اقتصاديًا وحقوقيًا.. أين سوريا في مؤشرات المنظمات عام 2022

camera iconصور رئيس النظام، بشار الأسد، تتدلى من المباني التي دمرتها المعارك في مدينة حمص- (رويترز)

tag icon ع ع ع

في عام 2022، حازت سوريا العديد من المراكز الأخيرة على مستوى العالم في تصنيفات المنظمات العالمية والدولية، حيث وصلت الأزمة الإنسانية والسياسية والاقتصادية إلى أعماق جديدة، فيما تشير التوقعات إلى أن العام المقبل لن يقل سوءًا عمّا شهدته سوريا في 2022.

ورصدت عنب بلدي إحصائيات المنظمات العالمية التي صدرت خلال العام الحالي، والتي تشير إلى وضع البلاد اقتصاديًا أو على المستوى الحقوقي، من الحريات وحقوق الإنسان.

ولم تؤخذ الدراسات والأبحاث المنشورة حول الوضع في سوريا، على الرغم من أهميتها وكونها أكثر واقعية في بعض الأحيان، كونها لا تصنّف أو تقارن النتائج مع البلدان الأخرى.

وشهدت أرقام المؤسسات تصنيف سوريا في المراكز الأخيرة مع الدول النامية والتي تعيش نزاعات داخلية أو حدودية، في حين يرى المحللون الاقتصاديون أن بعضها لا يعكس الواقع السوري السيئ بشكل فعلي، بسبب اعتمادها على “تقديرات” وليس على مسوحات واقعية.

الأكثر فسادًا.. ما الوضع الاقتصادي؟

احتلت سوريا المركز الأول ضمن قائمة البلدان الأكثر فسادًا، وفق تصنيف منظمة “غلوبال ريسك” لعام 2022، المتخصصة في خدمات إدارة المخاطر، حيث جاءت في المركز 196 أخيرًا من بين الدول المصنّفة بعد اليمن والكونغو وكوريا الشمالية.

وقيّم التصنيف مدركات الفساد في البلدان على مقياس من صفر (نزيه) إلى 100 (فاسد للغاية)، بناء على مدى عمليات غسل الأموال والاحتيال وتمويل الإرهاب التي تجري في البلد، وفق الموقع.

ويعد الفساد من أحد العوامل المؤدية إلى “هشاشة الحكومات”، فبحسب المؤشر الصادر عن “صندوق السلام الأمريكي” لهشاشة البلدان، جاءت سوريا كثالث أكثر بلد “هشّ” في عام 2022، بعد اليمن والصومال، من إجمالي 179 بلدًا.

ووفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن المنطقة أو الدولة الهشّة لديها قدرات ضعيفة على القيام بوظائف الحوكمة الأساسية، وتفتقر إلى القدرة على تطوير علاقات بنّاءة متبادلة مع المجتمع، كما أن المناطق أو الدول الهشّة تعتبر أيضًا أكثر ضعفًا على صعيد الصدمات الداخلية أو الخارجية، مثل الأزمات الاقتصادية أو الكوارث الطبيعية.

وتصدر ذات المنظمة (صندوق السلام الأمريكي) مؤشرًا خاصًا يسمى “مؤشر مرونة الدول”، الذي يقيس جنبًا إلى جنب مع المؤشر السابق قدرات البلدان الواقعة تحت الضغط، ومدى تحملها أو استعدادها لإدارة الأزمات الداخلية والتعافي منها.

وجاءت سوريا ضمن هذا المؤشر من بين 154 بلدًا في المركز السادس كأكثر البلدان غير القادرة على إدارة الأزمات.

ويصدر البنك الدولي والبنك الآسيوي والإفريقي للتنمية قائمة منسّقة للدول الهشّة تُحدّث كل عام، ومنذ عام 2015، وفيما يتصل بالتحضير لأجندة التنمية المستدامة لعام 2030 (أهداف التنمية المستدامة 17)، تقع سوريا حاليًا في المرتبة 129 من أصل 163 بلدًا، في التصنيف الذي يعبر عن مدى تطبيقه لقواعد التنمية المستدامة.

رجل يسير في مخيم “اليرموك” بالضاحية الجنوبية للعاصمة السورية دمشق- 11 من شباط 2022 (AFP)

فقر وغلاء

على صعيد العمال، حلّت سوريا في المركز 18 من أصل 117 بلدًا في مؤشر معدل فقر العاملين، بحسب تصنيف “منظمة العمل الدولية” للعام الحالي، كما صنفت إنتاجية العمل في سوريا بالمركز 149 من أصل 185 بلدًا، ما يشير إلى ضعف الإنتاجية.

وعن نسبة العمالة إلى عدد السكان، جاءت سوريا في المركز 166 من أصل 190 بلدًا بمعدل 39.2%، وفق آخر تحديثات المنظمة الدولية للعام الحالي، وهو ما يشير إلى هجرة اليد العاملة.

وعلى الرغم من تصنيف الأمم المتحدة أكثر من 90% من سكان سوريا تحت خط الفقر، يوجد أغلى سعر عقار بالنسبة للدخل على مستوى العالم في مدينة دمشق، وفق إحصائيات موقع “Numbeo“.

وتصدر سنويًا “لجنة الإنقاذ الدولية” قائمة بأكثر البلدان صاحبة الأزمات الإنسانية، والتي تصنف اللجنة أولويات عملها ومواردها العام المقبل بحسب تصنيفها.

واحتلت الأزمة الإنسانية في سوريا المرتبة السادسة في قائمة اللجنة للعام المقبل، بسبب آثار الصراع الإنسانية المستمرة، وتفاقم الوضع الصحي بعد انتشار مرض “الكوليرا” في البلاد، في حين كانت سوريا بالمركز التاسع في تقرير العام الماضي.

كما أن جواز السفر السوري هو أغلى جواز سفر بالعالم، وثالث أسوأ جواز بالعالم، وفق موقع “هينلي لجوازات السفر”، بعد جواز السفر العراقي والأفغاني، وعلى الرغم من سعره ومحدودية الدول التي يسمح بدخولها، كانت عبارة “جواز سفر” من بين أكثر أربعة مواضيع بحثًا على “جوجل” في سوريا خلال العام الماضي.

وأدى الفقر وارتفاع الأسعار إلى إضعاف الوصول لأبسط الخدمات الأساسية، مثل الوصول إلى الإنترنت، حيث يستخدم 46.6% من السكان الإنترنت، لتقع سوريا في المركز 13 من أصل 14 بلدًا في الشرق الأوسط، وفق موقع “بيانات إنترنت العالم”.

وبعد أن كانت العديد من الدول تطمح للوصول إلى سعر المحروقات في سوريا، حلّت سوريا بالمركز 127 من أصل 168 بلدًا في قائمة أرخص الدول بسعر ليتر البنزين، وفق موقع “غلوبال بترول برايسز“، بعد الزيادات التي فرضتها حكومة النظام في كانون الأول الحالي.

حقوقيًا.. البلد الأقل حرية في العالم

تصدّرت سوريا القائمة العالمية في انعدام الحرية، وذلك وفق تقرير مؤسسة “فريدوم هاوس” الأمريكية لعام 2022، الذي صنفت فيه 210 من الدول، وعزت المنظمة الأمريكية هذا الترتيب إلى حكم النظام السوري وقمعه للسوريين.

بدورها، صنّفت “وحدة الإيكونوميست للاستقصاء” نظام الحكم في سوريا الأخير عربيًا والمركز 162 عالميًا من إجمالي 167 بلدًا مصنفًا ضمن مؤشر الديمقراطية، في تقريرها الذي صدر العام الحالي.

وتستمر الانتهاكات في سوريا بحق العديد من فئات المجتمع، حيث وضعت منظمة “مراسلون بلا حدود” سوريا في المركز 171 من إجمالي 180 بلدًا كأكثر البلدان التي سجلت انتهاكات ضد الصحفيين في تقريرها للعام الحالي.

وكحال الصحفيين، تعد سوريا من أكثر البلدان انتهاكًا لحقوق الأطفال، إذ عدّ التقرير السنوي للأمم المتحدة المتعلق بـ”انتهاكات حقوق الأطفال في العالم” سوريا أسوأ بلد في العالم من حيث تجنيد واستخدام الأطفال.

وتصدّر النظام السوري وحلفاؤه الانتهاكات المرتبطة بالقتل والتشويه، فيما حلّت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) ثانيًا من حيث الانتهاك ذاته.

وأشار التقرير الأممي الصادر العام الحالي إلى أن سوريا هي أسوأ بلد في العالم من حيث تجنيد واستخدام الأطفال في النزاعات أيضًا، فقد جُنّد واستُخدم 1296 طفلًا في سوريا، عام 2021، كان لـ1285 طفلًا منهم دور قتالي.

وصنّف معهد “جورج تاون” الأمريكي سوريا في المركز قبل الأخير كأسوأ البلدان للعيش بالنسبة للنساء من إجمالي 170 بلدًا مشاركًا بالتصنيف بعد أفغانستان، وذلك بسبب الانتهاكات المتكررة التي تتعرض لها المرأة في سوريا.

طفلان يحملان أسطوانة غاز على دراجة في الغوطة الشرقية- 2 من نيسان 2019 (عدسة شاب دمشقي فيس بوك)

منبع اللاجئين

تحتل سوريا المركز الأول بعدد اللاجئين في العالم، بحسب تقارير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وهو ما انعكس على عدد طالبي اللجوء خصوصًا في البلدان الأوروبية، إذ جاء السوريون بالمركز الأول في أعداد طالبي اللجوء بألمانيا خلال 2022 بنسبة 27% من إجمالي عدد الطلبات، وفق تقرير صادر عن المفوضية الأوروبية، نقلته صحيفة “دي فيلت” الألمانية.

وازدادت في سوريا حوادث السرقة والقتل، إذ صُنفت مدينة دمشق واحدة من بين المدن الأكثر انتشارًا للجريمة والأقل أمانًا، واحتلت المركز 31 عالميًا من إجمالي 417 مدينة صنفها موقع “Numbeo“.

وهو ما عكسه أيضًا تقرير منظمة “الرؤية الإنسانية” العالمية للعام الحالي، الذي وضع سوريا في مؤشر “السلام العالمي” بالمركز 17 عربيًا، و161 عالميًا من إجمالي 163 بلدًا مشارك في التصنيف.

من سيئ إلى أسوأ

أوضح الباحث الاقتصادي والمستشار في منظمة “تشاتام هاوس” زكي محشي، لعنب بلدي، أن بعض مؤشرات المنظمات حول سوريا، مثل “مؤشر الهشاشة” و”منظمة العمل الدولية”، لا تعطي أرقامًا واقعية بسبب اعتمادها على “تقديرات” وليس مسوحات، وهو ما قدّره أن أرقام هذه المنظمات تعطي صورة أفضل من الواقع.

وأعطى الباحث مثالًا بأن تقرير الأمم المتحدة لنسبة سكان سوريا تحت خط الفقر هي 90%، ولا تتوافق مع نسبة فقر العاملين المحددة بـ39% من “منظمة العمل الدولية”، وأن ما يعبر عن الواقع السوري هي مراكز الأبحاث والدراسات الدولية والسورية، التي تعطي أرقامًا بناء على مسوحات من أرض الواقع.

وقال الباحث، إن “الوضع الذي وصلت إليه سوريا هو نتيجة متوقعة وحتمية بعد نحو 12 عامًا من الحرب والصراع وتدمير البنية التحتية، وتوقف الإنتاج، وانهيار الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 65 إلى 70%”.

تراجع سوريا على كل الأصعدة اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو سياسيًا، جاء نتيجة استمرار القوى المسيطرة بانتهاج ذات السياسة التي لا تتابع مصالح أو تطلعات السكان، مثل انتهاج النظام السوري سياسة عدم تقديم تنازلات باستثناء التي قدمها لحلفائه الروس والإيرانيين، وفق توصيف المستشار في منظمة “تشاتام هاوس”.

وتوقع الباحث الاقتصادي أنه في حال استمرار القوى الموجودة باتباع “ذات العقلية”، سيزداد وضع سوريا سوءًا، وستزداد فجوة الفقر السكاني.

ولتغيير اتجاه المؤشرات السلبية يوجد حلان، بحسب الباحث، إما الانتقال السياسي وابتعاد النظام السوري عن السلطة، وإما حصول التطبيع الكامل مع النظام، وهو ما يستبعده الباحث على المدى القريب رغم التقارب التركي، وتطبيع بعض الدول العربية علاقاتها مع النظام، بسبب وجود الاعتراض الأمريكي على هذه الخطوة.

وخرجت سوريا من التصنيف العالمي لعدد من المؤشرات، بسبب محدودية البيانات المتوفرة أو لتدهور الأوضاع في البلاد، إذ خرجت من التصنيف العالمي لمؤشر الرعاية الصحية، ومن التصنيف العالمي لجودة التعليم، ومن “مؤشر السعادة” الذي تصدره الأمم المتحدة.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة