بايدن يستحضر “هرمجدون”.. فهل تشعل روسيا فتيلها؟

Biden

camera iconالرئيس الأمريكي، جو بايدن، يتحدث عن مخاطر استخدام السلاح النووي في الحرب الأوكرانية- نيويورك 6 من تشرين الأول (رويترز)

tag icon ع ع ع

قال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إن تهديد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، باستخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا جعل العالم أقرب إلى “هرمجدون” (معركة نهاية العالم) أكثر من أي وقت مضى.

وأضاف أن احتمال هزيمة روسيا في أوكرانيا، قد تجعل بوتين يائسًا بدرجة كافية لاستخدام الأسلحة النووية، وهو أكبر خطر منذ مواجهة الرئيس الأمريكي، جون كينيدي، والزعيم السوفييتي، نيكيتا خروتشوف، بشأن أزمة الصواريخ الكوبية في الحرب الباردة عام 1962.

وقال بايدن في أحدث تصريحاته، الخميس 6 من تشرين الأول، “لم نواجه احتمال حدوث (هرمجدون) منذ أزمة الصواريخ الكوبية وأزمة كينيدي، لدينا تهديد مباشر باستخدام الأسلحة النووية، إذا استمرت الأمور في ساحة المعركة على النحو الذي تسير فيه”.

في 1962، كانت المواجهات السياسية والعسكرية التي استمرت 13 يومًا، بين أمريكا والاتحاد السوفييتي المتحالف مع كوبا، أقرب ما وصل إليه العالم من إبادة نووية، عقب اكتشاف الولايات المتحدة نشر الاتحاد السوفييتي صواريخ نووية في كوبا على بعد 145 كيلومترًا على شواطئ الولايات المتحدة، بشكل سري، وفقًا لوكالة “أسوشيتد برس“.

وفي حديثه بحفل جمع تبرعات للجنة حملة مجلس الشيوخ الديمقراطي في مدينة نيويورك، قال بايدن، إن بوتين “لم يكن يمزح عندما تحدث عن استخدام أسلحة نووية تكتيكية أو بيولوجية أو كيماوية”.

ولفت إلى أن التهديد من بوتين حقيقي، مرجعًا ذلك إلى ضعف أداء الجيش الروسي “بشكل كبير”، وأضاف، “لا أعتقد أن هناك شيئًا مثل القدرة على استخدام سلاح نووي تكتيكي بسهولة ولا ينتهي به الأمر مع (هرمجدون)”.

وحذر من أن استخدام سلاح تكتيكي منخفض القوة يمكن أن يخرج عن السيطرة بسرعة ويتحول إلى دمار عالمي، بحسب ما نقلته وكالة “رويترز“.

ما “هرمجدون”؟

بحسب مراجع دينية وثقافية راجعتها عنب بلدي، تشير “هرمجدون” أو “هار ماجدون” باللغة العبرية إلى “تل مجدّو”، وهو المكان الذي سيشن فيه ملوك الأرض تحت قيادة شيطانية، حربًا على قوات الله في نهاية التاريخ، وفقًا للموسوعة البريطانية “بريتانيكا” (Britannica).

تقع مدينة مجدّو القديمة، المعروفة باسم “تل المتسيلم” حاليًا، على بعد 96 كيلومترًا شمالي القدس، وتطل على سهل إزدرايلون العظيم (وادي جزريل)، وهي منطقة محتلة شمالي فلسطين، حيث وقعت العديد من المعارك الكبرى في الماضي.

ذُكرت “هرمجدون” في الكتاب المقدس مرة واحدة فقط، في “سفر الرؤيا” للقديس يوحنا في الآية الـ16 من الفصل الـ16 من العهد الجديد.

غالبًا ما استخدم الأصوليون البروتستانتيون مصطلح “هرمجدون” للإشارة إلى صراع كارثي وشيك بين قوى الخير والشر، أو إلى أي سيناريو يشير إلى نهاية العالم بشكل عام.

وفي وصف المعركة، قال القديس يوحنا، “ملوك الأرض والعالم بأسره، سيجتمعون في معركة ذلك اليوم العظيم لله القادر على كل شيء، في مكان يُدعى باللغة العبرية (هرمجدون)”، ثم سيأتي المسيح، وستحدث الاضطرابات الدراماتيكية الموعودة بمرافقة عودته.

وهي نفس المعركة التي وصفها النبي حزقيال (نبي من أنبياء بني إسرائيل بعد موسى)، وهو ذو الكفل في الإسلام، بأنها الحرب ضد يأجوج ومأجوج، في العهد القديم.

تشير “هرمجدون” إلى نهاية العالم الذي يُعرف بأنه “هلاك الأشرار”، لكنه يمهد الطريق لبدء عهد المسيح الألفي وعصر السلام الذي سيستمر لألف عام، وهي فترة من الاستقامة والازدهار، وفقًا لـ”سفر متّى”.

بحسب كنيسة “يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة”، لا يمكن أن يبدأ العصر الألفي من دون تدمير واسع النطاق للأشرار، ففي حين أن معركة “هرمجدون” هي بحد ذاتها شيء مروع للتأمل، فهي ضرورية، “وفي النهاية ستلعب دورًا مهمًا في خطة الرب لفداء العالم”.

“أصلّي في كل يوم من أيام حياتي أن يسرع الرب بعمله، وبينما يجب أن يحدث كل هذا، آمل أن يعجل به حتى ينتهي قريبًا، وقد يأتي السلام، ولذا أكرر، كما قلت في إحدى المحادثات منذ بعض الوقت، أنا أصلّي من أجل نهاية العالم لأنني أريد عالمًا أفضل.

أريد مجيء المسيح، أريد عهد السلام، أريد أن يأتي الوقت الذي يمكن فيه لكل إنسان أن يعيش بسلام وبروح الإيمان والتواضع والصلاة، من كتاب “إشارات الأوقات”، للزعيم الديني الأمريكي، والرئيس العاشر لكنيسة “يسوع المسيح”، جوزيف سميث (1876- 1972).

ويرجح اختيار مدينة مجدّو الفلسطينية، الواقعة على ممر يربط بين مصر وسوريا، كرمز لهذه المعركة، لأنها كانت مسرحًا للعديد من المواجهات العسكرية بسبب موقعها الاستراتيجي.

كانت المدينة أيضًا موقعًا لمعركة “مجدّو” في 19 من أيلول 1918، خلال الحرب العالمية الأولى، أو معركة سهل نابلس كما يسميها الأتراك، والتي دارت بين القوات البريطانية بقيادة الجنرال إدموند ألنبي، والقوات العثمانية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك.

انتهت المعركة بانتصار حاسم للبريطانيين، ومنح ملك بريطانيا لقبَ “فيكونت” لألنبي (وصف إداري لرتبة نبيل)، وقرنه باسم المعركة ليصبح “الفيكونت الأول.. ألنبي من مجدّو”.

الأسلحة النووية التكتيكية

في مواجهة النكسات الأخيرة بساحة المعركة لقوات “الكرملين” في أوكرانيا، المحاصرة بشكل متزايد، بسبب هجوم كييف المضاد، حاول بوتين، منذ منتصف أيلول الماضي، رفع مستوى الخطر من خلال التحدث عن خيار موسكو النووي.

وفي 21 من أيلول من الماضي، قال بوتين، “أريد أن أذكركم بأن بلادنا لديها أيضًا وسائل تدمير مختلفة، وعندما تتعرض وحدة أراضي بلدنا للتهديد، سنستخدم بالتأكيد جميع الوسائل المتاحة لنا لحماية روسيا وشعبنا”، مؤكدًا أن الأمر “ليس خدعة”.

وحذر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، والرئيس الروسي السابق، دميتري ميدفيديف، من أن بلاده قد تستخدم الأسلحة النووية للدفاع عن الأراضي الأوكرانية التي ضمتها روسيا، إذا حاولت أوكرانيا الاستيلاء عليها.

تمتلك الأسلحة النووية “التكتيكية”، وهي أداة نووية تُستخدم في ساحة المعركة، قوة تفجيرية أصغر بكثير من الرؤوس الحربية النووية الاستراتيجية الضخمة التي توجهها كل من روسيا والولايات المتحدة إلى المدن الرئيسة لبعضهما.

تصنف الأسلحة النووية، عمومًا، على أنها إما استراتيجية وإما تكتيكية، إذ تُستخدم الأولى لكسب الحرب والأخيرة لكسب معركة فردية، بحسب صحيفة “تلجراف” البريطانية.

وفقًا لمركز الأبحاث الأمني ​​البريطاني “روسي”، فإن الترسانة التكتيكية الروسية محدودة في مدى يصل إلى حوالي 483 كيلومترًا، مقارنة بصاروخ نووي استراتيجي يبلغ خمسة آلاف كيلومتر تقريبًا.

تتمتع الأسلحة التكتيكية بقوة تدميرية هائلة، رغم أنها أقل في إنتاج المتفجرات، مثل عشرة كيلو طن من الديناميت.

وكانت القنبلة الذرية التي أسقطتها الولايات المتحدة على مدينة هيروشيما في اليابان بنهاية الحرب العالمية الثانية في آب 1945، وأسفرت عن مقتل أكثر من 146 ألف إنسان، تزن 15 كيلو طن.

وتتجاوز أوزان الرؤوس الحربية النووية التي تملكها الدول العظمى حاليًا ألف كيلو طن، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية (BBC).

خطوات ردع استباقية

وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، حث حلف شمال الأطلسي (الناتو) على استخدام الضربات الوقائية ضد روسيا لمنع استخدامها للأسلحة النووية.

من جهته، ندد المتحدث باسم “الكرملين”، ديمتري بيسكوف، بهذا الموقف، ووصفه بأنه “دعوة لبدء حرب عالمية أخرى”.

وقال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إن موقف زيلينسكي يوضح لماذا كانت روسيا محقة في شن عمليتها.

في 4 من تشرين الأول الحالي، قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، “لم نرَ أي سبب لتعديل وضعنا النووي الاستراتيجي، وليس لدينا ما يشير إلى أن روسيا تستعد لاستخدام أسلحة نووية وشيكة”.

بدوره، قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، الأسبوع الماضي، إن الولايات المتحدة، أوضحت لروسيا عواقب استخدام سلاح نووي في أوكرانيا.

وأوضح أن بلاده تتعامل مع الأمر بجدية، وأنها على تواصل مباشر مع روسيا بهذا الشأن، بما في ذلك نوع الردود الحاسمة إذا سلكت روسيا “هذا الطريق المظلم”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة