جهود "الإنقاذ" لا تمنع الظاهرة

آبار عشوائية تهدد إدلب بالجفاف

camera iconألواح طاقة شمسية لاستجرار المياه من إحدى الآبار في بلدة حربنوش بريف إدلب الشمالي- 30 من أيلول 2022 (عنب بلدي/ إياد عبد الجواد)

tag icon ع ع ع

إدلب – إياد عبد الجواد

بات حفر الآبار السطحية والعميقة بشكل عشوائي ظاهرة في العديد من مدن وبلدات وقرى إدلب، شمال غربي سوريا، ولجأ إليها السكان لتأمين احتياجاتهم من مياه الشرب ومياه الاستخدام اليومي والري.

ودون اتباع معايير التنظيم المائي، زاد حفر الآبار الخاصة، ما يجعلها خطرًا مستقبليًا يهدد الموارد المائية الجوفية، رغم وجود حكومة أمر واقع متمثلة بـ”الإنقاذ” التي تدير المنطقة خدميًا، وتحذّر من خطرها.

أسباب ومشكلات

ظاهرة حفر الآبار قديمة جديدة، تصاعدت مع ازدياد عدد سكان مناطق الشمال السوري، وازدياد حاجاتهم، خصوصًا بعد موجات النزوح الداخلية المتتالية.

وتُقدّر إحصائية فريق “منسقو استجابة سوريا” عدد السكان في مناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرة المعارضة بما يزيد على 4.3 مليون نسمة، أكثر من نصفهم نازحون ومهجرون قسرًا.

المهندس الزراعي أنس أبو طربوش، أوضح عبر مراسلة إلكترونية مع عنب بلدي، أن حفر الآبار، سواء السطحية أو العميقة، للحصول على المياه بتعدد الاستخدامات، أصبح ظاهرة ملحوظة في الشمال السوري.

وعزا أبو طربوش أسباب حفر الآبار لتوسع رقعة الأراضي المزروعة، واستغلال الأراضي التي كانت غير متاحة سابقًا في الزراعة حاليًا، نتيجة ضيق المساحات الزراعية مع اكتظاظ المنطقة بالسكان.

ويقوم ضخ المياه للسكان ضمن مخيمات النزوح، خصوصًا في المنطقة الحدودية بين سوريا وتركيا، بدور في زيادة حفر الآبار، وفق أبو طربوش.

وتنتج عن حفر الآبار بشكل عشوائي عدة مشكلات، في مقدمتها تهديد المنطقة بالجفاف ونضوب المياه الجوفية، لقرب المسافة بين الآبار المحفورة، وقلة الأمطار وتفاوت نسب هطولها بين منطقة وأخرى، وأيضًا تعرّض الزراعات لمشكلات مماثلة بالمستقبل القريب، بحسب المهندس أبو طربوش.

آبار مكشوفة.. لا إجراءات وقاية

ظاهرة انتشار الآبار، سواء السطحية أو العميقة، ترافقت مع هشاشة في إجراءات الأمان مع ضعف الإمكانيات المادية للسكان، ما جعلها خطرًا يلاحق المدنيين وخاصة الأطفال، أو العمال في أثناء حفرها.

وتتكرر حوادث الوفيات والإصابات نتيجة السقوط في الآبار بالشمال السوري، بسبب انتشار المكشوفة منها بشكل “كبير”، وعدم وجود إشارات تحذيرية تدل عليها، وعدم انتظام عملية حفر مثل هذه الآبار أو إغلاق المهجورة منها.

كما سجلت العديد من الجهات الطبية حالات وفاة لعاملين خلال حفر الآبار، نتيجة غياب الأكسجين أو وجود أبخرة ناتجة عن المياه الكبريتية.

ويتطلب حفر الآبار تكلفة مالية عالية، ولا سيما الارتوازية ذات الأعماق الكبيرة، والمرتبطة بسقاية وري المزروعات، ما يفرض على بعض السكان البحث عن تكلفة قليلة، وبالتالي قلة في الجودة ومعايير الأمان.

“أبو محمد” أحد مزارعي بلدة حربنوش بريف إدلب الشمالي، قال لعنب بلدي، إنه حفر بئرًا ارتوازية في أرضه الزراعية، واستمرت عملية الحفر 15 يومًا، ووصل إلى المياه على عمق 370 مترًا، ودفع تكلفة الحفر 2000 دولار أمريكي.

أكمل المزارع المعدات اللازمة لإنشاء البئر، من “قميص” وهو عبارة عن أنابيب حديد، و”غطاس” ومولدة كهرباء وكوابل، بتكلفة وصلت إلى عشرة آلاف دولار أمريكي، ومحرك “ديزل” تكلفته 12 ألف دولار.

وتعد هذه التكلفة عالية جدًا على المزارعين بالنسبة للوضع الاقتصادي المتردي الذي تشهده مناطق الشمال السوري.

“الإنقاذ” تحاول

اتخذت حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب العديد من الإجراءات، وأصدرت عدة قوانين للحد من عمليات حفر الآبار العشوائية، وتنظيم عمليات الحفر وفق معايير محددة، إلا أنها لم تحد من انتشار الظاهرة.

ومنعت الحكومة، في تشرين الثاني 2020، حفر الآبار في محافظة إدلب دون الحصول على إذن حفر مصدّق صادر عن المديرية العامة للموارد المائية، مشيرة إلى أن أي مخالفة للقرار تعرّض صاحبها للمساءلة “القانونية والشرعية” وسحب الرخصة من صاحبها.

مدير الضابطة المائية في حكومة “الإنقاذ”، المهندس محمد نعمة أمهان، قال عبر مراسلة إلكترونية لعنب بلدي، إن المديرية العامة للموارد المائية في وزارة الزراعة والري تمنح التراخيص لحفر الآبار لمختلف الأغراض، وهي الجهة الوحيدة المانحة لهذه التراخيص، وذلك استنادًا إلى قانون التنظيم المائي رقم “67” لعام 2022.

وأشار أمهان إلى أن المديرية تعمل وفقًا لقانون التنظيم المائي، وكذلك الأنظمة النافذة، إذ تم تشكيل لجنة ضابطة مائية مركزية ولها مكاتب في بقية المناطق، لمتابعة المخالفات الحاصلة واتخاذ الإجراءات القانونية التي تبدأ بالإنذار الخطي، وصولًا إلى المخالفات، وضبوط الشرطة.

وفي آذار 2021، أعلنت وزارة الزراعة والري في حكومة “الإنقاذ”، عن تقديم “القرض الحسن” للمزارعين أصحاب الآبار الخاصة المرخصة، لتجهيز آبارهم بمنظومات الطاقة الشمسية وشبكة ري بالتنقيط.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة