مناشر الحجر بوابة لفرص عمل “مقبولة” في إدلب

camera iconأحد المناشر الحجرية في إدلب- 28 من تموز 2022 (عنب بلدي/ هدى الكليب)

tag icon ع ع ع

ينطلق إياد القاسم المعروف بـ”قاسم النحات” مع كل صباح إلى منشرة الحجارة التي يعمل بها قرب بلدة دير حسان شمال إدلب، حاملًا أدواته المخصصة التي تساعده على نحت وتقطيع الحجارة ليشكّل منها تحفًا يصنعها بحرفية عالية.

قال إياد القاسم (35 عامًا)، وهو نازح من مدينة معرة النعمان، لعنب بلدي، إنه تعلم حرفة النحت في مناشر الحجارة في سن الـ15، على يد والده، لتكون مصدر رزق يصفه بـ”الجيّد”، في ظل ما تشهده من رواج وزيادة في الطلب.

العمل في مناشر الحجارة يحتاج إلى جهد فكري وتعب جسدي، بحسب إياد، موضحًا أن التعامل مع الحجارة “الصماء” لصنع أشكال وتحف تحاكي الطبيعة، يتطلّب فنًا وإبداعًا حقيقيين، بحسب تعبيره.

ويعمل إياد لفترتين، صباحية من الساعة السابعة صباحًا وحتى الـ12 ظهرًا، ومسائية من الساعة الرابعة وحتى الثامنة مساء، ويتقاضى مبالغ يومية تتراوح بين 100 و150 ليرة تركية، أي حوالي 5.5 إلى ثمانية دولارات، تبعًا للإنتاج ونوعية القطع المشغولة.

ورغم المجهود الكبير الذي يتطلّبه عمله، يظهر إياد تعلّقه الكبير بمهنته التي ورثها عن أبيه وجده، خاصة في ظل قدرتها على تأمين مصدر دخل يغطي حاجة عائلته المكوّنة من خمسة أشخاص، بينما لا تكفي أجور المياومة في مهن أخرى تكاليف المعيشة اليومية، إذ لا تتجاوز الأجور 50 ليرة تركية يوميًا، أي حوالي ثلاثة دولارات.

مصدر رزق مرضٍ

لاقت المناشر الحجرية إقبالًا كبيرًا من قبل الأهالي والتجار وأصحاب رؤوس الأموال في الداخل والخارج، إذ وفر هذا القطاع فرص عمل لآلاف الأشخاص الذين بادروا لتعلم المهنة بسبب مردودها الجيد.

ونهاية عام 2021، تمكّن محمد الضاهر (52 عامًا) من افتتاح منشرته الحجرية الخاصة التي رافقته في فترة نزوحه، على أطراف مدينة سرمدا شمالي إدلب، بعد أن لاحظ الإقبال على العمل في مناشر الحجارة وازدهارها المتسارع في المناطق الشمالية القريبة من الحدود السورية- التركية.

وقال محمد الضاهر، إن عمله في منشرة الحجارة قبل نزوحه من بلدة خان السبل جنوبي إدلب، كان يقتصر على تغطية الطلبات الداخلية، بينما استطاع الآن تصدير منتجاته إلى الدول المجاورة عبر معبر “باب الهوى” الحدودي.

وأضاف أن الطبيعة الصخرية التي تحتوي على أنواع عديدة من الحجارة في محافظة إدلب، جذبت انتباه العديد من التجار الذين صاروا يستوردون الحجارة من إدلب ويصدّرونها إلى الدول الخليجية والدول المجاورة، مثل تركيا واليونان وقبرص وغيرها، وهو ما أنعش العمل في مناشر الحجارة بمختلف مجالاته بشكل كبير أواخر عام 2019.

وتتنوع أصناف الحجارة التي تتميز بها محافظة إدلب، وتأتي في مقدمتها الحجارة الزهرية والعسلية كنوع أول، وتُصدّر إلى تركيا والدول الأوروبية، بينما تعد الحجارة البيضاء والصفراء من الصنف الثاني، وتُشحن إلى مصر والدول الخليجية، بواسطة تجار سوريين مقيمين في الخارج.

ويتراوح سعر المتر الواحد من حجارة النشر المصنعة بين ثلاثة و12 دولارًا، بحسب النوع المطلوب وكيفية التصنيع، وفق ما قاله محمد الضاهر لعنب بلدي.

وأشار إلى أنه يشتري الحجارة على شكل كتل كبيرة تُستخرج من المقالع الحجرية، لتتم بعدها عملية صناعتها وقصها بإشراف حرفيين يشكّلون منها أصنافًا وأنواعًا متعددة الاستعمالات في مجالات البناء المختلفة.

لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد المناشر العاملة في المنطقة، ولكن بحسب ما قاله أصحاب المناشر لعنب بلدي، فإن عدد مناشر الحجارة في محافظة إدلب بلغ أكثر من 100 منشرة.

عمل خطر

من جهته، لا يخفي سليم زيدان (34 عامًا)، أحد العاملين في مناشر الحجر، خطورة هذا العمل على العاملين به، لما يحتويه من آلات ومكنات حادة تُستعمل في قص الأحجار وتقطيعها، إذ إن أي خطأ ومهما كان بسيطًا قد يودي بحياة مرتكبه أو يفقده أحد أطرافه على أقل تقدير.

وأضاف بأسى أنه خسر أحد أصابعه خلال عمله، لافتًا إلى أن العمل مع هذه الآلات يتطلّب تركيزًا ودقة وانتباهًا متواصلًا على حركة “الديسك والقطاعة والقصاص”، التي يمكن أن تسبب خطورة كبيرة في حال كان العامل يفتقر إلى الممارسة والخبرة وكيفية التعامل معها.

ورغم “الأجور الجيدة” فإن العمل في مناشر الحجارة يعد من القطاعات الأكثر خطورة في الشمال، ولكن يبقى العمل بها أفضل من البطالة وانتظار السلة الغذائية التي تقدمها المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري، بحسب ما قاله سليمان.

وتشهد مناطق شمال غربي سوريا ترديًا بالأوضاع المعيشية، إذ يحتاج حوالي أربعة ملايين و100 ألف شخص إلى المساعدات الإنسانية، كما يعاني نحو ثلاثة ملايين و100 ألف شخص من انعدام الأمن الغذائي، بحسب التقرير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في 11 من آب الحالي.

وخلال عام 2021، ارتفعت نسبة البطالة إلى نحو 80% في محافظة إدلب، بحسب بيانات فريق “منسقو استجابة سوريا”، وسط انتقادات لحكومة “الإنقاذ” التي تسيطر على الإدارة المدنية، لعدم توفير فرص عمل عادلة لمن يحتاجون إليها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة