المطارات بنك أهداف إسرائيلية في سوريا.. بسبب النشاط الإيراني

camera iconمقاتلة من طراز إف 15 تابعة لسلاح الجو الإسررائيلي في 24 كانون الثاني 2022 (فرانس برس)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حسام المحمود

تواصل إسرائيل جهودها لتعطيل المطارات السورية، وذلك بذريعة وصول شحنات سلاح إيراني عبرها.

ونشرت صحيفة “نيزافيسيمايا” الروسية، وهي إحدى الصحف العشر الأكثر متابعة في روسيا، في 18 من كانون الأول 2022، تقريرًا بعنوان “إسرائيل مستعدة لشل المطارات السورية”، وتناول حينها عزم إسرائيل على منع عودة الحركة الجوية بين سوريا وإيران، لأن المسارات تُستخدم لنقل الأسلحة، موضحة أن المسؤولين الإسرائيليين يستكشفون خيارات مختلفة، بما فيها توجيه ضربة قوية و”معطلة” للمطارات السورية.

ولا يشكّل الحديث عن نيات من هذا النوع مثار دهشة طالما أن لسلاح الجو الإسرائيلي تاريخًا من عمليات القصف لمواقع ونقاط تستخدمها إيران في سوريا، خاصة خلال العقد الأخير، بما في ذلك المطارات المدنية والعسكرية، لكن تبريرات نيات التعطيل أوضحتها الصحيفة الروسية بتركيز الإيرانيين على استخدام الطيران المدني جراء ترددهم في اللجوء للنقل البري.

وعلى مدار الأيام الماضية (قبل وبعد تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو)، حضرت سوريا جليًا في بيانات وتصريحات رسمية لمسؤولين إسرائيليين، بدأها ما نشرته صحيفة “إسرائيل هايوم“، في 25 من كانون الأول 2022، حول الفشل الإيراني في تأسيس موطئ قدم في سوريا، استنادًا إلى تقديرات استخبارات الجيش الإسرائيلي لعام 2023.

وبعد يومين فقط، وخلال كلمة ألقاها في معهد الأمن القومي، قال رئيس الأركان الإسرائيلي، أفيف كوخافي، إن إسرائيل عطّلت تأسيس “حزب الله 2″، وأفشلت نصب مئات صواريخ “أرض- أرض”، ونشر عشرات الآلاف من مقاتلي الميليشيات الشيعية في سوريا.

وفي مجموعة تغريدات نشرها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، في 29 من كانون الأول 2022، أقرّت إسرائيل بتنفيذ عشرات الغارات الجوية على أهداف في سوريا، خلال 2022، تحت اسم “معركة بين الحروب”.

وفيما يتعلق بآلية تنفيذ التهديد الإسرائيلي، نقلت صحيفة “نيزافيسيمايا” الروسية عن مسؤولين إسرائيليين، أن “أبسط نهج” سيكون ضرب طائرات “ماهان إير” في أثناء وجودها على الأراضي السورية، لكن النظر إلى تأثير عملية من هذا النوع في مطارات مدنية يدفع الإسرائيليين للتفكير بخيارات اختراق البنية التحتية للمطار.

“ماهان إير” شركة طيران إيرانية مقرها طهران، أُسست في تسعينيات القرن الماضي، وتمتلك أسطولًا من 54 طائرة، وخاضعة للعقوبات الأمريكية، لضلوعها في نقل الأسلحة من “الحرس الثوري” في إيران إلى “حزب الله” اللبناني.

ذات سوابق

تتعرض المطارات المدنية والعسكرية في سوريا منذ سنوات لقصف إسرائيلي متواتر، وخلال أيلول 2022، كان لمطار حلب حصّتان من القصف في الأسبوع الأول من أيلول ما أسفر عن خروجه عن الخدمة بشكل مؤقت، وتضرر مدارجه، إلى جانب قصف آخر تعرض له مطار “دمشق الدولي“، في 17 من أيلول، ما أوقع خمسة قتلى من قوات النظام.

إلى جانب قصف آخر، في 10 من حزيران 2022، بعد أقل من 24 ساعة على مقابلة لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، مع قناة “روسيا اليوم”، قال خلالها إن القصف الإسرائيلي “كان مرتبطًا تمامًا بمرحلة انهيار الإرهابيين في سوريا”.

الرائد الطيار السابق في قوات النظام يوسف حمود، أوضح أن الاستهدافات الإسرائيلية لمطارات دمشق وحلب زادت حدتها تدريجيًا، فبدأت بقصف المدارج، وهي خطوة قابلة للإصلاح بوقت قصير، مبيّنًا في الوقت نفسه أن إسرائيل توازن في قصفها الاستخدام الدولي لمطاري “دمشق” و”حلب”، فالمجال الجوي السوري مفتوح أمام حركة الطيران المدني، بما ينسجم مع حركة المرور الجوي الدولي، ولا مجال للتعطيل الكامل لأي مطار، إذ يمكن في أي لحظة أن تطلب طائرة دولية هبوطًا اضطراريًا في أي مطار.

ومع تصعيد الاستهدافات الإسرائيلية، قصفت إسرائيل الصالة الثانية في مطار “دمشق الدولي”، وهي تحت الإشراف الإيراني، كما اتجهت أيضًا لاستهداف كتائب الدفاع الجوي القريبة من المطار في الغوطة والسبينة مثلًا.

وقد تقرر إسرائيل في وقت ما تعطيل مطار ما في سوريا لعدة ساعات، بناء على المعلومات التي تردها، فعلى سبيل المثال، قد تكون هناك طائرة مدنية إيرانية تحمل شحنة سلاح تقترب من الهبوط في المطار، فتستهدف إسرائيل مدارج المطار بعد دخول الطائرة في المجال الجوي السوري، ما يمنع الطائرة من الهبوط ويدفعها للبحث عن مطار احتياطي، وفق حمود.

من جهته، استبعد المحلل العسكري طارق حاج بكري وجود نيات إسرائيلية لتعطيل المطارات بالكامل، معتبرًا أنها تريد تقديم نفسها كمعرقل لوصول الطيران الإيراني إلى سوريا.

وإضافة إلى تدمير المدارج وغرف الرادار، لفت حاج بكري إلى إمكانية استخدام التشويش لتعطيل الهبوط في المطار وإخراجه عن الخدمة، وهو أمر يمكن تجاوزه فيما بعد وإعادة الكرة مجددًا.

كما يمكن أيضًا استهداف الطائرات الإيرانية قبل هبوطها في المطارات السورية أو على أرضية المطار، ما يعني تعطيل عمله لفترة، وفق حاج بكري.

عمياء بلا رادار

يحصل تعطيل المطار المدني باستهداف المحطات الرادارية أو محطات الإرشاد والتوجيه اللاسلكي في المطار، ما يحوّل الطائرة إلى طائرة عمياء في الجو، على اعتبار أن هبوط الطيران المدني مرهون بجاهزية محطات الإرشاد في المطار لاستقبال الطائرة عند الهبوط، وهو مفيد أكثر من ضرب المدرج، لأن إصلاح الأخير لا يتطلّب وقتًا طويلًا، أما ضرب المحطات الرادارية فيتطلب جلب محطات جديدة من روسيا، كون المحطات الحالية روسية، ما يعني إخراج المطار عن الخدمة لفترة أطول، بحسب حمود.

“القصف الإسرائيلي منسجم مع التحركات على الأرض، فأمام السيطرة الإيرانية على مساحة تمتد من البوابة الحدودية السورية- العراقية وحتى دمشق، فعّلت إيران النقل البري قبل استهدافات تنظيم (الدولة الإسلامية) في البادية، ما عزز الحاجة للطيران، وهو ما رفع وتيرة القصف”.

وفي الوقت نفسه، توقّع يوسف حمود زيادة وتيرة القصف الإسرائيلي للمطارات المدنية والعسكرية، كما شكّك بدقة تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي حول فشل التموضع الإيراني في سوريا.

وقال حمود، إن إسرائيل حدّت الحركة الإيرانية ودمرت بعض المواقع ومستودعات السلاح، لكنها لم تنهِ التموضع الإيراني بالمعنى الكامل.

وبالنظر إلى إمكانية استخدام مطار “بيروت” كبديل عن مطارات سوريا في حال قصفها، فإن إسرائيل هددت في وقت سابق بقصف المطار إذا جرى استخدامه لعمليات تهريب أسلحة إيرانية.

إسرائيل لا تكتفي

أصدر مركز “حرمون للدراسات المعاصرة“، في 27 من كانون الأول 2022، دراسة رصدت تصاعد الضربات الإسرائيلية للمطارات المدنية والعسكرية السورية منذ 2013.

واعتبرت الدراسة أن الضربات الإسرائيلية على المطارات السورية بدأت “فعليًا” مطلع عام 2018، كون الشحنات العسكرية التي ينقلها “فيلق القدس الإيراني” إلى سوريا، كانت متجهة لمحاربة الفصائل السورية المعارضة، ولم تشكّل “تهديدًا جديًّا للأمن القومي الإسرائيلي”.

وشهدت الأعوام الثلاثة الماضية، وفق الدراسة، “طفرة” في معدل الاعتماد الإيراني على مسار التهريب الجوي عبر المطارات السورية، ما جعل الاستراتيجية الإسرائيلية للتعامل مع هذه التهديدات الأمنية لا تكتفي بمطاردة الشحنات الحساسة وضربها ضمن الموقع أو أماكن التخزين فقط، بل ضرب المرافق المتعلقة بعمليات النقل اللوجستي وأنظمة الملاحة ومواقف الطائرات ومدارج المطارات السورية.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة