المزارعون يشترون "الحر"

أسعار العلف “المدعوم” تمتص أرباح الحليب بدرعا

camera iconجاروشة لطحن الأعلاف في ريف درعا الغربي في 5 من تشرين الأول 2022 (عنب بلدي/ حليم محمد)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حليم محمد

لم يعد يكترث يوسف (33 عامًا) لنداءات الجمعية الفلاحية بشأن التسجيل على علف المواشي “المدعوم” في ريف درعا، بعد أن بات سعره لا يختلف عن أسعاره في السوق المحلية.

أمام جاروشة خاصة بالأعلاف في ريف درعا الغربي، يختار يوسف مكوّنات الخلطة العلفية التي يعدها لتغذية أبقاره، وقال لعنب بلدي، إنه مع تقارب أسعار مبيع العلف “الحر” و”المدعوم”، لجأ لشراء “الحر” لضمان جودة الخلطة، فضلًا عن عدم الانتظار حتى تجلب “الجمعية الفلاحية” الأعلاف.

وأضاف يوسف الذي يمتلك ثلاثة رؤوس من الأبقار، أنه يرغب بتسلّم الأعلاف بالسعر “المدعوم” ما يوفر عليه من تكلفة الإنتاج، إلا أن عمل الجمعيات يحكمه روتين دوائر الدولة، ويتحكم في مفاصل عملها المتنفذون، معتبرًا أنها أصبحت “بلا فائدة” بعد تراجع دورها في دعم الفلاح والمربي.

بدوره، قال عبد الرحمن (55 عامًا) من سكان تل شهاب بريف درعا الغربي، إن الجمعية لم توزع إلا دفعتين من مادة الأعلاف خلال فصل الصيف الماضي.

“بالأساس كميات العلف المدعوم لا تعتبر بديلًا، لأن تأخير قدومها وأسعارها تجعل المربي يعتمد على السوق السوداء”، بحسب تعبير عبد الرحمن.

أجور النقل وراء الارتفاع

حول أسباب ارتفاع أسعار العلف “المدعوم”، أوضح خالد العضو السابق لدى إحدى “الجمعيات الفلاحية” في محافظة درعا، أن أجور نقل الأعلاف هي السبب الرئيس في رفع الأسعار، وأن “المؤسسة العامة للأعلاف” تسلم المخصصات في مدينة إزرع، في حين تضطر “الجمعيات الفلاحية” لدفع أجور هذه المسافة، التي تزداد كلما بعدت المنطقة عن إزرع.

وأضاف خالد لعنب بلدي، أن أجرة السيارة من إزرع إلى قرى حوض اليرموك، على سبيل المثال، لا تقل عن 500 ألف ليرة سورية، ما يدفع إدارة الجمعية لرفع السعر “المدعوم” لتغطية نفقات النقل.

واعتبر عضو “الجمعية الفلاحية” السابق، أن هذا الأمر تسبب بعزوف المربين عن التسجيل وانتظار وصول مخصصاتهم من العلف “المدعوم”، بعد تقارب أسعاره من الأسعار الموجودة في السوق.

وبسبب ارتفاع أسعار المازوت في السوق المحلية، رفع سائقو سيارات الشحن أجور نقل المواد العلفية، إذ وصل سعر الليتر من المازوت في السوق المحلية إلى نحو ثمانية آلاف ليرة سورية.

مدير فرع الأعلاف في محافظة درعا، فراس الشرع، قال في حديث إلى صحيفة “تشرين” الحكومية، نهاية أيلول الماضي، إن الدورة العلفية لمربي الأبقار في درعا، التي بدأت منذ ثلاثة أشهر وانتهت نهاية أيلول الماضي، شهدت إقبالًا ضعيفًا من قبل المربين، وذلك لتقارب سعر الأعلاف بين “المدعوم” و”الخاص”.

وأضاف الشرع أن “المؤسسة” خصصت 150 كيلوغرامًا لكل رأس بقر، بناء على إحصاء الوحدات الإرشادية في أثناء تلقيح الأبقار ضد الحمى القلاعية.

مربو الأبقار خاسرون

يختلف سعر كيلو العلف باختلاف مكوّنات الخلطة، التي تنعكس على زيادة إدرار الحليب.

وتتكون الخلطة العلفية الممتازة من فول الصويا (ما لا يزيد على عشرة كيلوغرامات في كل كيلو علف)، ويستبدل بها بعض المربين كسبة بذور القطن بنفس الكمية، ومن الذرة والشعير وقشور القمح (نخالة).

وتمد كسبة فول الصويا البقرة بالبروتين الذي يسهم بزيادة الحليب، بينما يمد الشعير والذرة المواشي بالطاقة.

ووصل سعر كيلو فول الصويا إلى نحو أربعة آلاف ليرة سورية، وكسبة بذور القطن إلى نحو ثلاثة آلاف و500 ليرة للكيلو الواحد، وكيلو الذرة إلى نحو ألفين و600 ليرة، والشعير إلى ألفين و700 ليرة، وسعر النخالة إلى نحو ألف و500 ليرة سورية.

ورغم ارتفاع أسعار الحليب، لا يزال المربون خاسرين، بسبب ارتفاع سعر الأعلاف، إذ وصل سعر كيلو الحليب مباعًا للتاجر مباشرة إلى ألفي ليرة سورية.

عبد الرحمن مربي أبقار بريف درعا الغربي، قال لعنب بلدي، إنه رغم تحسن سعر الحليب، فإن العلف شهد ارتفاعًا هو الآخر، إذ تصل تكلفة كيلو العلف إلى نحو ألفين و100 ليرة سورية.

ولا تقتصر التكلفة على الأعلاف فقط، بحسب عبد الرحمن، إذ يجب تأمين “عليقة عشبية من البرسيم والفصة والذرة الحشاشة”، وبعد شح المياه في ريف درعا، صارت هناك صعوبة في زراعتها، كما ارتفعت أجور الطبابة البيطرية والأدوية وخاصة المستوردة، بالإضافة إلى ضرورة تأمين التبن الذي وصل سعر الكيلو الواحد منه إلى نحو 800 ليرة سورية.

واعتبر المربي أن الحل الوحيد لتحقيق الأرباح هو تدخل “مباشر” من “مؤسسة الأعلاف”، ودعم المربين بسعر الأعلاف، ليتمكنوا من كسر حلقة التجار في تحديد أسعار المواد العلفية بالقطاع الخاص، وتوصيل الأعلاف على نفقة الحكومة إلى مقار الجمعيات الفلاحية.

وبحسب ما رصدته عنب بلدي، شهد سوق الأبقار ركودًا في حركة البيع والشراء، ورغم انخفاض أسعارها مقارنة بما قبل عام 2020، فإن زيادة تكاليف الإنتاج دفعت المربين للعزوف عن الشراء والتربية.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة