ثلاثة أسباب لانخفاض قيمة اليورو.. ما التوقعات؟

عملة من فئة 100 يورو (يورونيوز)

camera iconعملة من فئة 100 يورو (يورونيوز)

tag icon ع ع ع

انخفضت قيمة اليورو إلى أدنى مستوى لها منذ 20 عامًا، لتتساوى مع الدولار الأمريكي اليوم، الأربعاء 13 من تموز، وذلك بعد أيام على انخفاضه.

وفي 5 من تموز الحالي، انخفض اليورو ليبلغ 1.033 دولار أمريكي، معمقًا خسائر العملة الأوروبية حينها بنسبة 8%، مقابل الدولار.

ونقلت وكالة “رويترز” حينها عن رئيس أبحاث الأسواق العالمية في “MUFG”، ديريك هالبيني، قوله، إن “مخاطر انزلاق أوروبا إلى الركود تتزايد بعد قفزة كبيرة أخرى بنسبة 17% بأسعار الغاز الطبيعي في كل من أوروبا وبريطانيا”.

الباحث الاقتصادي والأستاذ الجامعي الدكتور مخلص الناظر، أوضح في حديث إلى عنب بلدي، أن وراء انخفاض قيمة اليورو ثلاثة أسباب رئيسة.

ويتمثّل السبب الأول بالفرق الكبير بين السياسة النقدية “التشددية” التي يتبعها البنك الفيدرالي الأمريكي، وسياسة “التيسير” النقدي التي يستمر فيها البنك الأوروبي منذ حوالي عشر سنوات، بحسب الناظر.

ورفع البنك الفيدرالي الأمريكي قيمة الفائدة تقريبًا لـ1.75 نقطة، ومن المفترض أن ترتفع غالبًا نحو 75 نقطة أخرى في اجتماعه المقرر في 27 من تموز الحالي.

وبالتالي ستصبح قيمة الفائدة على الدولار 2.5%، بينما لا تزال قيمة الفائدة (سالبة) لدى البنك الأوروبي وتعادل -0.5، موضحًا أن هذا الفرق أسهم في أن يرتفع مؤشر الدولار، وينخفض مؤشر اليورو.

روسيا والغاز

كما يعتبر السبب الرئيس الثاني وراء انخفاض قيمة اليورو، بحسب الناظر، احتمالات ركود وتوقف نمو الاقتصاد الأوروبي خاصة بعد قطع الغاز عن طريق أنبوب “نورد ستريم- 1″، الذي أُغلق مؤقتًا لـ”الصيانة”، لكن هذا الإغلاق يرافقه العديد من المخاوف المتعلقة بعدم استئناف ضخ الغاز فيه، الأمر الذي ستنتج عنه أزمة “ضخمة جدًا” توقف الإنتاج في القطاعات الصناعية، خاصة تلك التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة كصناعة السيارات والمعادن والصلب.

ومنتصف حزيران الماضي، خفضت روسيا إمدادات الغاز إلى خمس دول في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا، أكبر اقتصاد في الكتلة التي تضم 27 دولة، وتعتمد بشكل كبير على غاز موسكو لتوليد الكهرباء وصناعة الطاقة، ردًا على قرارها فرض عقوبات على “الكرملين” بسبب “غزو” أوكرانيا.

وقطعت شركة “غازبروم” الروسية العملاقة للطاقة الإمدادات عبر خط أنابيب “نورد ستريم- 1” الذي يمر تحت بحر البلطيق من روسيا إلى ألمانيا، وهو خط أنابيب الغاز الطبيعي الرئيس في أوروبا.

ويُستخدم الغاز الطبيعي في العديد من الصناعات الكثيفة الاستهلاك للطاقة، بالإضافة إلى صناعة الزجاج والصلب، التي تواجه تكاليف أعلى واستخدامًا متكررًا، ما يساعد على إبطاء الاقتصاد الأوروبي.

من جهته، قال المدير التنفيذي لـ”وكالة الطاقة الدولية”، فاتح بيرول، إن التخفيضات بالإمدادات في الأسابيع الأخيرة، التي عزاها “الكرملين” إلى أعمال الصيانة، يمكن أن تكون في الواقع بداية تخفيضات أوسع تهدف إلى منع ملء مرافق التخزين استعدادًا لفصل الشتاء، حيث تسعى روسيا إلى كسب نفوذ على المنطقة.

انخفاض الثقة بالاقتصاد الألماني

بينما يتعلق السبب الثالث لانخفاض اليورو، بالبيانات “السلبية” التي صدرت عن الاقتصاد الألماني خلال الأيام الماضية، بحسب ما يراه الدكتور مخلص الناظر، موضحًا أن الاقتصاد الألماني هو الاقتصاد الأكبر في أوروبا.

فقبل أيام، أظهر تقرير لمكتب الإحصاء الفيدرالي في ألمانيا (Destatis)، أن البلاد سجلت في أيار الماضي عجزًا في الميزان التجاري بلغ مليار يورو، وهو رقم يسجل لأول مرة منذ عام 1991.

كما أوضح الناظر أن بيانات المستثمرين الألمان حول انخفاض مستوى ثقتهم بالاقتصاد الألماني إلى أدنى مستوى تقريبًا منذ عام 1994، هي التي أوصلت اليورو إلى نقطة التكافؤ مع الدولار.

وأمس، الثلاثاء، أصدر معهد “ZEW” بيانات مؤشري ثقة الاقتصاد في ألمانيا وكافة أوروبا، وقد أظهرت البيانات سلبية المؤشرات بصورة ملحوظة خلال شهر حزيران الماضي، مقارنة بتوقعات الأسواق، إذ شهد مؤشر ثقة الاقتصاد في ألمانيا انكماشًا لنحو 53.8 نقطة على خلاف توقعات الأسواق بانكماش ثقة الاقتصاد في ألمانيا إلى 40.6 نقطة فقط.

ما التوقعات؟

من المفترض أن يرفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة، لوقف انخفاض اليورو، وذلك في اجتماعه المقرر عقده في 21 من تموز الحالي، بحسب ما يتوقعه الدكتور مخلص الناظر.

ويرى الناظر أنه حتى رفع أسعار الفائدة قد لا يفيد اليورو كثيرًا، لأن التضخم هو من جهة “العرض السلعي” الذي ينتج عن ارتفاع التكاليف، ليس كالحاصل في الولايات المتحدة الأمريكية الناتج عن طبع عملة الدولار وضخها بالأسواق، إذ تلعب قيمة الفائدة في هذه الحالة دورًا مهمًا ليس كالحالة الأوروبية.

ويعاني البنك الأوروبي من مشكلة تاريخية، على اعتباره اتحادًا نقديًا ليست لديه ذراع مالية، وبالتالي من الصعب إيجاد خلطة تناسب 19 دولة، تختلف من حيث طبيعة الاقتصاد وطبيعة الإمكانيات وطبيعة الأزمات.

واعتبر الناظر أن البنك الأوروبي يعاني من أزمة في اتخاذ القرار، ففي حال عدم رفعه للفائدة سيرتفع التضخم بشكل كبير، ما سيؤدي إلى انخفاض اليورو أكثر.

بينما في حال شدد السياسة النقدية ورفع الفائدة، فإن ذلك قد يدفع دول جنوب القارة كاليونان وإسبانيا وإيطاليا إلى ركود وشلل اقتصادي كبير، إذ يعتبر اليورو الضعيف جدًا مفيدًا لهذه الدول، التي تعاني من ديون كبيرة، كونه يشجع السياحة، ويدفع إلى تحسن صادراتها.

وأكد الناظر أن اليورو يتعرض حاليًا لضغط “مهول” أمام الدولار الذي يعتبر اليوم بأقوى حالاته تقريبًا منذ 20 سنة، الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع مؤشر الدولار في حال رفع الفيدرالي الأمريكي الفائدة لقيم أعلى، وبالتالي ستكون قيمة الدولار أعلى من اليورو.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة