تفرضها "الإدارة الذاتية"

سوريون مقيّدون بـ”الكفالة” و”بطاقة الوافد” لدخول مدنهم وقراهم

camera iconنازحون سوريون من الرقة في أثناء خروجهم من مخيم "عين عيسى"- 4 من أيار 2017 (رويترز)

tag icon ع ع ع

في ساعات الصباح الباكر، توجه فريد العبد الله (30 عامًا)، وهو نازح من مدينة دير الزور، إلى مبنى “مكتب شؤون الوافدين” التابع لـ”الإدارة الذاتية ” الواقع على الكورنيش الجنوبي في مدينة الرقة، وانتظر في طابور طويل للحصول على “كفالة” و”بطاقة وافد”.

قال فريد لعنب بلدي، إنه اصطحب أحد جيرانه معه، وهو من سكان الرقة الأصليين، ليكون كفيله أمام “مكتب شؤون الوافدين” لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد، بشرط أن يعاود الكفيل والمكفول التوجه نحو ذات “المكتب” في العام المقبل.

ويواجه الراغبون بالدخول إلى مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا، أو المقيمون فيها وليسوا من سكانها الأصليين، تعقيدات وإجراءات فرضتها “الإدارة” منذ عدة سنوات من بينها نظام “الكفالة” و”الزيارة”.

“رحلة شاقة”

تنتظر الراغبين بالدخول إلى مناطق سيطرة “الإدارة” رحلة طويلة وشاقة تمر بالعديد من التضييقات الأمنية، لا يستثنى منها إلا الأكراد وسكان المناطق الأصليون أو الأشخاص المولودون فيها، بحسب الشهادات التي حصلت عليها عنب بلدي.

“كأنك رايحة على غير دولة”، بهذه الكلمات بدأت “راما” (24 عامًا)، اسم مستعار لأسباب امنية، الحديث عن رحلتها لزيارة مدينة الرقة التي قضت فيها طفولتها.

وسافرت “راما” من مكان إقامتها الحالي في مدينة دمشق إلى الرقة، في رحلة استغرقت حوالي 15 ساعة، بسبب انتشار الحواجز الأمنية التي توقف كل القادمين من مناطق سيطرة النظام، بعد أن كانت الرحلة تستغرق سابقًا حوالي سبع ساعات، وفق ما قالته لعنب بلدي.

“فضوا الشناتي بالتفتيش، نكتوها كلها، وكل شوي يوقفنا حاجز يتأكد من كرت الزيارة”، تابعت “راما” مشيرة إلى الإجراءات الأمنية التي رافقتها وعائلتها طوال الطريق، والتي جعلتها تشعر أنها متهمة بجرم لم ترتكبه.

“الكفالة” شرط للدخول والإقامة

تُفرض “الكفالة” على الراغبين بالإقامة في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية”، أو حتى زيارتها من مناطق خارج سيطرة “الإدارة”، وتترافق بعدة شروط، أبرزها وجود كفيل من سكان المنطقة الأصليين مع أوراق تثبت ذلك.

وتطلّب دخول “راما” وعائلتها حصولهم على بطاقة زيارة من قبل أخوالها المقيمين في الرقة، وقبيل دخولهم المنطقة، حصل كل منهم على بطاقة كُتب عليها اسمه، وطُبعت عليها صورته إلى جانب موعد انتهاء الزيارة بعد أسبوعين من تاريخ الحصول على البطاقة، بحسب قولها.

وأضافت الفتاة التي تنحدر أصولها من دير الزور، أن والدتها ولدت بالرقة، لكن سنوات غيابها الطويلة عن المنطقة، وعدم تجديد بطاقة الهوية التي تفرضها “الإدارة” جعلتهم بحاجة إلى “كفالة”.

وتُفرض “الكفالة” على الأشخاص القادمين من دير الزور إلى مناطق أخرى ضمن سيطرة “الإدارة”، ما يُبرر بانتشار خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” في دير الزور، بينما تستثني “الإدارة الذاتية” النازحين من مناطق تل أبيض في ريف الرقة ورأس العين في ريف الحسكة ومنطقة عفرين من تطبيق نظام “الكفالة”، رغم أن تلك المناطق باتت خارج حدود سيطرتها.

في المقابل، يُفرض على الراغبين بالإقامة لمدة تتجاوز مدة الزيارة، الحصول على “بطاقة وافد” تجدد سنويًا.

ووفقًا لما رصدته عنب بلدي، يتعيّن على الراغبين بالحصول على “كفالة” تقديم وثيقة لـ”قوى الأمن الداخلي” (أسايش) تتضمّن بيانات الشخص الراغب باستخراج “الكفالة”، وبيانات شاهدين، أحدهما يكون الكفيل، موقعة من مختار الحي.

كما تتطلّب “الكفالة” عقد إيجار ووثيقة تصدر عن مختار الحي، تثبت معرفته بالشخص الراغب باستخراج “الكفالة” وبالكفيل وبالشهود، إضافة إلى صور للهوية الشخصية للكفيل والشهود و المكفول.

ويرى الحقوقي نزار عطا الله، أن نظام “الكفالة” المطبق في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” قانون “دخيل” على القوانين السورية، ويتعارض حتى مع بنود “العقد الاجتماعي للإدارة” الذي يمنح السوريين حرية التنقل والإقامة في مناطق “الإدارة”، بشرط عدم تهديدهم الأمن والسلم الأهلي في المنطقة.

وأشار الحقوقي إلى أن “الإدارة الذاتية” ورثت نظام “الكفالة” عن “وحدات حماية الشعب” (الكردية) عندما كانت تدير بعض المناطق في الحسكة، قبل أن تتوسع مناطق سيطرتها وتعلن عن تأسيس “الإدارة” كسلطة إدارية مدينة داخل حدود الدولة السورية.

ضرورات أمنية

مصدر أمني في “أسايش” قال لعنب بلدي، إن تطبيق نظام “الكفالة” جاء لضرورات أمنية استطاعت من خلاله “الإدارة” الحفاظ على استقرار نسبي في مناطقها، مقارنة بالمناطق السورية الأخرى التي تعيش وضعًا أمنية مترديًا، على حد وصفه.

وأشار المصدر، الذي تحفظ على ذكر اسمه، إلى أن “الإدارة الذاتية” تدرس باستمرار تخفيف الأعباء المترتبة على آلية استخراج “الكفالة” للوافدين إلى مناطقها، بشكل لا يتعارض مع الحفاظ على الأمن والاستقرار.

وفي لقاء مع إذاعة “الفراتية” المحلية، في 16 من كانون الثاني عام 2021، قال حكمت حبيب، نائب رئيس “الهيئة التنفيذية” التابعة لـ”مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، إن إجراء الكفالة هو أمر “ضروري”، للحفاظ على مناطق “الإدارة الذاتية” من “الخلايا النائمة التي تقوّض الأمن والاستقرار”.

وبرأي حبيب، لا تمس “الكفالة” كرامة السوريين، بقدر ما هي إجراء احترازي لـ”حماية” السكان من أهالي مناطق شمالي وشرقي سوريا والوافدين إليها.


أسهم بإعداد هذا التقرير مراسل عنب بلدي في الرقة حسام العمر




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة