ما “القنبلة القذرة” التي تستخدمها روسيا ذريعة لتصعيد محتمل

Ukrainian soldiers

camera iconجنود أوكرانيون يطلقون النار على مواقع روسية باستخدام مدفع "هاوتزر M777" الأمريكي في منطقة دونيتسك الشرقية بأوكرانيا 23 من تشرين الأول (AP)

tag icon ع ع ع

مع تقدم القوات الأوكرانية إلى مقاطعة خيرسون جنوبي أوكرانيا، وهي إحدى المناطق الأوكرانية الأربع التي ضمّتها روسيا بشكل غير قانوني، في 30 من أيلول الماضي، زعم وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو، أن أوكرانيا تخطط لاستخدام ما يسمى بـ”القنبلة القذرة”.

أدلى شويغو بهذه المزاعم في مكالمات هاتفية مع نظرائه من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا، الأحد 23 من تشرين الأول، وفقًا لوكالة “أسوشيتد برس“.

بالمقابل، رفض وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة في بيان مشترك اليوم، الاثنين 24 من تشرين الأول، مزاعم موسكو، وأكدوا دعمهم لأوكرانيا.

وجاء في البيان، “أوضحت بلداننا أننا جميعًا نرفض مزاعم روسيا الكاذبة بشفافية بأن أوكرانيا تستعد لاستخدام قنبلة قذرة على أراضيها”، وحذروا من استخدام موسكو هذا الادعاء ذريعة للتصعيد.

وفي خطاب ألقاه الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، مساء الأحد، قال إن الاتهام الروسي مؤشر على أن موسكو تخطط لمثل هذا الهجوم بنفسها، وستلقي باللوم على أوكرانيا، وفق ما نقلته “رويترز“.

ما “القنبلة القذرة”

تجمع “القنبلة القذرة” بين المتفجرات التقليدية، مثل “الديناميت”، والمواد المشعة، إذ يعمل “الديناميت” على نشر المواد المشعة، وهي أحد أنواع “جهاز التشتت الإشعاعي” (RRD).

تكون المتفجرات التقليدية أكثر ضررًا للأفراد من المواد المشعة التي تحتويها القنبلة، التي لا تطلق إشعاعًا كافيًا لقتل الناس أو التسبب في أمراض خطيرة، بينما يخلّف انفجارها قتلى وإصابات، بالإضافة إلى تدمير الممتلكات.

لا تشبه “القنبلة القذرة” القنبلة النووية من ناحية الضرر والتأثير، ويكمن الهدف من استخدامها بإثارة حالة من الهلع والخوف، بالإضافة إلى تلويث المنطقة المحيطة، ما يتطلب تنظيفًا باهظ التكلفة.

تُحدث القنبلة النووية انفجارًا أقوى بمئات المرات من انفجار “القنبلة القذرة”، إذ يمكن أن تنتشر سحابة الإشعاع الصادرة عن القنبلة النووية من عشرات إلى مئات الكيلومترات، في حين أن إشعاع “القنبلة القذرة” يتشتت على بُعد بضعة كيلومترات من الانفجار.

لا تعتبر “القنبلة القذرة” سلاح دمار شامل ولكنها سلاح تخريب شامل، والتلوث والقلق هما الهدفان الرئيسان منها، بحسب “هيئة التنظيم النووي الأمريكية“.

التأثير

يعتمد مدى التلوث المحلي على عدد من العوامل، بما في ذلك حجم المادة المتفجرة، وكمية ونوع المادة المشعة المستخدمة، ووسائل الانتشار، والظروف الجوية، ويكون الأشخاص الأقرب إلى محيط الانفجار أكثر عرضة للإصابات.

تصبح المواد المشعة أقل تركيزًا وضررًا مع انتشارها في الجو، إذ يؤدي التشتت إلى خفض مستويات الإشعاع إلى مستوى مشابه للتعرض للأشعة السينية في عيادة طبيب الأسنان، وفقًا لـ”إدارة الخدمات الصحية” بولاية تكساس الأمريكية.

يساعد الاكتشاف الفوري لنوع المادة المستخدمة السلطات المحلية بشكل كبير باتخاذ التدابير الوقائية، مثل توفير المأوى أو مغادرة المنطقة المجاورة بسرعة.

وتكون الآثار الصحية الفورية من التعرض لمستويات إشعاع منخفضة ضئيلة، ويمكن تحديد آثار التعرض للإشعاع من خلال:

  • كمية الإشعاع التي يمتصها الجسم.
  • نوع الإشعاع (جاما، بيتا، ألفا).
  • المسافة من الإشعاع للفرد.
  • وسائل التعرض الخارجية أو الداخلية (امتصاص الجلد، الاستنشاق، الابتلاع).
  • وقت اكتشاف التعرض للإشعاع، وكلما زادت جرعة الإشعاع زاد خطر الإصابة.

إجراءات الحماية

تُوفر الحماية من الإشعاع من خلال:

  • التقليل من وقت التعرض للمواد المشعة.
  • الابتعاد بمسافة كبيرة عن مصدر الإشعاع.
  • الحماية من التعرض الخارجي واستنشاق المواد المشعة.

خطر الإصابة بالسرطان

لا يؤدي مجرد اقتراب الشخص من مصدر مشع لفترة قصيرة أو تعرضه لكمية صغيرة من الغبار المشع إلى إصابته بالسرطان، وبمجرد تحديد المصدر المشع ومستويات التعرض، يتمكن الأطباء المتخصصون من تقييم المخاطر وتقديم العلاج.

يعد الإخلاء من المنطقة المستهدفة الإجراء الوقائي الأكثر فعالية لحماية الجسم بالكامل، بما في ذلك الغدة الدرقية والأعضاء الأخرى، من جميع أنواع النشاط الإشعاعي.

بحال وقوع حادث يشمل اليود المشع ولم يكن الإخلاء ممكنًا، يمكن تناول يود البوتاسيوم لمنع إصابة الغدة الدرقية من اليود المشع الذي يُستنشق أو يُبتلع بعد الحادث.

يحمي يود البوتاسيوم على وجه التحديد الغدة الدرقية من استنشاق أو ابتلاع اليود المشع، إذا تناوله المصاب في غضون أربع ساعات من التعرض للإشعاع.

لا يعتبر يود البوتاسيوم حبة سحرية أو “ترياقًا”، إذ إنه يقي من التعرض لنظائر اليود المشعة المستنشقة أو المبتلعة فقط، ولا يحمي من التعرض الخارجي للإشعاع، أو أي نظير مشع آخر مثل البلوتونيوم أو اليورانيوم أو السيزيوم.

المصادر والتنظيم

تُستخدم المواد المشعة بشكل روتيني في المستشفيات ومنشآت البحث والمنشآت الصناعية ومواقع البناء، كما تُستخدم لأغراض مثل تشخيص الأمراض وعلاجها.

تدير لجنة التنظيم النووي مع 35 دولة “اتفاقًا”، يضمن أكثر من 21 ألف ترخيص لمثل هذه المواد.

وتطالب هيئة التنظيم النووي الأمريكية من المالكين المرخص لهم استخدام المواد المشعة، بتخزينها وتأمينها من السرقة والوصول غير المصرح به.

وكانت هذه الإجراءات عُززت بشكل كبير منذ هجمات “11 سبتمبر” في 2001 بالولايات المتحدة الأمريكية.

تفرض الهيئة على المرخصين لحيازة المواد، الإبلاغ بشكل فوري عن المواد المشعة العالية الخطورة المفقودة أو المسروقة، وتساعد السلطات المحلية في بذل جهود حثيثة للعثور على هذه المصادر واستعادتها.

الشهر التاسع للحرب

تصاعدت التوترات في الوقت الذي أفادت فيه السلطات الروسية ببناء مواقع دفاعية في المناطق المحتلة من أوكرانيا والمناطق الحدودية لروسيا.

في مقابلة إذاعية، الأحد، قال نائب رئيس الإدارة الإقليمية التي نصبتها روسيا في خيرسون، كيريل ستريموسوف، إن الخطوط الدفاعية الروسية “عززت وظل الوضع مستقرًا”، منذ أن شجع المسؤولون المحليون جميع سكان المنطقة على الإخلاء، تحسبًا لهجوم أوكراني وشيك.

أثار ذلك مخاوف من أن القوات الأوكرانية قد تهاجم أقسامًا جديدة من خط المواجهة الذي يبلغ طوله ألف كيلومتر، للحرب التي دخلت شهرها التاسع اليوم، الاثنين.

في الأسابيع الأخيرة، ركّزت أوكرانيا هجومها المضاد على منطقة خيرسون، وقطع القصف المدفعي المستمر للقوات الأوكرانية المعابر الرئيسة عبر نهر “دنيبر”، الذي يقسم المنطقة الجنوبية، ما جعل القوات الروسية على الضفة الغربية تعاني من نقص الإمدادات وعرضة للتطويق.

وبينما تضغط أوكرانيا جنوبًا بعد تحرير منطقة خاركيف في الشمال الشهر الماضي، بدت السلطات في المقاطعات الغربية الروسية المتاخمة لشمال شرقي أوكرانيا متوترة.

وتحدث حاكم منطقة كورسك في الجزء الغربي من وسط روسيا، رومان ستاروفويت، الأحد، عن بناء ثلاثة خطوط دفاعية، تنتهي بحلول 5 من تشرين الثاني المقبل، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء “أسوشيتد برس“.

وقال مؤسس شركة “فاغنر” للمرتزقة الروس، يفغيني بريغوجين، الملقب بـ”طباخ بوتين”، وهي شركة عسكرية للمرتزقة لعبت دورًا بارزًا في الحرب الأوكرانية، إن المزيد من المواقع الدفاعية تُبنى في منطقة لوغانسك شرقي أوكرانيا.

وأوضح بريغوجين، في 19 من تشرين الأول الحالي، أن شركته كانت تبني “خط فاغنر” في منطقة لوغانسك، وهي مقاطعة أخرى من المقاطعات الأوكرانية التي ضمتها روسيا، بحسب شبكة “CNBC” الأمريكية.

من جهتها، قالت وزارة الدفاع البريطانية، الأحد، إن “المشروع يشير إلى أن روسيا تبذل جهودًا كبيرة لإعداد دفاعات في العمق خلف خط المواجهة الحالي، ومن المرجح أن تردع أي هجمات مضادة أوكرانية سريعة”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة