ذبح “الفطائم” يهدد ثروة إدلب الحيوانية.. رقابة غائبة في القرى

camera iconقطيع من الأغنام في ريف إدلب (عنب بلدي/هدى الكليب)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – أنس الخولي

يزور أحمد زهدي (38 عامًا) القرى المجاورة لمدينة إدلب شمالي سوريا، بهدف شراء كيلوغرامين من لحم أنثى الغنم (الفطائم) أسبوعيًا، وذلك لانخفاض أسعار مبيعها مقارنة بلحم الخروف.

وقال أحمد لعنب بلدي، إن حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب وأجزاء من ريف حلب، منعت ذبح إناث الأغنام في إدلب، إلا أن الجزارين في بعض القرى لم يلتزموا بقرار المنع، وذلك لضعف الرقابة مقارنة بمدينة إدلب.

يجعل ذلك الأهالي يشترون لحم “الفطائم” لانخفاض سعره الذي يصل سعر الكيلو الواحد منه إلى 80 ليرة تركية، وسط عدم قدرتهم على شراء لحم الخروف الذي يبلغ سعر الكيلو الواحد منه 130 ليرة تركية تقريبًا.

يذهب بعض الأهالي لشراء كمية من اللحم تكفيهم لعدة أيام، ولا سيما مع توفر الكهرباء ووجود برادات تمكّنهم من حفظ اللحم وإعداد أطعمة منه عدة أيام بالشهر في ظل غلاء المعيشة هذه الأيام، بحسب ما قاله أحمد.

هبة عثمان (25 عامًا)، ربة منزل تقيم في مدينة إدلب، قالت لعنب بلدي، إن سعر لحم إناث الغنم المنخفض، يوفر خيارًا مقبولًا لربات المنازل، ويمكّن الأسر الفقيرة من شراء كيلو من لحم “الفطائم” وتقسيمه على عدة أنواع من الأطعمة، أما في حال الاعتماد على لحم الخروف، فلن تتمكّن الأسر من شراء اللحم لتغذية أطفالها إلا ليوم أو يومين في الشهر.

علي عمير (51 عامًا)، مهجر من دير الزور يعمل جزارًا في مدينة إدلب، قال لعنب بلدي، إن منع ذبح الإناث جاء لـ”الحفاظ على الثروة الحيوانية”، معتبرًا أن القرار منطقي، إلا أنه من جانب آخر أدى إلى ارتفاع أسعار لحم الخروف، ما أضعف الطلب على اللحوم في المدينة لسببين، الأول ارتفاع السعر، والثاني لجوء عدد من الأهالي إلى القرى المجاورة لشراء لحوم إناث الأغنام ذات السعر المنخفض في ظل قلة الرقابة هناك.

وأشار علي إلى عدم إمكانية استيراد الأغنام من تركيا لاعتماد الشعب التركي في التغذية على لحوم أغنام “البيلا”، معتبرًا أن “هذه اللحوم غير مرغوب بها في مجتمعنا الذي اعتاد تناول لحوم الضأن”.

واقترح لحل المشكلة استيراد الأغنام من المناطق الشرقية في سوريا التي تعد “غنية بالثروة الحيوانية”.

أسباب عدة لذبح “الفطائم”

تعد ندرة المراعي وارتفاع أسعار الأعلاف والأدوية اللازمة للعناية بالأغنام، من أبرز الأسباب التي جعلت المزارعين ورعاة الأغنام يضطرون لبيع صغار وإناث الماشية بهدف شراء أعلاف لإطعام بقية القطيع.

موسى بركات (61 عامًا) مهجر يقيم في ريف إدلب، يعمل مربي مواشٍ، قال لعنب بلدي، إنه اضطر لبيع إناث الأغنام الصغيرات، رغم ما يحمله ذلك من خسائر على المدى الطويل للمزارع أو الراعي.

ويرى موسى أن ذبح إناث الأغنام الصغيرات يمثّل استنزافًا للثروة الحيوانية في الشمال السوري، إلا أن مربي المواشي لا يملكون خيارًا آخر بسبب ندرة المراعي، وعدم قدرتهم على إطعام القطيع مع ارتفاع أسعار الأعلاف والأدوية.

وأضاف موسى أن منع ذبح إناث الأغنام وإن كان ضروريًا بالنسبة للمنطقة، إلا أنه زاد من خسارة المزارعين ورعاة الأغنام، الذين يضطرون اليوم لبيع عدد أكبر من السابق من الأغنام الإناث لتأمين الأعلاف بعد انخفاض سعر الإناث بقرار منع ذبحها ووقوع الرعاة ضحية لاستغلال التجار.

الذبح مسموح وفق شروط

يهدد الذبح العشوائي لصغار إناث الأغنام الشمال السوري باستنزاف الثروة الحيوانية في المنطقة، وارتفاع الأسعار لتصل إلى أرقام خيالية في المستقبل.

بلال طالب، طبيب بيطري يقيم في مدينة إدلب، قال لعنب بلدي، إن قرار منع الذبح العشوائي وإلزام الجزارين بالقرارات الصادرة عن الجهات المسؤولة جاء في محله، وإن تأخر نسبيًا، وذلك للحفاظ على الثروة الحيوانية في المنطقة وعدم استنزافها، وضمان سلامة المستهلك.

الطبيب البيطري حسن محمد، صاحب صيدلية بيطرية في مدينة إدلب، قال لعنب بلدي، إن الرقابة من قبل التموين والمجالس المحلية على الذبح العشوائي للأغنام خارج مدينة إدلب أقل وأضعف من المدينة، لذا من الطبيعي وجود تجاوزات خارج المدينة، ما يجعل الأهالي يلجؤون لهناك لشراء لحم “الفطائم” ذات السعر المنخفض.

وأضاف الطبيب البيطري أن ذبح “الفطائم” ليس ممنوعًا نهائيًا، ويمكن في حالات مثل عدم قدرة الإناث على الإنجاب والكبر في السن، وحالات أخرى تخضع لتقدير الطبيب البيطري.

وأوضح أنه يتم ذبح الإناث تحت إشراف الطبيب البيطري في المسلخ، ووفق ضبط يُنظم للحالة، ويُمنح الجزار صورة عنه حتى لا تتم مخالفته من قبل لجان الرقابة.

لـ”الحفاظ على الثروة الحيوانية”

المدير العام للتجارة والتموين، محمد السليمان، قال لعنب بلدي، إن حكومة “الإنقاذ” منعت ذبح إناث المواشي دون الرجوع للمسلخ البلدي الموجود في المدن والبلدات الكبيرة، وجرى انتداب أطباء بيطريين موزعين على جميع القرى والبلدات، ليقوموا بفحص أي أنثى “عواس” غير مجدية اقتصاديًا وإعطاء موافقة خطية بالسماح بذبحها.

وأضاف السليمان أن فرق الرقابة التموينية تابعت محال القصابة والجزارين، ونبهتهم عدة مرات بالتوقف عن ذبح إناث الماشية، وفيما بعد عملت الرقابة التموينية على تنظيم عدة ضبوط تموينية بحق المخالفين لهذا القرار كوسيلة ردع لهم، لما فيه من تهديد للثروة الحيوانية في المنطقة.

وحول أسباب ارتفاع أسعار اللحوم، قال السليمان، إن أي سلعة كانت بما فيها اللحوم تخضع للعرض والطلب، ويمكن أن يختلف سعر اللحوم بين منطقة وأخرى كون الإقبال عليها يختلف، كما أن أي صاحب ملحمة ملزم بالإعلان عن النوع والسعر لتفادي غبن المستهلك.

وتنتشر لجان الرقابة في الأسواق وعلى الجزارين للتأكد من الالتزام بهذه التعليمات، وقد تصل العقوبة المفروضة على المخالفين إلى حد إغلاق المحال التجارية بالشمع الأحمر، ومنع المخالفين من مزاولة المهنة نهائيًا.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة