tag icon ع ع ع

خالد الجرعتلي | حسن إبراهيم | حسام المحمود | جنى العيسى

غيّر الاقتتال الداخلي الأخير بين فصائل المعارضة شمالي محافظة حلب وجه التحالفات في المنطقة، خصوصًا مع تشكيل تحالف ضم فصائل كانت تُعرف بأنها من أكثر التشكيلات عداء لبعضها.

وقُسمت أطراف النزاع شمالي حلب إلى قسمين، الأول مكوّن من “فرقة السلطان سليمان شاه” (العمشات) و”فرقة الحمزة” (الحمزات) التابعتين لـ”الجيش الوطني”، إلى جانب “هيئة تحرير الشام” التي كانت تناصب هذه الفصائل العداء قبل سنوات، والثاني هو “الفيلق الثالث” الذي يضم مجموعة من فصائل “الجيش الوطني السوري”.

ولطالما اتهمت “تحرير الشام” حلفاءها اليوم بأنهم رؤوس الفساد في الشمال السوري، بينما بادلوها الاتهامات في مناسبات متعددة، مطلقين على قائدها “أبو محمد الجولاني” وعناصرها ألقابًا عديدة كـ”الخوارج” و”الإرهابيين”.

اندلع الاقتتال على خلفية ضلوع مقاتلين من “فرقة الحمزة” باغتيال الناشط الإعلامي محمد عبد اللطيف (أبو غنوم) وزوجته الحامل في الباب، في 10 من تشرين الأول الحالي، لكن حادثة الاغتيال لا تعدو كونها الشرارة التي أشعلت أكوام القش.

مصلحية لـ”تحرير الشام”.. وجودية لحلفائها

اقتتال يرسم خريطة تحالفات جديدة

في شباط الماضي، أعلنت لجنة ثلاثية حققت بانتهاكات “فرقة السلطان سليمان شاه”، عزل قائدها محمد الجاسم، المعروف بـ“أبو عمشة”، عن جميع مهامه الموكلة إليه، فيما بدا حينها على أنه بوادر محاكمته على انتهاكات عديدة نُسبت له.

لكن لم يمر أكثر من شهر على انتهاء هذه المحاكمات، حتى ظهر “أبو عمشة” بمنطقة أطمة، في زيارة إلى أقاربه ضمن مناطق نفوذ “هيئة تحرير الشام”.

سبق ذلك بادرة اعتُبرت الأولى من نوعها، عندما أبدى “أبو عمشة” استعداده للتفاهم مع “هيئة تحرير الشام”، والمشاركة إلى جانبها في قتال النظام ضمن “قيادة ومظلة (الجيش الوطني السوري)”.

هذا التمهيد لإنشاء علاقات مع “تحرير الشام” بدا جليًا في الاقتتال الأخير، الذي نشأ أولًا بين فصائل “الفيلق الثالث” في “الجيش الوطني”، بمواجهة “فرقة الحمزة” (الحمزات) و”فرقة السلطان سليمان شاه” (العمشات)، اللتين سرعان ما استعانتا وأدخلتا أرتال “تحرير الشام” إلى مناطق سيطرتهما في عفرين.

وتسيطر فصائل “الجيش الوطني” على ريف حلب الشمالي والشرقي بدعم تركي، بينما تسيطر “تحرير الشام” على منطقة إدلب.

الباحث السياسي في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” معن طلاع، قال لعنب بلدي، إن العلاقة بين أطراف هذا الحلف هي علاقة مصلحية بالنسبة لـ”تحرير الشام”، ووجودية بالنسبة للفصيلين الآخرين.

ويعي “أبو عمشة” اليوم أن خياراته شمالي حلب باتت محدودة، خصوصًا مع شهرته بين أوساط السوريين بأنه إحدى أكثر الشخصيات التي تُنسب لها انتهاكات بحق المدنيين.

الأمر الذي دفع به للبحث عن قوة عسكرية قد تكون “موازنة” لظروفه بين فصائل “الجيش الوطني”، وهو ما ينطبق على “الحمزات” أيضًا.

بينما أثبتت التجارب مع “تحرير الشام” أنها دائمًا ما تبحث عن طرف أو ظرف ليكون مدخلها نحو حدث معيّن أو منطقة ما، بحسب طلاع.

وأشار إلى أن شكل التحالف اليوم لا يعكس بالضرورة رغبة “تحرير الشام” بالعمل أو التحالف مع “العمشات” و”الحمزات”، إنما تبحث “الهيئة” عن غطاء لها لـ”مد نفوذها نحو شمالي حلب”.

طلاع اعتبر أن هذه الاستراتيجية في التحالفات تندرج تحت تصنيف “التحالف المصلحي” بالنسبة لـ”تحرير الشام”، وهو ما أظهرته تحالفاتها منذ فك ارتباطها عن تنظيم “القاعدة” حتى اليوم، بينما اعتبره “تحالفًا وجوديًا” بالنسبة للفصيلين الآخرين.

قوات “الفيلق الثالث” التابع لـ”الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا في عفرين شمالي حلب- 12 من تشرين الأول 2022 (مراسل الفيلق الثالث)

كيف تنظر “تحرير الشام” إلى ريف حلب؟

هذه ليست المرة الأولى التي تحشد فيها “تحرير الشام” قواتها بالمنطقة لاقتحام مناطق نفوذ “الجيش الوطني” شمالي حلب، ما يجعلنا ندرك أن لـ”الهيئة” رؤية مسبقة لهذه المنطقة بشكل عام، بحسب الباحث معن طلاع.

ومن أجل فهم رؤية “تحرير الشام” للمنطقة، قال طلاع، إن “الهيئة” تنظر إلى المناطق الممتدة من كفر جنة وصولًا إلى جنديرس في ريف حلب، على أنها خاصرة أمنية خاصة بها.

واعتبر طلاع أن حالة التحالفات اليوم لا علاقة لها بميزان القوى شمال غربي سوريا، فمن البديهي معرفة أن “تحرير الشام” هي الطرف الأقوى، وبالتالي يمكنها تجاهل حالة العداء مع فصائل أخرى في تحالفاتها المصلحية في المنطقة.

وبطبيعة الحال، فإن صيغة عمل “تحرير الشام” لا تقبل القسمة على اثنين، بالتالي لا يمكن اعتبار ما يحصل في جانب “تحرير الشام” وحلفائها حلفًا حقيقيًا سيستمر طويلًا.

وأضاف طلاع أن “الهيئة” تعمل على جميع المستويات، الأمنية والعسكرية وحتى الخدمية بشكل منفرد، وتفضّل عدم مشاركة الإدارة مع جهات أخرى.

يتقاطع هذا التحليل من الباحث طلاع مع بنود الاتفاق بين الطرفين لوقف الاقتتال، الذي أقر مساء 14 من تشرين الأول الحالي، رغم أن تنفيذه لا يزال موضع شك وجدل.

وينص القرار على اكتفاء “الفليق الثالث” بنشاطه العسكري فقط، ما يعني دورًا أكبر في إدارة المنطقة لمصلحة “تحرير الشام”، وهو ما أشار إليه البند الأخير الذي ينص على “استمرار التشاور والمداولات لترتيب وإصلاح المؤسسات المدنية في المرحلة المقبلة”.

“العمشات”: لسنا في تحالف

مع بداية الاقتتال الفصائلي الذي انطلق من مدينة الباب شرقي حلب بين “الحمزات” و”الفيلق الثالث”، دخل فصيل “العمشات” على خط المواجهات داعمًا لـ”الحمزات”، معلنًا عن جبهات جديدة في محيط عفرين.

وما لبث لـ”العمشات” أن دخلت المواجهات حتى بدأت “تحرير الشام” بالتوغل في مناطق نفوذ “الجيش الوطني” ضد “الفيلق الثالث”، مؤازِرة لأعدائه في القتال.

“الفيلق الثالث” علّق حينها على هذا التحالف، ردًا على أسئلة عنب بلدي، بأن “العمشات” هرّبوا مقاتلين من “تحرير الشام” إلى معقلهم في منطقة شيخ الحديد شمال غربي عفرين، ليبدؤوا هجومًا متزامنًا ضد “الفيلق” من عدة محاور.

مكتب العلاقات العامة في “فرقة السلطان سليمان شاه” (العمشات)، أجاب عن أسئلة عنب بلدي بأن الفصيل “لم يقاتل أحدًا أساسًا”، متسائلًا: كيف يجري تصنيفه ضمن حلف بجانب “الهيئة” أو “الحمزات”؟

وأضاف المكتب أن جهود الفصيل كانت متجهة لمحاولات حل الخلاف والوساطة لإنهاء الاقتتال “الذي لا يخدم الساحة والثورة “، على حد قوله، إلا أنه تفاجأ بـ”هجوم مباغت” باتجاه شيخ الحديد من قطاعات “الفيلق الثالث” وذلك من قرية ارندة.

واعتبر أن ما حصل في ريف عفرين الغربي هو حالة دفاع عن النفس، و”رد للبغي عن الفصيل وقاطني المنطقة من النازحين”.

مجموعة من “الفيلق الثالث” التابع لـ”الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا على مدخل مدينة اعزاز الغربي بعد انسحابها من عفرين بريف حلب- 13 من تشرين الأول 2022 (عنب بلدي)

سياسة “صفر مشكلات”

المكتب الإعلامي في “العمشات” قال إن فصيله إلى جانب “فرقة الحمزة” اتخذا موقفًا عنوانه “سياسة تصفير المشكلات مع الجميع”، في إشارة إلى علاقته مع “تحرير الشام”.

واعتبر أن أعداء هذه الفصائل منذ لحظة اعتماد هذه السياسة هم النظام وحلفاؤه وحزب “العمال الكردستاني” (PKK) وتنظيم “الدولة الإسلامية”.

وأشار إلى أن جميع الفصائل التي تقاتل تلك الجهات هم “حلفاء وأصدقاء”، متخذين من تركيا وقطر “حليفين استراتيجيين”.

ويواجه فصيلا “الحمزات” و”العمشات” اتهامات بتبعيتهما التامة لتركيا أكثر من بقية فصائل “الجيش الوطني”، نظرًا إلى زيارات عديدة لشخصيات استخباراتية تركية لهذه الفصائل على وجه الخصوص خلال الفترات السابقة.

ثلاثة مشاريع

الباحث السياسي في مركز “جسور للدراسات” وائل علوان، اعتبر أن هذا الاقتتال بين فصائل المعارضة يرسم تحالفات فعلية بين هذه الفصائل، وغالبًا ستكون أكثر متانة واستقرارًا من سابقاتها، لكنها ستقسم فصائل “الجيش الوطني” إلى ثلاثة أقسام.

القسم الأول هو “الفيلق الثالث” بفصائله، مع حلفائه من “حركة التحرير والبناء”، لكن ربما قد يؤدي إلى إعادة هيكلة داخل “الفيلق” نظرًا إلى انقسام داخله، إذ يمكن أن تنسحب أو تنضم له بعض المجموعات والفصائل الأخرى.

واعتبر علوان أن هذه الكتلة من “الجيش الوطني” إن لم تغيّر طريقة تفكيرها ستستمر الضغوط بحقها، معتبرًا أن الفصائل الأخرى غير مهتمة بمبادرة “التوحيد” الخاصة بـ”الفيلق الثالث”.

أما التحالف الثاني فهو حلف “تحرير الشام” الذي تحول مؤخرًا إلى شراكة وتحالف متين نظرًا إلى الأحداث العسكرية الأخرى، وبطبيعة الحال فإن هذه الكتلة العسكرية هي “العدو التقليدي” لمكوّنات “الفيلق الثالث”.

وعلى رأس هذه الكتلة “الحمزات” و”العمشات” و”الفرقة 23″ (أحرار الشام القاطع الشرقي)، وحتى إن انسحبت “تحرير الشام” من المنطقة، فلن تخرج قبل أن تكون مطمئنة على مصالحها في المنطقة عبر حلفائها.

وتكمن قضية اطمئنان “الهيئة” على مصالحها من خلال تمكين وتقوية شركائها في المنطقة، وبناء قدرة التفاعل الأمني المستمر معهم، بحسب علوان.

بينما تتمثل الكتلة الثالثة من هذه الفصائل بتلك المجموعات التي وقفت على الحياد من الاقتتال الأخير، لأسباب متنوعة ومختلفة ليس لأنها حلف واحد، لكن الرابط المشترك بينها، أنها تركت هامشًا للتفاعل مع مشروع “تحرير الشام” في حال تحول إلى واقع في المنطقة، خلافًا لـ”الفيلق الثالث” الذي خسر هذه الميزة.

حاجز أمني لـ”عاصفة الشمال” التابعة لـ”الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا على الطريق الواصل بين مدينتي اعزاز وعفرين بريف حلب- 13 من تشرين الأول 2022 (عنب بلدي)

حلف المتفرجين

لا تعتبر المعارك الحالية جديدة على فصائل المعارضة السورية، إذ سبق وشهدت المنطقة خلال السنوات الماضية العديد من الاقتتالات الداخلية، منها ما أدى إلى حل فصائل عسكرية كبرى، إلا أن الجديد توسع دائرة “المتفرجين” أو أصحاب المواقف الشكلية.

“الحكومة المؤقتة” تغرد بعيدًا

مع بدء الأعمال القتالية بين فصائل المعارضة شرقي حلب، وبالتحديد في محيط مدينة الباب، أصدرت وزارة الدفاع التابعة لـ”الحكومة المؤقتة” بيانًا طالبت فيه فصائل “الجيش الوطني” بـ”وقف الاحتكام للسلاح، منعًا لإراقة الدماء، ولكي تستطيع المؤسسات الأمنية والقانونية اتخاذ إجراءاتها بحق المجرمين وداعميهم ومعرفة دوافع جريمة مقتل الناشط (أبو غنوم)”.

المعارك على الأرض رافقتها تحركات سياسية للجهات المسؤولة عن المنطقة، ولكن باتجاه مغاير لا يعكس ما يحدث على الأرض ولا يرتبط به، إذ افتتح رئيس “الحكومة المؤقتة”، عبد الرحمن مصطفى، تزامنًا مع اشتداد المعارك، مركز الرنين المغناطيسي في مدينة الراعي بريف حلب الشمالي.

كما التقى مصطفى بعدها بيوم واحد في مقر الحكومة بريف حلب مع رئيس مجلس محافظة الرقة، لمناقشة الواقع الخدمي والاقتصادي، والمشكلات التي تواجه القطاع الزراعي لـ”النهوض بالواقع الزراعي”.

وفي 13 من تشرين الأول الحالي، عقد مصطفى اجتماعًا في مقر الحكومة، ضم وفدًا من المزارعين لمناقشة الواقع الاقتصادي، وناقش الحضور الإمكانيات المتوفرة والعقبات والمشكلات التي تواجه المزارعين.

“الائتلاف الوطني السوري المعارض” لم يصدر تعليقه الثاني على الاقتتال حتى 14 من تشرين الأول الحالي، أي بعد مرور ثلاثة أيام على القتال، إذ استنكر في بيان لجوء فصائل عسكرية إلى السلاح في حل المشكلات، وطالب الجميع بالوقف الفوري للاقتتال حقنًا للدماء وحفاظًا على مكتسبات الثورة في المناطق.

واعتبر “الائتلاف” أن الاقتتال “يسيء لثورة السوريين”، لافتًا إلى أن القضاء هو السبيل لمعالجة أي خلافات أو مشكلات، وتحكيم أهل الرأي والحكمة في القضايا الكبرى وعدم اللجوء للاقتتال.

تبع ذلك ظهور الناطق الرسمي لوزارة الدفاع في “الحكومة السورية المؤقتة“، العميد أيمن شرارة، عبر تسجيل مصوّر من مدينة عفرين شمالي حلب، للتأكيد على خلو المدينة من “المظاهر المسلحة”.

وقال شرارة خلال التسجيل المصوّر الذي التقطه على مقربة من وسط مدينة عفرين، إن “الحكومة المؤقتة” (المدعومة من تركيا) هي التي تشرف على إدارة الوضع الأمني في عفرين، عبر فروع الشرطة العسكرية والمدنية التابعة لها.

“الفيلق الثالث” يكذّب “المؤقتة” و”الوطني”

عقب يومين على المواجهات، قابل مراسل عنب بلدي في ريف حلب قائد غرفة عمليات “الفيلق الثالث”، العميد عبد السلام حميدي (أبو حسام)، في منطقة كفر جنة غربي اعزاز، الذي اعتبر أن جميع الفصائل “لها مصلحة فيما يجري”.

واعتبر حميدي أن ما يحدث هو “مؤامرة متكاملة على (الفيلق الثالث) الذي خرج لنصرة المظلومين”.

عضو “المجلس الإسلامي السوري” والمقرب من “الفيلق الثالث”، وسام القسوم، أرجع في حديث إلى عنب بلدي سبب غياب مبادرة للحل أو وساطة أو تدخل من أجل وقف القتال وتقدم “تحرير الشام”، بعد مرور خمسة أيام على الاشتباكات، بأن هناك رغبة عند قائد “تحرير الشام”، “أبو محمد الجولاني”، وأتباعه بالقضاء على “الفيلق الثالث” أو التضييق عليه اقتصاديًا وجغرافيًا.

وقبل أن تدخل “تحرير الشام” إلى عفرين، ظهر القسوم إلى جانب قياديين في “الفيلق الثالث”، في 12 من تشرين الأول الحالي، عبر تسجيل مصوّر قائلًا، إن المعركة التي يخوضها “الفيلق” هي “معركة ثورة وليست معركة بسط نفوذ أو سيطرة”.

مواقف “الحكومة المؤقتة” قوبلت بنفي وتكذيب من قبل القسوم، الذي نشر عبر “تويتر” أن أرتال “تحرير الشام” لا تزال تسير من عفرين إلى محاور القتال في كفر جنة.

وجّهت عنب بلدي أسئلة إلى الناطق الرسمي لوزارة الدفاع في “المؤقتة”، العميد أيمن شرارة، حول موقف قيادة “الجيش الوطني” من التحالفات بين فصيلي “الحمزات” و”العمشات” مع “تحرير الشام” لقتال “الفيلق الثالث”، وموقفها من وصول “تحرير الشام” إلى مناطق نفوذ “الجيش الوطني”، لكنها لم تتلقَّ ردًا حتى لحظة نشر هذا التقرير.

فصائل تشاهد عن قرب

أظهر اصطفاف “الحمزات” و”العمشات” إلى جانب “تحرير الشام” الشرخ بين مكوّنات “الجيش الوطني”، وعمّقه وقوف العديد من فصائل الأخير موقف الحياد، ما وضعها في دائرة التواطؤ والاتهام والخيانة.

أبرز هذه الفصائل “فيلق الشام” الذي يمتلك مواقع في مناطق إدلب وحلب، وتنتشر نقاط رباطه شمالي حلب، والذي لم يقف أمام تقدم “تحرير الشام”، وهي المرة الثانية خلال أشهر، وسبق أن وُجّهت له اتهامات بـ”الخيانة” حين دخلت أرتال “الهيئة” إلى ريف عفرين في حزيران الماضي.

ولم يعلّق “فيلق الشام” المقرب من تركيا على الاتهامات، رغم أنه أصدر، في حزيران الماضي، بيانًا كرد على اتهامات سابقة، وألقى المسؤولية حينها على “الجيش الوطني”، ذاكرًا أنه أبلغ الأخير ومكوّناته (الفيالق الثلاثة) بالحشود العسكرية لـ”تحرير الشام”، وطلب منهم إرسال قوى وتعزيزات للمنطقة، وقوبلت طلباته باكتفاء الفصائل بالبقاء بمناطق سيطرتها وترك “فيلق الشام” وحيدًا في منطقة تشترك بـ30 كيلومترًا مع مناطق سيطرة “تحرير الشام” في إدلب.

تعداد الفصائل التابعة لـ”الجيش الوطني” واختلاف اصطفافها وعلاقاتها المضطربة فيما بينها جعل من الصعب إحصاء التي وقفت على الحياد منها.

ومن أبرز الفصائل التي نأت بنفسها عن الاقتتال: “صقور الشمال، صقور الشام، الفرقة التاسعة، فيلق المجد، فيلق الرحمن، كتائب 112، كتائب 113، فرقة السلطان محمد الفاتح، فرقة المعتصم، فرقة المنتصر بالله، جيش النخبة، مجموعات جيش العزة، جيش النصر، لواء سمر قند، فرقة ملك شاه، فيلق حمص، كتائب ثوار الشام، لواء الشمال”.

واتخذت بعض الفصائل موقفًا غير واضح بالكامل من دخول “تحرير الشام” إلى مناطق ريف حلب، أبرزها “هيئة ثائرون للتحرير” التي تعتبر نواة “الفيلق الثاني” في “الجيش الوطني” دون أي تدخل فعلي على الأرض، واكتفى بعض القياديين فيها بمنشورات عبر منصات التواصل الاجتماعي حملت وسم “الجولاني عدو الثورة”، في حين غاب التعليق على ما يحصل من بعضهم الآخر.

قوات “الفيلق الثالث” التابع لـ”الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا في عفرين شمالي حلب- 12 من تشرين الأول 2022 (مراسل الفيلق الثالث)

أين تركيا من مناطق نفوذها؟

تحظى تركيا بصلاحيات واسعة في مفاصل المنطقة، خاصة أنها الداعمة الرئيسة للعمليات العسكرية التي سيطرت خلالها فصائل “الجيش الوطني” على ريف حلب (درع الفرات وغصن الزيتون)، واتسعت هذه الصلاحيات لتشمل القطاعات الخدمية والمدنية متجاوزة القطاع العسكري.

وتملك تركيا عددًا من القواعد العسكرية في المنطقة التي صار يشار إليها على أنها مناطق نفوذ تركيا في الشمال السوري.

تسجيل دخول متأخر

لكن الاقتتال الأخير لم يسجل أي موقف تركي، إذ لم تدعم أي جهة كما لم تشارك في وساطة أو تهدئة حتى اليوم الرابع من الاشتباكات، عندما دخلت أرتال إلى عفرين والباب غادرت سريعًا، ثم كانت طرفًا ضامنًا باتفاق حسم الخلاف لمصلحة “تحرير الشام” على صعيد النفوذ.ي

تعليقًا على الموقف التركي من الاقتتال، قال محلل السياسة الخارجية والأمن في أنقرة عمر أوزكيزيلجيك لعنب بلدي، إن “هيئة تحرير الشام” استغلت وضع “الجيش الوطني” وحالة الفصائلية وعدم التماسك التي يعانيها كجزء من سياستها للتوسع وأن تصبح القوة المهيمنة والفاعل الرئيس بالمنطقة في سعيها للتخلص من تصنيفها كـ”منظمة إرهابية”، ولكن هذه الجهود “مآلها الفشل”.

واعتبر أن الطرف التركي ليس غائبًا عن المواجهات الأخيرة، إنما هناك آليات عسكرية تحركت باتجاه عفرين والباب، وهذا يُفهم كـ”استعراض قوة” ورسالة تحذير مفادها أن تركيا ستلجأ إلى التصرف في حال لم يحصل اتفاق.

أوزكيزيلجيك اعتبر أن المسألة ليست صمتًا تركيًا بل “عدم رغبة تركيا بالتدخل مبكرًا”.

حاجز أمني لـ”عاصفة الشمال” التابعة لـ”الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا على الطريق الواصل بين مدينتي اعزاز وعفرين بريف حلب- 13 من تشرين الأول 2022 (عنب بلدي)

ما علاقة التقارب مع النظام؟

الباحث التركي أوزكيزيلجيك اعتبر أن الديناميكية التركية وخطابها السياسي لم يتغير بسبب تطورات علاقة الاستخبارات التركية مع النظام السوري، خصوصًا أن هذه المحادثات يبدو أنها لم تؤدِّ إلى أي شيء ذي معنى، فمن غير المحتمل أن تسترجع تركيا علاقاتها مع النظام.

في حين تستغل “تحرير الشام” الخطاب التركي لدمشق الذي انطلق منذ بضعهة أشهر لمصلحتها الخاصة، وتصوّر نفسها على أنها المسيطرة وصاحبة القرار في المنطقة.

الباحث في مركز “إدراك للدراسات والاستشارات” باسل حفار، قال لعنب بلدي، إن الموقف التركي مما يجري شمالي حلب لم يكن ذا وضوح كافٍ، خصوصًا مع حالة الربط بين ما يجري اليوم في الشمال السوري والحديث عن استعداد تركي للانفتاح على النظام وخوض تركيا محادثات بهذا الشأن مع روسيا.

وهو ما اعتبره تطورًا مهمًا ومحركًا لكثير من القضايا، من بينها الاقتتال الحالي، لكنه لم يهمل نزعة “تحرير الشام” لـ”ممارسة التغلب” على بقية الفصائل (سياسة ليست جديدة متعلقة بتغير تركي)، وسبق أن هاجمت وفكّكت العديد من الكيانات العسكرية.

وعلى الرغم من كل التبعات السلبية المترتبة على استمرار “الهيئة” في هذا النهج، سُمح لها بالعبور من إدلب إلى شمالي حلب على مرأى ومسمع الجميع بمن فيهم الضامن التركي، بحسب حفار.

واعتبر حفار أن الاقتتال الداخلي وعدم تفعيل منظومة المحاسبة مهدد كبير لأمن واستقرار هذه المنطقة، وهو ما ينعكس على تركيا بالتأكيد.

الاقتصاد يوجّه البندقية

منذ عام 2017، انقسمت مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري إلى منطقتين اقتصاديتين رئيستين هما: ريف حلب الذي تديره “الحكومة السورية المؤقتة” بدعم تركي، ومحافظة إدلب ومحيطها، التي تديرها حكومة “الإنقاذ” المتهمة بكونها واجهة سياسية لـ”هيئة تحرير الشام”.

وبين الجانبين تنتشر مصالح اقتصادية، تنعكس في قرارات تحدد شكل التجارة والمسموح والممنوع، وشروط التنقل عبر المعابر الداخلية.

وتنتشر في مناطق شمال غربي سوريا العديد من المعابر الداخلية والخارجية، منها ما يصل هذه المناطق بمناطق نفوذ النظام السوري، ومنها معابر بين الفصائل نفسها، وأخرى مع تركيا.

وخلال السنوات الماضية، شهدت مناطق شمال غربي سوريا خلافات بين فصائل المعارضة لافتتاح معابر جديدة، أو السيطرة على المعابر القديمة.

أبرز هذه الخلافات كان معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، الذي سبق وشهد معارك بين كبرى فصائل المعارضة بين عامي 2013 و2015، انتهت بسيطرة “تحرير الشام” عليه بغطاء إدارة مدنية.

الباحث السياسي في مركز “جسور للدراسات” وائل علوان، اعتبر أن التحالفات بين فصائل المعارضة دائمًا ما تكون مقرونة بمنافع اقتصادية تتمحور حول المعابر، أو منافع اقتصادية أخرى.

الباحث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” معن طلاع، اعتبر من جانبه أن الأحداث الأخيرة تتحول تدريجيًا إلى مكاسب لـ”تحرير الشام” من خلال مد نفوذها في المنطقة، وعلى رأسها قضية المعابر.

وأشار إلى المقصود بـ”المكاسب من قضية المعابر” ليس فقط على الصعيد الاقتصادي، بقدر ما قد تكون مهمة في موضوع دخول المساعدات إلى جانب معبر “باب الهوى”، وبالتالي ستكون “الهيئة” موجودة كطرف على الحدود في هذه المنطقة، إضافة إلى كون “تحرير الشام” تحاول تصدير نفسها على أنها قوة منضبطة، وقادرة على التحكم في المشهد، وضامن لسريان أي اتفاق في المنطقة، بحسب طلاع.

ترتبط مناطق “الجيش الوطني” و”تحرير الشام” بمعبرين داخليين، هما معبر “دارة عزة- الغزاوية” المعروف أيضًا بـ”طريق دارة عزة”، ويصل مدينة دارة عزة في ريف حلب الغربي بمنطقة عفرين في ريف حلب الشرقي، إضافة إلى معبر “دير بلوط- أطمة” الذي يصل ريف إدلب الشمالي بريفي حلب الشمالي والغربي.

بينما تنفرد “تحرير الشام” بإدارة معبر “ترنبة- سراقب”، إضافة إلى معبر “باب الهوى”، ومعبرين غير رسميين هما معبر “خربة الجوز”، ومعبر “أطمة”.

بينما يدير “الجيش الوطني” معابر مع تركيا، كـ”باب السلامة” و”جرابلس” و”الراعي”، وأخرى مع النظام السوري، إضافة إلى معبر مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

وتتوزع إدارة “الجيش الوطني” لهذه المعابر بين فصائله التي سبق ونشبت خلافات فيما بينها على إدارة معابر المنطقة خلال السنوات الماضية.

“تحرير الشام” قد تعزل ريف حلب اقتصاديًا

في أيار الماضي، وافقت وزارة الخزانة الأمريكية على استثناء عدة مناطق خارجة عن سيطرة النظام السوري في سوريا من العقوبات المفروضة بموجب قانون “قيصر”، وسمحت بأنشطة 12 قطاعًا، بما فيها الزراعة والبناء والتمويل في مناطق شمال شرقي سوريا، التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ومناطق في شمال غربي سوريا حيث يسيطر “الجيش الوطني”.

وأصدرت الخزانة، في 12 من أيار الماضي، بيانًا جاء فيه أنها سمحت ببعض الاستثمارات الأجنبية في المناطق الواقعة بشمالي سوريا والخارجة عن سيطرة حكومة النظام، والتي اعتبرتها استراتيجية تهدف لهزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” من خلال تحقيق الاستقرار الاقتصادي.

وأثارت المخاوف من دخول “هيئة تحرير الشام” إلى مناطق مستثناة من العقوبات، مع ضبابية المشهد حول إمكانية استقرارها فيها، التساؤلات حول مستقبل الاقتصاد فيها، والتعامل الدولي مع هذه المناطق، إذ تصنف “تحرير الشام” ككيان “إرهابي”.

وحول أثر الاقتتال الحالي على المنطقة، قال الباحث في الاقتصاد السياسي يحيى السيد عمر، في حديث إلى عنب بلدي، إن أي معارك أو اقتتال بغض النظر عن أسبابه وأهدافه يعد ذا أثر سلبي على الاقتصاد ومؤشراته، فالاقتصاد ينمو وتتحسن مؤشراته في ظل الاستقرار السياسي والاجتماعي والعسكري، والعكس بالعكس.

وأوضح السيد عمر أن رأس المال يوصف بالجبان، ففي ظل أي تهديد حقيقي تهاجر رؤوس الأموال، كما تؤثر المعارك على مستويات العرض والطلب، وهذا ما يسبب خللًا في توازن السوق، لذا يمكن القول إن أثر المعارك سيكون سلبيًا على الاقتصاد في الشمال السوري.

وأضاف الباحث بشأن استثناء مناطق شمالي سوريا من العقوبات الغربية، واحتمال العدول عن هذا الاستثناء في حال سيطرة “هيئة تحرير الشام” على المنطقة، أن هذا الأمر ليس ذا أهمية كبيرة، فالاستثناء من العقوبات الغربية لم يترك أثرًا إيجابيًا واضحًا على المنطقة، وإلغاء الاستثناء لن يسبب ضررًا كبيرًا أيضًا، فالاستثناء الغربي كان قضية وموقفًا سياسيًا أكثر من كونه مشروعًا اقتصاديًا، بحسب السيد عمر.

وفيما يتعلق بالأثر البعيد الأمد للتحركات العسكرية الحالية، اعتبر السيد عمر أن من المؤكد أن الوحدة العسكرية والسياسية تعد أفضل من التشتت، ولكن العبرة ليس في الاتحاد فقط، بل في قيادة الاتحاد.

وفي حال التوحد تحت قيادة “هيئة تحرير الشام”، اعتبر الباحث أن هذا أمر سلبي، نتيجة عدم القبول الدولي لها، وسيعزز عزلة المنطقة سياسيًا واقتصاديًا، وسيترك أثرًا سلبيًا على اقتصاد الأفراد وعلى مؤشرات الاقتصاد الكلي في المنطقة.

وكانت الولايات المتحدة صنفت “الهيئة” عام 2017 “إرهابية”، بعد أن غيّرت اسمها من “جبهة فتح الشام” التي ضمت فصائل عسكرية معارضة، كان أبرزها “جبهة النصرة” بعد أن انفكت عن “القاعدة” عام 2016.

ولم يفلح الفصيل بالهروب من التصنيف بعد تغيير المسمى إلى “هيئة تحرير الشام”، إذ أصرت واشنطن، في 15 من أيار 2017، على وضعه على قوائم “الإرهاب”، في حين ترى “الهيئة” أن التصنيفات الغربية “تفتقد إلى الحقيقة”، ولم تكن مبنية على “حقائق أو أدلة ملموسة”.

قوات “الفيلق الثالث” في ريف مدينة عفرين شمالي حلب لمقاتلة “تحرير الشام” و”العمشات” و”الحمزات”- 12 من تشرين الأول 2022 (مراسل الفيلق الثالث/ تلجرام)

ثلاثة اتجاهات لمستقبل المنطقة

تثير التحركات العسكرية السابقة التساؤلات حول مستقبل المنطقة سياسيًا واقتصاديًا، وسط الحديث عن احتمالات سيطرة “هيئة تحرير الشام” على مناطق من ريف حلب، بالاشتراك مع الفصائل “المتوافقة” معها من “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا.

الباحث السياسي في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” معن طلاع، قال في حديثه إلى عنب بلدي، إنه فيما يتعلق باستشراف مستقبل المنطقة، يمكن أن نتلمس الاتجاهات العامة دون أن نقر بأنها ستستقر في نموذج “أ” أو نموذج “ب” مثلًا.

خطر الفناء الذاتي

أوضح طلاع أن الاتجاهات العامة في المنطقة يمكن حصرها بثلاثة، أولها أن الحديث اليوم عن إعادة هيكلة “الجيش الوطني” حديث تعترضه العديد من الصعوبات، وبات خلف المعطيات الراهنة، إن لم يكن “شبه مستحيل” في المدى المنظور.

وأضاف طلاع أننا نتحدث اليوم عن انقسام شديد، حتى ولو كان الشكل الماضي للهيكلية عبارة عن شكل فصائلي ضمن وعاء اسمه “جيش وطني”، فاليوم بات الانفصال كبيرًا جدًا ما بين القوى الرئيسة في هذا المشهد.

بينما يرتبط الاتجاه الثاني، بحسب طلاع، بالديناميات الحاكمة لمناطق النفوذ التركي شمالي حلب، التي تدل على تعزيز مؤشرات الفناء الذاتي، في المقابل نجد بقية مناطق السيطرة في سوريا، سواء في مناطق سيطرة كل من “هيئة تحرير الشام” أو “الإدارة الذاتية” أو النظام السوري، تواجه أسئلة التمكين الذاتي كبناء الشبكات، بحسب طلاع.

الفناء الذاتي هو مجموعة العوامل التي تتشكل داخل بنية واحدة تؤدي إلى انتهائها، إذ لا تحتاج إلى تسليط قوة خارجية لإنهائها، ويكفيها الصدام والصراع والتصدع والاقتتال البيني لتحويل أثر المجموعة إلى صفري وغائب عن المشهد كليًا.

وعلى الرغم من الأزمات الموجودة في كل مناطق السيطرة، تجري اليوم الاستفادة من ظروف وسياق التجميد السياسي وتجميد المشهد في سوريا ووقف إطلاق النار المؤقت لاستحقاقات البنية الذاتية، بحسب الباحث معن طلاع، بينما في مناطق النفوذ التركي، نجد أن هذا المؤشر استمرار لعدة مؤشرات دالة على اقتراب أو تعظيم ديناميات الفناء الذاتي، وهذا شكل أصبح متقدمًا عما كان سابقه.

وحول الاتجاه الثالث للمنطقة، اعتبر طلاع أنه مرتبط بشكل رئيس بـ”الفيلق الثالث” الذي يصدّر نفسه على أن قواه الرئيسة قوى محلية، وبالتالي هو أمام تحديات كبرى، إما البقاء بشكله الفصائلي كمكوّنات محلية، وإما الذهاب باتجاه استغلال هذه الفرصة واعتبار ما تم “عملية تطهير وإعادة بناء حقيقية لنواة فاعلة على شكل هيئة عسكرية مقاتلة، بعقيدة عسكرية وبمنطق جغرافيا عسكرية ليس بمنطق فصائلية”.

ويرى طلاع أن ذلك يزيد من تحديات “الفيلق الثالث”، كون خياراته في التحالف باتت قليلة، وتحالفاته الراهنة هي تحالفات تجمعها المصلحة، ما سيجعل تحركاته الحالية العنصر الذي سيتحكم بالاتجاه الثالث للمنطقة.

وبتقدير الباحث، إن ذهب “الفيلق الثالث” باتجاه بناء حقيقي ليس قائمًا على فكر فصائلي أو على رفض القوى السياسية والتمثيلية والإدارية، وأدار علاقته بشكل أنجع مع الطرف التركي، سيكون بمكان ما نواة لتشكيل هيئة سياسية- عسكرية وطنية.

بينما إذا بقيت القضية عبارة عن محاصصة أو قضية عوائل متحكمة أو قضية فصائل، فنحن فقط أمام تأجيل للامتحان الوجودي لـ”الفيلق الثالث”، بحسب طلاع.

English version of the article

مقالات متعلقة