مصافحة ابن سلمان.. رقصة السيف.. القمة في جدة.. هل يُستقبل كأسلافه؟

علامات استفهام ترافق زيارة بايدن إلى السعودية

Biden and mbs

camera iconرسم توضيحي للرئيس الأمريكي، جو بايدن، وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان حاملًا منشارًا في أثناء رقصة السيف المعتادة (آن تيلنايس/ واشنطن بوست)

tag icon ع ع ع

من دولة بلا قيمة اجتماعية، إلى “شريك استراتيجي” للولايات المتحدة، كان هذا المدى الذي قطعته المملكة العربية السعودية في نظر الرئيس الأمريكي، جو بايدن، منذ أن أدى “الغزو” الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في ثماني سنوات.

تدهورت العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بشكل كبير منذ تولي بايدن الرئاسة عام 2021، لكن الموقف الأمريكي أُعيد توجيهه، مع اقتراب زيارة بايدن الأولى إلى السعودية اليوم، الجمعة 15 من تموز.

تعرض الرئيسان السابقان باراك أوباما ودونالد ترامب، عند زيارتهما إلى السعودية، للسخرية لانحنائهما للملك السعودي، حتى إن ترامب صنع التاريخ باختيار المملكة العربية السعودية في أول زيارة رئاسية له، والتي تميزت برقصات السيف التقليدية.

إلى جدة وليس الرياض

يحرص بايدن على حفظ ماء الوجه من خلال تصميم “رقصة البصريات” بعناية، في تناقض صارخ مع أسلافه، فهو لن يذهب حتى إلى العاصمة السعودية، الرياض، ويختار بدلًا من ذلك عقد قمة متعددة الأطراف مع القادة الإقليميين في مدينة جدة، والرسالة التي يريد بايدن إيصالها من مكان انعقاد القمة، أن هذه الزيارة ليست زيارة دولة، وفقًا لشبكة “CNN“.

سيقوم كلا الجانبين، السعودي والأمريكي، بتدوير الرحلة من أجل مصلحتهما السياسية الخاصة، لكن لغة الجسد والمصافحات والبيانات العامة ستكون أكثر دلالة، ومن المتوقع ألا يُستقبل بايدن برقصة السيف التقليدية.

ألقت الأسئلة حول الاجتماع في السعودية بظلالها على رحلة بايدن إلى الشرق الأوسط، ورفض مستشارو البيت الأبيض الإفصاح عما إذا كان بايدن سيصافح ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان.

وأوضحوا أن بروتوكولًا جديدًا للحد من المصافحة الرئاسية يهدف إلى حماية بايدن من فيروس “كورونا”، لكنه وفقًا لصحيفة “واشنطن بوست“، فإن هذا البروتوكول يمنح بايدن أيضًا وسيلة لتجنب مصافحة ابن سلمان.

ماذا عن خاشقجي؟

أمس الخميس، رفض بايدن الإفصاح عما إذا كان سيضغط على القادة السعوديين بشأن مقتل الصحفي السعودي والمعارض السياسي جمال خاشقجي، ما يشير إلى منعطف متوتر وغير مؤكد في مواجهة عالية المخاطر لبايدن مع مسؤولين من دولة تعهد بعزلها بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان.

ودافع بايدن عن قراره بزيارة السعودية وحضور الاجتماع الذي سيضم شخصيات سعودية بارزة، من بينها ولي العهد محمد بن سلمان، الزعيم الفعلي للبلاد، الذي خلص مجتمع المخابرات الأمريكية إلى أنه وراء مقتل خاشقجي عام 2018.

وقال بايدن ردًا على سؤال خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، “كانت آرائي بشأن خاشقجي واضحة بشكل قاطع وإيجابي، ولم ألتزم الصمت بشأن الحديث عن حقوق الإنسان”.

وأضاف، “السبب في ذهابي إلى المملكة العربية السعودية هو تعزيز المصالح الأمريكية بطريقة أعتقد أن لدينا فرصة لإعادة تأكيد نفوذنا في الشرق الأوسط”.

بعد أقل من شهر من رئاسته، قال البيت الأبيض، إن بايدن سيتفاعل مع السعودية على مستوى رأس الدولة، حيث سيُعاد ضبط العلاقة مع المملكة، وكان مفاد الرسالة، أن محمد بن سلمان سيُنبذ، وأن التعامل سيكون مع الملك فقط.

في الشهر الماضي، قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، إن موقف الرئيس بشأن السعودية “لا يزال قائمًا”، ردًا على سؤال أحد المراسلين حول ما إذا كان بايدن يعتبر المملكة “منبوذة”.

وفي حديثه باليوم الثاني من رحلته التي تستغرق أربعة أيام إلى الشرق الأوسط، قال بايدن، إن تنفير السعوديين سيضر بالمصالح الأمريكية في وقت تخوض فيه الولايات المتحدة صراعًا عالميًا على النفوذ مع موسكو وبكين.

وأشار إلى أن “هناك الكثير من القضايا على المحك. أريد أن أتأكد من أنه يمكننا الاستمرار في القيادة بالمنطقة وعدم خلق فراغ، فراغ تملؤه كل من روسيا والصين”.

انتقد فريد رايان، ناشر صحيفة “واشنطن بوست“، بايدن بسبب ذهابه إلى جدة على ركبة منحنية لمصافحة يد “منبوذة ملطخة بالدماء”، حسب قوله.

وأدان ناشطون حقوقيون السعودية لارتكابها مجموعة متنوعة من الانتهاكات بخلاف مقتل خاشقجي، بما في ذلك قمع وتعذيب المعارضين وشن حرب وحشية في اليمن.

قال بروس ريدل، المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية والبيت الأبيض، وهو الآن زميل بارز في معهد “بروكينغز”، “تجنب بايدن أي التزام بإثارة مقتل خاشقجي على وجه التحديد مع السعوديين، بما في ذلك محمد بن سلمان، لذا فقد اختفى أي ادعاء بالمساءلة”.

وقال نائب رئيس السياسة في معهد “الشرق الأوسط” بواشنطن، بريان كاتوليس، إن “فريق بايدن انتقل من مرحلة المراهقة هذه إلى مرحلة أكثر نضجًا بقليل، لسنا سعداء بذلك، ولكن ما الذي ستفعله أيضًا”.

وأضاف كاتوليس، “ليس الأمر كما لو كنت ستتمكن من طرد الرجل، لذلك علينا الاستفادة القصوى من موقف صعب للغاية، سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط مليئة بالعديد من الأمثلة على ذلك”.

أسعار الطاقة على رأس الأولويات

في مواجهة أسعار الغاز المرتفعة والتضخم الذي يرتفع بأسرع وتيرة في الولايات المتحدة، منذ عام 1981، يحتاج بايدن إلى تسويق رحلته محليًا على أنها تصب في مصلحة الجمهور الأمريكي، وهو ما أكده البيت الأبيض، من أن الزيارة “ستحقق نتائج للشعب الأمريكي”.

لكن الإدارة الأمريكية حريصة أيضًا على تبديد الفكرة القائلة إن بايدن يذهب إلى المملكة العربية السعودية من أجل المزيد من النفط.

وفقًا للبيت الأبيض، ستناقش الطاقة، بالنظر إلى أن السعودية ترأس منظمة “أوبك” للدول المنتجة للبترول، وستنقل الإدارة “وجهة نظرها العامة” بأن هناك حاجة إلى “توفير إمدادات كافية في السوق العالمية”.

يُصر منتجو النفط الخليجيون، بقيادة السعودية، على عدم وجود نقص بإمدادات النفط في السوق العالمية، واختاروا التمسك بتحالف “أوبك” مع روسيا للسيطرة على الإنتاج.

الرياض على مفترق طهران وتل أبيب

أصيبت السعودية بالإحباط بسبب ما تعتبره تراجع اهتمام الولايات المتحدة بأمنها، عندما قُصفت منشآت النفط السعودية في هجوم عام 2019، وألقت إدارة ترامب باللوم فيه على إيران، اختارت الولايات المتحدة عدم التصرف، رغم أن الهجوم أدى إلى أكبر قفزة في أسعار النفط على الإطلاق.

كما بدأت السعودية بتعزيز علاقاتها العسكرية مع خصم واشنطن، الصين، وهي خطوة أثارت دهشة “الكونجرس”.

في الأشهر الأخيرة، صعّدت الولايات المتحدة من خطابها الداعم لأمن الخليج، لكنها أبقت على حظر بيع الأسلحة الهجومية للمملكة منذ شباط 2021، بسبب حربها في اليمن.

تسعى السعودية إلى استراتيجية قابلة للتطبيق للتعامل مع إيران بالإضافة إلى الالتزامات الأمنية الأمريكية في حالة فشل المحادثات النووية مع طهران، وفق ما قاله مسؤولون أمريكيون لشبكة “CNN”.

وتشهد العلاقات بين إسرائيل والسعودية، اللتين لا تربطهما علاقات دبلوماسية رسمية، تحسنًا باطراد، ويظهر ذلك جليًا في فتح السعودية أجواءها “لجميع الناقلات الجوية” ومنها الإسرائيلية، قبل ساعات من وصول بايدن إلى المملكة اليوم، قادمًا من تل أبيب.

من جهته، أوضح محمد بن سلمان أنه لا ينظر إلى إسرائيل على أنها عدو، بل ينظر إليها على أنها “حليف محتمل، له العديد من المصالح التي يمكننا متابعتها معًا”، حسب قوله.

وفقًا للمسؤول الأمريكي، فإن الإدارة بحاجة إلى “تجاوز” مقتل الصحفي السعودي والمعارض السياسي جمال خاشقجي، “من أجل تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط”.

لم يسبق أن زار بايدن الشرق الأوسط كرئيس منذ توليه المنصب، وأكد في البداية أنه سيركز سياسته الخارجية على مواجهة الصين، التي يعتبرها أكبر تهديد طويل الأمد للمصالح الأمريكية، وسرعان ما وجد نفسه يتعامل مع “الغزو” الروسي لأوكرانيا، الذي أجبره على اتخاذ خطوات تقارب جدية تجاه الشرق الأوسط، لتعزيز دوره الداخلي في مكافحة التضخم وارتفاع أسعار النفط.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة