي تتجه للينابيع، في ريف درعا الغربي، ومع كثرة حفر الآبار بدأت غزارة مياه الينابيع بالتراجع حتى أدت إلى الجفاف الكامل في معظم الآبار.

عبد الكريم (55 عامًا) موظف سابق بمديرية الموارد المائية في مدينة درعا، قال لعنب بلدي، إن الحكومة كانت تمنع سابقًا حفر الآبار دون ترخيص مسبق، خاصة في حرَم الينابيع والبحيرات التي تغذي المناطق بمياه الشرب.

لكن بعد عام 2011، بدأ السكان بحفر الآبار بشكل عشوائي، بحسب عبد الكريم، الأمر الذي يقطع عرق المياه الجاري أو يدفعه لأعماق الأرض أكثر، ما أدى إلى خلل في عروق تغذية الينابيع حتى جفت بشكل شبه كامل.

وأوضح عبد الكريم أن الآبار في السابق كان لا يتعدى عمقها 25 مترًا تحت الأرض، بينما وصل اليوم إلى أكثر من 200 متر، وهو عمق كفيل بأن يدمر حوامل الطاقة بالنسبة للينابيع، التي هي سطحية بمعظمها.

أربعة آلاف بئر مخالفة

في تموز 2020، أرجع مدير الموارد المائية بدرعا، منير العودة، في حديث إلى الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا)، جفاف بحيرة “المزيريب” إلى وجود أكثر من 100 بئر في الحرَم المائي للبحيرة.

وقدّر العودة عدد الآبار المخالفة في محافظة درعا بحوالي أربعة آلاف بئر، أسهمت في جفاف 13 نبعًا في المحافظة.

عبد الرحمن من سكان بلدة تل شهاب، أوضح لعنب بلدي أن الاستجرار غير المشروع “بقصد الزراعة” من مصدر الينابيع سبب رئيس أيضًا في عدم كفاية المياه لمضخات مياه الشرب.

وبحسب عبد الرحمن، فإن معظم مزارعي البلدة ركبوا منظومات طاقة شمسية على الآبار، لتأمين ساعات تشغيل متواصلة خلال ساعات النهار.

تحذيرات دولية من خطر فقدان مياه الشرب

تخضع محطات مياه الشرب لنظام تعقيم آلي بمادة الكلور، ما يؤمّن مياهًا صحية لسكان البلدات، وهذا ما سيفتقده أهالي ريف درعا الغربي، لأن مياه الصهاريج ومياه الآبار لا تخضع للتعقيم.

وفي آب 2021، حذرت منظمات إغاثة دولية من أن ملايين الأشخاص في سوريا والعراق معرضون لخطر فقدان الوصول إلى المياه والكهرباء والغذاء، وسط ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستويات المياه بشكل قياسي، بسبب قلة هطول الأمطار والجفاف.

وبحسب ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس” عن المنظمات، فإن الدولتين بحاجة إلى تحرك سريع لمكافحة النقص الحاد في المياه، كما سيؤدي الجفاف أيضًا إلى تعطيل إمدادات الكهرباء، إذ يؤثر انخفاض مستويات المياه على السدود، ما يؤثر بدوره على البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك المرافق الصحية.

ومطلع تشرين الأول 2021، قالت “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” في تقرير لها حول وصول المياه الصالحة للشرب إلى السكان في سوريا، إن النزاع المستمر منذ أكثر من عشر سنوات أدى إلى إضعاف الوصول إلى الخدمات الأساسية في سوريا، بما في ذلك الوصول إلى المياه الصالحة للشرب.

فقبل عام 2010، كان 98% من سكان المدن و92% في المجتمعات الريفية يتمتعون بإمكانية موثوقة للحصول على المياه الصالحة للشرب، أما اليوم فالوضع مختلف، إذ تعمل 50% فقط من أنظمة المياه والصرف الصحي بشكل صحيح في جميع أنحاء سوريا.

وأفاد التقرير أن مسببات أزمة المياه عديدة ومعقدة، إلا أن الأمر الوحيد الواضح هو أنها من النتائج المباشرة وغير المباشرة للصراع المستمر.

وتضررت أنظمة المياه بسبب العنف، كما لم يتم إجراء الصيانة المناسبة، وفي بعض الحالات، فقدت المرافق ما بين 30 و40% من الموظفين الفنيين والمهندسين اللازمين للحفاظ على عمل الأنظمة، إضافة إلى مغادرة الكثير من الخبراء سوريا، بينما تقاعد آخرون دون أن يكونوا قادرين على تدريب ونقل المعرفة إلى جيل الشباب الجديد، بحسب التقرير.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة