بوتين يرد على بايدن في سوريا

tag icon ع ع ع

إبراهيم العلوش

القمة الثلاثية التي أعلن عنها “الكرملين” والتي تُعقد في طهران عن الموضوع السوري، تأتي بعد أيام قليلة من زيارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى المنطقة، وتأتي مستعجلة بعد سنتين من التأجيل، وهي تضم أطراف “أستانة” التي ترعى مع نظام الأسد استمرار الحرب في سوريا.

في 19 من تموز الحالي، تُعقد القمة الروسية- الإيرانية- التركية في طهران، لمناقشة الموضوع السوري، كما أعلنت الدول الثلاث في بياناتها التي تدّعي إعادة السلام في سوريا، وهذه القمة تتجاهل النظام السوري وتبتعد عن إضفاء الشرعية عليه، رغم أن روسيا وإيران من أبرز داعمي النظام والخراب الذي يخلّفه كل يوم في الدولة السورية.

أراد بوتين في إعلانه المستعجل عن القمة، التي تم تأجيلها خلال السنتين الماضيتين عدة مرات، أن يرد على زيارة بايدن إلى المنطقة، وأن يظهر نفوذه الدولي عبر إعادة الموضوع السوري كأحد إنجازاته التي تدرب فيها على التخريب، قبل أن يتورط في الحرب الأوكرانية التي لن تكون بسهولة حربه في سوريا مهما حاول الظهور بمظهر البطل، وبعد توريطه روسيا في حرب ضد الشعب الأوكراني، لن يستطيع أن ينهيها خلال أشهر، وربما خلال سنوات، حتى تصل روسيا إلى حد الاستنزاف الكامل، كما حدث للسوفييت بأفغانستان في تسعينيات القرن الماضي.

أما الإيرانيون فهم بحاجة إلى هذه القمة الدولية وسط الضغط الغربي عليهم لقبول الشروط التي يفرضها الجانب الأمريكي، وشدة العقوبات التي ترهق الاقتصاد والمواطنين الإيرانيين وتضعف من نشاط “الحرس الثوري الإيراني” الذي قام بقيادة قاسم سليماني، خلال السنوات الماضية، بتمزيق العالم العربي اعتبارًا من العراق مرورًا بلبنان، وسوريا، واليمن، وصولًا إلى ضرب السعودية بالصواريخ والمسيّرات، التي عجزت القوات الأمريكية عن صدها، بما في ذلك تجمعات النفط الكبرى في شرقي المملكة.

أما تركيا، فتأتي إلى القمة لتسويق دخولها إلى الشمال السوري، وطرد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) حتى 30 كيلومترا عن الحدود التركية، وسط تردد إيراني ومخاوف روسية، ورفض أمريكي يعلن أن مثل هذا الدخول سيعطي فرصة لإيران لاستمالة “قسد”، خاصة مع إعلان تلك القوات دعوة القوات الإيرانية وقوات نظام الأسد لتدعيم مواقعها في الشمال السوري، للتصدي للقوات التركية وحلفائها الذين باشروا القصف على عين عيسى وعلى قرى حلب ومحيط عفرين ومنبج.

الرئيس بايدن جاء إلى المنطقة لدفع السعودية إلى مضاعفة ضخ البترول في الأسواق التي صارت رهينة للبترول الروسي، وخاصة في أوروبا التي يقلقها الشتاء المقبل دون الغاز والبترول الروسيين، إذ تحاول الدول الأوروبية وقف استيراد البترول من روسيا، وتخفيف استيراد الغاز لمنع تمويل الحرب الروسية على حدود أوروبا، التي قد تمتد من أوكرانيا لتصل إلى دول حلف “الناتو”.

والهدف الآخر لزيارة بايدن هو تشكيل “ناتو شرق أوسطي” ضد إيران التي ترفض الامتثال للشروط المرفوعة بوجهها للعودة الى الاتفاق النووي “5+1″، وترفض المشاركة في إحلال السلام بالمنطقة، وخاصة في سوريا التي تقلق إسرائيل، إذ تحولت سوريا إلى مزرعة إيرانية تتمدد فيها الميليشيات الإيرانية والإرساليات الدعوية، والهيمنة الاقتصادية المتنامية في ريف الفرات وحلب بعد أن انتشرت الهيمنة الإيرانية في دمشق والجولان ودرعا وحمص والساحل السوري، وتغلغلت في بنية النظام العسكرية والمدنية، وبشكل لن تتمكن أي قوى من إزالتها أو إزالة نفوذها إن توفر التمويل لهذا النفوذ، وخاصة إذا رفعت العقوبات عن إيران.

وتأتي هذه القمة أيضًا بعد إعلان الخارجية الأمريكية، وأكدته لاحقًا الخارجية الإيرانية، أن روسيا تنوي شراء طائرات مسيّرة إيرانية، بعد أن استنزفت الحرب الأوكرانية مخزوناتها من الذخيرة، وبعد أن فشلت الطائرات المسيّرة الروسية في الاستمرار أمام الدفاعات الجوية الأوكرانية المدعومة من الغرب. وهذا ما يشير إلى فشل روسيا في إقناع الصين بتزويدها بالطائرات المسيّرة الصينية الأكثر جودة من المصنوعات الإيرانية المشكوك بعددها وكفايتها في الحرب الدائرة هناك.

ورغم وجود قوات أمريكية في سوريا، لم يناقش بايدن الموضوع السوري، رسميًا وكما هو معلن، لا مع إسرائيل التي تقصفها بشكل متكرر، ولا مع المملكة العربية السعودية ولا مع أي قوى سورية.

وكذلك لن تسمح قمة طهران بوجود بشار الأسد حتى في كواليسها، ولن تسمح بوجود المعارضة، أو أي تمثيل للشعب السوري في القمة التي تبحث مصير السوريين.

وتبقى القوى السياسية السورية متناحرة وتنتظر رأي الدول الداعمة، ويغيب عن الأفق أي تمثيل للسوريين يفرض على الدول الفاعلة أخذ رأيهم في تقرير مصيرهم، وعدم السماح بالتلاعب بهم وببلادهم في البازارات السياسية المتغيرة كل يوم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة