سيما إلجيم.. كاتبة تركية تصوّر معاناة الهجرة عبر قصص سورية

camera iconمن مسرحية "فيراموز بيس" التركية (evrensel/ Emre Durmuş)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خالد الجرعتلي

“ما زلنا نحمل تحيّزات ضد المهاجرين، وطوّرنا ردود فعلنا على مدار السنوات الأخيرة على أساس هذه التحيّزات، لكن مهما كانت المشكلة كبيرة، بمكن أن يرويها المسرح، ويصف بدقة ما هي مشكلتنا”.

بهذه الكلمات بدأت الكاتبة المسرحية التركية سما إلجيم حديثها لعنب بلدي، حول الأسباب التي دفعتها لكتابة نصوص مسرحية وتحويلها إلى أعمال حية، تروي قصصًا لمعاناة اللاجئين من بينهم السوريون، وأخرى تتحدث عن الهجرة لأعراق مختلفة.

أسست إلجيم مع مجموعة من الرفاق مسرح “DEA” في اسطنبول عام 2020، نتيجة لرحلة مجموعة من الأشخاص الذين “كرّسوا أنفسهم للمسرح” ولمتابعة فكرة نشأت فيهم.

ستة أشخاص أسسوا الفريق المسرحي، ويعتبرونه “رحلة البحث عن الذات”، وبدؤوا ذلك مع مسرحيتهم الأولى “Feramuz Pis”.

على وقع “أحلام جابرييل”

بعد انتهاء العرض الثاني لمسرحية  “Gabriel’in Düşü“(أحلام غابرييل) في دار عرض مسرحي بمنطقة كادي كوي بولاية اسطنبول التركية، تحدثت عنب بلدي إلى الكاتبة المسرحية سما إلجيم، حول مسرحيتها التي تتناول قصة لاجئين سوريين مقيمين في اليونان بظروف معيشية سيئة.

القصة تتقاطع مع قصص أخرى لعائلة يونانية أحد أفرادها يمقت الأجانب، وأخرى تركية تبحث عن المرح وإيجاد الذات على جزيرة ليسبوس اليونانية.

إلجيم ترى أن كل قصة هي في الواقع “عدسة كاميرا” تعكس نظرة قارئها، حالها كحال التعبير السينمائي أو الأدبي، إذ يمكننا القول إن مسرحية “أحلام جابرييل” انطلقت من قصص الهجرة الكثيرة.

وعن دوافعها، قالت إلجيم، إن المجتمع المحلي في البلاد لا يزال يعاني بعض التحيّزات ضد المهاجرين، وطوّر ردود فعله “دون وعي” بناء على هذه التحيّزات، وهو أمر بات اليوم بحاجة إلى تصويب.

أبطال المسرحيات التي تكتبها إلجيم ممثلون أتراك يحاولون تسليط الضوء على معاناة اللجوء، بهدف تفكيك صور نمطية، وتوضيح أن اللاجئ شخص يملك حياة بتفاصيلها كما يملكها أي شخص آخر.

وخلال حديث الكاتبة إلى عنب بلدي، قاطعتها الممثلة المسرحية بانو تشيشيك، التي كانت تلعب دور لاجئة سورية في المسرحية نفسها، “أنا آسفة لكل ما حدث للسوريين، وللاجئين حول العالم، أنا أم ولدي طفلان، وأعي ماذا يعني أن تهرب خوفًا على عائلتك وأطفالك”.

“لا تكرهونا بسبب ما يقوله البعض، فأينما ذهبت تجد الناس يكرهون بعضهم، يمكنك أن ترى أبناء مدينة يكرهون أبناء أخرى، هذه هي طبيعة البشر، الأمر ليس محصورًا بحدود الدول”، أضافت تشيشيك.

عُرضت “أحلام جابرييل” لأول مرة على مسرح “مودا ساهنيسي” في منطقة كادي كوي بالقسم الآسيوي من مدينة اسطنبول، وتدخل العائلة السورية (ميرفانا وزوجها يانا) على خط الأحداث قادمة من الساحل السوري إلى جزيرة ليسبوس اليونانية، مع نية إكمال طريقها نحو أوروبا.

للمسرح رسالة

تحدثت الكاتبة سما إلجيم لعنب بلدي عن بعض العروض التلفزيونية أو المسلسلات التي تناولت قضايا متعلقة بمجتمع اللاجئين السوريين في تركيا بطريقة سلبية، قائلة إن المسرح لطالما كان “رسالة تتحدث عن قضايا المجتمع”.

للكاتبة التركية مسرحية أخرى تحدثت عن هجرة أبناء القومية الآشورية داخل تركيا، وتعامل المجتمع معهم على مر السنوات، حملت اسم “FERAMUZ PİS”.

وتروي إلجيم قصة فيراموز الذي ولد في مدينة اسطنبول التركية من ذوي الإعاقة، وهو الابن الأكبر لعائلة آشورية مهاجرة من مدينة ماردين، وبينما تقاتل عائلته للبقاء في شقتها القديمة مع العالم الذي غدا ضخمًا وصاخبًا في الخارج، يخوض فيراموز حربًا مماثلة بطريقته الخاصة في عالمه “السحري”.

فيراموز بطل القصة، هو شاب شغوف بالأبطال الخارقين والأفلام الوثائقية والموسيقا، يعيش مع زاهدة التي تقف “بحزم” بين تقاليد الماضي والمستقبل.

غلاف مسرحية "فيراموز بيس" التركية (dasdas.com)

غلاف مسرحية “فيراموز بيس” التركية (dasdas.com)

واقع السوريين في تركيا

يعاني السوريون يومًا بعد يوم الخطاب العنصري الموجه من قبل سياسيين أتراك ضد وجود اللاجئين في البلاد، في إطار حملاتهم الانتخابية مع كل انتخابات تخوضها البلاد، حتى تلك المتعلقة بالبلديات.

ووصل هذا الخطاب إلى ذروته نهاية عام 2022، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 2023، في حين تُرجم هذا الخطاب في الشوارع لاعتداءات طالت شبانًا سوريين لأهداف عنصرية، وأودت بحياة عدد منهم.

وبينما حاولت الحكومة التركية على مدار السنوات الماضية تنظيم وجود السوريين في البلاد، زادت حدة الانتقادات لحزب “العدالة والتنمية” الحاكم، وتحميله مسؤولية “إغراق البلاد باللاجئين”، من قبل جهات سياسية منافسة له.

وتماشت القوانين الحكومية مع هذا الخطاب، إذ فُرضت قيود على حركة السوريين، وأخرى على معاملاتهم القانونية في البلاد.

وتكررت خلال السنوات الماضية حالات ترحيل لاجئين سوريين خارج البلاد مع أنهم يملكون أوراقًا قانونية تخولهم الإقامة في تركيا، كان أبرزها ترحيل عشرات الأشخاص من مدينة أنقرة خلال كانون الأول 2022، بعد مداهمة منازلهم في ساعات مبكرة.

وانخفض عدد السوريين الحاملين لبطاقة “الحماية المؤقتة” خلال أربعة أشهر بحوالي 105 آلاف و778 شخصًا، وبلغ عددهم عند إعلان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن مشروع بلاده لإعادة مليون لاجئ، في أيار 2022، ثلاثة ملايين و761 ألفًا و267 لاجئًا سوريًا.

بينما أظهر الموقع الرسمي للرئاسة العامة لإدارة الهجرة التركية، حتى 30 من كانون الأول 2022، وجود ثلاثة ملايين و543 ألفًا و837 لاجئًا سوريًا على الأراضي التركية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة