أردوغان يحمل الأسد إلى سمرقند رغم غيابه

Erdoğan

camera iconالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خلال اجتماع ودي مع رؤساء قمة "شنغهاي" في سمرقند- أوزبكستان- 15 من أيلول 2022

tag icon ع ع ع

أثيرت مع بداية قمة “شنغهاي للتعاون” في سمرقند الأوزبكية، العديد من التوقعات بشأن مناقشة ملف “التقارب السوري- التركي”، بحضور الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره التركي، رجب طيب أردوغان.

وتستضيف سمرقند قمة “منظمة شنغهاي للتعاون” (SCO) في 15 و16 من أيلول، وهي قمة لمجموعة من الدول يقدّر عدد سكانها بنصف سكان الأرض، وأبرزها الصين وروسيا والهند وباكستان.

سمرقند.. طريق الحرير وبوصلة التقارب

أحدث ما رسم ملامح التقارب، بعد لقاء الزعيمين الذي أشار إلى تقارب محتمل في سوتشي في 5 من آب الماضي، ما نقله كاتب العمود في صحيفة “حرييت” التركية عبد القادر سلفي اليوم، الجمعة 16 من أيلول، من تصريحات للرئيس أردوغان.

وقبل انعقاد قمة “شنغهاي” بأيام في 12 من أيلول، أبدى أردوغان رغبته بلقاء رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في حال قدومه إلى القمة المنعقدة في مدينة سمرقند بأوزبكستان.

جاء ذلك خلال اجتماع مغلق لحزب “العدالة والتنمية” في مجلس الإدارة والقرار المركزي، حين أدلى أردوغان بالبيان “التاريخي”، بحسب ما وصفه سلفي، “يا ليت الأسد جاء إلى أوزبكستان، لكنت التقيت به”.

وحمّل أردوغان الأسد مسؤولية ما آلت إليه الأمور في سوريا واحتمالية تقسيمها، وقال إنه كان يريد مقابلته في سمرقند ليخبره بذلك وجهًا لوجه.

وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، نفى حضور الأسد إلى قمة “شنغهاي”، وذلك بعد تسريبات في الصحافة الإيرانية عن دعوته.

وفي الوقت نفسه، اعتبر أنه لا شروط لدى حكومته لبدء الحوار مع حكومة النظام، موضحًا أن وحدة الأراضي السورية، وحماية الحدود التركية، والعودة الآمنة للاجئين السوريين، هي ما تسعى إليه بلاده.

“يعرف متى يقاتل ومتى يصنع السلام”

أشاد سلفي، وهو مقرب من الحكومة، بتصريح الرئيس التركي، بحسب ما ترجمته عنب بلدي، وقال، “هذا ما يجعل من أردوغان قائدًا عظيمًا، اعتاد ديميريل (رئيس تركيا التاسع) أن يقول، إذا كنت لا تعرف كيف تصنع السلام، فلن تقاتل”.

وأضاف الكاتب، “نحن لم نحارب سوريا، نحن نحارب المنظمات الإرهابية في سوريا، لكننا لسنا أصدقاء مع الأسد أيضًا”.

وأكمل سلفي في مديح أردوغان قائلًا إنه “زعيم يقاتل إذا كان القتال لازمًا، ويعرف كيف يصنع السلام إذا كان لازمًا، هذه هي خصائص القادة العظماء”.

قارن الكاتب تحركات أردوغان بمؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك، عندما ألقى باليونانيين في البحر بمعركة إزمير، في 9 من أيلول 1922، متسائلًا، “ألم يقم أتاتورك صداقة مع فينيزيلوس (رئيس الوزراء اليوناني)؟”.

وأضاف، “ألم تحارب الدول التي أسست الاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا وإنجلترا بعضها بعضًا في الحربين العالميتين الأولى والثانية”.

وأكد سلفي أن تقييمات أردوغان بشأن الأسد مستمرة، وقال، “يمكنك أن تسمي ذلك التقييم الأكثر لفتًا للنظر منذ بداية الحرب الأهلية السورية”.

أردوغان يحمّل الأسد المسؤولية

ونقل الكاتب عن أردوغان قوله، “يا ليت الأسد جاء إلى أوزبكستان، لكنت التقيت به، لكنه لا يستطيع المجيء (…) بسببه ولأجل موقفه، سوريا على وشك الانقسام”.

وأضاف أردوغان، “لأجل المحافظة على السلطة رجح الحرب مع المعارضة، واختار أن يحتفظ بسلطته، هو فكر بحماية المناطق التي يسيطر عليها، لكنه لم يستطع حماية الأراضي الكبيرة”.

وأعاد أردوغان في حديثه لأعضاء مجلس الإدارة والقرار المركزي، ذكر رسالته للأسد في بدايات الحراك الشعبي، “انظر، إذا فعلتم هذا فستقسّم سوريا”، موضحًا أن الأسد ظن المعارضين رغم عددهم الكبير لا يملكون الأسلحة، وتجاهل التحذيرات، واختار حماية منطقة نفوذه، ولم يعتقد أن أمريكا وروسيا ستدخل هناك”.

وقال الكتاب عبد الله سلفي، إن بعض الأعضاء استنتجوا من تصريحات أردوغان، أن سوريا ستقسّم، مشيرًا إلى أن تركيا هي الدولة الوحيدة التي دافعت دائمًا عن وحدة أراضي سوريا، على حد تعبيره.

وأضاف، “ألم تكن سوريا دولة مقسمة بحكم الأمر الواقع بين روسيا والولايات المتحدة وإيران؟”، وتساءل عن سيطرة حزب “العمال الكردستاني” و”وحدات حماية الشعب” (الكردية) وتنظيم “الدولة الإسلامية” على مناطق معيّنة.

وأكد أن بلاده موجودة في سوريا لمحاربة “الإرهاب”، ولم يرَ إمكانية سيطرة الأسد على مدن غير دمشق وحلب وحمص، وقال مستهينًا بدوره، “يمكنه حتى الخروج من سوريا بإذن من روسيا”.

على بعد خطوة

“مثلما لا توجد صداقات أبدية بين البلدان، فلا توجد عداوات أبدية”، قال سلفي، مشيرًا إلى أنه بعد اجتماع أردوغان وبوتين في سوتشي، في 5 من آب الماضي، لوحظ أن هناك تغييرًا في سياسة تركيا تجاه الأسد.

وأوضح أن تصريحات أردوغان، ومفادها “ليست لدينا مشكلة في هزيمة الأسد أو لا”، تشير إلى حقبة جديدة قد بدأت، وأضاف أن رغبة أردوغان بمجيء الأسد إلى قمة “شنغهاي” لم يكن المقصود منه المواجهة، بل بداية لإعادة العلاقات.

كان الاتصال المباشر مع الأسد على جدول الأعمال بعد قمة “سوتشي”، وستتسارع هذه العملية بعد اجتماع “شنغهاي”، بحسب سلفي.

“قبل الحرب الروسية على أوكرانيا، لم يكن بوتين يريد أن تكون لتركيا علاقة مباشرة مع الأسد، وبعد الحرب، بدأ بوتين باقتراح اتصال مباشر مع النظام”، واعتبر سلفي أن عرض بوتين هو فرصة ذات أهمية على الصعيد الدبلوماسي، ولن يدفعها أردوغان بعيدًا، “بل على العكس، يرجح تقييم الفترة الجديدة”.

ولفت إلى أن عملية التقارب لن تكون سهلة، إذ ستبذل الولايات المتحدة وإيران جهدهما لتخريبها، حسب تعبيره.

وأكد سلفي أن العملية بدأت بالفعل، وأرجع ذلك إلى تحركات رئيس جهاز المخابرات التركي، هاكان فيدان، المكثفة في دمشق.

المخابرات تمهد

وكانت وكالة الأنباء البريطانية “رويترز“، ذكرت أن فيدان التقى مدير مكتب “الأمن الوطني” لدى النظام السوري، علي مملوك، مؤخرًا هذا الأسبوع في العاصمة السورية، دمشق، وفق “مصدر إقليمي موالٍ لدمشق”.

ونقلت الوكالة، الخميس 15 من أيلول، عن أربعة مصادر (لم تسمِها)، أن فيدان عقد عدة اجتماعات مع مملوك خلال الأسابيع القليلة الماضية، ما اعتبرته مؤشرًا على جهود روسية لتشجيع “ذوبان الجليد” بين الدول التي تقف على طرفي نقيض في الملف السوري.

وجرى خلال اللقاء تقييم كيف يمكن أن يلتقي وزيرا خارجية البلدين في نهاية المطاف، وفقًا لمن قالت “رويترز” إنه مسؤول تركي كبير، إلى جانب مصدر أمني تركي أيضًا.

وأضاف المسؤول التركي أن أحد التحديات الكبيرة، هو رغبة تركيا بإشراك المعارضة في أي محادثات مع دمشق.

وتناولت صحيفة “الوطن” المقربة من النظام، الخميس، الحديث عن توقعات بأن يتطرق بوتين وأردوغان لملف التقارب على هامش القمة اليوم، الجمعة 16 من أيلول.

وألمح سلفي إلى أن مسألة العودة الآمنة للاجئين السوريين على طاولة المفاوضات الآن، وتُعزز هذه الخطوة من خلال الاتصال على مستوى وزراء الخارجية، مضيفًا، “على حين غرّة، تنظر، وترى أردوغان والأسد يجلسان على طاولة واحدة”.

استطلاعات مساندة

أجرت شركة البحث التركية “Areda Survey” استطلاعًا حول إدراك مسألة “التقارب السوري- التركي” على المستوى الاجتماعي التركي، وخلصت النتيجة إلى أن ثلثي المجتمع يجد أن أن التقارب واستئناف العلاقات بين تركيا وسوريا أمر إيجابي.

وجاءت النتائج متباينة، إذ يرى 64.3% من المشاركين في الاستطلاع أن التقارب إيجابي، بينما يرى 35.7% ذلك بشكل سلبي.

وتضمّن الاستطلاع سؤالًا عن رد الفعل الشعبي في حال الإعلان عن عملية عسكرية شمالي سوريا، وكان 57.9% من المشاركين أيّدوا العملية، بالمقابل يظهر 42.1% موقفًا معارضًا.

أجرت الشركة البحث على إجمالي ألفي شخص في 26 ولاية تركية، اختيرت وفقًا لنظام تقسيم المناطق الإحصائي (NUTS-2)، بين 23 و27 من آب الماضي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة