أربع سنوات على “التسوية” أنهت دور “لجان المفاوضات” في درعا

camera iconمظاهرة بالقرب من الجامع "العمري" في محافظة درعا (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

حلت “اللجنة المركزية” في درعا نفسها، تاركة المجال لوجهاء العشائر في إدارة أمور درعا البلد من ناحية المفاوضات مع النظام السوري والأمور الخدمية فيها، عقب ما وصفته مصادر في “اللجنة” بـ”الارتطام بحائط العشائرية”، في قضية إخراج مطلوبين للنظام من المدينة، لتجنيبها مواجهات جديدة.

لكن الأشهر الأخيرة لم تشهد نشاطًا فاعلًا لـ”اللجنة”، التي كانت ذات تأثير في مفاوضات سابقة، كمفاوضات تموز 2021، في أثناء حصار النظام لدرعا البلد، بعد فقدانها أهم كوادرها الذين اغتيلوا على يد مجهولين.

لماذا حُلّت لجنة درعا البلد

أشرفت لجنة درعا البلد، التي تُعرف على مستوى المحافظة بأنها “الأكثر تنظيمًا” في درعا، على تسيير أمور المدينة منذ سيطرة النظام على المنطقة الجنوبية عام 2018، فكانت هي الجهة الوحيدة التي تفاوض الروس والنظام، وتطالب بتطبيق بنود “التسوية”.

وكان لهذه اللجنة (اشتهرت باسم “اللجنة المركزية”) دور في الإشراف على الواقع الخدمي، مثل إدخال الطحين إلى درعا، إضافة إلى تنظيف المنطقة وتقديم الخدمات والاهتمام بالمدارس وغيرها.

وفي 24 من تموز الماضي، طالبت “اللجنة الأمنية”، المُمثلة للنظام السوري في درعا، خلال اجتماع مع “اللجنة المركزية”، بإخراج مطلوبين لها موجودين في درعا البلد، مهددة بعمل عسكري في حال عدم الاستجابة.

أحد وجهاء درعا البلد قال لعنب بلدي، إن “اللجنة” لم تتمكن من إقناع بعض العشائر بضرورة إخراج مطلوبين للنظام ممن ينتمون لهذه العشائر في المدينة، وهو ما دفعها لحل نفسها، “رامية الكرة في ملعب وجهاء العشائر”.

كما تُعتبر الاتهامات التي تواجهها “اللجنة” بـ”الخيانة” أحد العوامل التي دفعتها لحل نفسها، رغم أن نشاط “اللجنة”، المُشكلة من وجهاء المنطقة ومثقفيها، كان يتمحور حول “مصلحة درعا البلد”، في حين ينشط في المحافظة أشخاص “لا يريدون الاستقرار، ويبحثون عن مناطق متوترة لتحقيق غاياتهم”، بحسب المصدر الذي تحفظ على اسمه خوفًا من عمليات انتقامية.

الشيخ فيصل أبازيد، العضو في “اللجنة المركزية”، تحدث خلال خطبة الجمعة، في 5 من آب الحالي، عن أن اللجنة حلت نفسها بعد أربع سنوات من خدمة سكان البلد، وشبهها بـ”الولاية في مجلس الشعب أو المجالس المحلية”، أي أنها محدودة الوقت ويجب استبدالها.

لجنة الريف الغربي.. “موت سريري”

في نهاية تموز الماضي، تقدمت قوات عسكرية تابعة للنظام السوري واستقرت بمحيط مدينة طفس من الجهة الجنوبية، أعقب ذلك اشتباكات مسلحة وقصف سقط فيهما قتيل وعدد من الجرحى.

وعلى غير المعتاد، لم تتدخل “اللجنة المركزية” بأعضائها التقليديين المعروفين، إنما ظهرت “لجنة محلية” مُشكلة من بعض وجهاء طفس للتفاوض مع النظام حول التهدئة، في ظل غياب تام لـ”لجنة الريف الغربي” المركزية.

قيادي سابق بفصائل المعارضة قال لعنب بلدي، إن أفراد القيادات الفاعلة في “لجنة الريف الغربي” قُتلوا باستهدافات وعمليات اغتيال متفرقة خلال السنوات والأشهر الماضية، كالشيخ أحمد البقيرات، ومصعب البردان، والشيخ محمود البنات، والشيخ أبو البراء الجلم.

وهؤلاء الوجهاء يعتبرون من أصحاب الدور البارز في المفاوضات مع النظام، خلال مواجهات سابقة شهدتها مدينة طفس، كالحصار الذي شهدته في كانون الثاني 2021، وحصار درعا البلد في تموز العام الماضي، كما كان لهم دور في التفاوض عن سكان كناكر عندما حاصرها النظام بحثًا عن مطلوبين العام الماضي.

وأضاف القيادي أن ما يقارب عشرة أعضاء قُتلوا جميعًا بحوادث اغتيال متفرقة، الأمر الذي دفع المتبقين من أعضاء لجنة الريف الغربي لعدم التحرك خوفًا من استهدافهم لاحقًا.

وسبق أن اتهم القيادي “أبو مرشد البردان”، عبر تسجيل مصور في خيمة عزاء عضو “اللجنة المركزية” مصعب البردان، بوقوف خلايا تنظيم “الدولة” خلف عمليات الاغتيال، ومن ضمنهم إياد جعارة و”أبو طارق الصبيحي”، وطالب بمهاجمتهم وقتلهم أينما وجدوا.

وقال البردان، إن هذه الأسماء مسؤولة عن اغتيال مصعب البردان والشيخ أحمد بقيرات والشيخ “أبو البراء الجلم”، وطالب عشائر طفس برفع الحماية عنهم، وهؤلاء يدعي النظام بوجود بعضهم في مدينة طفس، ويطالب بترحيلهم.

ما لجان درعا

بعد سيطرة النظام على محافظتي درعا والقنيطرة في تموز 2018 وانتهاء عمل مؤسسات وفصائل المعارضة بالمنطقة، برزت الحاجة لتشكيل أجسام سياسية وخدمية تشرف على تنفيذ بنود “التسوية” والمفاوضات مع الروس والنظام، الذين سيطروا على المنطقة حديثًا آنذاك.

وكانت أولى اللجان في مدينة درعا البلد، وعُرفت باسم “اللجنة المركزية”، وشُكّلت حينها من وجهاء ورجال دين وقياديين ومثقفي المدينة، بالتوازي مع تشكيل لجنة تشرف على ريف درعا الغربي والشمالي عُرفت باسم “لجنة الريف الغربي المركزية”.

“لجنة الريف” شُكّلت من أعضاء يمثلون كل منطقة أو مدينة من الريفين الشمالي والغربي، حالها كحال لجنة درعا البلد.

أما في الريف الشرقي، فأشرف “اللواء الثامن”، الذي كان يتلقى دعمه من روسيا آنذاك، على كامل الريف الشرقي، حيث مناطق نفوذه، واتخذ من بصرى الشام مركزًا له حتى “التسوية” الأخيرة في تشرين الأول 2021.

وعقب “تسوية 2021″، اشترط النظام السوري على قيادة “اللواء” سحب سلاح المجموعات المنتشرة في الريف الشرقي، ما أضعف عمله ونفوذه في المنطقة، إلا أنه لم يغير من كون “اللواء” مسؤولًا عن القطاع الخدمي والمفاوضات في المنطقة.

“لجنة درعا البلد” كانت أشهر هذه اللجان، وتميزت بطابعها المدني، على عكس “اللواء الثامن” الذي يعتبر جسمًا عسكريًا، إذ عينت المحامي عدنان المسالمة متحدثًا رسميًا باسمها، كما كانت تملك مكتبًا إعلاميًا خاصًا بها.

في حين كانت “لجنة الريف الغربي” تفتقد للتنظيم والطابع المدني، وبعد حصار النظام مدينة درعا البلد في تموز العام الماضي، تصدرت “اللجنة المركزية” في المدينة كطرف مفاوض للنظام فيها.

وقبل عام 2018، عندما كانت المعارضة تسيطر على معظم مناطق الجنوب السوري، كانت القضايا القانونية للسكان تسير عن طريق ما عُرف باسم “محكمة دار العدل”، كما كان “مجلس الإصلاح” المؤلف من وجهاء المنطقة مخولًا بحل النزاعات العشائرية والفصائلية في ظل غياب مؤسسات رسمية في المنطقة.

في حين كان مجلس محافظة درعا “الحرة” يشرف على الجانب الخدمي فيها.

مفاوضات غابت عنها “المركزية”

في 31 من تموز الماضي، اجتمعت اللجنة المُشكلة حديثًا من وجهاء عشائر المنطقة مع الجانب الروسي في مدينة درعا، بحضور محافظ درعا، لؤي خريطة، لوقف تهديدات النظام للمدينة، وطالبت بسحب الجيش من محيط المدينة ليتمكّن المزارعون من مزاولة أعمالهم.

وتنتشر قوات النظام، منذ 28 من تموز الماضي، في المناطق الزراعية المحاذية لمدينة طفس، بذريعة ملاحقة عناصر من تنظيم “الدولة الإسلامية”، فيما ينفي وجهاء المنطقة وجودهم.

ودفعت قوات النظام تعزيزات عسكرية، بينها آليات ثقيلة، إلى محيط المدينة، لكن اشتباكات نشبت بينها وبين مقاتلين محليين حالت دون دخولها، وقُتل على إثرها رجل وأصيب ثلاثة آخرون.

وكانت قوات النظام حاصرت، في كانون الثاني 2021، مدينة طفس، وطالبت بترحيل ستة أشخاص إلى الشمال السوري، وهم: إياد جعارة، ”أبو طارق الصبيحي”، ”أبو عمر الشاغوري”، إياد الغانم، محمد جاد الله الزعبي، محمد إبراهيم الربداوي (قُتل إثر استهداف في 15 من حزيران الماضي).

ورغم الإعلان عن خروج المطلوبين من المدينة عقب وساطات عشائرية، لا يزال ملف طفس معلقًا لدى قوات النظام المسيطرة على المنطقة.


شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في درعا حليم محمد.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة