مصابو حرب دون علاج فيزيائي بإدلب.. مكلف و”المجاني” بلا دعم

camera iconمركز للعلاج الفيزيائي في مستشفى إدلب الجامعي-24 من كانون الأول 2022(عنب بلدي/أنس الخولي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – أنس الخولي

خلّف الصراع في سوريا آلاف المصابين المحتاجين إلى رعاية طبية خاصة، ويتطلب شفاؤهم إجراء جلسات العلاج الفيزيائي لاستعادة القدرة على الحركة، وتجنب تفاقم إصاباتهم.

وفي إدلب، حيث يتعذر الحصول على العلاج الفيزيائي، يعاني العديد من الأشخاص إعاقات في الحركة سترافقهم طوال حياتهم.

تكاليف مرهقة

بحسب استطلاع رأي أجرته عنب بلدي في إدلب شمل خمسة مصابين، ومختصًا بالعلاج الفيزيائي، يعتبر ارتفاع التكاليف المادية للعلاج الفيزيائي أبرز أسباب تجنب الأشخاص الذهاب إلى مراكز العلاج.

وتعرّض حيدر سعودي (27 عامًا)، مهجر من ريف دمشق يقيم في إدلب، لإصابة أدت إلى فقدانه أجزاء من عظم الساق.

ورغم تلقيه العلاج الطبي اللازم في البداية، لم يتابع الشاب علاجه الفيزيائي، لاحتياجه إلى عدد كبير من الجلسات، وهو ما يتطلب تكاليف كبيرة لا يستطيع تحملها، وفق ما قاله حيدر لعنب بلدي.

وأسفر إهمال العلاج عن ضرر دائم في ساقه، إذ فقد قدرته على تحريكها بشكل طبيعي.

من جهته، قال محمود عبلة، الاختصاصي في العلاج الفيزيائي المقيم بمدينة إدلب، إن معظم الحالات التي تراجعه لا تتابع علاجها الفيزيائي، هربًا من التكاليف.

وتبلغ تكلفة عشر جلسات علاج فيزيائي 90 دولارًا بالحد الأدنى، وترتفع باختلاف الحالة المرضية والمركز والأجهزة المستخدمة، وفق ما قاله الاختصاصي.

وأضاف أن من الممكن وصول تكلفة رحلة العلاج الفيزيائي إلى نحو 1000 دولار، في حال تطلبت الحالة علاجًا على المدى الطويل.

في حين يبلغ الحد الأدنى لأجور عمال المياومة (على اعتبار أن نسبة 85% من العاملين في شمال غربي سوريا هم من الفئة المذكورة) 60 ليرة تركية (3.22 دولار أمريكي).

من جهته، قال مدير المكتب الإعلامي في “مديرية صحة إدلب”، عماد زهران، لعنب بلدي، إن المدينة تضم نحو 27 مركز علاج فيزيائي مجاني.

وتوقف جزء كبير من هذه المراكز عن العمل بسبب قلة الدعم، وفق ما قاله زهران، مضيفًا أن المديرية تعمل على التواصل مع الداعمين، لحل المشكلة وإعادة تفعيل المراكز.

ورغم وجود مراكز تقدم العلاج الفيزيائي بشكل مجاني، اشتكى الأشخاص الذين قابلتهم عنب بلدي قلة الأجهزة الطبية، وصعوبة الحصول على موعد للعلاج في تلك المراكز.

ويبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 18.66 ليرة تركية، بحسب موقع “Döviz” المتخصص بأسعار الصرف والعملات الأجنبية.

علاج “ثانوي”

يعتبر العديد من الأشخاص العلاج الفيزيائي أمرًا ثانويًا، يمكن الاستعاضة عنه أو تجاهله رغم حاجتهم الكبيرة له.

اختصاصي العلاج الفيزيائي محمود عبلة قال، إنه يجب البدء بالعلاج الفيزيائي فور التعرض للإصابة أو الانتهاء من التدخل الجراحي، إن تطلبت الحالة ذلك، لمنع حدوث ضمور في عضلات المنطقة المتضررة أو تكلّس في المفاصل.

وأضاف أن إعادة التأهيل وتعافي المناطق المتضررة تحتاج إلى فترة طويلة من الزمن، ومتابعة دقيقة من قبل الاختصاصيين، لكن معظم الأهالي لا يتابعون البرامج العلاجية بدقة، لعدم إدراكهم أهمية العلاج الفيزيائي، والمخاطر التي يمكن أن تترتب على عدم الالتزام بالخطة العلاجية.

وفي حين تعد التمارين العلاجية الجزء الأهم من العلاج، وتعتمد بشكل رئيس على التزام المريض بالخطة العلاجية في المنزل، يهمل معظم الأشخاص التمارين فور الشعور بتحسن.

قلة الاختصاصيين والأجهزة

تعرض هاشم محمد (34 عامًا)، لإصابة بالغة إثر قصف استهدف منزله، ورغم توجيهه للعلاج الفيزيائي بعد التدخل الجراحي، لم يشخّص بشكل صحيح من قبل اختصاصي العلاج الفيزيائي.

وقال هاشم لعنب بلدي، إن عدم القدرة على الحركة لفترة طويلة، أدى إلى ضمور في عضلات الظهر والحوض والقدمين، ما أرجعه الأطباء إلى عدم إجراء العلاج الفيزيائي المناسب لحالته.

وقال الاختصاصي محمود عبلة، إن معظم مراكز العلاج الفيزيائي تعاني قلة الأجهزة الطبية المتطورة.

وحذر عبلة من تلقي العلاج الفيزيائي من قبل أشخاص غير متخصصين، أو اتباع توصياتهم لإجراء تمارين في المنزل.

وأضاف أن تلقي المرضى العلاج الفيزيائي من قبل أشخاص غير مؤهلين علميًا وطبيًا، يمكن أن يعرضهم للشلل، ويفاقم إصاباتهم بشكل كبير.

ويعاني نحو 28% من السوريين من إعاقة، أي ما يقرب من ضعف المعدل العالمي، بسبب إصابات الحرب ونقص الوصول إلى الرعاية والخدمات، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة