ألينا دوهان.. خبيرة العقوبات الأممية أحادية الرواية

camera iconالمقررة الخاصة للأمم المتحدة ألينا دوهان- (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

أعربت المقررة الخاصة للأمم المتحدة، ألينا دوهان، في تقرير أممي عن “صدمتها” عندما شاهدت “الأثر الهائل الواسع النطاق” على حقوق الإنسان، بسبب ما وصفته بـ”التدابير القسرية الأحادية الجانب المفروضة على سوريا”.

وفي بيان صدر عنها عقب زيارتها إلى مناطق سيطرة النظام السوري التي استغرقت 12 يومًا، قدمت المقررة الخاصة معلومات مفصلة عن “الآثار الكارثية” للعقوبات “الأحادية الجانب” في جميع مناحي الحياة بالبلاد، ودعت إلى إنهاء العقوبات، مشيرة إلى أنها “قد ترقى إلى مرتبة الجرائم ضد الإنسانية”.

وحثت أستاذة القانون البيلاروسية الدول التي تفرض عقوبات على رفعها “بشكل فوري”، لأنها “تضر بشدة بحقوق الإنسان، وتمنع أي جهود للتعافي المبكر”، على حد تعبيرها.

وفرضت الدول الأوروبية والولايات المتحدة عقوبات على النظام السوري منذ عام 2011، حين بدأ قمع الاحتجاجات التي طالته، وأخذت بالتوسع والازدياد بالتوازي مع ارتفاع وتيرة جرائم النظام بحق الشعب السوري، كالقصف الكيماوي، والعقوبات الناتجة عن صور “قيصر”.

واستندت دوهان في بيانها إلى زيارتها إلى دمشق وريفها ومحافظة حمص، من 30 من تشرين الأول الماضي حتى 10 من تشرين الثاني الحالي، ولقاءاتها مع مسؤولين من حكومة النظام السوري، مثل رئيس الوزراء، ووزراء الخارجية، والإدارة المحلية، والصحة، والنفط، وغيرهم.

كما قابلت وفق بيانها ممثلين عن جمعيات مدنية وعن المجتمع الدبلوماسي، ووكالات الأمم المتحدة، والأوساط الأكاديمية والمنظمات الدينية، دون أن تزور مناطق المعارضة، أو تقابل أحدًا من المجتمع المعارض.

ومن المقرر أن تقدم المقررة الخاصة تقريرها النهائي عن هذه الزيارة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أيلول 2023.

تقرير أحادي الرواية

أثارت طبيعة التقرير غير المتكاملة استياء سوريين ومنظمات حقوق الإنسان، على الرغم من أن دوهان تشغل منصبًا تطوعيًا ولا تعد من موظفي الأمم المتحدة.

وشكّكت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، في بيان صدر في 8 من تشرين الثاني الحالي، “بطبيعة زيارة المقررة الأممية وأهدافها”، استنادًا إلى بياناتها السابقة حول سوريا، التي لم تُشر فيها إلى الأسباب التي دفعت بعض الدول إلى فرض عقوبات على النظام السوري، وهو ما استمر في تقريرها الأخير.

كما لم تذكر الخبيرة أن جميع العقوبات المفروضة تتضمن استثناءات واضحة للمواد الإغاثية والطبية.

لكن “الشبكة” أكدت أن للعقوبات آثارًا جانبية تؤثر على المدنيين، ولا يمكن معاقبة “نظام دكتاتوري”، مثل النظام السوري وأجهزته الأمنية “المتغلغلة” في مفاصل حياة المواطن السوري، دون أن يتأثر المجتمع السوري.

وأوصى البيان دوهان بمطالبة النظام بوقف جميع أشكال الانتهاكات، بما فيها التعذيب، والإخفاء القسري، ورد الممتلكات والأراضي المنهوبة إلى أصحابها، وتعويض جميع الضحايا، وهي “الطريقة الوحيدة لرفع العقوبات”، وفق “الشبكة”، وهو ما لم تذكره المقررة الخاصة.

ونقل محرر الشؤون السياسية في صحيفة “بيلد” الألمانية، جوليان روبكه، بيانًا قال إنه صادر عن وزارة الخارجية الألمانية، “يشكّك بالمنهجية التي توصلت فيها السيدة دوهان إلى استنتاجاتها”.

وقال البيان، إن الحكومة الألمانية “لا تعرف أي انطباعات وبمساعدة أي منهجية توصلت فيها المقررة الخاصة إلى استنتاجاتها”، بشأن تأثير العقوبات على حقوق الإنسان في سوريا، مضيفًا أن “من الواضح لنا أن نظام الأسد يتحمل مسؤولية الوضع الكارثي في سوريا”.

وأكد البيان أن النظام “يواصل شن حرب وحشية ضد شعبه، ويرتكب انتهاكات حقوق الإنسان باستمرار، ويمنع أي حل سياسي للصراع”، مشيرًا إلى أن “النظام وداعميه، مثل روسيا، يواصلون إلقاء اللوم على عقوبات الاتحاد الأوروبي بشأن المعاناة في البلاد”.

بينما “عقوبات الاتحاد الأوروبي تستهدف بالتحديد المذنبين بارتكاب جرائم خطيرة في سوريا، وفي نفس الوقت، تنص العقوبات على استثناءات إنسانية واضحة وبعيدة المدى”، بحسب ما ترجمته عنب بلدي.

واعتبر الأمين العام في “الائتلاف السوري”، هيثم رحمة، دعوات المقررة الخاصة لرفع العقوبات عن النظام بأنها تمثّل تحيزًا للنظام وحلفائه و”روايتهم المضللة”، وتتجاهل الجرائم المرتكبة من قبلهم على مدار 11 عامًا.

من دوهان؟

تشغل ألينا دوهان منصب المقررة الخاصة المعنية بالتأثير السلبي للتدابير القسرية الانفرادية على التمتع بحقوق الإنسان، وكانت قد تولت مهامها من قبل مجلس حقوق الإنسان في 25 من آذار 2020.

ويعتبر المقررون الخاصون جزءًا مما يُعرف بـ”الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان”، وهي أكبر هيئة للخبراء المستقلين في نظام الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

ويعمل خبراء الإجراءات الخاصة على أساس تطوعي، ولا يعدون من موظفي الأمم المتحدة أو يتلقون راتبًا مقابل عملهم.

تعود أصول دوهان إلى بيلاروسيا، وهي أستاذة في القانون الدولي، ومديرة مركز “أبحاث السلام” في جامعة “بيلاروسيا” الحكومية، وعضو مشارك في معهد “القانون الدولي للسلام والنزاع المسلح” في جامعة “الرور” بألمانيا.

عملت أستاذة زميلة في الجامعة التقنية الوطنية البيلاروسية بين عامي 2001 و2003، ومحاضرة وأستاذة في جامعة “بيلاروسيا” منذ عام 2004، ونائبة رئيس الجامعة الدولية “MITSO” في بيلاروسيا بين عامي 2016 و2019.

كما عملت بمكتب الأمم المتحدة في مينسك من 2001 حتى 2005، وفي المحكمة الاقتصادية لـ”كومنولث” الدول المستقلة خلال عامي 2006 و2008، في بيلاروسيا.

وألّفت دوهان أكثر من 150 كتابًا ومقالًا حول جوانب مختلفة من القانون الدولي.

نشاط عمل “مريب”

أقرّ مجال عمل دوهان الخاص في الأمم المتحدة، الذي يتمثّل بالنظر فقط إلى التأثير السلبي للعقوبات على حقوق الإنسان، في عام 2014، بموجب قرار خاص طرحته كوبا لأول مرة، وصوّتت العديد من الدول الأوروبية ضده، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا وإنجلترا والولايات المتحدة، لكنّ دولًا مثل روسيا والصين وفنزويلا والسعودية أيّدت القرار.

ولم تكن سوريا محط زيارتها وتقاريرها الوحيدة، بل زارت أيضًا دولًا أخرى مثل إيران والصين وفنزويلا وزيمبابوي، حيث أوصت في كل تقاريرها بإسقاط العقوبات المفروضة على كل من هذه البلدان.

وفي تقرير نُشر في حزيران الماضي، ضمن مجلة جمعية القانون الجنائي الأوروبية “Eucrim”، وصف الخبير القانوني، أنطون مويسينكو، عمل دوهان بأنه “غريب الأطوار”، وأشار إلى أنها مجرد مسألة وقت قبل أن يجري استخدام آرائها في الدفاع ضد العقوبات المفروضة على روسيا.

وفي أيار الماضي، ورد اسم دوهان في تقرير لمنظمة حقوق الإنسان “UN Watch”، جاء فيه أن الخبيرة الأممية المستقلة “تلقت دفعة كبيرة من بكين”، واتهمت بأنها ساعدت الصين على “تبييض” معاملتها لأقلية “الإيغور”.

وقالت المنظمة التي تتخذ من جنيف مقرًا لها، إن “دوهان تلقت مساهمة قدرها 200 ألف دولار أمريكي من بكين في عام 2021، في إشارة إلى ملف من الأمم المتحدة”، وطالبتها بإعادة المبلغ.

وأشارت “UN Watch” إلى أن دوهان قد ترأست حدثًا دعائيًا على الإنترنت برعاية بكين في أيلول 2021 تحت شعار “شينجيانغ أرض رائعة”، في إشارة إلى المنطقة الشمالية الغربية، التي تضم “الإيغور”.

ووصفت الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية الأخرى معاملة الصين لأقلية “الإيغور” في شينجيانغ بأنها “إبادة جماعية”، وهو اتهام تنفيه بكين بشدة.

ويظهر تقرير أممي أن دوهان تلقت مبالغ من الصين كما هو مذكور سابقًا، ومن روسيا (150 ألف دولار)، ومن قطر (25 ألف دولار)، على شكل دعم خارجي عبر جامعة بيلاروسيا “لمساعدتها في الأبحاث”.

وفي زيارتها إلى إيران في أيار الماضي، نددت دوهان بـ”الأثر الإنساني المدمر للعقوبات”، وأصرت على أنها “غير قانونية ويجب رفعها”.

ردها على الانتقادات

تعتقد دوهان أن السبب الرئيس وراء الانتقادات الموجهة لها، هو “سوء فهم أساسي لوظيفتها”، قائلة إن وظيفتها تقديم رأي مستقل، دون أن يمثّل الموقف الرسمي للأمم المتحدة.

وقالت دوهان لوكالة “دوتشه فيله” الألمانية، في تقريرها الصادر في 15 من تشرين الثاني الحالي، “يعتقد الناس في كثير من الأحيان أنه عندما أذهب إلى بلدان معيّنة، يجب أن أطرح أسئلة على الحكومة حول حقوق الإنسان، لكن هذا ليس جزءًا من ولايتي”.

وعندما سُئلت عما إذا كانت تعتقد أن العقوبات التي تفرضها دول بعينها يمكن أن تكون إيجابية بأي شكل من الأشكال، كانت إجابتها “لا”.

وبرأي دوهان، يجب أن تلتزم العقوبات بالقانون الدولي، بحيث تُفرض فقط من قبل هيئات مثل مجلس الأمن، وفي حال أرادت الدول “إظهار استيائها” بشكل فردي، يمكنها تقليص الاتفاقيات التجارية أو تقليص الوجود الدبلوماسي.

وبالنسبة للملف السوري، قالت دوهان، “إذا ارتكب رئيس دولة جريمة، فيجب إثباتها في إطار الإجراءات القانونية، وهذه قضية لمجلس الأمن الدولي”، مضيفة أنه عندها فقط “يمكن معاقبتهم”.

وفي قرارات مجلس الأمن المتعلقة بسوريا، استخدمت روسيا حليف النظام السوري حق “النقض” (الفيتو) بانتظام، سواء كانت لما يتعلق بالمساعدات الإنسانية عبر الحدود في عام 2020، أو إدانة الانتهاكات بحق المتظاهرين ضد النظام في عام 2011.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة