الرقة بعد “قيصر” كما قبله.. الإعفاء لا ينعش الاقتصاد

camera iconمتسوقون ضمن شارع القوتلي - 23آب 2021 (عنب بلدي / حسام العمر)

tag icon ع ع ع

الرقة- حسام العمر

لم يلحظ مهدي الدرويش (50 عامًا)، وهو تاجر مواد بناء وقضبان معدنية في مدينة الرقة، أي تغيير على أسواق البضائع المستوردة، منذ أن أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية إعفاء مناطق في الشمال السوري من عقوبات “قيصر”، قبل ثلاثة أشهر.

وقال مهدي الدرويش لعنب بلدي، إنه توقع تأثر المنطقة في شمالي وشرقي سوريا، حيث تسيطر “الإدارة الذاتية”، إيجابًا بعد قرار الإعفاء من عقوبات “قيصر”، لكن ذلك كله لم يحدث، وبقيت الأمور على ما هي عليه.

تستطلع عنب بلدي في هذا التقرير آراء تجار ومسؤولين في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” لشمالي وشرقي سوريا، ذكروا خلالها أن أي أثر إيجابي لإعفاء المنطقة من عقوبات “قيصر” لم يحصل حتى الآن.

وفي 12 من أيار الماضي، وافقت وزارة الخزانة الأمريكية على السماح بأنشطة 12 قطاعًا، بما فيها الزراعة والبناء والتمويل في مناطق شمال شرقي سوريا، التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية”، وعدد من مناطق شمال غربي سوريا حيث يسيطر “الجيش الوطني”.

خوف المستثمرين

بلال الجاويش (50 عامًا)، وهو تاجر من مدينة الرقة، قال لعنب بلدي، إن إعفاء المنطقة من “قيصر” لن يكون له أثر واضح طالما أن الوفود الاستثمارية لا تستطيع دخول المنطقة لعدة اعتبارات، على رأسها عدم الاستقرار الأمني والسياسي، وغياب الاعتراف السياسي بـ”الإدارة الذاتية”.

واعتبر بلال أن المستثمرين يخشون ضخ أموالهم في الأسواق بمناطق شمالي وشرقي سوريا، وأنهم بحاجة إلى قوانين ومؤسسات حكومية معترف بها، تحمي تلك الأموال والمشاريع الاستثمارية في حال افتتاحها.

التاجر مهدي الدرويش، أشار إلى أنه كان من المفترض ارتباط إعفاء المنطقة من “قيصر”، بالسماح للتجار بالتواصل مع الشركات الأجنبية، ودخول وفود تجارية إلى المنطقة للاطلاع على الوضع وإمكانية الاستثمار فيها، وهذا ما كان يتوقعه معظم أصحاب الفعاليات الاقتصادية في شمالي وشرقي سوريا، وهو ما لم يحدث.

بينما يرى فراس العلي (50 عامًا)، تاجر مواد غذائية من مدينة الرقة، أن الأثر الممكن لإعفاء المنطقة من عقوبات “قيصر” بالنسبة له، يكمن في حرية التجارة وتراجع “الإدارة الذاتية” عن احتكارها للحركة التجارية عبر مؤسسات تابعة لها، أو أشخاص مرتبطين بها.

وأشار فراس العلي إلى أن مناطق شمالي وشرقي سوريا تعتمد على ثلاثة مصادر لدخول البضائع، هي مناطق سيطرة النظام السوري، ومناطق تسيطر عليها المعارضة، ومعابر تربط “الإدارة الذاتية” بإقليم كردستان العراق، وهذه المصادر لم تتأثر إيجابًا بعد الإعفاء الذي أعلنته وزارة الخزانة الأمريكية.

وأضاف أن المنطقة تتأثر سلبًا بحالة عدم الاستقرار التي تولدها التهديدات التي يطلقها المسؤولون الأتراك منذ عدة أشهر حول احتمالية شن تركيا عملًا عسكريًا جديدًا ضد “الإدارة الذاتية” و”قسد”.

وتصر تركيا من خلال تصريحات مسؤوليها المتكررة على شن عملية عسكرية ضد “قسد” التي تُصنفها على قوائم الإرهاب، رغم رفض الضامنَين في مسار “أستانة”، إيران وروسيا، اللذين يعملان على إقناع أنقرة بالتخلي عن هذه الخطوة.

إعلان “سياسي”

مسؤول حكومي في “الإدارة الذاتية” قال لعنب بلدي، إن إعلان إعفاء شمالي وشرقي سوريا هو “إعلان سياسي”، أرادت من خلاله الولايات المتحدة إرسال رسائل سياسية معيّنة لبعض الأطراف، ولا يحمل في طياته أي منافع اقتصادية قد تعود على السكان أو “الإدارة”.

واعتبر المصدر الذي تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن “الإدارة الذاتية” تفتقر لمؤسسات التجارة الخارجية، كما تفتقر للمطارات والمواني البحرية والطرق التجارية العالمية، وكل هذا، لو كان موجودًا، كان يمكن أن يحدث أثرًا ينعش اقتصاد المنطقة بعد إعفائها من عقوبات “قيصر”.

وأشار المسؤول إلى أن “الإدارة الذاتية” بدأت بالتحضير للآليات القانونية والمشاريع التي يمكن أن تنعش اقتصاد المنطقة بعد قرار الإعفاء، وكانت تخطط للتركيز على المشاريع الزراعية ومشاريع البنى التحتية.

ونقلت وكالة “نورث برس” عن الرئيس المشترك لـ”هيئة الاقتصاد” في “الإدارة الذاتية”، سلمان بارودو، في أيار الماضي، قوله إن “الإدارة” بصدد إصدار قانون للاستثمار بعد إعفاء مناطقها من عقوبات من “قيصر”.

واعتبر أن المنطقة تأثرت بشكل كبير خلال سنوات فرض عقوبات “قيصر” على سوريا، وأن استثناءها في الوقت الحالي أمر جيد ومرحب به من قبل “الإدارة الذاتية”، وسيؤدي إلى إنعاش اقتصادها في المستقبل.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة