مسرحية “أحلام غابرييل”.. أبطالها سوريون ممثلوها أتراك

camera iconمن تحية الممثلين للجمهور في مسرحية "أحلام غابرييل"- 21 من تشرين الثاني (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

اتخذت بيرنا وزوجها بيرك قرارًا بقضاء عطلة على الشاطئ المقابل لجزيرة ليسبوس اليونانية، حيث كان يتوافد الآلاف من اللاجئين السوريين هربًا من الحرب في بلدهم.

واستأجر الزوجان منزلًا من عائلة يونانية كبيرها عنصري يمقت اللاجئين اسمه أنجيلوس وزوجته الطيبة أنجيليكي، وهما فردان من عائلة هاجرت إلى الجزيرة من اسطنبول بعد أحداث عنف نشبت ضد اليونانيين في تركيا.

تدخل عائلة سورية إلى الأحداث قادمة من الساحل السوري، تتألف من ميرفانا وزوجها يانا، مع نية إكمال طريقهما نحو أوروبا.

وتتقاطع مصاير العائلات الثلاث على مسرح “مودا ساهنيسي” في منطقة كادي كوي في القسم الآسيوي من مدينة اسطنبول، في مسرحية حملت عنوان “Gabriel’in Düşü” (أحلام غابرييل).

أبطال المسرحية ممثلون أتراك يحاولون تسليط الضوء على معاناة اللجوء، بهدف تفكيك صور نمطية وتوضيح أن اللاجئ شخص يملك حياة بتفاصيلها كما يملكها أي شخص آخر.

من اللاذقية

في المسرح الذي كان يتوسط مقاعد المشاهدين، تصف الزوجة السورية الغاضبة حقدها على عائلة أخرى أحد أفرادها (طفل) قتل طفلها، ليقرر الزوج مغادرة سوريا باتجاه ألمانيا.

مع إصرار الزوج على المغادرة ورفض الزوجة ينتقل المشهد بهما إلى جزيرة ليسبوس اليونانية إلى جانب الزوجين التركيين السائحين، وأصحاب المنزل اليونانيين.

الزوجان السوريان من مسرحية "أحلام غابرييل"- 21 تشرين الثاني 2022 (عنب بلدي)

الزوجان السوريان من مسرحية “أحلام غابرييل”- 21 من تشرين الثاني 2022 (عنب بلدي)

تتداخل قصص الأزواج الثلاثة عندما يقيمون في المنطقة نفسها، مالك المنزل لا ينفك عن وصف كرهه للاجئين في كل حوار، وزوجته العجوز التي تدعوه للالتفات لأبنائه المقيمين خارج البلاد منذ سنوات بدلًا عن صب كرهه على أبناء الآخرين.

بينما تدخل العائلة التركية إلى المشهد من خلال شجارها المستمر حول أتفه التفاصيل.

حاولت المسرحية عرض اختلاف المشكلات بين الأزواج الثلاثة، من خلال حوارات عادية تجري بين أي زوجين، لكن اختلاف الظروف يفاقم مشكلات قد تكون طفيفة بالنسبة لزوجين آخرين.

ويبحث الزوج السوري عن طعام في البحر المحيط بالجزيرة لابنه الصغير وزوجته، بينما يحاول استغلال الفرصة لصحبة عائلته إلى الساحل للاستحمام، كون المخيمات لا تمنح للاجئين شيئًا باستثناء الخبز.

بينما يرى الزوج اليوناني أنجيلوس أن اللاجئين السوريين دخلوا بلده ليشوهوا شوارعها، في حين لا يملك سكانها ثمن الخبز الممنوح للاجئين بالمجان.

الممثل التركي بوراك تامدوغان بدور الزوج اليوناني أنجيلوس في مسرحية "أحلام غابرييل"- 21 تشرين الأول 2022 (عنب بلدي)

الممثل التركي بوراك تامدوغان بدور الزوج اليوناني أنجيلوس في مسرحية “أحلام غابرييل”- 21 من تشرين الثاني 2022 (عنب بلدي)

أما الزوج التركي بيرك فيوشك على البكاء كلما رأى لاجئين سوريين في الجزيرة، لأنه يعي معنى أن يقف رب الأسرة عاجزًا عن منح حياة لأفرادها.

حريق في المخيم

جسدت المسرحية حادثة حريق مخيم “ليسبوس” في الجزيرة اليونانية من خلال قطعة قماش حمراء كانت تمرر بين الممثلين على المسرح.

ووسط المؤثرات البصرية والصوتية، يتعالى صوت الزوجين السوريين يتشاجران، بسبب توقيع ميرفانا على أوراق العودة الطوعية إلى تركيا دون علم زوجها، ورفضها إكمال الطريق نحو أوروبا كما يريد زوجها يانا.

ميرفانا مسيحية كاثوليكية دخلت الإسلام عندما تزوجت يانا في اللاذقية، وحاول زوجها مرارًا إقناعها بإخبار إدارة المخيم أنها مسيحية للسماح لهم بمغادرة ظروف الإقامة الجبرية المفروضة عليهم.

ومع ارتفاع الستارة الحمراء على المسرح، قررت ميرفانا منح ابنها للعائلة اليونانية، التي توفي أصغر أفرادها في أمريكا، ووسط بكاء العائلتين تأخذ الأم اليونانية الطفل السوري بغية منحه حياة أفضل.

بينما يختتم صراخ الزوج التركي على المسرح رافضًا المعاناة التي يعيشها السوريون في المخيم اليوناني على جزيرة ليسبوس.

كما يرفض إكمال علاقته الروتينية مع زوجته، التي تتهمه باستمرار بأنه يفكر بمشكلات اللاجئين أكثر من مشكلات عائلته، أو مشكلاته الشخصية.

من مشهد منح المرأة السورية طفلها لمالكة المنزل اليونانية في مسرحية "أحلام غابرييل"- 21 تشرين الأول 2022 (عنب بلدي)

من مشهد منح المرأة السورية طفلها لمالكة المنزل اليونانية في مسرحية “أحلام غابرييل”- 21 من تشرين الثاني 2022 (عنب بلدي)

أينما أعيش “أنا لاجئ”

قابلت عنب بلدي ممثلين ممن جسدوا أدوارًا في المسرحية، من بينهم الممثل المسرحي بوراك تامدوغان الذي أبدى إعجابه بالنص وقصة المسرحية.

وقال بوراك لعنب بلدي، إنه اعتاد لعب أدوار في “المسرح الارتجالي” (من دون نص)، لكن عندما عُرض عليه نص مسرحية “أحلام غابرييل” أُعجب بالنص الذي يسلّط الضوء على مشكلة يعيشها المجتمع التركي منذ سنوات.

آراء بوراك تذهب أبعد من دوره في المسرحية، إذ يعتبر أن الإنسان لاجئ حتى في المكان الذي ينحدر منه.

ووصف قناعته حول هذا الأمر بأن “البشر لا يملكون التراب، إنما التراب هو من يملك البشر”.

عائشة غول تاكين كانت تمثّل دور الزوجة التركية التي قدمت برحلة سياحية إلى اليونان، عبرت لعنب بلدي عن مدى صعوبة لعب دور امرأة أنانية في علاقة معقدة، وكمّ الجهد الذي بذلته في هذا الإطار.

حاولت المسرحية تلخيص حياة اللاجئين حول العالم من خلال قصص ثلاث عائلات منفصلة، رغم ضعف الإمكانية المادية تمكّن فريق الممثلين من إيصال فكرته.

المسرحية من كتابة الشابة التركية سما ألتشيم، وإخراج أحمد سامي أوزبوداك.

لعب أدوارها الرئيسة الممثلون بوراك تامدوغان، جيجيك دلليجيل، كيرم بيلافشي، أوغوز أوزتكين، عائشة غول تاكين، باتور بيليردي، بانو تشيشيك.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة