“حمامة مطلقة الجناحين”.. خرجت من المعتقل قبل صاحبها

tag icon ع ع ع

يكتسب ديوان الشاعر السوري فرج بيرقدار “حمامة مطلقة الجناحين” ما يميزه حتى قبل القراءة، باعتبار أن بعض قصائده كُتبت في المعتقل، وخرجت من هناك قبل صاحبها، حين جرى تهريبها.

تلك القصائد بقيت بكرًا، ولم تخضع لعمليات جراحية يمكن للشاعر إجراؤها على نصوصه قبل نشرها، فيضيف أو يغيّر أو يحذف، بمعنى أنها قصائد المرة الواحدة، أو قصائد ذاكرة، كون بيرقدار كتبها في الذاكرة، قبل الورق، بسبب غياب الأقلام والأوراق، وحافظ عليها بذاكرته لسنوات قبل نقلها على الورق.

ولا ترتبط كتابة القصائد في المعتقل بالمعاناة والمأساة وغياب الحرية فقط، فهناك أيضًا الجانب الواقعي، باعتبار أن النص وفي طريقه لرسم العالم كما يجب أن يكون، يصوّر العالم كما هو كائن، وهي إحدى مهام الشعر أيضًا باعتباره أحد الأنشطة الفنية الإبداعية التي تتقافز على خطوط الماضي والحاضر والمستقبل بحرية.

الديوان يتكون من 22 قصيدة يغلب عليها القصر، وتمتد على أقل من 70 صفحة، ويرتبط بعضها بأحداث مباشرة عايشها الشاعر في المعتقل.

وفي قصيدة حملت عنوان “إضراب عن الطعام”، يقول فرج بيرقدار، “في الهزيع الأخير من الدم والذكريات، في الصهيل الأخير من المعد الخاوية، يعلن الشجر الآدمي نبوته، ويفيض بقاماتنا الضاوية”، وكُتبت هذه القصيدة في سجن “تدمر” عام 1989.

القصائد بالمجمل تحمل نفس الرفض والنقد، وتعبّر عن حالة حرية يدركها المعتقل ربما أكثر من الطليق، فالإضراب المذكور في القصيدة استمر 11 يومًا، وأنهاه المعتقلون بتنفيذ بعض مطالبهم، وأبرزها إيقاف الضرب العشوائي والشتائم غير المبررة.

أما في قصيدة “بورتريه”، فيحمل النص سخرية واستحقارًا غير مباشر من الشاعر تجاه الحاكم الدكتاتور، فيقول فيها، “فمه على هيئة كاتم صوت ولسانه بيت النار، على كتفيه طواويس منفوخة بالهزائم (…) يرعانا بقلب ضرير، ويحرسنا بأسلاك شائكة، نواياه مفخخة، وابتسامته نذير مجزرة، حكمته موت، وعدالته جهنم”.

فرج بيرقدار شاعر سوري، ولد عام 1951، ودرس اللغة العربية، وتعرض للاعتقال مرتين، أولاهما عام 1978، بسبب مشاركته في إصدار مطبوعة أدبية بجامعة “دمشق”، والثانية عام 1987 بسبب الانتماء للحزب “الشيوعي” حينها.

وبعد اعتقال استمر ست سنوات، أُحيل بيرقدار إلى محكمة “أمن الدولة العليا”، التي قضت بسجنه 15 عامًا مع الأشغال الشاقة والحرمان من الحقوق المدنية والسياسية، لكن حملة دولية دفعت النظام السوري للإفراج عنه في تشرين الثاني 2000، بعد 14 عامًا من الاعتقال.

للشاعر العديد من الدواوين والمجموعات الشعرية، ومنها “خيانات اللغة والصمت”، و”مرايا الغياب”، و”قصيدة النهر”، و”أنقاض”، و”الخروج من الكهف”، و”يوميات السجن والحرية”، و”تقاسيم آسيوية”، و”ما أنت وحدك”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة