تكتيك دفاعي أم لفتح الأجواء..

لماذا تركّز إسرائيل على استهداف الدفاعات الجوية السورية

camera iconالطائرات الحربية الإسرائيلية تضرب عدة أهداف في سوريا - (الأناضول)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – محمد فنصة

تواترت الضربات الإسرائيلية منذ بداية العام الحالي، واستهدفت أنظمة الرادار والدفاع الجوي السورية بشكل أساسي أو كأهداف ثانوية، على الرغم من توجيه معظم الضربات من خارج الأجواء السورية.

وعلى الرغم من تكرار مقولة “تصدت وسائط دفاعنا الجوي لصواريخ العدوان”، التي تنقلها الوكالة الرسمية السورية للأنباء (سانا) بعد كل قصف إسرائيلي، تبلغ ضربات الأخيرة أهدافها مع وقوع قتلى في بعض الضربات، ما يثير السؤال حول دوافع استهداف أنظمة الدفاع الجوي.

وخلال أحدث ضربة إسرائيلية، في 19 من تشرين الثاني الحالي، قالت “سانا“، إن أربعة عسكريين تابعين لقوات النظام السوري قُتلوا وأصيب آخر بجروح، ووقعت بعض الخسائر المادية، لم تُحدد طبيعتها وحجمها، نتيجة قصف إسرائيلي من فوق البحر المتوسط استهدف بعض النقاط في المنطقة الوسطى والساحلية.

بحسب مركز “ألما” الإسرائيلي للأبحاث، استهدفت الضربات مستودعات أسلحة إيرانية غربي حمص باتجاه الساحل السوري، كما استهدفت الضربات وسائط دفاع جوية سورية.

وفي 21 من تشرين الأول الماضي، استهدفت غارة إسرائيلية مواقع بريف دمشق الغربي، طالت رادارًا تابعًا لمنظومة الدفاع الجوي السورية، ومدرج مطار “الديماس” العسكري.

الأضرار بالأرقام

شكّلت الهجمات الإسرائيلية التي ضربت الدفاعات الجوية السورية منذ عام 2013، نحو 12% من مجموع الهجمات الكلية التي نفذتها إسرائيل على امتداد الجغرافيا السورية، بحسب دراسة لمركز “حرمون للدراسات”، في 23 من تشرين الثاني الحالي، أعدها الكاتب ضياء قدور.

ومن بين كل تسع غارات كانت تنفذها إسرائيل على الأرض السورية، كانت غارة واحدة منها مخصصة لتدمير الدفاعات الجوية السورية.

واحتل العام الحالي أكبر نسبة من الدفاعات الجوية المدمرة (تسع منظومات)، مقارنة بالسنوات الماضية.

ووُجدت النسبة الكبرى من الدفاعات الجوية المدمرة خلال العقد الماضي في مواقع تتبع لدمشق وريفها بشكل أساسي، بنسبة 53%، تلتها مواقع في المنطقة الوسطى بنسبة 28%، ومواقع في المنطقة الجنوبية بنسبة 16%، وفي المنطقة الساحلية بنسبة أقل من 3%.

وتصدّرت منظومة “بانتسير” الروسية قائمة الدفاعات الجوية المدمرة خلال العقد الماضي (11 منظومة مدمرة)، في حين احتلت المنظومات الروسية البعيدة المدى “S200/SA-5” المرتبة الثانية في القائمة، بسبع منظومات مدمرة.

لماذا الدفاعات الجوية؟

لم يكن ضرب منظومات الدفاع الجوي السورية استراتيجية متعمدة من قبل إسرائيل سابقًا، بل اتخذت هذه الظاهرة “نهجًا انتقاميًا” ضد كل منظومة دفاعية جوية محددة كانت تشكّل خطرًا على المقاتلات الإسرائيلية، بحسب ما قاله الكاتب والباحث في الشأن الإيراني ضياء قدور لعنب بلدي.

وشهدت هذه الاستراتيجية “تطورًا” في الأعوام الثلاثة الماضية، لتصبح الدفاعات الجوية “عمودًا أساسيًا” من بنك الأهداف الإسرائيلية، تُنفذ من أجلها مهمات جوية مستقلة.

وعزا قدور هذا “التطور” في “قمع” أو إخماد الدفاعات الجوية، للتمهيد لضربات جوية أوسع، حيث كانت تنفذ إسرائيل غارات تمهيدية تضرب فيها الدفاعات الجوية، ثم تنتقل لتوجيه ضربات نحو الأهداف الأساسية.

ونشر مركز “بيجن- سادات” للدراسات الاستراتيجية في تشرين الأول 2017، تقريرًا حول “نظم الدفاع الجوي الروسية في سوريا”، وأشار إلى أن الاتفاقات التي تنظم الانتشار العسكري الروسي في سوريا تنص على حماية منظومات الدفاع الجوي الروسية الأكثر تقدمًا مثل “S300″ و”S400” بمناطق انتشار القوات الروسية في قاعدتي “طرطوس” و”حميميم” فقط.

بينما تتولى منظومات الدفاع الجوي السورية “التي تفتقد للفاعلية”، على حد وصف التقرير، جميع المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري.

ويرى الباحث السياسي والكاتب الإسرائيلي يوآب شتيرن، بحسب ما قاله لعنب بلدي، أن إسرائيل تهاجم الدفاعات الجوية بشكل مرافق لكل الأهداف الرئيسة، واعتبرها “حاجة” لتنظيف الأجواء بالنسبة للطائرات، لتنهي مهامها من دون “إزعاج” من الدفاعات الجوية.

وبالنسبة للنظام السوري، يفضّل الإعلان عن الأضرار التي تطال منظومات الدفاع الجوي عوضًا عن الإفصاح عن الأهداف المركزية للقصف الإسرائيلي التي تتعلق بالتمركز الإيراني، وفق شتيرن.

ما خطورة الدفاعات الجوية؟

تعد شبكة الدفاع الجوي السورية من المنظومات القديمة، التي يعود أغلبها للحقبة السوفييتية، والتي تفتقر إلى القدرات اللازمة للتصدي لأي طيران معادٍ متقدم كالطيران الإسرائيلي أو التحالف الدولي.

ولم تشكّل الدفاعات الجوية الموجودة قبل الثورة السورية أي خطر يُذكر أمام الهجوم الإسرائيلي الذي دمّر مفاعل “الكبر” النووي السوري بدير الزور، في أيلول 2007، أو بعد الثورة في نيسان 2017، عندما أطلق 59 صاروخ “كروز- توماهوك” على قاعدة “الشعيرات” السورية.

وعلى الرغم من ضعف قدرات المنظومة الدفاعية، سُجلت حالات نادرة من ردود الفعل شملت استهداف طائرة استطلاع تركية من طراز “F4″، في حزيران 2012، وبعد ذلك بسنوات إسقاط مقاتلة إسرائيلية من طراز “F16″، في شباط 2018.

وحول قدرات نظام الدفاع الجوي، قال الباحث ضياء قدور، إنه لا يمكن تهويل قدرات المنظومة كما يروّج إعلام النظام السوري والروسي، كما لا يجوز “الاستخفاف” بها كحالة السخرية والاستهزاء التي خلّفتها الاختراقات الجوية الإسرائيلية العديدة، خلال العقد الماضي، في أوساط المعارضين.

وتعد النظم الدفاعية السورية، وفق قدور، “قديمة ومتهالكة”، وتعمل بنظام نصف آلي، وليست قادرة على مواجهة الغارات المباغتة والمدروسة، ولكن في حالات خاصة قد تشكّل خطرًا من “الناحية النظرية” على الطائرات الإسرائيلية، ولولا هذه الاحتمالية لما استهدفت إسرائيل المنظومات الدفاعية بهذا القدر.

واتفق المحلل الإسرائيلي يوآب شتيرن مع قدور بشأن مستوى خطورة الدفاعات الجوية السورية، وأنها مصدر “قلق” لسلاح الجو الإسرائيلي، مستشهدًا بحادثة سقوط المقاتلة الإسرائيلية عام 2018، واستهداف إسرائيل المنظومات الدفاعية عندما تكون هناك عمليات بالعمق السوري.

لماذا لا تحمي إيران مصالحها؟

جاء انخراط الدفاعات الجوية السورية في الاستهدافات الإسرائيلية مع بدء التغلغل الإيراني في عمليات تهريب الأسلحة وبناء قواعد إيرانية في الجنوب السوري.

وكان أول هجوم إسرائيلي على وسائط الدفاع الجوي في كانون الثاني 2013، عندما قصفت إسرائيل فرقة بطاريات “أرض- جو” من طراز “SA-17″، حيث كان النظام حصل عليها بهدف نقلها إلى “حزب الله”، وفق ما كشف عنه مؤخرًا قائد سلاح الجو الإسرائيلي السابق، والمدير العام لوزارة الأمن حاليًا، أمير إيشيل.

وتسعى إيران، بحسب الباحث في الشأن الإيراني ضياء قدور، لتزويد النظام بمنظومة دفاع جوي أكثر تطورًا كمنظومة “بافار 373″، التي طورتها إيران من منظومة روسية، ونقلها لبعض المواقع الحساسة لحماية مصالحها في البلاد، لكن الباحث استبعد أن تحدّ المنظومات الإيرانية من الضربات الإسرائيلية.

وبحسب دراسة “حرمون”، صارت منظومات الدفاع الجوي السورية تحت القيادة الإيرانية بشكل مباشر، خاصة منظومات “بانتسير” ومنظومات الإنذار المبكر، وما يدل على ذلك وجود قتلى الميليشيات الإيرانية حول المنظومات.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة