سكان درعا لا يبحثون عن المستفيد من عمليات الاغتيال.. يرحلون

camera iconجندي في قوات النظام السوري يتابع حركة أشخاص بينهم صحفيون من مبنى مدمر بدرعا البلد جنوبي سوريا- 12 من أيلول 2021 (AFP)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خالد الجرعتلي

تصاعدت عمليات الاستهداف في محافظة درعا خلال الأيام الأولى من تشرين الأول الحالي، في حين تتزايد التحذيرات من ضرب السلم الأهلي وتوجه سكان المحافظة للبحث عن طرق لمغادرتها.

ورصدت عنب بلدي 15 عملية استهداف في درعا منذ بداية الشهر الحالي، أدت إلى مقتل 13 شخصًا، وإصابة اثنين آخرين.

وتطال هذه العمليات فئات مختلفة من المجتمع في درعا، من مقاتلين وقياديين سابقين إلى مسؤولين في حزب “البعث” أو مدنيين، ويبقى الرابط المشترك بينها أن منفذيها مجهولون.

وتزامنت عمليات الاستهداف هذه مع ارتفاع حالات العثور على جثث في المحافظة، وخصوصًا في طرقها الفرعية والمعزولة.

وعُثر مؤخرًا على جثث مدنيين من سكان درعا، وآخرين من عشائر البدو شرقي المحافظة، إضافة إلى جثث عناصر بقوات النظام السوري، وآخرين من فصائل المعارضة.

ومن أبرز قتلى الشهر الحالي، القيادي السابق بفصائل المعارضة طارق عسكر، الذي قُتل على يد مجهولين استهدفوه بالرصاص المباشر في منطقة الأشعري بريف درعا الغربي، في 4 من تشرين الأول.

مستفيد.. متضرر؟

يتهم عدد من سكان المحافظة النظام السوري بالوقوف خلف هذه العمليات، لكنها في الوقت نفسه دليل بارز على عدم قدرته على ضبط الأمن في أكبر المناطق التي استعادها من يد فصائل المعارضة.

المحامي عاصم الزعبي، وهو من أبناء محافظة درعا، اعتبر أن ملاحقة ومعرفة المستفيدين من هذه العمليات، يمكن بالنظر إلى الأشخاص المستهدفين.

فعلى مدار الأيام القليلة الماضية، استُهدف عدد من الأشخاص، من بينهم ثلاثة على الأقل مرتبطون بالنظام و”حزب الله” اللبناني وتجارة المخدرات، بحسب الزعبي، وهذا يرجح أن المستفيد من اغتيال هؤلاء معارضون للنظام.

ولكن بصورة أكثر شمولًا، فإن النظام وإيران قد يكونان مستفيدين أيضًا، لأن مستهدفين آخرين هم إما معارضون سابقون، وإما رجال دين رافضون للمشروع الإيراني في الجنوب، وإما مدنيون.

الباحث المساعد في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” والزميل غير المقيم في معهد “التحرير لسياسات الشرق الاوسط” (TIMEP) محسن مصطفى، قال لعنب بلدي، إن عمليات الاستهداف تنحصر بين ثلاثة أطراف متناحرة، هي المعارضة والنظام ومقاتلو تنظيم “الدولة الإسلامية” في الجنوب السوري.

واعتبر أن استمرار عمليات الاستهداف في المحافظة، دليل “فشل أمني” لأجهزة النظام وقواته هناك.

أما من ناحية النفع والضرر، فاعتبر الباحث أن النظام لا ينظر إلى الخسائر البشرية كمقياس نفع وضرر، فما يهمه السيطرة على الأرض، وفرض سيادته عليها، بغض النظر عن عدد القتلى من أي طرف كان، بما فيها قواته.

دويلات

في 4 من تشرين الأول الحالي، هاجم مقاتلون سابقون في فصائل المعارضة حاجزًا عسكريًا لقوات النظام السوري شرقي محافظة درعا على خلفية حملة اعتقالات شنتها الأخيرة في بلدة المسيفرة بالمنطقة نفسها. قُتل إثر الهجوم عنصر من قوات النظام السوري، بينما قُتل مدني من أبناء المسيفرة خلال مداهمة النظام السوري للبلدة.

تمثّل أحداث كهذه توترات أمنية متواترة تضاف إلى تعاقب الاستهدافات بين الأطراف في درعا.

أحد وجهاء ريف درعا الغربي وقيادي سابق في فصائل المعارضة، تتحفظ عنب بلدي على ذكر اسمه لأسباب أمنية، قال لعنب بلدي، إن النظام بعد عجزه عن السيطرة على المحافظة لجأ لأسلوب التصفية، عبر أذرعه في المحافظة.

وأضاف أن لا جهة محددة تقتل في درعا، إلا أن المستفيد الأول هو النظام السوري، لتفريغ المنطقة من المعارضين ودفع المتبقين للهجرة.

واعتبر أن الوضع متجه نحو التفاقم، إذ يعثر السكان على جثث في شوارع درعا بشكل متكرر، في حين تنتشر أفرع النظام الأمنية في المنطقة على شكل “دويلات مستقلة”.

وتنتشر في محافظة درعا مجموعات تعمل لمصلحة “المخابرات الجوية”، ومثلها لـ”الأمن العسكري”، وأخرى لـ”الفرقة الرابعة”، ومجموعات موالية لـ”حزب الله”، إضافة إلى مجموعات من معارضين سابقين غير منظمين، وخلايا لتنظيم “الدولة الإسلامية”.

لضرب السلم الأهلي وإفراغ المحافظة

يتورط عدد من أبناء درعا بعمليات الاستهداف هذه، وهو ما قد يدفع لاقتتالات عشائرية في حال كُشف المنفذون.

وفي أحداث سابقة كُشف منفذو عدد من العمليات، إلا أن وجهاء درعا تمكنوا من استدراك الموقف قبل نشوب نزاع حوله، مثل عفو والد المقتول يوسف اليتيم عن قاتلي ابنه تجنبًا لاقتتال بين عشائر مدينة جاسم.

المحامي عاصم الزعبي اعتبر أن السلم الأهلي مهدد في درعا، إذا أُخذ البعد العشائري للمنطقة بعين الاعتبار، إذ تحمي كل عشيرة أبناءها المتورطين بتنفيذ عمليات الاغتيال حتى الآن، وهو ما قد يفجر خلافات عشائرية تصل إلى حد الاقتتال.

وأشار المحامي عاصم الزعبي إلى أن بعض القياديين، الذين نفذوا بشكل علني عمليات اغتيال، لا يزالون يعيشون في حاضنتهم العشائرية، سواء في درعا البلد، أو الريف الغربي أو الشرقي، وأسماؤهم معروفة للجميع.

ومع تصاعد هذه العمليات في درعا، لجأ عدد كبير من سكانها إلى دول عربية مثل مصر، وأربيل، ولبنان، وآخرون لجؤوا إلى محافظات أخرى ضمن مناطق نفوذ النظام كالعاصمة دمشق، أو مركز مدينة درعا.

الزعبي اعتبر أن ظاهرة الاغتيالات لها دور مهم بدفع السكان للهجرة، لأنها لم تعد تقتصر على المعارضين فقط، أو يجري تنفيذها في الشارع، فمنذ نحو عام، حصلت أيضًا جرائم قتل جنائي بهدف السرقة، تخللتها اقتحامات لمنازل مدنيين وقتلهم وسرقة أموالهم، كما حصل منذ نحو عام في الحراك وداعل.

ما الحلول؟

المحامي عاصم الزعبي، اعتبر أن عددًا من الحلول يمكن أن تحد من عمليات الاستهداف، أولها تعرية المسؤولين عن عمليات استهداف سابقة، وكشفهم إعلاميًا مع الأدلة.

وطالب بخلق دور للعشائر في هذا الشأن، عن طريق رفع يدها عن هؤلاء الأشخاص ومجموعاتهم وعدم تقديم الحماية لهم.

إلى جانب إنشاء مجموعات “حماية ذاتية” في كل بلدة، تراقب الغرباء على مداخلها ومخارجها، كحلول مؤقتة ريثما تتشكّل ظروف ملائمة لإيجاد حل شامل يوصل إلى محاكمة هؤلاء الأشخاص على كل جرائمهم.

وثّق “مكتب توثيق الشهداء” في درعا 48 عملية ومحاولة اغتيال، قُتل خلالها 33 شخصًا في أيلول الماضي، ومن بين القتلى طفلان، إضافة إلى 12 شخصًا أُعدموا ميدانيًا.

ومن إجمالي جميع عمليات ومحاولات الاغتيال، وثّق المكتب 35 عملية ومحاولة استهداف في ريف درعا الغربي، و12 عملية ومحاولة استهداف في الريف الشرقي، وعملية واحدة في مركز مدينة درعا.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة