tag icon ع ع ع

إبراهيم العلوش

الآن وقد بدأ نظام الأسد يحصد ثمار انتصاره على الشعب السوري، وصار لقاء رجب طيب أردوغان مع بشار الأسد على قائمة التوقعات القريبة، بالإضافة إلى لقاءات قد تتلوه مع وزراء ورؤساء عرب كانوا يخجلون من جرائم بشار الأسد، واستباقًا لكل ذلك، ماذا علينا نحن السوريين أن نفعل بأنفسنا؟

ماذا نفعل بانتظار ترحيلنا إلى فكّي نظام المخابرات العصي على التغيير، هل علينا أن نرحل إليه مع أثاثنا المستعمل ونكوّمه أمام “شبيحته” من أجل أن “يعفشوه” دون أن يتكلفوا بالبحث وقطع المسافات لتجميعه وهم يصرخون بشعارات زرع البطاطا وحرق البلد!

هل نلقي أمام قوات النظام ولجان الاستقبال ما تعلمناه في معاناتنا، ونمحو اللغات التي أتقناها والقوانين والمهارات التي تعلمناها في احترام النفس واحترام الآخرين، ونرجع إلى هتافات الحركة التصحيحية وتباشير التطوير والتحديث، ونعيد حفظ خطاب القسم من أجل أن نلقيه أمام فرق التحقيق التي تنتظرنا على الحواجز؟

هل يجب علينا الذهاب إلى المعتقلين في زنزاناتهم والمشاركة في تعذيبهم، لأنهم أزعجوا جيش ومخابرات الأسد، وعرقلوا اهتمامهم بصنع البراميل المتفجرة وإعادة هندسة الوطن؟

هل نحمل معنا صور قاسم سليماني ونطلب شفاعة الميليشيات الإيرانية في مراكزها المنتشرة على التراب السوري، رغم أنها لا تزال غاضبة علينا بسبب مقتل الحسين قبل 1400 عام؟

هل نحمل ما لدينا من قروش كسبناها في تغريبتنا ونعطيها لحواجز “الفرقة الرابعة” كأتعاب لـ”الترفيق” لإيصالنا إلى بيوتنا المدمرة، وهل نتعلم صناعة “الكبتاجون” من أجل الإسهام في زيادة ثروتها التي تصب في جيوب العائلة المنتصرة علينا؟

ماذا يريد العالم منا نحن السوريين العائدين إلى قلعة الصمود والتصدي بلا رجعة، ماذا تريد منا الأمم المتحدة بشأن قراراتها الموءودة، ماذا تريد منا الدنمارك واليمين المتطرف في سائر أنحاء أوروبا؟

ماذا تريد منا القيادة التركية الحكيمة، سواء قيادة الأنصار في حزب “العدالة والتنمية”، أو قيادات اليسار واليمين المتطرف الزاحفة إلى منصة الحكم على إيقاع التنكيل بالسوريين؟

ماذا يريد منا الشقيق لبنان، سواء القيادات الدينية المتعامية عن التنكيل بالسوريين، أو القيادة العونية التي تفتخر بهذا التنكيل وتشارك مع قيادة “حزب الله” في الألاعيب ليل نهار من أجل اختفاء السوريين وتحرير لبنان من كل إحساس بالتعاون أو التسامح!

وماذا تريد المملكة الهاشمية في الأردن من سكان “الزعتري” ومن فقراء السوريين المهجرين غير تحميلهم مشكلات الخلل الاقتصادي، رغم المليارات التي جناها الأردن وتركيا ولبنان من وجود السوريين القابعين في المخيمات تحت البرد والحر والعمل العبودي الشاق، بالإضافة إلى الحزن العميق الذي يكتسح النفوس على ذويهم وبيوتهم في غربتهم، التي ساقتهم إليها براميل الأسد وميليشيات إيران و”داعش” الإسلاميتين، وطائرات الرفيق السابق فلاديمير بوتين الذي كان يدرب قواته بالمدنيين السوريين!

ماذا يريدون منا جميعًا غير الصمت وتسلّم مخصصاتنا من التحقيق والهتافات والشتائم؟

بعد اجتماع وزراء الدفاع الروسي والتركي والسوري بموسكو، في 28 من كانون الأول 2022، أعلنت وزارات الخارجية الثلاث أنها قد تلتقي في الشهر الحالي، وقد يكون لقاء القادة خلال وقت قريب بعده، وما علينا نحن السوريين إلا أن نعدّ أنفسنا للعودة إلى النظام الذي يعيد تأهيل أشداقه من أجل أن يبتلعنا.

ولكن قد يقترح علينا النظام ألا نرجع، كما قال عصام زهر الدين الذي وضع يده على لحيته المخضبة بدماء السوريين، وهو يعلن نصيحته بعدم عودة اللاجئين تحت طائلة التصفية المباشرة أو غير المباشرة.

في هذه الحالة يجب علينا أن ندفع لـ”الفرقة الرابعة” إتاوات عن “البسطات” والمحال والرواتب الضئيلة التي نقتات بها ونحن نسكن هوامش المدن والاقتصادات المزدهرة، وقد يقترح علينا قادة المخابرات الكتابة لأجهزتهم عن الدول الرجعية التي تؤوينا، وعن نشاطات الغرب والإمبريالية التي نعيش في مدنها بلا انقطاع للماء أو الكهرباء، وبلا صور لقادتها على الجدران، وبلا شعارات الخلود، وبلا مناظر الجوع والحرمان، وبلا مصانع “الكبتاجون”، وعلينا أن نبشّر الغرب بأن قوى الممانعة منتصرة شاء من شاء وأبى من أبى.

في هذه الحالة، على النظام أن يزوّدنا بصور جماعية للخامنئي وبوتين وقاسم سليماني وبشار وماهر الأسد وحسن نصر الله وبعض قادة الأحزاب الاشتراكية أو القومية المتطرفة، الذين يجتمعون معهم وهم يعلنون حربهم على الغرب أو الشيطان الأكبر كما يردد خامنئي وبوتين.

نحتاج تلك الصور من أجل أن نلصقها خلسة في محطات الحافلات و”المترو” والقطارات، وما على العالم إلا أن يتفرج على صور هؤلاء القادة الذين يبشّرون العالم بالانعطاف إلى الهاوية.

كيف يمكننا التكيف مع القرارات الجديدة التي ستعقب الإعلان الأممي المنتظَر عن انتصار الأسد؟

هل سنعود إلى البلاد المخربة التي كانت بلادنا، أم نبقى في مهاجرنا من أجل تمويل النظام وإعانته على إعادة ترميم ما خسره من صواريخ وقنابل، ومن فروع مخابرات ومن أجهزة تعذيب وغازات كيماوية، ونسدد ديونه التي استعان بها لتهجيرنا؟

يتفق الأتراك والروس والإيرانيون والإماراتيون على إعادة الشرعية لنظام الأسد واللقاء معه وهو يحمل علم البلاد التي يكرر دائمًا أنه ممثلها في الأمم المتحدة، وأنه حامل لوائها في المحافل الدولية، يتفقون على تجاهلنا نحن السوريين وعلى الإمعان باستبعادنا، ولكنهم قد يحتاجون إلى جرائم أشد بشاعة من جرائم الأسد من أجل إعادتنا إلى جحيمه!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة