حمص.. قانون ترخيص السلاح يرفع الأسعار و”الأمن السياسي” أكبر المستفيدين

الساعة الجديدة وسط مدينة حمص – 19 من آب 2018 (عنب بلدي)

camera iconالساعة الجديدة وسط مدينة حمص – 19 من آب 2018 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

حمص- عروة المنذر

فتحت حكومة النظام السوري الباب أمام السوريين لمنحهم التراخيص لحمل السلاح الفردي لفئة المسدسات فقط، بموجب قانون أقره “مجلس الشعب” في 28 من شباط الماضي.

وعلى الرغم من إمكانية جميع المواطنين التقديم على رخص حمل السلاح وفقًا للقانون، فإن الحكومة لم تؤمّن مصادر قانونية للحصول على السلاح، ولم تعمل على فتح متجر تابع لها لشرائه بشكل قانوني.

ولم يكن أمام الراغبين بشراء سلاح وترخيصه خيار غير الشراء من السوق السوداء، ما جعلهم تحت “رحمة التجار” الذين استغلوا الإقبال، ورفعوا أسعار المسدسات الحربية بشكل ملحوظ.

ما خطوات الترخيص؟

تبدأ مرحلة ترخيص السلاح بتسليمه لقيادة الشرطة في المحافظة، ثم تنظيم إضبارة تحتوي على صورة هوية المتقدم وورقة غير محكوم (لا حكم عليه) وسند إقامة، لتحوّل الإضبارة من قيادة الشرطة إلى فرع “الأمن السياسي” في المحافظة الذي يحولها للمفرزة المسؤولة عن مكان إقامة المتقدم، لإجراء الدراسة الأمنية اللازمة عن مقدم الطلب.

وبعد ذلك تبدأ عملية “الابتزاز” من قبل عناصر الفرع لمقدمي الطلبات بتلقي الرشى التي وصلت إلى نحو 500 ألف ليرة سورية، مقابل رفع طلبهم بالموافقة، ويحرص من تقدموا بطلبات الترخيص على الحصول على الموافقة خوفًا من خسارتهم المسدس الذي تم تسليمه في قيادة الشرطة، ففي حال عدم الحصول على الموافقة، يفقد المتقدم حقه باسترجاع السلاح من مركز الشرطة.

الترخيص يرفع الشراء والصيانة

بعد إقرار قانون السماح بالترخيص، ارتفعت أسعار الأسلحة في مدينة حمص خصوصًا، وعموم المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، بنسبة تجاوزت 30%، بحسب ما رصدته عنب بلدي.

موسى، طلب عدم ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، وهو أحد سكان مدينة الحولة، قال لعنب بلدي، إن أسعار الأسلحة ارتفعت بشكل غير مسبوق، وقد أصبحت نادرة تقريبًا، فالبحث عن مسدس عيار “9 ملم” أصبح أشبه بـ”البحث عن إبرة في كومة قش”، بحسب تعبيره.

وأضاف موسى أن تجار السوق السوداء هم من خفضوا عرض المسدسات القابلة للترخيص بهدف رفع ثمنها، وتحقيق أرباح مضاعفة بعد قرار الترخيص، فسعر مسدس عيار “9 ملم” 14 طلقة ماركة “براوننغ” الشهيرة ارتفع من أربعة ملايين إلى ستة ملايين ليرة، وسط قلة توفره.

بينما لم ترتفع أسعار المسدسات من عيار “7 ملم” كثيرًا، بسبب عدم توفر الطلقات الخاصة بها بشكل عام.

ونشطت ورشات تصليح الأسلحة وتغيير أرقامها بشكل لافت في الفترة التي تبعت القانون، إذ يلجأ أصحاب المسدسات الذين يرغبون بترخيصها إلى تغيير أرقامها لإزالة رخصتها السابقة، أو لضمان عدم وجود أي “إذاعة بحث” عن المسدس.

سليمان، طلب عدم ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، وهو من سكان مدينة الرستن، قال لعنب بلدي، إنه اشترى مسدسًا مستعملًا، لكنه اضطر لتغيير رقمه تجنبًا لأي مشكلة قد يتسبب بها المسدس، لعدم معرفة مالكيه السابقين.

وتقدّر تكلفة تغيير الأرقام مع صباغة المسدس حاليًا بنحو 600 ألف ليرة سورية، بعد أن كانت لا تتجاوز 200 ألف ليرة قبل إصدار القانون.

إتاوات مالية مقابل الموافقة

يعتبر إعداد “دراسة أمنية” عن الأشخاص المتقدمين للحصول على رخصة حمل السلاح وظيفة فرع “الأمن السياسي”، الأمر الذي سمح لعناصر الفرع والمفارز الأمنية التابعة له بفرض إتاوات كبيرة على المتقدمين للحصول على الرخصة.

أحد المتقدمين للحصول على رخصة، فضّل التعريف عن نفسه باسم “ناصر”، وهو من مدينة تلبيسة، قال لعنب بلدي، إن عناصر مفرزة “الأمن السياسي” طلبوا منه مبلغ 300 ألف ليرة مقابل رفع اسمه مع الموافقة للحصول على الرخصة.

وأضاف “ناصر” أنه اضطر لدفع المبلغ لضمان الحصول على الرخصة، كي يستطيع استعادة المسدس الذي سلّمه لفرع الأمن الجنائي في حمص، الذي اشتراه بنحو ستة ملايين و500 ألف ليرة.

ولا يحق لمن خضع لـ”تسوية” بالحصول على رخصة حمل السلاح، بحسب ما قاله أحد عناصر مفرزة “الأمن السياسي” بحمص لعنب بلدي.

وتنتشر ظاهرة حمل السلاح في مناطق سيطرة النظام ومناطق مختلفة من سوريا، واستخدام الأعيرة النارية في المناسبات الاجتماعية كالأعراس، أو لفض الخلافات العائلية.

وحددت وزارة الداخلية في حكومة النظام تعليمات ترخيص السلاح، وهي تشمل عددًا من الشروط وفق موقع الوزارة الرسمي، و”لكل مواطن الحق بترخيص مسدس حربي واحد + 100 طلقة بالإضافة إلى بندقيتي صيد + 250 طلقة لكل بندقية”، لمدة مدة خمس سنوات قابلة للتجديد.

ووفق التصنيف الأخير للدول من حيث ترتيبها على سلّم انتشار الجريمة بين مكوّناتها الاجتماعية، والذي أجراه موقع “Numbeo” المختص في الأبحاث وتصنيف مؤشرات العيش في الدول، تعد العاصمة السورية دمشق في المرتبة الثانية بقارة آسيا، في معدلات الجريمة، بعد العاصمة الأفغانية، كابل.

اقرأ أيضًا: مدنيون مسلحون.. من يضبط الانتشار العشوائي للسلاح في سوريا؟



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة