كيف قضى المحاصرون ليلة رأس السنة؟

النظام ينهي العام 2015 مستهدفًا داريا بـ 5 آلاف برميل

tag icon ع ع ع

زين كنعان – داريا

في ليلة رأس السنة وداخل مدينة داريا المحاصرة، يحاور الطفل وسيم (10 سنوات) والده بعد أن سمع أصوات إطلاق نار كثيف في الأجواء، “شو هاد بابا..  ألعاب نارية؟ لا يا بابا هاد رصاص خطاط.. يعني الجيش الحر عم يحتفل بعيد رأس السنة؟ .. لا يا بابا هاد الجيش يلي محاصرنا عم يحتفل”، ليرد الطفل قائلًا “شو مشتهي إنزل عالشام اليوم وشوف الناس كيف عايشة”، يجيبه الأب “ان شاء الله، الله كريم يا بابا بس هلأ نزيل عالجورة مشان ما تاخد برد”.

ربما يختزل هذا المشهد معاناة المواطنين السوريين المحاصرين في داريا وكيف قضوا ليلة رأس السنة، مقارنة مع أقرانهم الذين يعيشون تحت سيطرة النظام ولا يبعدون عنهم سوى كيلو مترات معدودة. لكن الحصار أطبق عليهم وقلب حياتهم وحولها إلى بؤس بعدما خرجوا للمطالبة بالحرية.

يقول والد وسيم المقاتل في صفوف الجيش الحر لعنب بلدي في حديث يلخص ما مرت به المدينة  خلال العام 2015، “لم يكن العام الذي مضى أفضل من الذي قبله، فمع كل عام جديد يقبل علينا تزداد المعاناة وتضاف إلى مآسينا أساليب وطرق القتل، وتتطور  القدرة التدميرية للأسلحة التي تستخدمها قوات النظام وحلفاؤها، فلم أكن أتخيل أن مكوث أسرتي في هذه الحفرة سيطول كل هذه المدة التي تجاوزت 4 أشهر، وها نحن نستقبل العام الجديد فيها”.

لا يدري أبو وسيم ما يقوله لأولاده الذي يقف أمامهم كل يوم “محرجًا” على حد قوله، فهم يطرحون أسئلة لا أجوبة لها.

يضيف أبو وسيم “نأمل من الله بأن نكون قد ودعنا أحزاننا ومعاناتنا، وأن تكون السنة الجديدة سنة خير ونصر وختام لمعاناتنا”.

يفتقد أهالي داريا لأساسيات الحياة، فقد تجاوز  حصار المدينة عامه الثالث، في حين شهدت في الأشهر الأخيرة من هذا العام تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق من قبل قوات النظام، ما أدى إلى تراجع كبير في الإنتاج الزراعي، الذي يعد  شريان الحياة، وهذا الواقع اضطر عدد من المزارعين للتوقف عن الزراعة بسبب القصف، وسقوط عدد منهم.

تضرر قطاع التعليم

لم يكن قطاع التعليم بحال أفضل، إذ انقطع عدد كبير من أطفال المدينة عن المدارس بسبب خطورة الطرقات والقصف المتواصل، وانشغال أغلب أساتذة المدارس بالقتال على الجبهات وبالعمل الثوري.

أما الوضع الطبي في المدينة فيزداد سوءًا بسبب نفاد الكثير من الأدوية الأساسية، كأدوية الالتهاب والمسكنات، في حين تعمل المستشفى الميدانية في البحث عن الحلول البلديلة، مثل تصنيع السيرومات واستخدام الأقمشة القطنية عوضًا عن الشاش والأربطة، كما تعاني المستشفى من نقص حاد في أدوية التخدير والمضادات الحيوية، بالإضافة إلى نفاد الأدوية الأساسية كأدوية الأطفال، وفق ما يقول أبو ياسر، أحد مسعفي المشفى الميداني.

إصرار على النصر

لا يخفي أبو مالك، قائد إحدى مجموعات الجيش الحر في المدينة، ألمه مع بداية العام الجديد فيقول “لقد خضنا أعتى المعارك هذا العام، واستطعنا التقدم وتحرير مقام السيدة سكينة، وعدد من الأبنية بالإضافة إلى منطقة الجمعيات في لهيب داريا، ووقفنا في وجه الجيش وتصدينا له في عشرات المحاولات لاقتحام المدينة من قبل النظام”، مشيرًا إلى أنه “بالمقابل قدمنا عشرات الشهداء، منهم اثنان من أهم قاداتنا وعدد من القادة الميدانيين، فجميع ذكريات العام الماضي فاض فيها ألم فراق الأصدقاء على فرحة الانتصارات”.

يتابع أبو مالك “حربنا مع هذا النظام لن تنتهي إلا بسقوطه، وإصرارنا على الحياة أكبر من إصراره على قتلنا، ولكن أكثر ما يؤلمنا هي الحال التي وصل إليها أهلنا النازحون والذين بقوا في المدينة، وأطفالنا الذين حرموا من أبسط حقوقهم”.

يؤكد أبو مالك أنه لم يعد هناك أمل بالدول التي تزعم أنها تسعى لإنهاء الأزمة، وتعقد المؤتمرات والاجتماعات لإيجاد حل، وأملنا الوحيد في الخروج من هذه الأزمة، هو ثقتنا بالفرج من عند الله وفي سلاحنا”.

داريا تنال الحصة الأكبر من البراميل

من جهة أخرى، يقول أبو ظافر، القاضي العام في المدينة، كنا نظن في بداية المظاهرات أن التغيير سيحصل في وقت قصير، ولكن لم نكن نعلم أن معاناتنا ستكون في كل عام أكبر من الذي قبله وحالة الشتات التي أصابت الجيش الحر تزداد، والكل يطالب بالتوحد ولا يوجد شيء فعلي على الأرض فهذا يعطي مؤشرًا بأن الثورة لن تنتهي بعشرات السنين “نأمل من الله بأن تكون السنة الجديدة سنة توحد وانتصار”.

فيما كشف الناشط الميداني مهند أبو الزين لعنب بلدي عن حصيلة البراميل المتفجرة التي سقطت على المدينة خلال 2015  وتجاوزت 5 آلاف برميل، بمعدل 30 برميلًا يوميًا خلال الأشهر الخمسة الماضية، بالإضافة إلى قصف المدينة بالأسلحة المحرمة دوليًا، فكان نصيب داريا من القصف هو الأوفر مقارنة مع المناطق السورية الثائرة.

أما المجلس المحلي للمدينة فصرّح على صفحته في فيسبوك أن حصيلة البراميل في عام 2015 كانت 3430 برميلًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة